صالح رحيم - حيلة الكائن اللامرئي..

هم يسمعون طرقي المستمر على الباب، ويفتحونه بإستمرار، ولكن لا أحد يراني، حتى هذه اللحظة، لم أصدق أنني أصبحت لا مرئياً، ولكن كيف يتحول المرئي إلى لا مرئي؟ أليس من المفترض ألا يرى اللامرئي حتى نفسه؟ فها أنا أرى يديَّ وقدميَّ وبقية أعضائي، حتى وجهي في المرآة، أراه كاملاً لا يشوبه أي نقص!

*

لثلاثة أيام تحت حرارة الشمس، كنت جالساً في أحد شوارع القرية، ولم يرني أحد، لثلاثة أيام تمر السيارات والدراجات النارية والكلاب في الليل، دون أن ألفت نظر أحد، صرت إنساناً مقصياً بالكامل، لا وجود لي ولا رأي ولا حتى ظل، إلا وجودي طبعاً الذي لا يقدره أحد سواي، ولكن ما الفائدة ؟

*

هذه فرصة لأصبح غنياً، قلتُ لنفسي، سرقتُ المصارف، ودكاكين الذهب، ومعارض السيارات، وتماثيل المتاحف، وصرت ثرياً بالفعل، إلا أن ثروتي تبددت بسرعة فائقة، فما جدوى أن أكون ثرياً، دون أن يلاحظ ذلك أحد، أو دون يثير ضغينة أحدهم ؟

*

في ليلة شتائية، قضيتها أفكر بحيلة يراني فيها العالم، وتراني فيها الفصول والأشياء، أريد أن أشعر بالبرد والحر، وأن أساهم في زراعة نخلة، وفي قطف ثمار، أريد أن أنام وأحلم، أريد أن أعيش لا أكثر، وبالفعل خطرت تلك الفكرة في رأسي، فرحت أدهن جسدي بالسكر والماء، وانتظرت النمل يغطيني بالكامل، حتى صرت كائناً من نمل، يُحتفى بغرابة شكله في كل لحظة، وفي كل بقعة من بقاع هذا العالم...




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى