أدب المناجم محمد العايش القوتي - الشعر المنجمي

الشعر المنجمي حركة كتابية وليدة مسقط رأسها بمنطقة ضيقة من أرضنا التونسية ،وتسمى بأرض المناجم ، لانها تنفرد بخاصية مباركة هي غزارة انتاج الفسفاط تقع في الجنوب التغربي في تونس ... الشعر المنجمي يعالج مشكلات اجتماعية او بالاخرى مشكلة شريحة اجتماعية هي فئة " العمال الكادحين في مناجم الفسفاط كما يقول محمد الخالدي . انه تصوير او صور للحياة الاجتماعية في المنجم ، يحاول شعراؤه بالقصيد القصيرة والجملة البسيطة الوصول الى هؤلاء " العمال الذي يهبطون مع اطلالة كل فجر الى الداموس ، باتون من كل فج ليشهدوا منافع لهم ولاولادهم وهم لا يدرون ايعودون سالمين الى بيوتهم ام لا يعودون " ... الخطوة الاولى على درب الشعر العمالي " او او هل يمكن أن نعتبره من الادب الاشتراكي " .... اذا اخذنا بشهادة احمد عامر :" تفاعلت كثيرا مع ما كتبت من قصائد منجمية ، لانها نابعة من احساس صادق وشعور لا يعرف الزيف . " انا احب المنجم ، لانه لغز ، واللغز حيرة ولا فن الا بالحيرة ... الحيرة منطلق لكل التصورات والرؤى ... " يمكن أن نقول ان ما يسمى بالشعر المنجمي ، شعر مثقفين مندهشين لما يرونه ... خقا ، لقد أحس الشعراء المنجميون بمعاناة عمال المناجم اليومية وتفاعلوا مع " الخور البيضاء والبدل الزرقاء " وربما استنشق بعضهم أو كلهم رائحة المداخن ولفح وجوهمم غبار الفسفاط وعانى بعضهم مأساة فقد الأب او الام او الحبيبة ، ولكنهم لم ينزلوا الداموس ... ولا اختفوا بذرات الغبار . ... فاين اذن ، يقف الشعر المنجمي من المنجم وعامل المنجم ؟ انه يقف على مسافة ... مثلما يقف أي شاعر اخر على مسافة من حياة أية شريحة اجتماعية اخرى : الفلاحين العمال ، الطلبة ، الباعة المتجولين ، المثقفين ...الخ ... انه اذن ليس ادبا عماليا ولا اشتراكيا ولا منجميا ، ان المصطلح هذا مصطلح تلفيقي وغير دقيق ، لاننا لو اخذنا به ـ وهو قائم اساس على الموضوع الشعر ـ لقلنا مع يوسف رزوقة ، هناك : الشعر البترولي ، والشعر الفلاحي والشعر المخزني ( نسبة الى المخزن ) . وحتى نكون منطقيين ومنسجمين مع أصول النظرية الادبية وواقع الشعر العربي ان نعد هذا الشعر من جملة الشعر العربي الملتزم أو الواقعي ، شأنه شأن أي شعر يعالج مشكلة أو مشكلات اجتماعية معينة ... ... ان مصطلح الشعر المنجمي يعود بنا الى المنهجية التقليدية لتصنيف الشعر العربي ودراستهعلى أساس الموضوعات : المديح الهجاء، الرثاء ، الفخر ، الغزل .. الخ ، بينما ترفض المناهج النقدية والنظرية الحديثة ، هذا التصنيف ... وتقوم على أساس المبدعات الفنية ( الجمالية والمضمونية معا ) فالشعر الكونكريتي لم يسم كذلك لان يبحث في الكونكريت ( الاسمنت) والالكتروني ليس لأنه يبحث في الالكترون . والسريالي ليس لأنه يبحث في ( سر من راي ) وهكذا بالنسبة للشعر الحر أو غير العمودي والحر ، والعمودي الخ ... ... أخيرا نحيي مجلة " الاخلاء " الطريفة ، المنسجمة في تسميتها وخطتها ، وما تقدمه للقارئ العربي ، وجهد القائمين عليها ... انها الزميلة التي نحس انها فرع منا، ونحن منها ... متمنين لها التقدم والازدهار ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى