ابراهيم مالك - الحرب كئيبة يا بُني..

الحرب كئيبة يا بُني
و لا تمنحنا الوقت الكافي
لِنتّخذ قرارا واحدا حاسما
هكذا قالت:
امرأةٌ عَجوز
و هي تَرمُقُني بعينيها الدّاكنتين
كَ أعقاب سَجائر
في الجانب الآخر من الموت
فتاةٌ ثلاثينية
لم تتزوّج بعد
أنفقت سنوات عمرها
في انتظار حبيبها،
الجُندي الذي لن يعود
البَاصات القادمة من بعيد
على عجلات الحرمان
تَحمل أحلام رُكّابها المِعوزين
أحلامهم التي لن تتحقق
في هذه المدينة أيضا،
قالت المرأة الثلاثينية
و هي تُحدّثُني عن مَدينتها التّعيسة
الطّريق هُنا
طَويلٌ ولا يَنتهي
لكن كُل مَحطّة تَتوقّفُ بها
قد تأخُذكَ من يَدكَ الى الموت
في سبيل الحياة
بعنا كل شيء
هل سبق أن بِعتَ كَرامتكَ؟!
في البداية
ستتخلص من جُرأتكَ و خَجلك،
لكي تعيش كَ ابن كلب،
و بعد أن تخيط جرحك العميق
سَتغسلُه بماءٍ بارد حتّى يتسنّى لك الصّراخ كل مرّة تغتسل،
شيئا فشيئا ستعتاد كل شيء
ستعتاد عيونك كل هذه العتمة
ثم تبدأ التّأقلم بسرعة مع تفاهة النّور
لن تَسطعَ الشّمسُ فوق رأسكَ
و لن تغيب أيضا،
عَليك أن تكتفي بهذا النّفق
و تَحجز لنفسك مكانا داخله
لن تحلم ببقعة ضوء،
فلا وجود لبقعة ضوء،
و ستقتنع بأن السّواد
هو مَصيركَ الأعظم
قالت و هي تَقتربُ مني كَ قذيفة
أو قُنبلة تكاد تنفجر
أنفاسها الحارّة تُنبؤُني
بعدد الشّتاءات التي خاضت
و شِفاهها المُترهّلة
لم تنعم ب شُربةٍ /قُبلة هَنيئة
الحياة معركة خاسرة يا عزيزي
في النهاية لن يشرب أحد نخب انتصاراته،
كل الذين انتصروا سابقا
إستعجلوا الحُكم
لِينتهي بهم المطاف في قاع الهزيمة.



ابراهيم مالك
موريتانيا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى