محمد خضير - في نعي ابراهيم الخياط..

يشعر الرأي الأدبي العام بالانجراح العميق لفقدان أمينه العام إبراهيم الخياط.
لم يحدث أنِ انجرحت الكتلة الأدبية العراقية هذا الانجراحَ منذ مقتل كامل شياع قبل سنوات قليلة على أيدي جناةٍ مجهولين.
المجهول دائما له صفة أدبية تفوق صفاتهِ الفئوية الأخرى، وهي صفة فجائعية كامنة في اللاشعور الجمعي للحاضر الثقافي المأزوم بطبيعته التاريخية.
واحدة من صفات المجهول الأدبي الغريبة أنّه يتخذ الزوايا البعيدةَ للوجدان المجروح فيسكن فيها. كما أنّ من صفاته سلوكَ طرقٍ غير مألوفة للضرب بكل قوته وغيلته وأدواته. يترك ندباتٍ لا تمحى على وجه الحاضر والمستقبل معاً. من يُحذَف من سالكي الطريق تبقَ آثاره جلية تدلّ عليه. تمثالاً أو نصاً أو لافتة (كما يؤمَّل). والحال أننا نملك متحفاً رمزياً كبيراً لآثار الماضين المحذوفين بعنف واستباقٍ لحياتهم الكاملة. متحفاً بلا أسماء. ما عدا الجواهري، الميت في منفاه، لن يُعمَّر الأدباء قرناً كاملاً. إنّهم يسقطون في منتصف الطريق. حتى أنّهم لا يستحقون التماثيلَ كما استحقّها الجواهري.
وكذلك فإنّ لافتات النعي الكثيرة لإبراهيم الخياط ستُرفع قريباً، بعد أن تعصف فيها الريح، ريحُ المفاجئات التالية لموته. الصورُ أيضاً ستُزوى. الجرح العميق سيندَى ثم يجفّ رويدا. فثمة منعطف تالٍ للطريق دائما. الكتلة الأدبية تتحرك في مدارها المرسوم أسرعَ من دوران جسيمٍ دقيقٍ لا يرى بالعين المجردة، ولا يُحسّ بالرصد الاعتيادي للأشياء.
لنغتنم هذه الوقفة، أو الجلسة، أو المسيرة باتجاه المقبرة، دون أن ننسى بقية القبور!
أشيروا فقط إلى أمام. باتجاه الخياط!


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى