ألف ليلة و ليلة سناء شعلان - المرأة في ألف ليلة وليلة..

يقول الأديب أحمد حسن الزّيات في دراسته عن ألف ليلة وليلة: "إنّ أسوأ ما سجّله ألف ليلة وليلة من ظلم الإنسان، وجور النّظم هو القسوة الجائرة على المرأة، فإنّ حظها فيه منكود، وصورتها فيه بشعة" (1).

وأنا أقول ليس مهما أن يظلم كتاب ما المرأة، ولكن هذا الكتاب بالذات كان له تأثير عجيب على المرأة في المجتمع الشرقي، لا سيما العربي منه، ومن سوء حظها أنّ الكتاب شائق جدا، يجذب العامة ببساطته وصراحته، ولما فيه من عجائب وغرائب، ووصف فاجر، وكلام بذيء فاحش يتملّق شهواتهم، ويدغدغ غرائزهم، ويجذب الخاصة بما فيه من خيال مجنّح جامع، وفن قصصي أصيل، وبما في طيّاته من رموز وحكم مستقاة من واقع الحياة، وقد شاع في عصور كان فيها السمر وقصّ الحكايات أكثر وسائل الترفيه عن النفس شيوعا.

وتعدّ ألفة الأدلبي في كتابها (2) من ألف ليلة وليلة أنّ هذا الكتاب كان له أكبر العوامل التي دعت إلى تأخّر المرأة في الشرق العربي بخاصة. وتعتقد أنّ هذه السيئة وحدها تربو على حسنات الكتاب كلّه. والعلم الصحيح هو وحده الذي حرّر المرأة مما افتراه واقترفه عليها مؤلفو الليالي.

والمرأة هي من النماذج الإنسانية التي تدخل كلّ حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة. وغالبا ما تكون أحداث الحكاية من مغامرات وخوارق وأعاجيب في خدمة المرأة.

والمرأة في ألف ليلة وليلة قد تكون ملكة وقد تكون جارية. إنّما من الصعب لمس الفرق بين الملكة والجارية، سواء من حيث المسلك أم من حيث المعاملة أم النظرة إلى الحياة (مريم الزنارية، الدنماء) تبارز إمّا لإظهار مقدرتها على الرجال، أو لأنّها أقسمت أن لا تتزوج إلا من يقهرها في الطعان، وقد تكون المرأة عاشقة أو معشوقة (الملكة بدور) ومع ذلك تبقى المرأة في ألف ليلة وليلة لا تختلف عن التي كانت تعيش في المجتمعات الإسلامية عامة والمجتمع العربي خاصة.(3) وغالبا ما تكون المرأة في ألف ليلة وليلة محبوبة، طيبة القلب، سليمة الطوية، إنّما هذا لم يحل دون وجود صور عن كيدها كما هو عند (بدور) وعند (حياة النفوس) في حكاية (قمر الزمان والأسعد والأمجد).

والمرأة في ألف ليلة وليلة جميلة، ونادرة الجمال، كثيرا ما تفنن الرواة في وصف محاسنها التي تتوافق إلى حد بعيد مع مفاهيم الجمال النسائي عند العرب. (4)

والمرأة في ألف ليلة وليلة تكون حينا شابة، وحينا آخر عجوزا. والعجائز يقمن بأدوار هامة في تغيير مجرى أحداث الحكاية والسيطرة عليها. وهن كثيرا ما يساعدن على الجمع بين العشاق والتقريب بينهم، ولكنّهن في بعض الأحيان خطرات شريرات لا يؤمن لهن جانب مثل (شواهي) في حكاية عمر النعمان.

ومن أبرز هذه الصور النسائية في (ألف ليلة وليلة):

1= صورة المرأة الحاكمة وذات السلطة السياسيّة

تظهر صورة المرأة الملكة في مواطن الكثيرة في ألف ليلة وليلة، مثل السيّدة زبيدة زوجة الرشيد، بل إنّ نفس شخصية شهرزاد بطلة الليالي يمكن اعتبارها ملكة بحكم زواجها من الملك، وكيف فعلت ما فعلت تجاه هذا الحاكم الذي فقد ثقته بالنساء بعد ثبوت خيانة زوجته، مما دفعه إلى أن يتزوج كل ليلة بفتاة بكر، لا يصبح الصباح حتى تكون قد وارتها الأرض، ليتزوج في مساء اليوم الذي يليه بكرا أخرى. (5) فشهرزاد الأميرة أو الملكة، لم تكن سوى معالجة لنفسية الملوك المتحكمين في الأمم، وقد خلقت من زوجها الطاغية إنسانا اتّعظ بالحوادث المرورية، وأفاد من أحكام الحكايات التي روتها على مسامعه طيلة ألف ليلة وليلة، فقد جعلته يدرك الواقع الذي يعيش فيه الحاكم، وينعكس على رعيته. (6)

وقد تنازلت شهرزاد عن منزلتها، وتصرّفت كجارية، وكان هدف هذه المواجهة درء الموت عن جنس المرأة، والحفاظ على بقاء النوع. لذا فإنّها تقدّم تنازلا أساسيا في سبيل تحقيق الهدف الأصل. فرضيت أن تتخلّى عن حريتها، وتصبح جارية لكي تحافظ على بقائها، وبقاء جنسها. (7)

وتظهر صورة السيدة زبيدة زوج الرّشيد، وقد أضفت عليها الليالي من الصفات الحميدة الشيء الكثير، مع الاحترام الشديد لأكثر من سبب، فهي زوج الرشيد وهي ذات نسب طاهر شريف هو نسب النبوة (8)، وإن كانت تظهر أحيانا غيورة، لدرجة تجعلها تدسّ البنج لإحدى محظيات الرشيد، بل وتدفنها حية، وتتظاهر بالحزن عليها، بل نراها تستعين بالعجائز لتدبير غطاء للفضيحة.

ولكنّ صورة المرأة ذات السلطة ليست دائما إيجابية كما في صورة شهرزاد والسيدة زبيدة، فكثيرا ما ترد المرأة ذات سلطان وجبروت وقسوة، متعطّشة للقتل والانتقام، وفي مملكة أخرى من ممالك النساء في (حكاية حسن البصري) (9) نجد الحكم حكما عسكريّا لا رحمة فيه، ففكرة الجنس مسيطرة على تفكير القاصّ، فالحاكمة أو أخوتها من البنات يجب ألّا يخرجن عن آداب القصر، والويل لمن تقع في الخطأ، فمصيرها العذاب المرير.

وكثيرا ما نرى امرأة جشعة شبقة تسخّر سلطتها للحصول على الجنس والإغراء الذكري لا أكثر، وتنفق كلّ وقتها على السّحر الأسود والشعوذة، وتمسخ عشّاقها إلى بغال وحمير وفيله أو طيور بعد أن تشبع رغبتها الجنسيّة منهم.

وهناك صورة أخرى لملكة متنكرة بزي الرجال، جعلتها المصادفات العجيبة في موضوع المسؤولية، فالجارية تهرب من مخدومها بحثا عن عاشقها، وشاءت الظروف أن تمرّ ببلدة مات ملكها، ومن عادة هذه البلدة أن تنصّب عليها ملكا أوّل من يدخل المدينة، فكانت زمرد جارية علي شار. ومنذ وضعت قدمها على تخت المسؤولية عرفت سرا سياسيا هاما، ألا وهو الخوف من العسكر، ولهذا فهي تأمر بفتح الخزائن وإنفاقها على العسكر، كما عرفت أن دوام الحكم رهن بمحبة الرعيّة، التي أخذت تتقرب منها، وتخلص في خدمتها وإصلاح معاشها ونرى ذات الصورة الخيّرة للملكة عند (جلنار البحريّة) عندما غاب ابنها، وأخذت مكانه في الحكم.

وقد تصاب الملكة أو الحاكمة المغرورة بغطرسة الحكم، وتظل صورة مشوهة في ذهن الناس ليحاربوها، ففي حكاية قمر الزمان نجد زوجة التاجر الذي ثقب لؤلؤة الوالي الذي يطلق له، فاختارت زوجة الجميلة أمنية غريبة تظهر غطرسة وغرور المرأة غير الواعية، وهي أن يأمر الوالي أهالي مدينة البصرة أن يحتجوا في بيوتهم لمدة ساعتين كل جمعة، وكلا من رآها تسير وجواريها وهنّ مكشوفات الوجوه فمصيره القتل.

أما الوزيرات والقاضيات فهنّ من النساء الخيرات كبيرات السن، فكبيرة الوزراء هي عجوز شمطاء وهي محتشمة ذات هيبة ووقار، وكذلك القاضيات "فكلّهن عجائز ناشرات الشّعر على أكتافهن، وعليهن هيبة ووقار.

المغزى من شخصية شهرزاد الملكة

شخصية شهرزاد هي شخصية رئيسية في الكتاب تواكبه منذ المقدمة حتى آخر كلمة فيه، ويبدو أنّها أرادت أن تقول في خلاصة ألف ليلة وليلة قضيتها في رواية العبر: حين تكون المرأة ذليلة، جاهلة، مغلوبة على أمرها يكون واقعها كما تصوّره هذه الحكايات من خبث وحكايات وخداع، ومكر ودهاء وخيانة، وذكاء منصرف نحو الشر.

أما حين تكون عزيزة الجانب، حرّة في تصرّفها واسعة الثقافة والعلم، فتستطيع حينئذ أن تكون شهرزاد تلك الإنسانة الرائعة التي قرأت ألف كتاب من كتب التاريخ، والملوك الخالية والشعراء كما ورد في قصتها إذ استطاعت بحبها الكبير، وذكائها الفطري أن تعيد شهريار إلى جادة الطريق.

ويرى بعض النقّاد أنّ الملكة شهريار في ألف ليلة وليلة سطّرت من بعيد أو قريب لتاريخ الحقبة التي ألّفت بها هذه الليالي في ضوء الظروف والأوضاع العربية المتردّية.
ويرى مهدي النجّار (10) في: "أنّ (التأليف الحالم) و(التأليف التاريخي) لا يستبعد كثيرا الوقائع الفعلية بل يؤلّفها.

وقد استطاعت شهرزاد تحقيق هدفها من خلال "ما سماه بعض النقّاد بسلاح الإثارة والترقّب. وفي هذا الخصوص يقول محسن جاسم الموسوي (11): "ويزعم أنّ شسترتن وضع يده على المغزى النهائي لفن شهرزاد، إلاّ أنّه لم يكن أوّل من نبّه إلى هذا الأمر، إذ سبق فورستر (E. M. Forster) أن تحدّث عن قدرتها في (شهر سلاح الإثارة والترقّب) لكي تتجنب حتفها. لكنّه يرى أيضا أنّ شهرزاد تمكنّت من البقاء والخلود؛ لأنّها جعلت الملك يتعجب باستمرار مشدودا حول ما يمكن أن يحصل لاحقا.

2= صورة المرأة الذكيّة أو صاحبة المكائد والحيل

نقرأ كثيرا في ألف ليلة وليلة عن صورة المرأة الذكية؛ وهذه المرأة قد تكون ذكية خيرة؛ وقد تكون شريرة صاحبة مكائد، وقد تكون عجوزا شمطاء، وقد تكون فتاة بالغة الجمال، وهي أحيانا ملكة جليلة.

نقرأ عددا من المرات في ألف ليلة وليلة عن ملكات ذكيات عادلات، كما لا يكون إلا في الأساطير. من ذلك مثلا ابنة الملك بدور، التي يختفي زوجها قمر الزمان في ظروف غامضة أثناء قيامه ببعض الأسفار (12) وحتى لا تضطرب الحاشية أو يستبد بها القلق، ترتدي (بدور) ثياب الملك وتمثل شخصية وتحسن بدور قيادة وحكم شعبها.

وكيد النساء وتفننهن فيه قد غذي الكتاب بجزء لا بأس به من صورة. وكأنما قد تجمعت لدى الجامع قصص كثيرة من هذا النوع، فأفرد لها إطارا وحسبها كله، وهي تزيد على العشر، في مكان واحد من الليالي في قصة الوزراء السبعة، حيث تزعم جارية الملك أن ابن الملك راودها عن نفسها، وحيث يضطر ابن الملك إلى السكوت سبعة أيام كما أمره الحكيم السندباد حرصا على حياته. ويقوم وزراء الملك السبعة بالدفاع عن الابن، فيقص كلّ وزير قصة أو قصتين ردا على ما تقصّه الجارية على الملك كل يوم تأييدا لدعواها. ( 13)

والمرأة المحتالة قد تلجأ إلى التمثيل والخيال الخصب لخداع من أمامها مثل دليلة في مغامراتها (14). وكثيرا ما تكون المحتالة شابة وجميلة، ولهذا يأخذ التمثيل عندها طابع استعراض جمالها، واتخاذه وسيلة للإيقاع بالخصوم، كما لا تتردّد في الكذب، وتشارك أمّها في أكاذيبها وخيالها الخصب الخلاق، مثل قصة زينب وأمها دليلة. (15)

وصورة أخرى من كيد المرأة في سبيل الوصول إلى الحبيب كيدا ظاهرا ما نجده من حب غير المسلمة للمسلم، ووصولها بالكيد حينا وبالقتال حينا آخر إلى من أحبت(16). فنجد في قصة مريم الزنارية ونور الدين امرأة نصرانية تحتال بعد أن تسلم لتصل إلى حبيبه، حتى أنّ ملك الرومان لا يستطيع استخلاص ابنته ولا من الرّشيد نفسه الذي يضطر إلى حماية من أسلمت. (17)

3= صورة المرأة الخائنة والزوجة الشريرة

لعل أغلب الشّر الموجه إلى الرجل من زوجة يتمثل في خيانتها له، فما أصعب أن تخون زوجها ويرى ذلك مرأى العيان! وقد يكون الشرّ شيئا غير ذلك، كأن تأخذها الغيرة فتسحر له زوجته الثانية أو ابنه، أو أن تصرّ على معرفة شيء تافه حتى لو أدى ذلك لإتلاف حياة زوجه، وقد تلحق ضررا جسمانيا، فتضربه مثلا أو تقطع جزءا من جسمه، وقد ينساق الرجل وراءهن، ويترك ملكه، وينشغل بهن عن مملكته ورعيته أو تتمرّد الزوجة على زوجها الفقير، وتشكوه للقاضي كلّ ذلك يبدو في حكايات الليالي(18).

فالخيانة تطبع بصماتها طبعا على الليالي، وتكاد تكون سببا فيها، بل أوّل أزمة في الحكايات كلها كانت أزمة الخيانة. وإذا عدنا نستعيد حادثة الخيانة، نجد أنه في المرة الأولى، قد حدثت بين شخصين، بين شاه زمان وعبده، وفي المرة الثانية حدثت بين عبدين، بين جواري شهريار وزوجته وعبده ومسعود، وتتكرّر للمرة الثالثة عندما يعود شهريار ليتأكد من خيانة الزوجة (19). ثم تتكرّر للمرة الرابعة عندما تخون الصبية الإنسية الجنّي الذي خطفه، بل وتجبر الأمير شهريار وأخاه شاه زمان على ممارسة الحبّ معها(20).

والمرأة التي تدافع عن خيانتها بسحر زوجها تبدو في الحكايات أخرى مختلفة عن تلك التي تسحر زوجها، فينتقم منها من جنس فعله، حيث يسحرها بغلة، ولا يقتصر الأمر على البشر في عقاب الخيانة، فالعفريت الذي يكتشف خيانة زوجة الآدمية التي كان يجيئها كل عشرة أيام ليلة واحدة، حين يكتشف أمر خيانتها له مع أدمي يعريها ويصلبها بين أربعة أوتاد ويقطعها إربا إربا ثم يسحر الآدمي قردا قبيحا.

ونجد إحدى زوجات الأكابر تصر على خيانة زوجها مع أحقر الناس، لأنّها رأته يخونها مع جارية من جواري المطبخ، وهي بعد أن تفعل ذلك الفعل المشين تحس أنها أبرت بيمينها، وتصمم على أن تفعل ذلك مرة أخرى إذا رأته يعود لمثل ذلك. ولا يقتصر أمر خيانة المرأة لزوجه، فهي لا تكتفي بالعشق على زوجها بل أنها ترتكب المنكر مع الرسول الذي يبعثه عشيقها إليها. وقد تفوق حيلة الزوجة كلّ حيلة إلى درجة تجعلها تفتح سردابا بين بيتها وبين عشيقها، وتخدع زوجها المخلص.

وتتعدّد أماكن الخيانة واللقاء المحرم في الليالي، فقد تستغلّ الزوجة فراش زوجها، وترتكب فيه جريمتها مع العبد الأسود كما تفعل زوجة الملك شاه زمان(21).

وقد تأتي المرأة إلى بيت الرجل أو تدعوه لبيتها إذا كان غريبا، وقد تطلب منه أن يصطحبها إلى البيت الذي يقيم فيه، ولكنّه لا يستطيع ذلك؛ لأنّه يقيم في خان مع غرباء مثله فيضطر إلى أخذها إلى البيت لا يعرف صاحبها، وهي قد ترحل مع معشوقها إلى صحراء مصر الشاسعة.

ولا يقتصر أمر الشرّ الذي تلحقه المرأة بزوجها على خيانتها له وحيلتها لهلاك ماله فحسب بل قد تأخذ المرأة العاقر من زوجته الأخرى التي أنجبت له ولدا، فتستغلّ فرصة غياب زوجها، وتسحر ابنته بقرة وابنه عجلا، وحينما يكتشف أمرها يسخطها غزالة. (22) وغالبا ما تنال الزوجة أو الشريرة عقابها الرادع في ألف ليلة وليلة إلى درجة تصل غالبا حد الموت.

تتساءل سهير القلماوي في كتابها (المرأة في ألف ليلة وليلة): ترى لِمَ لمْ تغيّر شهرزاد من صور العقاب التي يلحقها الزوج بزوجة الخائنة؟ ألم يكن من الأفضل تغيّر في صورة العقاب حتى لا تقّر الملك على فعله؟ وتعتقد سهير قلماوي أنّها أرادت أن تظهر له تأييدها لذلك النوع من العقاب حتى يكتفي بما فعل بزوجته ولا يتعرض لغيرها ويكف عن سفكه لدماء الأبرياء.

4= صورة العجوز الماكرة

تكثر صور العجوز الماكرة في الليالي كثرة يصعب معها حصرهنّ والوقوف معهنّ جميعهن، وهي نموذج متكرر، وأن تنوّعت الحيلة، وتنوّع الغرض، فهي إمّا أن تدخل في المواقف الغرامية لتجمع بين اثنين سواء في الحلال أم الحرام ولا يهمها شيء إلاّ أن تقبض الثمن، وهذه هي العجوز المأجورة التي تسمّيها قمر كيلاني في مقالتها (23) المرأة السمسارة؛ أو أن تظهر في المسائل السياسيّة للكيد، وإيقاع الأذى بالمسلمين، وهذه عجوز غير مأجورة، وإنّما تعمل لحسابها الخاص.

والعجوز المأجورة أو السمسارة عادة عجوز محتالة تأتي بالنساء إلى الرجال الذين أحبوهنّ لقاء مبلغ من المال تأخذه خفية، وربما كان لها أجر من وساطة أو نفوذ هذا إذا كانت المرأة حرّة، أمّا إذا كانت جارية مملوكة، فهي تأخذ أجرها علانية، والمرأة السمسارة هي غالبا امرأة من نوع خاص: إمّا أنّها ذات ماض في عالم الحبّ والهوى، وإمّا أنّ لها باعا طويلا في هذا الأسلوب من البيع والشراء. وقد تكون قد حرمت الجمال والحبّ فعوّضت عنهما بتيسير اللقاء للمحبين مقابل المال (24).

والمرأة السمسارة تعدّ داهية، واسعة الحيلة، لا سيما إذا قامت بدور الخاطبة، ولعلّ مرجع ذلك أيضا إلى تمتعهن بحريّة الحركة إلى حدّ بعيد نظرا إلى سنهنّ (25). ولهذه العجوز دائما صفات وشروط كثيرة منها:

1= ذات حيلة وذكاء وفكر.

2= اسمها كثيرا يؤذّن بالشر والأذى مثل (شواهي ذات الدواهي) مضافا إلى ذلك أمر يكاد يكون نذير سوء، وهو أنّها ذات عينين زرقاوين.

3= تغري الفتاة بكلّ شيء إلاّ الزواج؛ لأنّها غالبا سمسارة حب وليست خاطبة أو سمسارة زواج.

4= متقلّبة بين ألوان من الشخصيات النسائية تستطيع أن تدخل البيوت. فهي زاهدة تحمل مسبحة لذكر الله وإبريقا للوضوء، وهي ساحرة تركب الزير، وتطير به، وهي فارسة شجاعة ومقاتلة بارعة، وهي إنسيّة خبيثة كعجوز (جزيرة الواق واق) في حكاية (الحسن البصري) (26) وهي عربيّة كعجوز (حزين بغداد) (27) وهي فرنجيّة كعجوز أديرة بلاد الفرنجة في حكاية علاء الدين ومريم الزناريّة (28). وحيل العجوز متعددة فمرّة تستعطف قلب الفتاة، وتلح في استعطافها، وأخرى تلجأ إلى حيلة تخدع بها الشّاب، وثالثة تلجأ إلى حيلة مدبّرة تخدع بها الفتاة الشريفة التي ترفض الخيانة، وتطرد العجوز، وتضربها ضربا موجعا ورابعة تحتال بحيلة أخرى فيها كثير من التنوّع.

وغالبا بل دائما ما تنجح حيلة العجوز، وتستسلم الفتاة، وتقع في المحظور أو يستسلم الفتى، ويقع في المشاكل لا يخرج منها إلاّ إذا ساعدته هي أيضا، وفي كلّ مرة تقبض الثمن الذي تسميه بشارة.

وقد يقتصر دور العجوز على أن تقود الرجل إلى منزل بعد أن تغريه، ولا يكون قصدها هي ومن يدفعها إلى ذلك إلاّ الضحك من الرجل والاستهزاء به وبأمثاله من الفقراء.

أمّا النوع الثاني من العجائز فهنّ اللائي يعملن لحسابهنّ الخاص بلا أجر سواء بغرض سياسي مثل شخصية شواهي ذات الدواهي في حكاية الملك عمر نعمان (29)، أم إثبات لمكان بين الشّطار والمحتالين مثل شخصيّة دليلة المحتالة (30)، فنرى العجوز شواهي تلجأ لكلّ ما يمكن حتى تنجح خطّتها حتى لو أضرّ ذلك بها وأتعبها جسمانيّا، فهي تفقه علوم الدين الإسلامي، وتحفظ القرآن على الرغم من أنّها مسحيّة.

وهي أيضا تجيد استغلال نقاط الضعف عند العرب فتعرف أنّهم مولعون بحب الجواري الحسان المثقفات اللائي يجدن العلوم والحكمة والفنون فتستغلّ ذلك كأحسن ما يكون الاستغلال. كما أنّها تعرف ولع العرب بالزهد والزّهاد وكرامات الصالحين، فتستغل ذلك وتنطلي عليهم هذه الخدعة.

أمّا دليلة المحتالة، فقد كانت زوجة مقدّم بغداد ومات، وأحسّت أنّ مركزها قد ضاع بموت زوجها، فتعمل هي وابنتها زينب النصّابة حيل وألاعيب تثير الضحيّة حولها، لهدف أن يعترف من حولها بخطورتها وتعطى راتب زوجها، وفعلا هذا ما يكون في النهاية، وكأنّ الوصول لتلك المراكز المهمّة لا يأتي إلاّ بالقوّة والحيلة وحسن التدبير.

ولعلّ تأثّر القاصّ بأمثال دليلة تلك هو ما ساد في المجتمع العربي من أصحاب الدسائس والوشايات الذين كانوا يحومون حول الخلفاء وخاصّتهم المقربين منهم في محالات الفكر والسياسة في محاولة منهم لتقطيع أواصر الصلات وإثبات تفوّقهم في الإخلاص على غيرهم طامعين في الظفر ببعض المناصب العليا في المجتمع.

ويرى عبد الغني الملاّح في كتابه رحلة ألف ليلة وليلة (31)، أنّ تبلور نظام الرقيق في العصر العباسي أدّى إلى انزواء الحرائر في بيوتهن بضغط من الرجل، غير أنّ الانفعالات العضوية والتنفسية لم تخب جذوتها، فاحتاجت إلى العجوز التي تكتم أسرارها، وتصل بواسطتها إلى متطلبات الحياة الماديّة والحسيّ، فجاءت الليالي تصوّر العجوز في تلك المجتمعات وما تلعبه من دور خطير ومهم في حياة النساء الحرائر المغيّبات وراء الأبواب الموصدة إلاّ ما ندر.

5= صورة المرأة العاشقة

أكثر دور قامت به المرأة في الليالي وأهمّه هو دور المرأة العاشقة، وهي في هذا الدّور تختلف كثيرا في القصص المتعدّدة؛ فالصورة العامة لهذا الدور هو لقاء وحبّ لأوّل وهلة أو نظرة (نظر إليها نظرة أعقبته ألف حسرة) ثم فراق قد يتعدّد، وقد يتعدّد مفتعلا لمجرد إطالة القصة إذا ما دعا كلّ شيء فيها إلى نهاية.

والحبيب يلقى دائما حبيبه في النهاية باستثناء في قصّة عزيز، وقصّة علي بن بكّار مع شمس النهار، إذ يموت أحد المحبين قبل أن يهنأ بلقاء من أحبّ، والحبيب دائما تحبّه الحبيبة، وكذلك الحبيبة التي تكون جميلة، بل غاية في الجمال. وعادة ما تكون العاشقة جارية، سواء أكانت ملكة أم جارية مشتراة من السوق. أمّا أنواع الحبّ بين نساء الحرائر، فأبرزه حبّ أبناء العمّ.

والليالي تعرض لنموذجين من نماذج العاشقة، وهما:

أ‌= نموذج العاشقة الخيّرة: التي تحرص على عاشقها، وهي تستعمل كلّ الطرق لإرضائه والمحافظة على علاقتها به سواء كانت زوجة أم عذراء، فما أن تقع في حبّ إنسان حتى تسعى للوصول إليه في بيته أو تدعوه لبيتها وقد تتزوج به شرعيّا. وتظلّ على العهد قائمة، وللحبّ صائنة.

فالفتاة تقع في حبّ الفتى حين تراه لأوّل مرة بعد أن تعاشره فترة معينة كأن يكون ابن عمها مثلا أو أن تكون جارية تربّت معه وقد تراه مصادفة في سوق أو مكان آخر، ولا يهم أن تكون جارية أو ابنة عمّه أو ابنة الملك، وقد يكون ذلك الملك معاديا لوالد الفتى.

وقد تقدّم الزوجة الشريرة كما ذكرت في الصفحات السابقة على إيذاء زوجها في سبيل عشيقها وفي سبيل وصاله.

ب‌= نموذج العاشقة الشريرة: تقع المرأة في الحبّ، وتسعى للزواج ممن أحبّت، ولكنّها في سبيل ذلك توقع الرجل معها في أخطاء وشرور تدفعه للسرقة أو القتل أو تسحره.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فالمرأة حين تحبّ ترغب في الاستئثار بعشيقها ولو بالقوة كما تفعل عاشقة عزيز، وحينما تعشقه أخرى، وترغب في الكيد لها، فإنّها تدبّر الحيلة لقتله. فالمرأة حين لا تحقّق غرضها تنقلب شرّا على الرجل أشد ما تكون خبثا ومكرا، فتلك محظية من المحظيات تراود ابن الملك عن نفسه فيرفض الابن ارتكاب المنكر، فإذا بها تشكو للملك ابنه، وتساعد الملك على قتل ابنه (32)، فحتى العاشقة التي تهوى وتحبّ لا تبالي بالشر اللاحق بعشيقها لكي تثبت وجودها، والغريب أنّ الرجل يبدو في مثل تلك المواقف لا حول له ولا قوّة.

6= صورة الزوجة الخيّرة

تبدأ ليالي ألف ليلة وليلة بقصّة الملك الذي ساءته خيانة زوجته ثم تعزّى حينما رأى زوجة أخيه تخون زوجها أكبر من خيانة زوجته له، وفي حكاية العفريت الذي حمل على رأسه امرأة عقلها داخل صندوق مغلق، تلك المرأة التي خانته خمسمائة وسبعين (33) مرة. ولكنّها سرعان ما تنقل لنا طوال ألف ليلة على مدار ثلاث سنوات قصّة الزوجة الخيّرة شهرزاد التي تبذل كلّ جهدها، وتهذّب نار الثّأر في داخله، وتعيده إلى جادّة الطريق، مع أنّها كانت تستطيع أن تقتله ليلة زفافها مثلا وهو نائم، فهي نعم الزوجة المخلصة الصابرة.
وتظهر صورة الزوجة الخيّرة في قصص كثيرة في الليالي، فهذه الملكة (بدور)(34) التي تخفي أمر اختفاء زوجها الملك قمر الزمان، وتلبس ثيابه أمام حاشيته وتسوس الرعيّة.

والصورة المثلى للإخلاص تضربها نعم وياسمين وتودد وزمرد ومريم الزنارية وزوجة التاجر المصرية وزوجة معروف الثانية. ويضرب المثل بإخلاص الزوجات اللائي كنّ في الأصل جواري يبعن في الأواق، وتشهد قصص على مواقفهن التي لا تشابهها مواقف.

ونلاحظ أنّ المرأة الذكية الفطنة تحتال على أقوى الرجال الذين يراودونها عن نفسها منتصرة لشرفها وعفّتها مثلما تفعل زوجة أحد الوزراء مع الملك الذي جاءها في غياب زوجها، فترحب به ترحيبا شديدا، وتغطّيه ولا يكون هذا الكتاب إلاّ كتاب مواعظ وأدب، وهي تعدّ له أطعمه في تسعين صحنا أنواعها مختلفة وطعمها واحد، وحينما يسألها الملك عن ذلك تقول: "أصلح الله حال مولانا الملك فإنّ في قصرك تسعين محظية مختلفات الألوان وطعمهنّ واحد، فلما سمع الملك هذا الكلام خجل منها، وقام من وقته، وخرج من المنزل، ولم يتعرض لها بسوء".

7= صورة الأخت

تعرض الليالي لصورتين بارزتين للأخت في ألف ليلة وليلة

أ= صورة الأخت الشريرة: تظهر الأخت الشريرة في الليالي إمّا بصورة الحاسدة الغيورة أو قد يكون الشّر من الأخت الكبرى التي تسوق الصغرى إلى المنكر، وتدفعها إلى ارتكاب الخطيئة، فالأختان الشريرتان تدفعان بأختهما الصغيرة الطيّبة إلى المهالك.

فلا تتوانى الأخت الكبرى السيئة الخلق عن قتل أختها الصغرى الطاهرة عندما تلاحظ إعجاب خليلها بها؛ فالغيرة تجري في عروق المرأة، وتأكل قلبها، وتدفعها إلى أن ترتكب أبشع الجرائم، وهو قتل شقيقتها بالسكين، ويبدو أنّها ما أحضرت أختها إلا لتختبر الرجل، وتعرف مدى إخلاصه لها.

ب= صورة الأخت الطيّبة: الأخت الطيّبة قد تكون أختا شقيقة وغير شقيقة وهي إمّا إنسيّة أو جنّية، والأخت الطيّبة تواجه أخوة أشرارا من أبيها على الرغم من عطفها عليهم وبرّها بهم إلاّ أنّهم يوقعون بها الضرر، ويضمرون لها الشّر.

والأخت الطيّبة تطيع أخاها، وتوافق على الخروج معه لزيارة بيت الله الحرام وكذلك بيت المقدس، وتخدمه عندما يمرض في الطريق، وتبذل الكثير في البحث عنه عندما تضيع عنه في الطريق مثل نزهة الزمان التي ضاعت عن أخيها شركان ابن الملك عمر النعمان(35).

والأخت حين يرحل أخوها تاركا البلاد للتجارة، ولا يعود على الخروج مع أمّها للبحث عنه، تتعرضان للذل والهوان وأخيرا تعثران عليه، ويسعدان معه على غرار معظم نهايات الليالي.

8= صورة الأم

تقول قمر الكيلاني: إنّ صورة المرأة الأم قليلا ما ترد في ألف ليلة وليلة كأنّ النساء فيه مقطوعات عن أمّهاتهن، ولعلّ السّبب قي ذلك أنّ أكثرهنّ من الجواري أمّا أم الرجل (أو الحماة) فهي إن برزت فمن أجل تنكيد العيش على زوجة ابنها أو جاريته أو من يحبها (36). ويبرز نموذج الأم على صورتين:

أ= صورة الأم الشريرة: غالبا ما تكون الأم ذات قلب رحيم، ولا يهمها إلاّ الصالح العام لأبنائها، وتسعى إلى راحتهم والليالي تصوّر الأم في كثير من حكايتها هذه الصورة، لكن هناك حكاية واحدة تصوّر الأم، وقد انقلبت شرّا على ابنها، وتحكّمت فيها الغريزة الجنسيّة تحكّما أنساها غريزة الأمومة، وتمثّل ذلك في أم الأمجد وأم الأسعد. فالملكة بدور تتزوج من قمر الزمان بعد قصة حب طويلة وتسمح له بأن يتزوّج بالملكة (حياة النفوس) (37). ولكن تنحرف الملكتان عندما تحب كلّ واحدة ابن ضرّتها، وتسعى إلى وصاله على الرغم من رفض الولدين. وتخبر كلّ واحدة زوجها بأنّ ابن ضرّتها راودها عن نفسها، فيشتدّ غيظ الابن، ويأمر بقتل ولديه العزيزين، وهكذا تتسبّب الأم في قتل ابنها بعد أن حملت وتعبت وربّت.

وهنالك نماذج من الأم تغار واحدتهنّ من ابنتها، فتلغي شخصيّتها أو تتآمر لينفك نفيها من عالم الحبّ لا سيما إذا أصبحت شابة جميلة بينما الأم تميل شمسها إلى الغياب.

ب= صورة الأم الطيّبة: الأم دائما مصدر الدفء، وهي تحرص على أبنائها، وتقف بجوارهم في الأزمات، وتنصح لهم وقت الشّدة، تتخيّر لهم الطريق القويم، وتبدو هذه الصّور في حكايات عديدة. فالمرأة شديدة الحرص على تربية ابنها تربية حسنة حتى لو غاب أبوه وفقد وقطع الأمل في عودته. وقد يتمثل خير الأم لأبنائها في حرصها عليهم وإرشادهم لطريق الخير وتحذيرهم من الشر كما فعلت أم حسن البصري(38)، التي كثيرا ما حذرته من المجوس، وكذلك أم جودر تلك التي تحب جودر المطيع الوفي وهي في الآن ذاته لا تكره أخويه القساة القلوب بل تساعدهم وتحبهم(39).

والأم الفقيرة الحال تضحي بما لديها من مال قليل في سبيل ولده، وهي تستمر في تحذيرها له من السفر، وحينما يصر الابن على الرحيل لا يكون منها إلا أن تدعو له، وتبارك خطواته، وطوال غيابه تبقى حزينة القلب باكية العين. والأم تعمل على تعليم الابنة فتقرئها القرآن الكريم، وتعلمها العادات الحسنة والمثل العليا. كما تقوم بفضّ أي خلاف قد يقع بين الأب وأبنائه، فهي مصدر الحب والدفء في الليالي.

9= صورة المرأة العالمة

تبدو لنا شهرزاد منذ اللحظة الأولى امرأة عالمة مثقفة، فهي عارفة بالشعر والأدب والتاريخ والدين والقصص والألغاز، وقد تكون هذه المعارف هي الرافد لها في صمودها أمام شهريار ألف ليلة. وكذلك الجواري في ألف ليلة وليلة لم يقتصر تعلمهن على الغناء والضرب على الآلات الموسيقية التي برعن فيها في ألف ليلة وليلة، بل وُجد منهن عالمات مثقفات بأنواع مختلفة من الثقافة وعلى رأسهن تودّد (40)، وتشابهها نزهة الزمان وكذلك الجواري اللائي تستعين بهن شواهي ذات الدواهي في خطتها.

فتودّد جارية تركها الأب لابنه في جملة ما ترك من مال، والابن يتلف جلّ ماله ولا بقي لديه إلا تلك الجارية وهي غاية في الذكاء والعلم والجمال والأدب. وحينما يسوء حال صاحبها ولا يبقى معه إلا هي تطلب منه أن يحملها إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد، ويطلب ثمنها عشرة آلاف دينار وتقول له: إن استغلاني فقل له: وصيفتي تساوي أكثر من ذلك فاختبرها، ويعرضها على هارون ويختبرها مع أعظم علماء قصره، فتتفوّق عليهم جميعا، فيعجب الرشيد بها، ويطلب من الفتاة أن تتمنّى عليه بشيء ينفذه لها في الحال، فتتمنى أن يردها إلى سيدها، فيردّها بعد أن يعطيها خمسة آلاف دينار.

وهكذا تحملت الجارية العالمة في نفسها الوفاء لسيدها الذي لا يعرف قدرها ولا علمها، ولعل أباه كان يعلم بقيمة الجارية، ولذلك أوصاه عليها عند موته.

10= صورة المرأة المحاربة

يقول بعض النقاد إنّ صورة المرأة المحاربة مقحمة على أجواء الليالي، وأنّ صورتها محاطة بقليل من جوها الأجنبي، فكان خضوعها للواقع في التفاصيل أقل، إنّ حاول القاص أن يدخلها قسرا في دائرة الحياة الاجتماعية الإسلامية. لذلك نجد هؤلاء المحاربات إن كنّ آدميات، فهن نصارى يسلمن أو يلدن مسلم، وإن كن أجنبيات، فهن إمّا من الجن المؤمنة وإما بعيدات عن الحياة الدنيا بل عن حياة القصة نفسه، إذ يُذكرن عرضا ولا يؤثرن في حوادثه، كما نجد من ذكر جزيرة واق الواق في قصة حسن البصري (41) فتكون الجزيرة وجندها مجرد عقبة من سلسة عقبات تمرّ بحسن البصري في سبيل الوصول إلى زوجة.
وأما النّساء المحاربات من الجنّ، فهنّ لسن البطلات مطلق، بل أنّهن لا يحاربن أصل، فكلّ سلاحهن هو لباس من الريش يستطعن الطيران به حيث شئن، بل إن هؤلاء المحاربات لا يقمن بأي حرب، ولا يستعملن آلاتهن في القصة.

مثل ما نراه عند مريم الزنارية (42) التي تقاتل وتجندل الأبطال أمامها.

والمرأة المحاربة في الليالي جميلة جدا دائم، وقد يكون جمالها من أسلحتها في الحرب، إذ تكشف في آخر لحظة حرجة، فإذا جمالها يكسبها المعركة الأخيرة كما تفعل (الدنماء)(43) في قصة الجارية الثانية في اليوم السابع من مجموعة قصص الوزراء السبعة، وهي تحارب إظهارا لمهارتها وتفوقها على الرجل؛ لأنّها أقسمت على ألّا تتزوج إلا من يقهرها في الميدان.

وفي الليالي أحيانا نجد أنّ الراوي في وصفه محاسن المرأة قد يعدد من محاسنها أنها تعلمت الحرب والنزال دون أن يكون لتعلمها هذا أيّ شأن أو أيّ دليل على القصة، وهو مجرد سرد لأوصافها.

11= صورة المرأة الجنية

تصوّر الليالي أيضا صورا للمرأة، ولكنّها المرأة التي ليست من هذا العالم، بل الجنية التي يحبّها الآدمي، فيشقى في الوصول إليها، مثل صورة جلنار (44) في قصة الملك بدر باسم التي يتحكم على طائفة من الجن قوية، أو الجنية التي تحكم مدينة خيالية، يعبد أهلها الشمس أو النّار.

وهؤلاء الجنيات يمثلن آدميات أهل الأرض، فشمسه لها أخوتها اللاتي يحسدونها أو ينتقمن منها لحبها آدميا، وجلنار تحادث أخاها صالحا في أمر زواج ابنها، وتستعرض ملكات البحر في سبيل اختيار عروس، وكذلك الملكة لأب التي تشمخ الآدميين، وتستطيع أن تصبح طائرا متى أرادت.

وأمّا جلنار فهي تنزل البحر، وتسير في قاعة كما تسير على الأرض، وتكلّم أهله وتغضب، وتنتصر كما تفعل على الأرض تماما. أكثر من هذا أن أسلوب الكلام واحد وطريقة التفكير واحدة فالمحبوبة جارية والأم عاقلة والشريرة متجبرة مفحشة.

13= صورة الجنية الغولة

تظهر في حكاية واحدة من حكايات الليالي، فهي تظهر للإنسان في صورة جارية تبكي على رأس الطريق، فتتعرّض لابن الملك الذي يترفّق بها، ويحملها معه، وهي تدّعي أنها ابنة ملك الهند، وقد ضلت الطريق، فيرق لها قلبه، ويحملها معه وفي الطريق تطلب منه النزول لقضاء حاجة، وإذا بها تنقلب غولة، والقاصّ لا يذكر إلا مواصفات عامه لمنظر الغولة، وهي تقول لأولادها: وقد أتيتكم بغلام سمين، ولكن ابن الملك يحتال عليها بجميله الذي أسداه إليها، ويدعو الله أن ينجيه منها، وما أن تسمع دعاءه حتى تنصرف في الحال ولا تلحق به أيّ ضرر. وهذه الحكاية، كما قلنا، هي الوحيدة من نوعها في الليالي، وإن كان هناك حديث عن الغيلان آكلة لحوم البشر وبلاد الغيلان.

ولقد كثر حديث العرب عن الغول، واتفقوا على أنّها أنثى في الأغلب، وبعضهم يزعم أنّ الله تعالى قد ملك الجن والشياطين والغيلان التّحول في أيّ صورة شاءوا إلا الغول، فإنّها تتحوّل في جميع صور المرأة ولباسها إلا رجليها فلا بد أن تكونا رجلي حمار.

14= صورة الابنة

تظهر الابنة في ألف ليلة وليلة في صورتين: (أ) صورة الابنة الشريرة: يظهر شر الابنة في حكايتين لا ثالث لهما الأولى من الابنة التي تقع في حبّ أخيه، والثانية التي تعشق القرد. فالابنة تقع في حب أخيها، ويشتد حبّ أخيها لها، ويطير بها هياما، ويقع بينهما القبيح على الرّغم من أنّ أباها حذرها ونهاها عن تلك الأعمال وحجبها عن أخيه، إلا أنّها توافق على ارتكاب المنكر معه، وتهرب معه إلى مقبرة تحت الأرض. ولكنّ القوة الإلهية لا تتركهما، فيحرقهما الله فحما أسود.

أما ابنة أحد السلاطين، فهي تهوى عبدا، وتعشق بعد ذلك قردا، وحين يصمم والدها على قتلها تصطحب القرد، وترحل به، وهي في رحيلها لا تحتار إلا صحراء مصر المشهورة بالاتساع. (ب) صورة الابنة الطيبة: تبدو الابنة في أغلب الأحيان مثالا للحياء والطاعة معتدّة بنفسها قويّة الشخصيّة، ولعلّ كل زوجة مطيعة كانت في الأصل ابنة فيها تلك الصفات، ويبدو ذلك في حكايات عديدة.

والابنة العذراء المطيعة تحمل كثيرا من الحياء، وهي مستعدّة لأن تساعد أيّ إنسان يحتاج مساعدتها، فهي تقف دائما في جانب الحقّ، ولا تفعل إلاّ للآخرين، وقد يتمثّل هذا الخير في الانتقام من الظالم وعقابه من جنس عمله كأن تسحره مثلا كما سحر هو غيره من المظلومين. فالقاصّ يقدّس العذراء ويرسم صورة رائعة. كما تبدو ابنة الملك معتدّة بنفسها، ولها رأيها الخاص في الزواج، ذلك الرأي الذي يحترمه أبوها، ويقدّره وفي أحيان كثيرة يكون هذا الرأي هو رفضها للزواج رفضا باتا لسبب أو لآخر. ولكن سرعان ما تقع الابنة في الحبّ وتستسلم له وتلقي سلاحها ناسية كلّ شروطها متحلّلة من عقدها، بل قد تساعد الفتاة الشاب في الوصول إليها، وتمكّنه من نفسها.

وقد يتمثّل خير الفتاة الذي يعدّه الأب شرّا عليه، وعلى المملكة في تديّنها ومعرفتها للدين القويم كما يحدث مع ابنة أحد الملوك من بني إسرائيل، وأيضا مريم الزنارية وزمرد وغيرهن.

15= صورة المرأة الساحرة

تتجلّى في قصّة (التاجر والعفريت) (45) القدرة العجيبة الخارقة التي تسخّر للشّر. ففي هذه القصّة تحوّل الجارية زوجها وابنه إلى حيوانات مرعى تمسخها انتقاما. لكن تظلّ لهما خصائصهما البشرية من البكاء والعويل والكلام والاحتجاج. وبما أنّ السّحر لا يفكّه إلاّ سحر أقوى، فالعجوز تسلّط عليهما من السحر ما يعيد الابن إلى حالته العاديّة ويقع الانتقام بالتالي على الجارية، فتمسخ غزالة.

وكذلك الرجل الطيّب الذي يأكل أخواه حقّه، فتأتي المرأة الساحرة لتعوضه أضعاف ما خسر، وتمسخ له أخويه كلبين محكوما عليهما بهذا السجن الخارج عن حدود عالم البشر مدى عشر سنوات. أمّا الزوجة الخائنة، فإنّها تمسخ بغله جزاء خيانتها واستهتارها بقيم الحياة الزوجيّة، وهي قيم خالدة في عالم الجن أو عالم الإنس.

وقد تمتزج الخيانة بالّحر، فتصنع المرأة للزوج منوّما، وتخرج من فراشه كلّ ليلة ولا تعود إلاّ عند الفجر، وعندما يكتشف الزوج حقيقتها، تحوّله إلى كائن نصفه حجر ونصفه بشر، وتصبّ عليه العذاب، وهي قادرة على ذلك؛ لأنّها ساحرة شريرة.

16= صورة المرأة المترفة

الخالية من كلّ همّ ومسؤوليّة، ولا شغل لها سوى الغناء ومجالس الإنس والطرب، ففي إحدى القصص ثلاث نساء ومعهن (الدّلالة) التي تأتي بالزبائن، يمرحن وينطلقن ويتحرّشن بالرجال، فيمازحن صاحب الظرف والشّعر، ويسمعن منه، وينشدن له ويغنين. وعندما تنتهي ساعة الصفاء (يقلن له أرنا عرض كتفيك). ولا تلبث أن تشفع له واحدة منهن (اتركاه عندنا نضحك عليه فإنّه ظريف)، ولا يلبث الانشراح أن يعود أشد مما كان، ولا سيما بعد أن تفعل الخمر فعلها، وكأنّ زمام الأمور يجب أن تكون في أيديهنّ، فلا يقع شيء إلاّ بإرادتهن، فإذا هي الأقوى والمسيطر والذي بيده القيادة! وإذا بالرجل يسمع ويطيع وليس له مخالب ولا أنياب. وعن المرأة المترفة تتبع أمور كثيرة: الضجر والضيق وقتل الوقت بالحبّ وممارسته الصحيحة أو الخاطئة وتدبير المكائد والحيل. ومنها اللطيفة الخفيفة، أو لمد يد المساعدة لسبب أو بدون سبب لا شيء إلاّ لتزجيه الفراغ الذي أحدثه الترف، هذا الفراغ الذي هو الأصل (المولّد) لكلّ طاقات الحبّ. ومثال على ذلك الحبّ الحرام الذي نشأ في إحدى القصص بين الأخ وأخته. والذي هو عبث وما كانت نتيجته سوى السّخط واللعنة والموت حرقا.

17= صورة المرأة المنتقمة

ما أكثر الانتقام في الأقاصيص، وما أسهل سبله حينا وأصعبها أحيانا! والسّحر يساعد المرأة على تنفيذ خططها الانتقاميّة. هذه المرأة لا يغلبها إلاّ الذكاء؛ لأنّ العشق إذ يطغى عليها تعود تتبيّن الحقائق، والانتقام مقترن بالغيرة إلى جانب السّحر، ففي قصّة (التاجر والعفريت) (46) تبدو المرأة قد ذبحت ضرّتها انتقاما. والفتاة الساحرة في هذه القصّة بالذات ليس لها غاية في المال، وإنّما في الانتقام.

وقد يبدو الانتقام لسبب تافه، فالمرأة التي لقيت الأهوال في الهروب من قصر الخليفة حتى عثرت على من يحبه فؤادها، وعرّضت نفسها للأخطار تضيّع كلّ هذا، فتنتقم من حبيبها لا لشيء إلاّ من أجل عادة سيئة، وهي عدم غسل الأيدي قبل أكل (الرزباجة) وهو نوع من الطعام يستوجب تناوله على ما يبدو نظافة كاملة.

وفي قصّة (مزيّن بغداد) (47) تبدو المرأة ذات كيد وحيلة، فتعذّب الرجل بعد أن تغريه بجمالها، فتعرضه للمهانة والذّل، وينخدع بها مرة بعد مرّة، فإذا هي تستدرجه إلى بيتها، ثمّ يأتي زوجها، ويقبض عليه، ويأخذه إلى صاحب الشرطة يطوف به في الشوارع، ويضرب بالسياط ويشهّر به. وفي قصّة (الجوهري) أيضا تحتال المرأة بأحذق أسلوب حتى تأخذ منه جواهر وأموالا ثمّ تتزوجه ولا تلبث أن تترك. لماذا؟ لسبب بسيط، هو أنّه خالف أوامرها وذهب إلى القصر، بينما هي في الحمّام، وقابل الملكة وفي غيابها وأنشدها الشعر، فإذا هي تأمر به، فينقطع عنقه.

18= صورة المرأة المتصوّفة

وذكرها قليل جدّا، وهذا غريب في عصور كانت فيه سير النساء المتصوفات تملأ الكتب بما يشبه الأساطير، حتى حياة (رابعة العدويّة) انتقلت من حيّز الواقع الزهدي إلى حيّز الأسطورة والقداسة.

أمّا إذا اعتبرنا الفناء في الحبّ حتى الموت والحبّ بعد الموت أو الاستشهاد في سبيل العشق من المفاهيم الصوفيّة. ففي ألف ليلة وليلة نماذج رائعة من المرأة التي تحبّ بشفافيّة صوفيّة، ولا تريد من حبيبها سوى مجرد الحبّ، وهي تلقى العذاب حلوا، وحتى الموت، مقبولا في سبيل من تحبّ. وتبدو المرأة من أجل إيمانها (وهنا الإيمان بالإسلام عوضا عن المجوسيّة) تهجر الثروة والمجدّ، وتكون جارية عند الرجل المؤمن بعد أن كانت سيّدة في قومها.

وقد يكون دعاء المتصوّفة الصادق الحار هو الذي يحلّ المشكلة: ففي قصّة (بدور ابنة الجوهري) مع أمير بني شيبان تقول (بدور): "إلهي وسيدي ومولاي، كما ابتليتني بمحبته أن تبتليه بمحبتي، وأن تنقل المحبّة". إنّها معجزة الإيمان تنتقل إلى عالم الحبّ في ألف ليلة وليلة. فسبحان الله.

19= صورة المرأة ذات الكبرياء

تطرح ألف ليلة وليلة مقولة للأيمان في الحبّ، وهي أنّه حتى يمكن من قلب العاشق، فأمر الكبرياء ليس له مكان نزعة المرأة إلى أن تكون محتفظة بكبرياء الأنوثة تطل بين حين وآخر، وهي عاشقة فترى أنّها تحتمل ألم الحبّ وعذاباته، لكن لا تحتمل الإهانة، وقد يدفعها هذا إلى الانتقام، وهي لا تزال ضمن دائرة الحبّ.

وهذه بنت النعمان نموذج طريف للمرأة التي تطعن بكرامتها لمجرد الزواج بمن لا تحب؛ لأنّه أجبرها بنفوذه على الزواج منها (وهو الحجاج)، فقد ابتعث طريقة أخرى وهي أن أوصلت خبرها للخليفة، فجاء يخطبها فاشترطت أن يقود الحجاج هودجها بعد أن طلّقها ثمّ رمت بدينار إلى الأرض وقالت لا درهم قالت: عبارتها المشهورة (سبحان من بدّل الدرهم بدينار).

20= صورة المرأة العابثة اللاهية

ونماذج كثيرة في الكتاب وأساليبها أكثر، تبدأ من الممازحة والظرف والإنس حتى المخاطرة الجريئة التي لا تحمد عواقبها، ففي قصّة (الخيّاط والأحدب) (48) نرى أنّ زوجة الخيّاط تتسلّى بالأحدب. تؤاكله وتمازحه وتزيل عنه الهمّ والأحزان إلى أن ألقمته مرّة قطعة سمك كبيرة وسدّت فمه بكفّها تريد أن يأكل القطعة دفعة واحدة دون مضغ. ولما كان فيها شوكة ولم يقو على ابتلاعها اختنق، فهل هذا، ولو خيّاليّا، مزاح؟ إنّه إفساد لطبيعة المرأة بما فيها من رقّة وحنان، لكن الأقاصيص تريد أن تثبت فكرة عبث المرأة ولهوها بشكل متطرّف يبدو معه أحيانا فجّا وغير مسؤولا. وقد تخرج المرأة اللاهية إلى السوق بأبهى حلّة وزينة تشتري، وتشتهي وتنقّي رجلا يعجبها وتدعوه إلى بيتها، ويكون الخمر والإنس والطرب، وهي كما تعترف (مالها بالقماش حاجة) وإنّما من أجل أن تتلهّى وتتسلّى.

21= صورة المرأة الفلاّحة

هذه الصورة من الصور النادرة في الليالي، وذكرها أيضا قليل نظرا لانغلاق المجتمع وبنية الأنظمة على توالي العصور، وتبعيّة المرأة للرجل وبروز عنصر المرأة الجارية وإن لم تكن جارية فهي المرأة الظل أو المرأة الهامش، ومع ذلك فإنّه ورد ذكرها (كما في قصّة كسرى وبنت صاحب الضيعة) فهي المرأة الذكيّة التي تملك خبرة عملية في الحياة. (عصرت قصب السكر بكوب، وذرّت عليه بعض التراب ثم قدّمته لكسرى الذي يمرّ بضيعتهم عطشا لأنّها أدركت أنّه شديد الظمأ، وتخشى أن يشرب ما في الكوب مرة واحدة فيلحق به الضرر في الوقت الذي لا تريد له إلاّ الخير). ولمّا عاد مرّة بعد عام بعد أن ضاعف الخراج على الضيعة وأصبحت ثلاثة أعواد من القصب لا تكفي لعصر كوب واحد، وقالت: "نية السلطان تغيّرت نحونا، فقلّت البركة لذلك عندنا".

بعض الجوانب الخارجيّة أو الشكليّة الخاصّة بالمرأة في الليالي

وقاص الليالي يهتم، بلا أدنى شك، بالجوانب الخارجيّة لبطله وبطلته، فيدلّ القارئ أو المستمع على أشياء بعينها قصد إليها وعمد في الإبانة عنها، والقاص في الليالي أيضا لم يغفل ذلك فما يبدأ ذكر شخصيّة من شخصيّاته حتى يعطينا صورة عن مظهرها الخارجي، ويعرض صفحات كثيرا ما تكون حسّية ملموسة يقدّم لنا بها بطله فهو يغفل أنّه بالشكل والموضوع تكتمل الصورة وبها، ترتسم صورة في ذهن القارئ أو المستمع عن أبطال الحكاية التي يقرؤها أو يسمعها. ومن أمثلة هذه الجوانب الشكليّة الخارجيّة في المرأة:

أولا: وصف المرأة

الصبيّة: أغلب حبيبات الليالي جميلات حسناوات فما أن يتعرض القاص لذكر إحداهن حتى يسارع بقوله: أنّها صبيّة رشيقة القد قاعدة النّهد ذات حسن وجمال وقد اعتدال وجبين مغرة الهلال وعيون الغزلان وحواجب كهلال رمضان وحدود مثل شقائق النعمان وفم كخاتم سليمان ووجه كالبدر في الإحراق ونهدين كرمانتين باتفاق وبطن مطوي تحت الثياب.

وإذا كان القاص في الليالي يعمد إلى تصميم شكلا معيّنا لوصف المرأة، فهو نفسه يأتي بقصّة هؤلاء الجواري المختلفات الألوان، ويصفهنّ بالحسن والجمال لدرجة أنّه يصعب التمييز بينهن أو تفضيل إحداهن على الأخرى، ويقيم بينهن مشادّة فيها تحاول كلّ واحدة أن تثني على نفسها وتذم صاحبتها، ويبدو أنّ كلّ واحدة تثق بجمالها، فتروح تدافع عنه، أمثال تلك المشادّات كانت تكثر بين البيض والسّمر في حضرة الخليفة أو الأمير، حيث يدور الجدل العنيف بين الجنس اللطيف، ويكون للمستمع أن يرى إحداهن تكشف عن عيوب الأخرى، وتعرض ميزاتها.

وكما يبدو فكلّ صبيّة في الليالي جميلة، وليس فيهن من هي متوسطة الجمال أو القبيحة المنظر إلاّ إذا كانت عجوزا.

وصف العجوز: القاص لديه أيضا نموذجان لا ثالث لهم في وصفه للمرأة فهي إمّا صبيّة يصفها بجمايل الصفات، وهذه الصفات لا تخرج عن القالب السابق أو عجوز فيصفها بصفات مخيفة: فم أبخر، وجفن أحمر، وخد أصفر بوجه أعبش وطرف أعمش، وجسم أجرب، وشعرا أشهب، وظهر أحدب، ولون مائل. وهو بعد ذلك لا يكثر من ذكر هذا الوصف بل لا يذكرها إلاّ في هذين الموضوعين، ويكتفي بعد ذلك بأن يقول عجوز أو عجوز النحس، وكأنّ صورة تلك العجوز ارتسمت في ذهن القارئ، فمجرد أن تقع عينه على كلمة (عجوز) أو يسمع ذكرها ليتخيّل ذهنه صورتها البشعة.

ثانيا: الملبس

وهو من مكملات زينة المرأة، ودليل في الليالي على مكانتها، وبه يقاس مستوى من ترتديه بل إنّه من ملبسها يقدّر ثمنها إذا كانت جارية تباع وتشترى، وملابس الملكة تختلف عن المرأة العادية، وإن كان القاصّ يعلي من شأن الصبية العاديّة، فيصف ملبسها بأنّه مثل غيرها من الملكات، فالملكة تلبس حلّة مزركشة باللؤلؤ الرّطب وعلى رأسها تاج مكلّل بأنواع الجواهر وفي عنقها قلائد وعقود. ويبدو أنّ الزّنار من الأشياء التي كانت تميّز غير المسلمات والروميات، منهن بالذات ويبدو بأنّهن قد شهرن به فما أن يذكر القاصّ رومية حتى يصفها بأنّها تضع الزنار حول خصرها حتى أنّ ليسمي واحدة من بطلاته (مريم الزناريّة)، ويقول إنّها تجيد صناعة الزنانير، وقد انتشر ذلك الزنار في العصر العباسيّ.

والتاجر الذي يرغب في الحصول على ثمن باهظ في جادّته الجميلة فهو يلبس أفخم الملابس لإظهار مفاتنها بتلك الحلي والجواهر الثمينة، بل إنّ المرأة العربية نفسها تكثر مكن التحلّي بهذه الجواهر. والصبية تلتف بإزار موصلي من حرير مزركش بالذهب وحاشيته من قصب فرفعت قناعها فبان من تحته عيون سوداء. فهو لا يزال يذكر القناع الذي تخفي به الصبية جمالها، فقد كانت المرأة مقنّعة محجبة لفترة قريبة، وهي لا تتورّع عن كشف وجهها ليراها الرجل، ويقدّر جمالها، ويقع في هواها وقد تكون هذه النظرة أول الطريق في علاقة مشينة.

والقاصّ يكتفي في كثير من الأحيان بقوله: إنّ الحلل مزركشة أو أنّها زرقاء أو خضراء، ولا يذكر ألوانا أخرى غير أن يقول مخططه، ويكثر من ذكر الذهب والفضة والثياب المقصّبة والجوهر والدرّ، وكأنّ زينة المرأة لا تكتمل إلاّ بهذه الجواهر الثمينة ولا يظهر مستواها إلاّ هذه الدّرر.

فالصورة حسيّة في وصفه لجمال المرأة بل إنّها تتكرر بنفس الألفاظ، وكذلك بالنسبة لملابسها وألوانها التي ترتديها لكن شيئا واحدا يظل ثابتا هو الصورة الماديّة لهذه المحبوبة، واحدة في الجسم والملبس بل ألوانا بعينها ترتديها، وهي الأخضر كثيرا والأزرق قليلا، وهي إذا افتقرت تلبس ثوبا من الشّعر حيث لا تجد ما يستر جسدها.

ثالثا: الأطعمة والمشروبات

المرأة في الليالي تقدّم في بيتها أو قصرها ألوانا كثيرة من الأطعمة تجيد عملها ونراها إذا خرجت للشراء تشتري الزيتون والفواكه والسفرجل واللحم، وهي كثيرا ما تخرج لشراء القماش سواء لها أم لسيدتها فتطلب أجود الأنواع، وتسميها تفصيلة، وهي تشتري بأثمان باهظة وقد لا تدفع الثمن وتطلب من التاجر أن يرسل معها من يقبض الثمن.

أ‌= الأطعمة

المرأة تقدّم أنواعا طيّبة من الأطعمة لضيفها، فتعدّ سفرة لهذا الضيف الذي غالبا ما يكون عشيقها، وهذه السفرة مكونة من أفخم الألوان من محمّر ومرق ودجاج محشوة وكذلك الحلويات والفاكهة والرياحين.

والمرأة الفقيرة الحال حينما يعرض عليها أن تطلب الطعام الذي ترغب فيه تكتفي بقولها (عيشا وجبنا)، فالمرأة المحرومة تكتفي بالعيش والجبن كأيّ فلاح مصري فقير يحمل هذا الطعام إلى حقله، ويأكله في بيته في أغلب الأحيان.

ب‌= المشروبات

غالبا ما يكون الخمر المشروب المفضّل والأساس الذي يكتمل به الاجتماع وتعمّ الفرحة، وفي مواضع كثيرة يذكر القاصّ منافع الخمر وقيمتها.

فالقاصّ الذي يغلب أن يكون مسلما يذكره المنافع للخمر، ولعلّ العرب قد ذكروا منافعها وأكثروا من مدحها، ومن ذلك أواني الخمر مثل القاصّ والقدح والكأس.

ومجالس الشراب في الليالي هي مجالس الغناء فلا يخلو مجلس غناء من شراب خمر صوت وضرب على الآلات، والقاصّ يروق له وصف هذه المجالس وما يدور فيها من شرب الخمر. ومن المشروبات التي ذكرها القاصّ في الليالي القهوة والبوظة. (49)

العادات الاجتماعية التي تخصّ المرأة في ألف ليلة وليلة

أولاّ: الخطبة

الخطبة تتم بين الآباء لا سيما الأخوة منهم فيما يخصّ الأبناء، فنور الدين مثلاّ يتحدث مع أخيه شمس الدين بخصوص زواج أبنائهم حتى قبل أن ينجب وبمعنى أدق قبل أن يتزوج، وإن لم يكونوا أبناء عم كأن يخطب ملك مثلا فتاة فهو يسمع عنها، وعن جمالها وأنّها ابنة الملك الفلاني، ويبعث بوزيره أو يذهب لخطبتها وإن مات أحد الطرفين، فالزواج بين الأبناء قد يتمّ وقد لا يتمّ، وقليلا بل النادر ما تستشار الفتاة في الأمر، وقد ترفض الزواج؛ لأنّها لا ترغب وقد توافق ويتم زواجه، ولو لم تر هذا الذي خطبها وترك ديار أبيها راحلة إلى حيث يعيش زوجها . ولا يفوتنا أن شهرزاد كان لها رأي في الزواج، وطلبت من والدها أن يزوجها الملك شهريار بالذات، وإذا كانت التي ستتزوج جارية، فالبطل يشتريها، وقد يصرح بإطلاق سراحها، وقد لا يبوح بذلك، ثم يعقد قرانه عليها وكأنّ العقد نفسه عتق لها.

ثانيا: المهر

لا يفوت القاصّ في الليالي أن يذكر المهور والاختلاف عليه، الذي قد يؤدي كثيرا إلى تعطيل الزيجات. والمهور في الليالي قد تكون نعما وهذا قليل وقد تكون مبلغا من المال وهذا هو الغالب والمال يدفعه العامة من الناس، لكنّ الملوك يحملون الهدايا الثمينة والتحف الغالية القدر والجواري والعبيد، وبالنسبة لزواج الرجل من جارية فمهرها ثمنها الذي يدفعه عند الشراء. ولعلّ ذلك من بقايا زواج الشراء الذي كان أكثر الطرق انتشارا بين الأمم والشعوب القديمة لحصول الرجل على زوجة له.

ثالثا: الزواج

بعد أن تتم الخطبة لا يكون على والد العروس إلاّ أن يتم الزواج، فيقيم في داره أو قصره حفل الزواج، وهو الذي يجهز العروس، ويكون جهازها من أفخر موجودات عصره. والقاصّ يطلق العنان لخياله في وصف هذا الجهاز والمركب، ولا يقتصر على ذلك فلا بد أن تقام الأفراح، وتمدّ الأطعمة المختلفة الألوان وتقام الملاعب المختلفة، ويستمر ذلك أربعين يوما يكون فيها محط الأنظار.

والشّعب مأمور أن يخرج كلّه لملاقاة عروس الملك، ومأمور أيضا أن يكون في أحسن البهجات، وكأنّ الشعب ليس له إلاّ أن ينفّذ مثل هذه الأوامر، ولا يرفض للملك أمرا حتى لو لم يكن يرغب في ذلك.

رابعا: الأبناء

بعد أن تزف العروس إلى زوجها، ويلتقي بها لأول مرّة لا بدّ أن تعلق منه في الليلة الأولى إذا كانت ولودا، وعادة ما يحلم الملك بولد يرثه ويرث عرشه. والمرأة بعد أن يتمّ حملها تنجب بمساعدة مولّدة لها وهم ينتظرون قدوم الطفل في لهفة ولا سيما الأب الذي يتمنّاه ولدا، والأبناء كثيرا ما يسمون بأسماء ذات معان حسب مولدهم وظروف ولادتهم، فست الحسن التي تنجب ابنها بطريقة عجيبة تسميه (عجيب) وابنه شركان الغير شرعية من أخته، يسمونها (قضى فكان) وهكذا تعدّد الأسماء رامزة لظروف إنجاب الطفل. ولعلّ امرأة الليالي كانت تعرف حدودا للخلفة، فهي لا تنجب إلاّ واحدا أو بنتا ولذا وإن زاد فثلاثة، ولا زيادة على ذلك. فهل كانت المرأة على هذا المستوى أم أنّ هذا هو ما يتطلّع إليه القاصّ الذي كثيرا ما يطرح علينا بطريق غير مباشرة اقتراحات طريفة تنمّ عن فطنته.

خامسا: الضراير

المرأة تعيش مع ضرّتها، ويكثر ذلك من أمثال بدور وحياة النفوس وزبيدة العدوية، وكثيرا ما لا يدب الخلاف بينهما بل أنّ المرأة تشير على زوجها أن يتزوج من تلك التي حفظت سرّه وصانته في أزمته، وإن كانت الصورة الغالبة في الحياة هي اختلاف الضراير وقيام المشاجرات بينهن، والقاصّ قد يتطلّع دائما لحياة أفضل، ويودّ أن يوفّق النقيضين ولو حتى في الليالي والقصص وليس في الواقع. (50)

= = =

الهوامش:

(1) ألفة الأدلبي: نظرة في أدبنا الشعبي ألف ليلة وليلة وسيرة الملك سيف بن ذي يزن، ط1، منشورات اتحاد الكتّاب العربي، 1974، دمشق، ص 49.

(2) المرجع نفسه: ص 49.

(3) فاروق سعد: من وحي ألف ليلة وليلة، ط1، ج1، المكتبة الأهلية: بيروت، 1962، ص 43-44.

(4) المرجع نفسه: ص 44.

(5) ألف ليلة وليلة، ج1، مرجع سابق، ص 8-9.

(6) أحمد محمد الشحّاذ: الملامح السياسية في حكايات ألف ليلة وليلة، ط1، منشورات وزارة الإعلام، بغداد 1977، ص 200.

(7) عالي سرحان القرشي: نص المرأة، مرجع سابق، ص 32.

(8) أحمد محمد الشحّاذ: الملامح السياسية في ألف ليلة وليلة، مرجع سابق، ص 207.

(9) ألف ليلة وليلة، ج3، مرجع سابق، ص 409-432.

(10) مهدي النجّار: التراث الشعبي والحقبة الكسولة في ألف ليلة وليلة، مجلة دراسات عربية، عدد6، نيسان 1981، دار الطليعة، بيروت، ص 124.

(11) محسن جاسم الموسوعي: الحارق في ألف ليلة وليلة، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 38، آذار 1986، مركز الإنماء القومي، بيروت، ص 30.

(12) ألف ليلة وليلة، ج2، مرجع سابق، ص 100.

(13) المرجع نفسه، ج3، ص 188.

(14) المرجع نفسه: ص 288.

(15) علي الراعي: محتالون ولكن شرفاء، العربي، 266، يناير 1981، ص 42-44.

(16) سهير القلعاوي: ألف ليلة وليلة، ط1، دار المعارف، القاهرة، 1966، ص 311.

(17) ألف ليلة وليلة، ج3، مرجع سابق، ص 204.

(18) هيام علي حمّاد: المرأة في ألف ليلة وليلة، لا وجود للطبعة أو سنتها، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، ص 73.

(19) عبده جبر: النواحي الجمالية في ألف ليلة وليلة، مجلة الكويت، العدد 11، 1981، ص 102.

(20) ألف ليلة وليلة، ج1، مرجع سابق، ص 7-8.

(21) ألف ليلة وليلة، ج12، مرجع سابق، ص 6.

(22) المرجع نفسه: ص 9.

(23) قمر كيلاني: المرأة في ألف ليلة وليلة، مجلة الكويت، العدد 7، أبريل 1981.

(24) المرجع نفسه: ص 90.

(25) فيكه فالثر: صورة المرأة في ألف ليلة وليلة، مجلة تاريخ العرب والعالم، العدد 51، كانون الثاني، 1983، ص 59.

(26) المرجع نفسه: ص 409.

(27) المرجع نفسه: ص 137.

(28) المرجع نفسه: ص 108.

(29) ألف ليلة وليلة، ج1، مرجع سابق، ص 214.

(30) المرجع نفسه: ص 288.

(31) أنظر: عبد الغني الملاح: رحلة في ألف ليلة وليلة، ط1، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت، 1981، بتصرّف، ص 47.

(32) ألف ليلة وليلة، ج3، مرجع سابق، ص 188.

(33) فريد ويش فون دير لاين: الحكاية الخرافية، ترجمة نبيلة إبراهيم، ط1، دار العلم، بيروت، 1973، ص 216.

(34) ألف ليلة وليلة، ج4، مرجع سابق، ص 324.

(35) المرجع نفسه: ص 214.

(36) قمر الكيلاني: المرأة في ألاف ليلة وليلة، مرجع سابق، ص 91.

(37) ألف ليلة وليلة، ج2، مرجع سابق، ص 100.

(38) المرجع نفسه، ج3، 409.

(39) المرجع نفسه، ج3، ص 243.

(40) المرجع نفسه، ج2، ص 407.

(41) المرجع نفسه، ج2، ص 409.

(42) المرجع نفسه، ج4، ص 108.

(43) المرجع نفسه، ج3، ص 188.

(44) المرجع نفسه، ج3، ص 335.

(45) المرجع نفسه، ج1، ص 12.

(46) المرجع نفسه، ج1، ص 12.

(47) المرجع نفسه، ج1، ص 137.

(48) المرجع نفسه، ج1، ص 114.

(49) البوظة: هي خمر الشعير في الغالب، يعرفها أهل السودان أيضا.

(50) هيام علي حمّاد: المرأة في ألف ليلة وليلة، مرجع سابق، ص 33-21.

= = =

المصادر

1= ألف ليلة وليلة، ط5، دار مكتبة التربية، بيروت، 1987.

= = =

المراجع

1= أحمد محمد الشحّاذ، الملامح السياسية في ألف ليلة وليلة، ط1، منشورات وزارة الإعلام، بغداد، 1977.

2= ألفه الأدلبي، نظرة في أدبنا الشعبي ألف ليلة وليلة وسيرة الملك سيف بن ذي يزن، ط1، منشورات اتحاد الكتّاب العربي، دمشق، 1974.

3= خليل أحمد خليل، مضمون الأسطورة في الفكر العربي، ط2، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 1980.
4= سهير القلماوي، ألف ليلة وليلة، ط1، دار المعارف بمصر، 1966.

5= شفيق معلوف، حبّات زمرد الأدب العربي الحديث حكايات ألف ليلة وليلة، لا وجود للطبعة أو للسنة والنشر، القاهرة.

6= عالي سرحان القرشي، نص المرأة.

7= عبد الغني الملاّح، رحلة في ألف ليلة وليلة، ط1، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت، 1981.

8= فاروق سعد، من وحي ألف ليلة وليلة، ط1، ج1، المكتبة الأهلية، بيروت، 1962.

9= فريد ويش فون دير لاين، الحكاية الخرافية، ترجمة نبيلة إبراهيم، ط1، دار العلم، بيروت، 1973.

10= قيس النّوري، الأساطير وعلم الأجناس، ط1، منشورات جامعة بغداد، 1980.

11= محمد عبد الرحمن، الجنس والسلطة في ألف ليلة وليلة، ط1، الانتشار العربي، بيروت، 1998.

12= هيام علي حمّاد، المرأة في ألاف ليلة وليلة، لا وجود للطبعة أو سنتها، مكتبة دار نهضة الشرق، جامعة القاهرة.

= = =

المجلات

1= عبده جبر، النواحي الجمالية في ألاف ليلة وليلة، مجلة الكويت، العدد 11، 1981.

2= فبيكه فالثر، صورة المرأة في ألاف ليلة وليلة، مجلة تاريخ العرب والعالم، العدد 51، كانون الثاني، 1983.

3= قمر كيلاني، المرأة في ألف ليلة وليلة، عدد 7، أبريل، 1981.

4= محسن جاسم الموسوعي، الخارق في ألف ليلة وليلة، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 38، آذار 1986، بيروت مركز الإنماء القومي.

5= مهدي النجّار، التراث الشعبي والحقبة الكسولة في ألف ليلة وليلة، مجلة دراسات عربية، العدد 6، نيسان 1981، بيروت، دار الطليعة.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى