ألف ليلة و ليلة منقول - مخطوطات الف ليلة وليلة.. تاريخ الإصدارات والترجمات

تُرجِم كتاب ألف ليلة وليلة إلى عدّة لغات، وقد طبع بالعربية لأول مرة في ألمانيا سنة 1825م بإشراف «المستشرق هايخت» فأنجز منه ثمانية أجزاء، مع ترجمته إلى الألمانية، وتوفي قبل إتمام الكتاب، فأنجز الباقي تلميذه هاينريخ فلايشر المتوفي سنة 1888م ثم طبع مرات عدّة، أهمها طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة 1960م. وقد عمِل محسن مهدي على توثيق النسخ العربية في عمل صدر له في ليدن سنة 1984م. هناك مجموعة من الرسومات صاحبت الترجمات الغربية لألف ليلة وليلة في كتاب (ألف ليلة وليلة: مقالات نقدية وببلوغرافية) الصادر باللغة الإنجليزية، و(ديوان ألف ليلة وليلة) تحقيق عبد الصاحب العقابي: كتاب التراث الشعبي، ويقع الكتاب في 577 صفحة مزودة بلوحات فنية. أما مؤلف الكتاب فلا يعرف حتى الآن من هو واضع كتاب "ألف ليلة وليلة"، وقد ذهب «الشرواني» في مقدمة الطبعة الإيرانية إلى أن واضع الكتاب شامي الأصل، جعله في لغة مبسطة متوخياً تعليم اللغة العربية إلى الراغبين فيها أكثر ما توخى الاقتراب من إفهام الناس. وقد لحقه الرأي دي ساسي الذي لا يستبعد أن يكون قد زاد على الأصل السوري النقلة والحكاؤون، في كل زمان ومكان أخباراً وحكايات من عندهم.

أصل الكتاب

يميل «جوناثان سكوت» في مقدمته للطبعة الإنجليزية إلى أن واضع الكتاب أكثر من شخص، فلا يعرف البادئ ولا المتأخرون ولا تعرف جنسياتهم. أما «لانجلس» فعلى رأي «المسعودي» الذي يردّ الكتاب إلى الهند، في قوله:

«وإن سبيل الأخبار سبيل الكتب المنقولة إلينا والمترجمة لنا من الفارسية والهندية والرومية، سبيل تأليفها ما ذكرنا مثل كتاب "هزار افسانه" وتفسير ذلك من الفارسية إلى العربية ألف خرافة، والخرافة بالفارسية يقال لها افسانه، والناس يسمون هذا الكتاب "ألف ليلة وليلة" وهو خبر الملك والوزير وابنته وجاريتها وهما شيرازاد ودنيازاد.»

كان «ابن النديم» صاحب الفهرست أول من عرف بالكتاب قال: «كتاب هزار افسان ومعناه ألف خرافة وكان السبب في ذلك أن ملكاً من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة قتلها من الغد فتزوج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية يقال لها شهرزاد فلما حصلت معه ابتدأت تخرفه وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها ويسألها في الليلة الثانية عن تمام الحديث إلى أن أتى عليها ألف ليلة وهو مع ذلك يطأها إلى أن رزقت منه ولداً أظهرته وأوقفته على حيلتها عليه فاستعقلها ومال إليها واستبقاها وكان للملك قهرمانة يقال لها دي نار زاد فكانت موافقة لها على ذلك. وقد قيل أن هذا الكتاب ألِّف لحماني ابنة بهمن. وجاءوا فيه بخبر غير هذا»، وقال: «ويحتوي على ألف ليلة وعلى دون المائتي سمر لأن السمر ربما حدث به في عدة ليال وقد رأيته بتمامه دفعات وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث»، كما قال: «ابتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري صاحب كتاب الوزراء بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم كل جزء قائم بذاته لا يعلق بغيره وأحضر المسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه وكان فاضلاً فاجتمع له من ذلك أربعمائة ليلة وثمانون ليلة كل ليلة سمر تام يحتوي على خمسين ورقة وأقل وأكثر ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي».

يستنتج «ماكدونلد» على أن الأصل الأول لهذا الكتاب فارسي بدليل أن أولى لياليه منقولة إلى العربية عن "هزار افسانه". ويزيد «هومر» على أن "ألف ليلة وليلة" إن لم تكن فارسية فهي هندية. ثم يتفق «شليغل» و«غلدميستر» و«ديس ونجتشامبس» و«لويسلر» على إعطاء الكتاب إلى الهند، مع الإفراد للفرس وللعرب ببعض الفضل فيه، فمثلاً ورد في الليلة الرابعة والتسعين، أبيات مشهورة لمحي الدين بن عربي، وأولها:

"ليت شعري لو دروا = أي قلب ملكوا".

في الفارسية بعض الحكايات التي تقابل حكايات ألف ليلة وليلة، غير أن الدارسين اختلفوا في الأصل الفارسي لبعضها وأرجعوه إلى أصل هندي كقصة شهرزاد التي بنيت عليها الليالي، مستدلّين على ذلك بقصص يشبه الباعث الأول لتأليفها، وهو اكتساب الوقت وثني المتهور عن عزمه، بقصص هندية تدور حول الباعث نفسه كقصة «سوكا سابتاتي». كما أن الحكايات الهندية تكوّن سلسلة متماسكة الحلقات متعاقبة الخطوات، يتصل بعضها ببعض، فتستدعي الحكاية رواية حكاية أخرى، وهو يشبه الأسلوب المستخدم أحياناً في ألف ليلة وليلة.

الحكايات في أوائل جميع النسخ المخطوطة والمطبوعة من الكتاب تمثل هذه الطريقة التي قام عليها هيكل الكتاب، وتحمل السمات القديمة للحكايات الشعبية الهندية التي وجدت طريقها إلى الفارسية ثم إلى العربية عن طريق الترجمة في أيام العصر العباسي الأول، رغم وجود كثير من التبديل والتغيير والتهويل والتكرار على الحكايات.

بينما يرى آخرون خلاف ذلك ويرجعون أصل كتاب «ألف ليلة وليلة» إلى أنه كتاب عربي، ومنهم الناقد والشاعر سامي مهدي الذي ألّف كتاباً سنة 1984 بعنوان "ألف ليلة وليلة.. كتاب عراقي أصيل"، وناقش فيه أصل «ألف ليلة وليلة» كما تضمّن محتواه ردّاً على من نسبه إلى فارس أو الهند أو اليونان. كما يقول بأن فرضيّات المسعودي وابن النديم والتوحيدي الذي تبعهم، لو كانت صحيحة وكان الكتاب فارسيّاً لكان أبطال القصص من غير المسلمين، ولتمّ استخدام أسماء الملوك الفرس بدل شخصيّات مثل شخصيّة الخليفة هارون الرشيد وغيرها من الشخصيّات، كما أن استخدام مدن فارسيّة سيكون أولى من المدن العربية، ويرى بأنّ كتاب "هزار أفسانة" شيء وكتاب "ألف ليلة وليلة" شيء آخر مختلف عنه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى