يونس بن عمارة - مغرور.. قصة قصيرة خيالية

رسالة هنري:

“لقد أصبحت موهبتي العبقرية (وهذه من ألفاظ الدّاء) في الكتابة وبالا عليّ، لقد جُنّت صديقاتي بقصائدي الحلوة أمّا أصدقائي فقد فُتنوا بما كتبته “الجزء الثّاني من آلة الزّمن” تتمّة رواية هربرت جورج ويلز الرّائعة، وأعجبتهم قصص المُغامرات المُتعدّدة، لقد أصبحت الكتابة يا سيّدي غرورا، لقد ضاق بي أصدقائي ذرعا، وممّا زادني ازدهاء وغرورا مُسابقة قصّة أدبيّة أُقيمت في الكُليّة وكان من أشدّ مُنافسي باريس مارتينيزو أودلف مانتهام… وقد خسرا الاثنان معا في مُواجهتي ممّا جعلني أُرسل قصيدة نُشرت فورا في مجلّة الجامعة (هزيمة الحمقى!)”.

***
لقد أبغضه أصدقاؤه. كان سعيدًا بهذه الموهبة كثيرا، وكان الشّيطان ذكيّا… لقد ربح إبراهام في هوايته الشّطرنج وحطّم حُلم أنّا في رياضة التّنس بهزيمة نكراء وأمّا مجموعة صحافة الجامعة فقد وصفهم بجماعة الأرانب المذعورة لمّا كتب وحرّر وحده فقط ثلاث مجلّات أرقى وأحسن من مجلة الكُليّة الجامعيّة بأفكار مُذهلة عن النّشر والصّحافة، قال الحاقدون إنّه سرقها من المُتخصّصين، كتب يومها الأساتذة: نحن مُعجبون به جدّا، حتّى لو كان كذلك، لقد قام بعمل مُذهل. إنّه إنسان عملي، كتب يوما “إنّي مُرهق من شدّة المُنافسة، لقد صرتُ أسهر حتّى الواحدة ليلا” وهكذا اندفع عدّة فتيات للانتقام حين ألقوا لأُستاذ اللغة الإغريقية ملحمة باللغة الإغريقية عنوانها “موت الزّهور” في تسعين صفحة، فألّف هنري أوّلا كتابا في تصحيح أخطائهنّ وبيّن بدقّة شديدة أُصول الكلمات الإغريقية بنطق وكتابة صحيحين.
بل حتى أنه ابتكر طريقة جديدة لكتابة العلامات الصّوتيّة، وألّف ملحمة أُخرى عُنوانها “فلتحيا الزّهور” بالإغريقية أطارت عقل الأستاذ في ستمائة صفحة!
هُنا كانت كلّ كلمة يقولها هنري هي الحقّ وفُتح له منبر التدريس في الجامعة رغم أنّه لم يُتمم دراسته بعد.

***

لمّا قرأ لأستاذ رسالة هنري، وفيما التقاه بعدها:
– هنري… بُنيّ؟
– أستاذ… رسالتُك جيّدة المعنى، لكن ردّك كان ضعيف الإنشاء !
– إلى هذا الحدّ… يا بُنيّ؟ !.


* منقول عن مدونة يونس بن عمارة


يونس بن عمارة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى