ليلى أسامة - الجدائل والليل..

الزمان:
الساعة الثانية صباحاً..

المكان:
غرفة - ذات طابع بنفسجي – للمرة الاولي تتحول في ناظري الي لون كوبي قمئ..
وبالتحديد ..
امام مرآة لم تكلف نفسها يوماً عناء اخباري باني اميرة زماني ..
لم تسكرني قبلاً بمديح يكال لي بغير حساب ..
ووصف جمالاً لا املكه.. دونما داعي.. لتفعله الان...
وكعادتي .. دوما اجد لها عذرها : نقائها المفرط..

الحدث:
انهض بعزم.. اثر أرق انتابني علي حين غفلة..
اقرر ان اجدل شعري الي ضفائر صغيرة .. كثيرة.. تماثل ما تحمله تحت منبتها..
حقاً لا اجد تبريراً سوي ان ما يدور تحت هذه الجدائل الصغيرة اكبر من ان تحتمله..
اعنف من وقع المشط ذو الاسنان الكبيرة الذي بوسعه ان يبتلع خصلات شعري ويعجز عن ابتلاع همومي..
ايضاً هي محاولة لان تُرتبني اسنانه الصغيرة.. كما ترتب جدائلي..
هذا هو التبرير الوحيد الذي اعرفه الان...

خارج الحدث:
يتصادف ان يتحدث اناس من حولك عن حراك اجتماعي رغبته التغير..
وما زلت انت تبحث عن حراك داخلي يرتبك .. يشذبك .. ويهذب تشظياتك..
فلا تملك سوي ان تشعر بالخواء الذي تعيشه ..
وان هناك سلام روحي مفقود .. تبحث عنه بصورة دؤوبة.. ولا يخطر في بالك سوي انك لابد ان تجده باي طريقة ما..

ومن عمق الحدث :
جدائلي الصغيرة اتاحت لي ان احصي عدد شعيراتي البيضاء التي اقتحمت سواده ..
ما اصاب هلعي هو اقتحام موسيقي – دعنا نسميها المصاحبة للحدث - والتي كانت تشابهه حديثي لمرآتي ...
(انا مش انا... انا مش عارفني..
انا كنت مني..
لا دي ملامحي .. ولا ده شكل شكلي..
ولا ده انا..
ابص لروحي فجأة .. لقيتني كبرت فجأة..
تعبت من المفاجأة.. ونزلت دمعتي..)

حديث لابد منه :
الموسيقي الاولي المصاحبة.. برغم بساطة كلماتها.. الا ان عمقها .. صدقها ... اروع

خلاصة:
ان تبحث عن سلامك الداخلي اصعب من كل المفاجأت التي يخبئها لك الزمن..
ان تفتقدك.. تبحث عنك.. اصعب من كل الحراكات الاجتماعية..
وذلك ببساطة لان (اناك) هي البنية التحتية لكل الاصلاحات المحتملة..
لكل التغيرات الجذرية المطلوبة..
ان تجدك.. تفهم ذاتك ..
هو في نظري اللبنة الاولي..

خارج الحدث:
الكتابة تظل هي الرابح الاكبر الذي يسري عني .. ويرتبني ..
هي التي تقهر الليل القاسي .. الصادق في ادعاءاته..
القادر علي استفزاز الروح ...
ما يقهرك عنه..
انه رغم كل الزخم.. رغم الفوضي.. رغم تسارع احداث يومك ..
ولفيف بشر حولك..
لا يخشي الليل ان يهمس لك:
كم انت وحيد.. !!
الكتابة تخبره : هانذا ...
تفعل بي- الكتابة - كما يفعل الشتاء بجسد مبتل.. تصلبني علي هامشها..
توقف نزيف افكاري .. بان تستبح دماء حروفي علي بياض الورق...
حينها تبيّض الروح .. وتخلع عنها سوادها...
ما يساعد اكثر .. ان تقتحمك ذكري انسان ..
وفي ذات الوقت .. تصدح موسيقي ثانية بان:
(لو تبقي ليّ .. واحة فرح )
ترتحل مجمل الهموم المتبقية .. دفعة واحدة ..
نحو واحتي تظلني بظل لا مثيل له..

حدث نهائي:
تنتهي جدائلي.. دموعي.. حروفي.. تمام الرابعة صباحاً
غرفة الروح شبه مرتبة..
اغلق الباب خلفي بروية..
وسادتي تبدو اطري..
وغطائي ادفء
اتنفس زفير صغيري... اُودع احلامي لواحتي..
وانام..
ليس ملء الاجفان ..
انما نوماً كافياً فقط لان يهدئ من روعي.. !!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى