عبد العزيز بركة ساكن - المدينة..

المدينة تحيط خاصرتي بساعديها، تقلبني. ويسيل لعابها في فمي. بقايا زيت محروق. عوادم سيارات عابرة القارات. مزمور مشوي بزيت مسرطن. مطر حمضي ازرق. بطاريات يقطر منهن حمض الكبرتيك. اسماك ميتة تطفح في بحر الرغبة وبقايا جرذ اعمي تحملق في عيني: المدينة تطوق خاصرتي. تحقن قلبي بالإسفلت وشحم بلاستيكي السحنة ذو وَشَمِ في الفخذ تميزه عن جند السلطان.
المدينة ترسل في اثري جيشين وجيش الرب. وطائرة تجسس تتفحص دمي وتحقن في رئتي مصل يمسخ ذاكرتي. وأنا يا ايتها المدينة داعرة. لا تعرف طعم القبلة قبل ولوج الليل. ولا تدري ما الفرق مابين العاشق والسكران. والزيت الفاسد يطهوني. وعلي نار تنكر اني كنت وقود الامس وكنت رماداً في غدها. وكنت نبيا في زمن محقون بالأحقاد التالفة الذِكر. يا ايتها المدنُ الكبريتْ.
في زِبِرِ الجرح الخنسى. في طقطقة اصابع طفل في بطن الأم. في لوزة قطن. في سنبلة الاحياء من القمح. في نهر ينبع من صدر البنكوت. يسيل الي ما بين الاهة والشبق المرهق. كنار برومثيوس، عقوبة ان تغرق في النهر. كتبنا وقلنا لله كلاما غير مقدس. قلنا يا لله يا من لا ندريك وتدرى انا لا ندري لماذا لا ندريك بغير دم وبعض جراح وعويل وتلوث. وإنا في زبر السيارات وأنفاق الشحم المتسرطن بالمازوت أسطر خيبتنا وتفانينا في صبر لا يأتي إلا من خَبِر فحيح النفط ونواة الذرة كبقايا عين الجرذ الاعمى تحدق فِيَّ. وترصدني وتقولني ما لا ينقال في يوم القول الفصل.
ألدغني يا ثعبان الزيت الراجع. ألدغني يا طاغوت العصر. ألدغني يا وهم الحس الارقطـ ألدغني يا وجعي يا مسخ الممسوخ والدغني يا شَبَح الوردة في بركة دم. اني تبت وكفرتُ عن اللوثة. ومددت يدا للصلح ويدا في كف الموت ويدا اخرى في الطين: ألدغني يا رب الجرذ الاعمى. فاني تبت وكَفّرتُ عن المازوت وعن الناسوت والربوت والاسفلتوت والاعلوت والادنوت وعني: " أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى".
واني اذ ابصر بعين الجرذ الاعمى. في ناقلة للزيت وجهتها في البحر لغير بلاد: يا اني انقذني مني واطرح للصبية اسئلتي للأشجار اليانعة الخضرة، للأنهار وشدو الماء المزكوم. اطرح للوجع المحموم بلا لُغز او فاكهة بدون جراثيم الايام اطرحني في كل دروب العار شهيدا للمعني المنحوت علي الصخر: إني اشهد ان العالم ينهار الآن وأني مسجونٌ في أني رهن الوقت.
أعلى