عمار نعمه جابر - مسرحية قاع.. مسرحية ذات فصل واحد

الشخصيات /

القاص

البدين

الفتاة

القس

السيدة

المكان غرفه حجر صحي في الطابق السفلي لسفينة في عرض البحر….

المسرح تتبعثر عليه بشكل عشوائي أسّرة متحركة.. فوق كل سرير شخص مغطى بملاءة بيضاء …..

ــ صــوت هـديـر بـحـر ــ

أصوات بشرية متألمة…

يبدأ أحد الأشخاص بالحركة شيئا فشيئا ثم يجلس

القاص:( يحدق في المكان ) برابرة أولئك الذين فكروا بالحجر الصحي .. ليتهم ممن قضوا في غرفه كهذه لتحدق عيونهم بما فكروا به .. أربعة جدران وسقف ، وارض من خشب ..هذا هو كل شئ .. هذا هو ما بقي من دنيا الحجر الصحي ( يقف ) دنيا لا ليل فيها ولا نهار .. لا ندري كم من الأيام مرت على هذه الغرفة .. كم من الأيام مرت علينا ونحن في هذا المكان ( يتحرك ) لقد حفظت كل ذرة صغيرة في هذا المكان .. فهنا مسمار مكسور الرأس .. وهنا مسمار خشب .. وهنا رسم قلب لم يطعنه سهم ( كيوبيد) بل .. مرت عليه الأيام ، هو وصاحبه بين هذه الجدران ، ليموتوا على هذه الأرض اللعينة .. وليتها كانت أرضا حقيقية .. خشب كاذب .. يعوم على بحار لا قرار لها ..أواه .. اشعر بدوار في رأسي كل أعضائي تؤلمني .. يبدو لي أننا قضينا وقتا طويلا في النوم اليوم .. آه …

( القاص رجل كاتب .. أو يدعي ذلك وهو نحيل أشعث الشعر منهك تماما )

القاص:( يمسك رأسه ) طنين هدوء مريب يصرخ في السفينة هذا اليوم .. ( يلمس وجهه ) يراودني شعور غريب أن وجهي بدأ يتغير بسرعة .. لم أره منذ أن غدوت محجوزا هنا .. أظن أن أنفي أصبح أكبر من يوم أمس ..عيناي ربما غدتا جاحظتين .. لا ادري ما الذي حدث لشفتي .. اشعر أن ملمسهما غريب … ربما بدأتا بالترهل كشفتي شمبانزي (يتحرك ، يصرخ ) بقع .. بقع فقط .. ليس أكثر من كونها بقع … لم تكن كما يضنونها ( جرباً ) أبداً … ثم من قال أنها( جرب ) ها أنا أتحسسها ( يجلس ) صدقوني … بقع بسيطة طفحت على الجلد .. ( في حزن شديد ) لماذا ؟ أ نتفسخ هنا بسببها؟ .. لماذا ؟ ثم إن البحارة دائماً يصابون بالطفح الجلدي … من الشمس .. من البحر .. وربما من الوحدة القاتلة .. ونحن بحارة مثلكم ( يصرخ) ألا تسمعون ؟ انتم يا من في الأعلى … آه … كم تتمتعون وتنعمون بنور الشمس ، وذلك الهواء الرطب ( يسحب شهيقا طويلا ) والذي يغسل الرئتين من أدران السنين .. ( ينادي) انتم يا من في الأعلى .. ارحمونا .. ارحمونا بمرآة صغيرة ، مرآة فقط .. نشاهد فيها وجوهنا .. هذا هو كل ما نحلم به .. (يجلس .. يتحسس وجهه) ماذا حل بهذه الوجوه التعيسة ؟ هل ستبدو على خير ما يرام في نعشها الأخير ؟ .. هل ستبدو بنضارتها التي شاهدتها آخر مرة قبل … قبل ( في حيرة ) قبل شهور … عشرات الشهور .. هل سيكون خشب الصّندل الذي سيضم أجسادنا الراحلة أكثر نضارة من شفاهي الذابلة وأنا في داخله ؟.. ( يحدق في المكان ) برابرة أولئك الذين فكروا بالحجر الصحي .. ليتهم ممن قضوا في غرفه كهذه ، لكي تحدق عيونهم فيما فكروا به … أربعه جدران وسقف وارض من خشب … خشب .. دنيانا كلها من خشب … وحتى موتنا .. لا نرحل إليه إلا بخشب … صلبان حديثه هذه الصناديق الخشبية .. انظروا إنها تنتظر معهم .. تنتظر أن ننفق ونموت لتلقي بنا في عرض البحر .. ( بألم ) يا من في الأعلى على مهلكم .. صدقونا.. مثلكم نحن ، سئمنا من حياتنا ، كما سئمتم أنتم منها.. حياتنا ( يضحك بهستيريا ) حياتنا أية حياة ….

( صــوت هـديـر بـحـر )

القــاص : ( يقوم بحسابات رياضية ) ألفان وثلاثمائة وأربعة وستون قطعة من الخشب في الجدران ، كل قطعة ثبتت بأربعة من المسامير.. الحاصل بالتأكيد هو ضرب القطع بعدد المسامير .. وإذا طرحنا عشرة مسامير ناقصة من بعض الأخشاب سيكون العدد دقيقاً إلى نسبة مائه بالمائة … أمي كانت تعلمني الرياضيات بشكل مستمر دائماً ، كانت تريدني إلا أخطئْ في حساباتي ، كانت تقول انك تأن في نومك يا صغيري .. وماذا في ذلك يا أمي؟ .. ستموت غريباً يا صغيري ، هذا ما يقولون .. بدأت أنسى حتى ملامح أمي .. حاولت كثيراً أن استحضرها دائما ، كي أمنع نفسي من نسيان خيالها ، والذي لازال يشعرني بالألفة .. لكن ، دون فائدة .. حساباتي كانت دائما على خطأ … ( يغني ) هــم … هــم …هــم .. أمي أموت غريباً ، لا يهم … لكن المهم أن أموت إنساناً .. إنساناً يا أمي . لا شمبانزياً في قفص من خشب ، يعوم إلى الوجهة المجهولة …هــم ..هــم ..هــم … ( يغني راقصا )

( أحدهم من تحت الملاءة ) نريد أن ننام .. دعك من الغناء ..

القاص : ( يحرك الأسرّة بشكل عشوائي ) انهضوا .. هيه .. انتم انهضوا ..

انهضوا ..

البدين : ( يتحرك تحت الملاءة ) ماذا حدث ؟ هل جلبوا الفطور ؟

القاص: ألم يقتلك إلى الآن (الجرب) يا صديقي ؟

البدين : كلا طبعاً يا هذا … فالموتى يفقدون النطق في العادة .

القاص : يوم جديد لك في هذا القاع … أتمنى لك من كل قلبي أن يكون يومك

الأخير …

البدين : ماذا ؟ كلا بالتأكيد .. لن اترك أحدكم يحصل على حصتي في

الفطور .

( ينزل من سريرة ، بدين جداً يتحرك بصعوبة )

البدين : السرير اللعين .. سيقتلني هذا الشيء بسرعة ، وأنا لا زلت في ريعان الشباب .. ( للقاص ) لم تقل لي سيدي… هل جاء الفطور ؟ هيا ..هيا أحضره بسرعة أرجوك ..

القاص : ( باستغراب ) الفطور ؟ أي فطور ؟..

البدين : أي فطور ! …حصتي في الفطور لهذا اليوم .. فهم في الأعلى

يجعلون الأمر عادلا في قضية الفطور .

القاص : وكيف عرفت سيدي.. أننا في وقت الصباح .. لكي تطلب فطوراً ؟

البدين : الصباح ؟ ..نعم صحيح .. أنت على حق .. لا ادري .. ولكن ..ولكنني

استيقظت لتوي من النوم جائعاً،وارغب في تناول طعام الفطور …

القاص : لكنك ربما استيقظت ألان وأنت في منتصف الليل .. أو ربما في وقت الظهيرة أو ..عند مغيب الشمس .. من يدري .. نحن لا نعرف عن هذا الأمر شيئا ..

البدين : ربما .. لكنني يا سيدي جائع ، وأريد طعاماً .. أريد أن أأكل .. هذا كل

ما اعرفه ..هل سمعت ؟

القاص : سمعت ذلك جيداً يا سيدي ..

البدين : إذن تحرك بسرعة .

القاص : لكنهم لم يدفعوا لنا بالطعام من تحت الباب بعد ..

البدين : ماذا ؟

القاص : يبدو أن وقت الطعام لم يحن إلى الآن ..

البدين : كيف ذلك؟ .. لقد أخبرتهم أنني لا أستطيع دون طعام .. لا أستطيع

أن أقاوم الجوع لفترة طويلة ..

القاص : كلنا يعلم ذلك يا سيدي .. ومن في الأعلى يعلمون ذلك أيضا ..

البدين : إذن لماذا هذا الإهمال ؟

القاص : المعذرة عن التقصير .. لن تتكرر ثانية ..

البدين : أرجو أن لا انتظر طعامكم طويلاً …

القاص : يبدو أنهم في الأعلى قد نسوا أن يرسلوا بالطعام إلى غرفه الحجر الصحي .. هذا ما يحدث غالباً ..

البدين : مللت من الحياة مع ( الجرب ) في غرفه الحجر دون طعام .. ثم أنني لا أريد أن أموت واقضي بمعدة خاوية … ذلك يضايقني يا هذا …

القاص : أتمنى أن تكون طويل العمر يا سيدي ..

البدين : طويل العمر .. عمر بدون طعام لا حاجه لي به ..

القاص : تمنت لك ما نتمناه جميعاً أن يكون اليوم هو الأخير ولكنك لم ترضى تمنيت لك طول العمر فلم ترضى أيضا .. ماذا تتمنى يا سيدي إذن ؟

( تقوم السيدة المجنونة من سريرها وهي امرأة في الأربعين .. تدعي أنها

كانت ثرية وفي غاية الجمال .. لكن مرض ( الجرب ) سلبها جمالها .. وسلب معه عقلها … تلون وجهها من علبة ماكياج قديمة في يدها .. )

السيدة : ( تخاطبهم وهي تلون وجهها ) أنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك .. ؟ ( تتحرك حول المكان )

القاص : نعم يا سيدتي .. كلنا نلاحظ انك سيدة جميلة ..

البدين : ( يحدث نفسه ) هذه الأيام يتأخرون في الفطور دائماً ؟ ترى ما سبب

ذلك برأيك ؟

( تنهض فتاة شاحبة الوجه من على سريرها )

الفتاة : آه .. ما هذا .. اخفضوا أصواتكم أرجوكم .. جدي رجل كبير ويحتاج

إلى النوم ..

القاص : لكنه ينام منذ فتره طويلة يا عزيزي …

البدين : ولا ادري كيف يبقى هكذا دون طعام ..

( الفتاة تحاول أن تصلح الملاءة فوق أحدهم )

الفتاة : انه رجل طاعن في السن .. ويحتاج إلي الراحة ..

البدين : كلنا بحاجة إلى الراحة … وبحاجة إلى الطعام أيضاً ..

القاص : وبحاجة كذلك إلى أن نشفى من ( جربنا ) ..وبحاجة إلي أن نخرج من قاع هذه السفينة لنطفوا إلى الأعلى .. نحن بحاجة إلى أشياء كثيرة ..

الفتاة : أنت على حق .. نعم .. جدي بحاجة إلى أن يصعد إلى ظهر السفينة .. نعم .. ويستلقي هناك تحت نور الشمس ، ورائحة البحر، ليعود كما كان في السابق .. يعود سيداً يملك السفينة من أقصاها إلى أقصاها …يقف له البحارة على جانبي دربه ليحيوه ..وتنحني له السيدات احتراما .. ويمر هو ببذلته الناصعة البياض .. يحيي الجميع بإشارة من رأسه … الجميع كان يحب جدي ..نعم .. ويحترمه , لقد كان يملك سطوة الأباطرة في عينيه ، فقد كان الجميع يخشى التحديق فيهما … انظروا .. إن عينيه بحاجة إلى نور الشمس كي يعود لهما بريق الماضي … انظروا هل ترون ؟

السيدة : ( تحدث نفسها ) حين كنت طفلة في العاشرة من عمري .. كان قصرنا كبيرا جدا .. كنت أحب أمي .. وكان أبي يحبني .. ويقول أنني أجمل فتاة في الأرض .. ( تضع ماكياجا على وجهها )

البدين : أنا بحاجة لنور الشمس كي تعود لي رشاقتي ..صدقوني .. لقد كنت على ظهر السفينة شاباً

نحيلاً جداً ، ونشيطاً جداً لكن منذ إن أصابني ( الجرب ) اللعين ، وسكنت في هذا القاع .. اخذ وزني يزداد شيئاً فشيئاً .. ويوماً إثر يوم .. حتى أمسيت على هذا الحال،ولا اعرف ماذا سأصبح بعد فتره …

( ينهض القس من تحت ملاءته وهو يحمل بيده ناقوساً صغيراً يضرب به )

القس ( يحدق في المكان ) ما زلت أنا هنا في القاع !! .. متى ؟ متى؟ ( يصرخ ) متى؟ ( يسترجع ) لا اعتراض .. لا اعتراض إنها المشيئة .. المشيئة المقدسة ( يركع على ركبتيه للصلاة يقرع ناقوسه) شكراً .. شكراً لك يا رب .. إنني متيقن إن هذه الآلام ستطهر ذواتنا المذنبة ..ذواتنا الآثمة .. الشكر هو كل ما نملك .. وأقسى ما تحمل ألسنتنا المثقلة بالرذيلة ( يلتفت يميناً وشمالاً )

القس : ( يقرع الناقوس ) : لقد حان الموعد .. انه الموعد ( يقترب من البدين ) حان الموعد يا سيدي ( يقترب من القاص ) أذكرك فقط يا سيدي بالموعد ( يقترب من الفتاة ) الموعد يا سيدتي .. ( ينظر إلى السيدة ويبتعد .. لكنها تلحقه مهرولة ) ..

السيدة : أنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك .. ؟

البدين : ( بضجر )عن أي موعد تتحدث يا هذا ؟

القس: لا تعرفون عن أي موعد أنادي ؟ .. ها .. تعرفون موعد الطعام .. وموعد النوم .. وموعد الدواء .. ولا تعرفون هذا الموعد..

الفتاة : لا اعتقد أن جدي ذكر لي شياً بخصوص المواعيد ..

القس : (بقدسية ) الأهم بين كل المواعيد.. يا سادتي .. إنه موعد الصلاة

والشكر ..

البدين : ( باستهزاء ) الشكر ؟

القاص : ( بتفكير ) : الشكر …

الفتاة : ( ببلاده ) الشكر …

السيدة : ( مع القس ) أنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك .. ؟

القس : ( يبتعد عن السيدة .. يحرك الناقوس ) لا تدركون مطلقاً معنى أن

يكون المرء شاكراً .. لا تدركون معنى هذا الأمر ..

البدين : ( باستهزاء ) الشكر .. إنها فعلا كلمة مميزة ..آه ، لو استطعت التهام نقاطها الثلاث آه …لكانت سكر ذا مذاق رائع …

القس : ( بتعجب ) ماذا تقول ؟ سكر ذا مذاق رائع !!

الفتاة : جدي كان يؤكد أن الشكر سمة مؤدبة .. وقد كان يقول : إن أستاذ التاريخ في جامعته يقدس المبدأ الميكافيلي في الشكر . أنا أؤمن جدا بهذا الرجل ..

القس : تؤمنين بمبدأ ماذا ؟

القاص : الشكر موضوع رائع ..

القس : رائع .. لماذا ؟

القاص : لقصة..

القس : قصة !

القاص : نعم .. قصة عن أولئك الذين يشكرون بحيوية .. فيحصدون نتائج

شكرهم ..

القس : ( بغضب ) الشكر اكبر من رؤوسكم …أيها المرضى المتفسخون .. إنني اشكر الرب دائما لأنكم هنا ..( يدعو ) وكم أتمنى من الرب أن تقضوا حياتكم هنا .. فأنا لا يمكن أن أتخيلكم في مكان أفضل من هذا .. مكانكم في هذه الغرفة ، وعلى هذه الأسرة .. ( يدعو ) أتمنى أن تقضوا حياتكم هنا .

( القاص ، البدين ، الفتاة ) : ( معاً ) آمين …

السيدة : ( مع القس ) أنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك .. ؟

القس : ( بغضب) آ…

( القاص والبدين والفتاة يضحكون .. يتفرقون )

السيدة : ( تحدث نفسها ) في الغالب يبقى الجمال ورقة رابحة بيد المراة الذكية مثلي .. هذا ما عرفته منذ أن بلغت سن الخامسة عشر .. لقد التفت لجمالي ولمكانتي في الأرض .. فأنا الأميرة ألأولى فيها .. ( تضع ماكياجا على وجهها )

البدين : هه .. هذا يدعو للشكر في حجر صحي .. وهذه المجنونة تتحدث عن

جمالها الأخاذ .. سنموت شبابا ..

القس : ( بغضب ) وأين يكون الشكر إذن إذا لم يكن في مثل هذه المحن ؟

البدين : الشكر يا هذا عادةً يكون إما على مائدة مليئة بأنواع ألأطعمة ..أو .. أو ..أمام جسد مكتنز لأيل محشي بالجوز واللوز …

( صــوت هـديـر بـحـر )

الفتاة : (بتفكير ) جدي كان يقول دائما .. أن هذه السفينة ستصل ذات يوم

إلى الشاطئ .

القاص : جدك يمتلك ….(تقاطعه الفتاة )

الفتاة : لا تذكر جدي بسوء أفهمت؟ … لقد كان …. كان ….

القس : كان .. وكلنا سنصبح كذلك يا سيدتي ( يحرك الناقوس )

البدين : لا اعرف لماذا تأخر الفطور هكذا …

الفتاة : فطور ؟ .. أي فطور ؟ …

البدين : يجب أن يكون موعد الفطور الآن …

القاص : الفطور هو الموعد الوحيد الذي ننتظره … هو الموعد الحقيقي

الوحيد لنا ، فبعد انتظاره يجيء وتجيء فيه أطباق حقيقية .

البدين : م م م…أحلا لحظات .. والله لقد دغدغت مشاعري يا صديقي ..

الفتاة : ( وهي ترتب سرير أحدهم ) جدي كان يقول دائماً إن الطعام وسيلة ..

وسيلة فقط ..

القس : ( يحرك الناقوس ) بطون .. بطون ليس أكثر من بطون .

( صــوت هـديـر بـحـر )

السيدة : ( مع القاص ) أنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك .. ؟

القاص يتوجه إلى سرير أحدهم وهو مغطى بملاءته ) لا أتذكر متى

نهض من سريره آخر مره ..

الفتاة : تعني الأستاذ ؟ .. قد يكون الأستاذ الآن ..

القس : ( يقاطع الفتاة ) لا .. لا أعتقد مطلقاً أنه قد يكون مرة أخرى ..

البدين : وأنا كذلك اعتقد بأن كينونة الأستاذ ، كانت منذ زمن بعيد ،نعم فهو

يرزح تحت ملاءته البيضاء بصمت الأطباق الفارغة .

القاص : لنحاول أن نساعده . قد يكون لا زال محتاجاً إلى شيء ما .. أو في

ذاته أمر يحتاج منا أن نقوم به بدلاً عنه ..

( يدفع سرير الأستاذ إلى المقدمة )

القس : وأي شيء في اعتقادك ، قد يحتاجه وهو تحت ملاءته البالية ؟

الفتاة : الأستاذ تحت الملاءة يحتاج ؟ وأي تلك الحاجات تعني ؟

البدين : (بتصنع ) يا صغيرتي .. الحاجات البايلوجية بكل تأكيد .. ويمكنني أن أخصص عمومية الطرح والموضوع ..بأنها تتعلق بالبروتينيات والكاربوهايدرات .. وبدقه أكثر إن هذه الحاجات الملحة ، لها علاقة اللحم بالأرز .

القاص : طيب .. لنتحدث عن الأمر بشكل أوسع .. دعونا نفكر في موضوع

الحاجات التي نشترك بها جميعا .. ما هي أول حاجاتنا يا ترى ؟

( يدفع سرير المعلم إلى العمق )

القاص : ( يقف في العمق ) لنفكر مع الأستاذ والجد في حاجاتنا المشتركة ..

البدين : كلنا تنقصنا حاجات بايلوجية ..أؤكد ذلك ..

القس : بل حاجات روحية بحتة .. حاجات روحية لا حاجات دنيوية خسيسة ( يقرع بالناقوس )

الفتاة : كلا .. كلا لا أتفق معكما أيها السيدان ، إن جدي …

القاص : ( مقاطعاً) حاجاته بسيطة ،جدك حاجاته بسيطة .. أليس كذلك ؟

الفتاة : ( بغضب ) ماذا ؟ أرجو أن لا تذكر جدي بسوء أفهمت؟ .. جدي لا يحتاج مطلقاً… لا يحتاج …إنه … إنه …

القاص : هل تقصدين أن جدك مكتفي ؟

الفتاة : ( مع القاص ) لا … لا .. إنه .. إنه ..

القاص : تعنين مستغني ؟

الفتاة : لا.. لا .. بل إنه ..إنه ..

القاص : انه ماذا ؟

الفتاة : إنه .. إنه جدي .. جدي وحسب ..

القاص : ألأنه جدك .. فهو لا يحتاج ؟

الفتاة : نعم بكل تأكيد .. فكيف بجدي … جدي أنا .. يمكن أن يحتاج …

( تذهب الفتاة وتحرك سرير الجد نحو مقدمه المسرح)

الفتاة : لا يمكن لي أن أتخيله محتاجاً .. لقد كان شيئاً رائعاً .. وقد بلغ حين كنا على اليابسة في يوم ما ، مكانة ال ..مكانة ال ..

القس : أنت تقصدين بلغ مكانة العظماء ؟

الفتاة : لا .. لا .. مكانة ال .. مكانة ال ..

القس : مكانة الحكماء ؟

الفتاة : لا .. لا .. مكانة ال .. مكانة ال ..

القس : مكانة الأولياء ؟

الفتاة : لا .. لا ..

البدين : نعم .. نعم ..أنا أعرف .. لقد بلغ مكانة طبق الدجاج على المائدة ..

الفتاة : ماذا تقول ..لا تستهزئ بمقام جدي .. لقد بلغ جدي مكانه لم يبلغها

أحد قبله مطلقاً .. وأشك أنه .. يمكن لأحد بعده أن يبلغها ..

(تدفع سرير جدها إلى مكانه الأول )

( صوت هدير بحر )

السيدة : ( تحدث نفسها ) قد لا نحصل على ما نرغب به دائما .. اقسم أنني أحببته من كل قلبي .. ولكنه كان شابا من عائلة فقيرة .. فقيرة للغاية .. ما كان من اللائق أن نرتبط بأمثال هؤلاء .. هذا ما قاله أبي ، ولكن أنا وأمي حاولنا أن نقول غير ذلك .. فأصر أبي على رأيه .. حاولنا أن نقنعه .. ولكن أبي دمر حياة الشاب وحياة عائلته ، فرحل في ليلة ظلماء .. رحل بعيدا .. لقد كرهت أبي .. كرهت أبي .. ( تحدث وهما أمامها ) أكرهك .. أكرهك .. لقد دمرت كل شيء ..لقد أخذته بعيدا .. ( تبكي )

( صــوت هـديـر بـحـر )

القاص : لقد كان أستاذاً رائعاً ..

البدين : ماذا.. وما مناسبة هذا الحديث ؟ هل ترغب في درس في اللغة أو التاريخ الآن ؟ أنا اعتقد إن هناك رغبات أهم من هذه التراهات .. ( بتفكير ) بدأت ازداد قلقاً بشأن الفطور ..

القاص : أنا بحاجة إلى الأستاذ الآن .. أنا بحاجة إليه من أجل كتابة قصتي الجديدة ..

الفتاة : قصتك الجديدة .. هل تريد أن تكتب قصة جديدة ؟

القاص : نعم .. إنها القصة التي أفكر في كتابتها منذ فترة ..

القس : كل مره تتحدث عن القصة التي تفكر في كتابتها …

البدين : ولم نعرف عنها شيء ، ولا ندري عن أي شيء تتحدث قصتك ..

السيدة : ( مع القاص ) أنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك .. اكتبها عني يا سيدي ..

الفتاة : جدي كان يمقت أولئك الذين يتلذذون بتلاوة آلام الآخرين .. جدي

يمقت أمثالك ..

القاص : ( بغضب ) جدك لا يعرف عن قصتي أي شيء ..

الفتاة : جدي لا يعرف .. ومن يعرف عنها إذن ؟ جدي يعرف كل شيء .

القاص : ( بغضب ) جدك .. جدك .. جدك .. جدك لن يستوعب ما معنى أن يكون المرء قاصاً..

القس : ( يقرع بالناقوس ) م … م…م .. السلام .. السلام ..

القاص : القصة عالم لا يرتقي إليه الكثيرون .

الفتاة : وأنت قاص مرتقي ، أليس كذلك ؟

القاص : لا يمكنك أنت ، ولا جدك فهم ذلك ..

الفتاة : فهم ماذا يا سيدي ؟ … منذ أن حدقت محاجري في قسمات وجهك ، ولم اسمع جملةً واحدةً عن قصتك التي تصرخ بها في كل وقت .. وجدي لم يحدثني عن شيء كتبته سابقاً .

البدين : حسنا .. حسنا .. حدثنا عن قصتك التي ترغب في كتابتها ، لعلنا نقتل بعض الوقت ، فأنا متأكد إن موعد الفطور ليس بعيداً جداً ..

السيدة : ( تتحدث مع الجميع ) لم أبكي على أبي حين مات .. كنت ابتسم بوجه المعزين .. وذهبت بعد وفاته بيومين إلى بعض الأصدقاء كي اقضي أوقات ممتعة .. كان يجب أن أعبر عن سعادتي بموته .. سيدخل أبي النار .. سيدخل أبي النار يا سيدي القس .. أليس كذلك ؟

القس : ( يجلس على سريره ..) لقد سألت هذا السؤال عشرات المرات …

وأخبرتك أنني لا ادري .. أفهمت ؟

الفتاة : ( مع القاص ) أخبرنا عن أي المواضيع تتحدث قصتك .. هيا

اخبرنا أرجوك ؟

القاص : ( بتردد ) إنها تتحدث عن أل .. أل .. الانتظار … نعم .. الانتظار

( صــوت هـديـر بـحـر )

القس : يا الهي .. الانتظار .. يا لقداسته .. انه الشوق نحو اللقاء القادم .. انه الصبر الجميل لانقضاء الأيام المتبقية من العمر ، لنحظى بعبق المثول تحت كيان الرحمة الأزلية .. ( يقرع بالناقوس ثم يغمض عينيه ، بقعه ضوء حوله ، يدور ) هناك حيث الفردوس حيث السماء زرقاء صافيه .. والغابات تمتد على مد البصر ، والأنهار الرائعة والكبيرة .. ( ينظر إلى الأعلى ) والطيور والفراش ( يشم ) وعبق السعادة يسد انفك هناك .. الفردوس .. يا لقدستها …

القاص : ( بتردد ) ولكن .. الانتظار ليس أل …

البدين : ( يربت على كتف القاص بانفعال مصطنع ) أحسنت يا صديقي .. فالانتظار هو الموضوعة المناسبة لقصتك القادمة .. ولكن لا أرى أن عمومية الطرح عند القس مهمة ( يهمس ) قد لا يمكنك لم شمل الموضوع إذا اتسع .. ( يسير جيئةً وذهاباً وهو يضع يديه خلف ظهره ويفكر ) أفكر في أن تقوم بخصخصة الموضوع ، وان يكون الانتظار مرتبطاً بحاجات الإنسان الدنيوية ، كالطعام مثلاً ( يقترب من القاص ) واقترح أن .. أن لا تجعل بطل القصة ينتظر طويلاً..

القاص : سأحاول أن …

الفتاة : ( بغضب ) ستحاول !! ماذا تعني بأنك ستحاول ؟ .. أتعنى انك ستكتب

قصتك القادمة عن الطعام ؟

القاص : لا .. ولكن …

البدين : ولم لا ..ها لم لا .. الطعام موضوعة دسمة ، فلولا خبزة ( هيجو )

لم يكن ( للبؤساء ) وجود ..

الفتاة : ( للقاص ) لا أصدق انك ستكتب عن أطباق الحساء الساخنة ..

البدين : ( بغضب ) ولم يغضبك ذلك يا سيدتي ؟

الفتاة : ( للبدين ) اسمع .. الطعام وسيلة لا غاية ..

البدين : ( يقف أمام الفتاة ) ومن قال لك ذلك ؟

الفتاة : جدي .. جدي قال لي ذلك ..

البدين : وما الذي ينتظره جدك غير الطعام .. يا سيدتي ..

السيدة : ( مع القاص ) أنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك ؟ .. اكتب قصتك عني يا سيدي ..

الفتاة : ( تصرخ ) جدي لا ينتظر ( بتفكير ) أنا .. أنا التي انتظر جدي …

البدين : ( باستهزاء ) وتريدين أن يكتب قصته القادمة ، في انتظار بقايا

جدك تحت الملاءة …

القس : ( يحرك الناقوس ) م .. م .. م .. السلام .. السلام ..

القاص : أرجوكم .. أنا أريد أن أقول ..

( صــوت هـديـر بـحـر )

السيدة : لقد كان مصدر عذابي دائما .. حتى في موته ..

القاص : من تقصدين ؟

السيدة : أبي .. لقد ترك لنا دينا ثقيلا جدا .. ولقد الزمنا أن نسدد فواتير الملابس والخمر والحفلات الماجنة كم اكره أبي .. ( تذهب إلى أحد زوايا المكان وتتكور )

البدين : لقد سمعنا هذه القصة منك آلاف المرات .. اتركينا أرجوك ..

القاص : دعها وشأنها أرجوك .. يكفيها ما حصل لها .. ( مع الجميع ) طيب

.. ما رأيكم أيها السادة .. في أن نحصر الموضوع في الاتفاق ؟

البدين : أي اتفاق ؟

القاص : اعني أن .. أن نتفق ..

البدين : نحن على كل حال متفقون .. نحن مجبرون على الاتفاق في هذا المكان .. لكن على ماذا ؟

القاص : نتفق على أن نتوحد في وجهتنا .

الفتاة : ( تضحك ) وجهتنا ؟

القاص : ما الذي يضحكك سيدتي ؟

الفتاة : ( تضحك ) أنت تقول وجهتنا ؟

القاص : نعم وجهتنا …

الفتاة : ( بغضب ) أية وجهه تعني؟ .. يبدو انك تنسى مكانك الذي أنت فيه ( تقترب من القاص ) أنت في غرفة للحجر الصحي يا سيدي ، في سفينة تسير في عرض البحر .. لا يعرف أحد منا أين تتجه ، ولا متى ترسوا .. أنت مقذوف في سلة مهملات هذه السفينة .. أنت في القاع .. أنت في عداد الأموات بالنسبة لمن في الأعلى ، يلقون لك كالكلاب فتات قصاعهم المليئة بالاطعمة ، وسيقطعون ذلك متى شاءوا .. ليس لأحد منا حول ولا قوة فيما نحن فيه … لكن .. لكن جدي كان يقول دائماً أنها سترسو يوماً ما … لابد لهذه السفينة من ميناء ترسو إليه ..

القاص : أنا لا أقصد السفينة .. أنا اعني نتفق على وجهتنا في الانتظار .

السيدة : ( تقاطعهم من مكانها تخاطب الجميع ) اسمعوا .. لقد تزوجت من احد دائني أبي … لقد طلبني مقابل الأموال التي يطلب بها أبي … فسددت الدين .. وتزوجت بصفقة غاية في الجنون .. مثلي أنا الآن .. أنا مجنونة .. مجنونة .. ( تضحك بهستريا )

البدين : إننا جميعاً في هذه الحجرة ننتظر شيئا واحداً فقط .

القاص : وما ذلك الشيء في رأيك سيدي ؟

البدين : الفطور .. نحن جميعا ننتظر الفطور .. كلنا ننتظر الفطور .. إذن

نحن على وجه واحدة في الانتظار ... أليس هذا صحيحا ..

القاص : ثم ماذا بعد الفطور في رأيك ؟ .. اعني إذا جاء الفطور ماذا ننتظر

بعده ؟

البدين : ( متردداً ) بعده … بعده … ننتظر الفطور أيضاً ..

الفتاة : ثم ماذا بعد هذا الفطور ؟

البدين : الفطور الذي يليه أيضاً .

القس : وبعدها ؟

البدين : الفطور بكل تأكيد ..

القاص : أرجوك .. انظر إلى شيء أخر غير الفطور .

البدين : لا أستطيع … صدقني يا سيدي .. لا أستطيع ..

القاص : بل تستطيع … أنت فقط حاول أن تحلق بعيدا عن الطعام ..

البدين : صدقني يا هذا .. عيناي لا تستطيع أن تبتعد عن التفكير في دجاجة مستلقية على ظهرها فوق المائدة ، حتى تعود لتحلم بأطباق الحلوى المختلفة .. هذا كل ما أحلم به وأتمناه .. ( يذهب إلى سريره )

السيدة : ( تتحرك حول الجميع ) لقد كان زوجي وحشا .. كان يضربني ويهينني دائما .. فقررت أن أهرب منه .. وحين نام ليلا .. أخذت كل أشيائي وتسحبت من الباب الخلفي ورحت بعيدا .. ( تمشي بسرعة ) وأنا اركض والتفت إلى الوراء .. اركض والتفت إلى الوراء .. لقد حسبت انه يركض خلفي .. ولكنها كانت مجرد كلاب سائبة ..

القاص : ( يتحرك باتجاه البدين ) ولكن يا سيدي هناك أشياء أهم من الطعام

علينا أن نفكر فيها .. وأن نحلم بها ..

القس : نعم أنت على حق .. ولكن ما هذه الأشياء في رأيك ؟

القاص : مثل .. مثل أن .. مثل أن نشفى من المرض ..نعم نشفى م( الجرب )

البدين : ماذا ؟

القاص : نشفى من المرض …نعم .. لكي نخرج من غرفة الحجر الصحي .

البدين : ننتظر أن نشفى من المرض !

القاص : نعم .. نفكر في أن ننتظر أن يحدث ذلك .

القس : ولكن هذا الأمر بحاجة إلى معجزة .

الفتاة : وهل يشفى جدي ؟

القاص : وتشفين أنت سيدتي .

الفتاة : وتنتهي كل آلامه ؟

القاص : وتنتهي كل آلامك .

القس : ولكن الانتظار شيء ، وحدوث ما ننتظر شيئا آخر .

البدين : ماذا تعني بأن الانتظار شيء .. وحدوثه شيئا آخر ؟

القس : أن نشفى من المرض أمر بعيد جداً ، عن انتظار أن نشفي .

البدين : وما الفرق في ذلك ؟

القس : قد نبقى ننتظر ولن نشفى أبداً .. هذا ما أريد قوله ..

الفتاة : ماذا ؟ ماذا تقول ؟

القس : أن انتظر الفردوس شيء ..وان أنتظر أن الشفاء شيئا آخر ..

الفتاة : ( بغضب ) نعم الآن فقط فهمت ما تعني .. تريدنا أن ننتظر معك أن نموت لنذهب إلى فردوسك .. لماذا لا ننتظر الشفاء لنحيا من جديد أنا و جدي ؟ .. ها .. لماذا ؟

القس : الشفاء بحاجة إلى معجزة يا صغيرتي .. لكن الموت لا يحتاج إلى ذلك

.. صدقيني .

الفتاة : لا أريد أن انتظر الموت أنا وجدي … أفهمت ؟ أريد أن نحيا من جديد

القاص : اذاً ماذا علينا أن ننتظر في رأيكم ؟

الفتاة : ننتظر أن يفتح هذا الباب مثلاً .. نعم ونخرج أنا وجدي .. إلى الأعلى.

البدين : ماذا ؟ هذا اليوم ليس كباقي الأيام .. اسمع أشياء لم أفكر فيها من قبل مطلقاً .. ماذا تقولون ؟ نحن هنا منذ فتره طويلة .. نأكل وننام .. ونتذكر الأيام الخوالي .. و.. فقط

الفتاة : إذا كنا نريد الشفاء يا سادتي ، فيجب أن يفتح هذا الباب .. منذ أن كان جدي بحيويته الكاملة ،قبل فترة طويلة .. ونحن في هذه الغرفة مصابين( بالجرب ) .. الذي لم يعالجنا منه أحد . ثم قد يكون علاجنا خلف هذا الباب .. من يدري .

السيدة : ( تتحرك باتجاه القس ) سيدي القس لقد كان الرب بي رحيما جدا .. أرسلني إلى الميناء حين فررت من زوجي .. وهناك عملت غاسلة للصحون .. لقد أحببت أن أغسل الصحون في ذلك المكان..وأحببت كل من يعيش في الميناء .. وأحببت كل سفن الميناء .. نعم ..

القس : ما هذا الهراء ( يدفع السيدة بعيدا ) ..( يتحدث مع الجميع ) أنا أرى

أنه لا يوجد علاج لمرضنا .. هذا كل شيء ...

الفتاة : من قال ذلك ؟ جدي كان يقول لي إن كل الأمراض لها علاج .. نحن

بحاجة إلى أن نبحث عن ذلك .

القاص: وكيف ؟

الفتاة : أن يفتح هذا الباب .

البدين : لكنه لم يفتح منذ .. منذ.. حتى أنني لا اذكر متى فتح آخر مرة ..

الفتاة : منذ زمن بعيد .. بعيد جداً .. منذ أن كان جدي ..

البدين : أنت على حق .. فالطعام كان يمرر إلينا من تحت الباب و .. فقط .

القاص : إذن نحن متفقون أن شفاءنا مرتبط بهذا الباب؟

الفتاة : اعترض .. إنني أعترض ..

البدين : تعترضين ؟ ماذا دهاك .. أنت من تحدث عن الباب .. أليس كذلك ؟

الفتاة : نحن الأربعة متفقون لكن جدي ليس كذلك ..

القاص : ( يستدرك ) نعم أنت على حق .. والسيدة والأستاذ أيضاً ..

البدين : لكنهم تحت ملاءاتهم منذ زمن طويل .. ولا اعتقد أنهم يرغبون في

الكلام .

القاص : إذن دعونا نتوقع كيف يكون رأيهم ؟

الفتاة : نتوقع رأيهم ؟

القاص : نعم .. فقد يكون لهم رأي آخر .. وأنا متأكد انه سوف ينفعنا .

البدين : من آراء الجد .. أن الطعام وسيله .

القس : الجد يؤمن أيضا بالمبدأ الميكافيلي في الشكر .

القاص : والجد يكره من يتلوا آلام الآخرين .

الفتاة : وما علاقة كل ذلك بأمر الباب؟

القاص : فلنحاول أن نجد علاقة في ذلك . فالجد يؤمن بالوسائل .. ويوافق على اعتناق المبادئ .. ويعارض إيلام الآخرين ..

الفتاة : رائع .. إذن لدينا وجهة نظر الجد في الباب .. فهو يؤمن بوجود وسيلة للشفاء ، وهو فتح الباب .. ويوافق على إن المبدأ مطلوب في قضية فتح الباب ..ويعارض أن نبقى في ألم دائم في هذه الغرفة .

البدين : والأستاذ .. ما هو رأيه في الموضوع ؟

القاص : الأستاذ يؤمن بالحياة .

البدين : وماذا يعني ذلك ؟

القاص : يعني الكثير .. فإن لم يكن موافقاً على قضية فتح الباب ، فهو لا

يعترض على ذلك .

القس : أذن لنصوت .

السيدة : أنا جميلة جدا .. أنا جميلة جدا ..

القاص : ( يرفع كفه ) في فتح الباب علاجنا .

الفتاة : ( ترفع كلتا يديها ) جدي وأنا نؤمن بفتح الباب.

القس : الباب والشفاء وجهان لعملة وجودنا .

( صــوت هـديـر بـحـر )

السيدة : ( تضع ماكياجا على وجهها ) هل تعرف الحب سيدي .. ؟

القاص : لا ..

السيدة : إذن لن تستطيع أن تكتب عنه قصة جميلة في يوم من الأيام ..

القاص : أنت على حق .. لا أجيد الكتابة عن الحب .. ولكنني سأجيد الكتابة عن الانتظار ..

السيدة : ولكنني أحببت بقوة .. أحببت بحارا كان يتردد على المطعم الذي أعمل فيه .. كان وسيما جدا .. له شعر جميل .. وعينان ساحرتان .. كان يعرف كيف ينسق الألوان في ملابسه .. لقد كان ساحرا ..

القاص : ( يحدث نفسه ) الانتظار وجهتنا .. ولكن .. انتظار ماذا ؟ .. انتظار الشفاء .. والشفاء لا يتحقق دون

أن يفتح الباب .

البدين : أنت على صواب .. والباب ؟ ماذا عن الباب ؟

القاص : ماذا تعني ؟

البدين : أعني متى يفتح هذا الباب لكي نشفى من ( الجرب ) ؟

القس : الباب ؟

الفتاة : الباب لن يفتح دون أن نشفى ، لأننا في غرفة للحجر الصحي .

القاص : ولن نشفى دون أن يفتح الباب .

القس : إذن لن نشفى أبداً .

القاص : لماذا ؟

القس : لان الشفاء مرتبط بالباب . والباب مرتبط بالشفاء . وجهان لحقيقة

واحدة .

القاص : أنت على حق ، حقيقة يجب أن نعرفها .. ونسلم بها …

( صــوت هـديـر بـحـر )

السيدة : لقد ركبت أنا والبحار أمواج الحب .. أحببته جدا .. وكنت اسأله كل ساعة : أأنا جميلة جدا .. هل ترى ذلك .. ؟ فيجيبني نعم .. أنت أحلى نساء الأرض .. ( تضع ماكياجا على وجهها )

البدين : ( يضحك ) يبدو أنهم في الأعلى ، يعانون من متاعب في المؤن وإلا ما الذي يؤخر الفطور هكذا .. أرجو أن لا يكون لهم قرار جديد بخصوص ذلك الأمر .. أنا في غاية القلق .. لا أشعر بالارتياح أبدا ..

القس : ( منفرداً .. يتلو الصلوات ، يقرع الناقوس ) الشكر لك يا واهب الحياة .. أتوسل إليك لا تجعل آلامي كبيرة حينما تنتقل روحي المعذبة إلى العالم الآخر ..آمين …

الفتاة : ( قرب سرير جدها ) جدي … أنا اعرف دائماً أنها سترسو ذات يوم

.. سأبقى يا جدي مؤمنة بوجود .. ولن أخذلك مهما حصل .. سأبقى

مؤمنة بك إلى الأبد ..

القاص : ( قرب سرير الأستاذ ) هل ننتظر أن يفتح الباب لكي نشفى يا أستاذ ..آم ننتظر الشفاء كي يفتح الباب ؟ .. إننا لا نعرف ما الذي ننتظر يا سيدي .. ( إلى الجميع ) لا اصدق أننا لا نستطيع أن نحدد ما ننتظر … أكاد أجن .. يجب أن نحدد وجهتنا في الانتظار ..

الفتاة : إننا ننتظر الشفاء .. والشفاء فتح الباب … والباب …

البدين : والباب … الباب صامت لا ينطق … ولا يرضى أن يهبنا طعامنا هذا

اليوم ..

السيدة : ( تبكي ) أنا جميلة جدا .. ولكنني أصبت بمرض ( الجرب ) ..

البدين : كلنا في الهوى سوى .. لا تقلقي كثيرا يا سيدتي الجميلة سابقا ..

السيدة : ولكنني أجمل منكم جميعا ( تضع ماكياجا على وجهها ).. ولقد شوهني الجرب اللعين ..

القس : استمعوا إلي .. لماذا لا نترك هذا الانتظار الذي أتعبنا هذا اليوم

كثيراً؟

الفتاة : ماذا تقول ؟ لا نستطيع ذلك . نحن لم نصدق أن وجدنا شيئاً نفكر فيه

… نتمناه . وتريدنا أن نتركه.

القس : إننا نتألم بسبب هذا الانتظار …

القاص : إننا نحاول أن نجد سبباً نحيا من اجله بين هذه الجدران الخشبية .. منذ سنين طويلة ونحن نسكن قفصاً في وسط البحار المتلاطمة ، والتي ليس لها قرار … ( الجرب ) ينهش كل أجسامنا ونحن في القاع ، ننصت برعب لوحوش البحار تضرب جدران القفص اللعين .. ولا نعرف لها نهاية .. أسمعوا .. فتح الباب هو ما نحتاج أليه ، صدقوني …نفتح الباب كي نعرف النهاية …

البدين : لكن الباب لن يفتح حتى نشفى من ( جربنا ) اللعين ..

القاص : وبين هذه الجدران سيأكلنا إن لم نفعل شيئاً .

الفتاة : ( للقاص ) إذن أنت تطلب منا أن ننتظر فتح الباب ؟

القاص : نعم … يراودني شعور بأن شفائنا سوف نجده خلف هذا الباب ..

القس : ( يقرع الناقوس ) سراب … تتألمون من أجل سراب … تتألمون

من أجل سراب ..

الفتاة : كف عن قرع ناقوسك الغبي هذا … ألا ترى أن جدي يحاول أن ينعم

بنوم هادئ ..

( صــوت هـديـر بـحـر )

البدين : ( ينام على سريره ) يبدو أنهم في الأعلى قد تأخروا في صنع

الفطور .. ( يخاطب القس النائم على سريره أيضاً ) ماذا تعتقد أيها

القس أنهم قد صنعوا على الفطور هذا اليوم ؟

القس : ( وهو نائم على سريره ) لا ادري .. ولا اريد أن أفكر في هذا لأمر

كثيراً ..

البدين : طيب .. ماذا تتمنى أن يكون فطورك هذا اليوم ؟

القس : أتمنى ! .. كنت فيما مضى أستطيع أن آكل ما اشتهيه في الوقت الذي اشتهيه . لكن ألان الأمر يختلف.

البدين : أمنيه .. أمنيه فقط يا هذا .. لا أكثر ..

القس : أتمنى .. أتمنى .. ولكنني لا أتذكر أنواع كثيرة من الأطعمة .

البدين : أستطيع أن أقول انك تتمنى أن تفطر جبنا وزيتونا ؟

القس : زيتون ؟ .. لا أتذكر طعمه . هل هو حلو المذاق كالليمون ؟

البدين : ماذا ؟ الزيتون حلو المذاق كالليمون .. أنت واهم يا هذا .. فالزيتون حامض المذاق كالقهوة ..

القس : أنت على حق .. لقد مر وقت طويل .. طويل جداً ..

البدين : ( يقوم من مكانه ويتجه نحو منتصف الغرفة ) ترى هل انتهى صنع الفطور؟ اعتقد أنهم قد فطروا على ظهر السفينة ، تحت أشعه الشمس الساحرة ، ونسيم البحر اللطيف .. واعتقد أن مسامعهم يعطرها لهم عازف كمان نحيل الجسم ( يقوم بتقليد حركة عازف كمان بحركات راقصة ) هم …. هم …. هم ..

القس : ( على نفس النغمة ) هم .. هم … هم

القاص : ( يحرك سرير الأستاذ بهدوء ) هم … هم … هم …

الفتاة : ( تحرك سرير الجد بهدوء ) هم … هم … هم..

( الجميع بصوت موسيقي واحد وبحركات واحدة )

( صــوت هـديـر بـحـر )

السيدة : ( تتذكر شيئا .. تدور في المسرح ) لا .. لا أريد الحجر الصحي .. أرجوك يا حبيبي لا تتركني وحدي مع هؤلاء الخنازير المشوهة .. لا أريد أن أموت هنا .. ( تضحك ) لا تتركني وحدي .. ( تضع ماكياجا على وجهها ) لقد أحببت هذه الخنازير لأنهم أكثر رحمة منك .. أيها الوغد الذي أحببته من كل قلبي .. سأكون جميلة جدا مع الجرب ومع هذه الخنازير ..

( البدين يتجه نحو الباب وينصت بوضع أذنه قرب الباب )

القاص : ماذا تظن انك فاعل هناك ؟

البدين : لاشيء لكنني أحاول أن اسمع صوت أحدهم قادم .

القاص : وهل سمعت شيئاً ؟

البدين : ( يحاول التركيز ) الحقيقة لا .. مع الأسف ليس هناك أحد قادم ..( يحاول مسك الباب ) .. يا الهي ( يفزع ) …( يتراجع إلى الخلف وهو مذعور ) يا الهي ..

القاص : ( باستغراب ) ماذا هناك ؟ ما الذي حدث ؟

البدين : ( بفزع ) لا اصدق ذلك .. مستحيل ..

الفتاة : ماذا سمعت عند الباب ؟ تكلم ..

القس : هل سمعت صوت أحدهم عند الباب ؟

البدين : الباب .. الباب ..

القاص : ماذا حدث للباب ؟..

البدين : الباب مفتوح ! ! !

السيدة : ( تصفق ) الباب مفتوح .. الباب مفتوح ..

القس : ( على ركبته ، يقرع بالناقوس ) يا الهي … السلام .. السلام ..

القاص : ( بتعجب ) الباب مفتوح .. من فتحه ؟

البدين : لا ادري ..

القاص : من قام بذلك ؟

الفتاة : ( تحتضن سرير جدها ) ترى لماذا فعل ذلك ؟

القاص: ومتى فعل ذلك ؟

الفتاة : ربما فعل ذلك قبل قليل ..

البدين : أو منذ البارحة ..

القاص : أو ربما منذ أيام .. أوانه كان مفتوحاً منذ …منذ .. زمن طويل ..

الفتاة : لقد انتظرناه كي يفتح .. ففتح .. فكرنا جميعنا في فتحه ففتح ..

القس : ربما أراد أن يساعدنا على الخلاص .

القاص : من ؟

القس : الباب … الباب حدق بآلامنا لسنين طويلة .. ففتح نفسه ..

البدين : لا … لا اعتقد ذلك .. ربما هو فخ .. ربما لو خرجنا من غرفتنا

سيلقون بنا في البحر .

الفتاة : ( بخوف ) ماذا ؟ فخ !

القاص : وماذا سنفعل ألان ؟

البدين : ننتظر .. ننتظر هنا .. ونرى ما الذي سيحدث .

القاص : ننتظر والباب مفتوح !!

البدين : نحن لا نعرف ما الذي يحدث في الأعلى ..

القاص : يجب أن نفتح الباب ونرى ماذا هناك .

البدين : لا .. لن افتح الباب ..أنا سأنتظر هنا .. انتظر وحسب …

الفتاة : جدي كان لا يغامر أبداً بحياته .. وأنا .. مع جدي في ذلك .. سأنتظر

هنا ..

القس : مكاني وصلواتي وناقوسي هنا .. لن أغادر هذه الغرفة .

القاص : حسناً .. أنتم ترون ذلك ؟ لكنني لا أستطيع الجلوس هنا لأنتظر .

الفتاة : إلى أين ستذهب ؟ ألم نتفق على وحدتنا في وجهة الانتظار …

القاص : لم يكن لدينا باب مفتوح حين اتفقنا على ذلك .

البدين : لا اعتقد أن هناك فرقاً كبيراً .. افترض جدلاً انه ليس هناك باب مفتوح .. هكذا خذ الأمر ببساطة المرق الشرقي ..

القاص : لا يمكن أن أفعل ذلك .

البدين : لماذا ؟

القاص : لان الباب مفتوحاً ألان يا سيدي .. مفتوح ألا تفهم ذلك ؟

القس : سأرجعأنا إلى سريري وناقوسي وصلواتي . لن افتح الباب ( يتجه

إلى سريره )

الفتاة : ( تتجه إلى سرير جدها ) لا أستطيع أن اترك جدي لوحده .. إنه رجل

عجوز .. يجب أن أعتني به ..

البدين : ( يتجه إلى سريره ) لا اعتقد أن الفطور البارد سيكون سيئاً ،

سأنتظر فطور هذا اليوم فترة أطول .

القاص : أنا آسف .. لا أستطيع أن ارجع إلى سريري والباب مفتوح .. سأفتح الباب ..

( يتجه نحو الباب متردداً ، يضع يديه بتردد على مقبض الباب ، ويبدأ بسحب الباب بهدوء )

القس : السلام … السلام ( يقرع الناقوس )

( القاص يفتح الباب كاملا ويرجع إلى الخلف بهدوء )

البدين : ( من سريره ) ماذا هناك ؟ ماذا ترى ؟

القاص : لا يوجد أحد عند الباب .

الفتاة : وماذا ترى هناك ؟

القاص : أرى سلما عند الباب .

البدين : سلم ؟ .. وماذا ستفعل به ؟

القاص : سأتسلقه إلى الأعلى .

القس : أنت تخاطر .. قد تدفع حياتك ثمناً لذلك ..أرجوك حكم عقلك في

الموضوع . إن المنطق …

القاص : ( مقاطعاً ) المنطق يقول أن نبحث عن مخرج لنا من هذا المستنقع

، لا أن ننتظر لنتفسخ هنا ، سيدي القس .

السيدة : سأصعد إلى الأعلى كي أقتلك أيها البحار أنت وزوجي .. أنتما لا

تستحقان امرأة مثلي ( تركض نحو الباب .. يحاولون إيقافها ولكنها

تفلت وتخرج من الباب )

القاص : انتظري يا سيدتي .. توقفي .. توقفي ..

( يندفع القاص خارجاً من الباب )

البدين : لا . عد إلى هنا ..أرجوك … عد إلى هنا …

( صــوت هـديـر بـحـر )

( تقوم الفتاة وتحاول أن تنظر من بعيد من خلال الباب المفتوح )

الفتاة : ترى ماذا حدث له في الأعلى ؟

القس : (وهو يحاول النظر أيضا ) قد لا يرحمونه أبدا .. ربما هو ألان طعم لأحد اسماك القرش العنيدة ..

البدين : ( يقترب من الباب أكثر من صاحبيه ) ربما الأمر ليس كما تتحدثان ، فقد يكون ألان على ظهر السفينة والنادل يصف أطباق الطعام الفاخرة على المائدة التي بين يديه .

الفتاة : أتعتقد ذلك فعلاً ؟

القس : ربما استطاع أن يجد لنفسه علاجاً من ( الجرب ) .

البدين : ويتركنا هنا نموت لوحدنا … نتفسخ .. لا .. لا يمكن ذلك ( يقترب من الباب ) لا يمكن ذلك ( ينصت ) اسمعوا ..

الفتاة : ماذا هناك ؟

البدين : اسمع صوتاً في الأعلى .

الفتاة : أي صوت ؟

البدين : لقد غدا الصوت على السلالم .. انه صوت وقع أقدام أحدهم .

( ينسحبون إلى الخلف ويكونون كتله واحده يحدقون في الباب )

( صــوت هـديـر بـحـر )

(يدخل القاص إلى الغرفة بيأس كبير )

( يتجه إلى مقدمة المسرح وهو يحمل في يديه قطعة خشب وعلى ظهره كيس مملوء )

الفتاة : ( تقترب من القاص بحذر ) ما الذي حصل ؟

القس : ماذا رأيت بعد السلالم ؟

البدين : هل صعدت إلى ظهر السفينة ؟ وماذا وجدت هناك ؟

القاص : ( بذهول ) لم أجد أي شيء ..!!

الفتاة : لم تجد أي شيء!! ماذا تعني ؟

القاص : لا يوجد أي شخص في السفينة ، سوانا نحن ..

الفتاة : كيف يحدث ذلك ؟

القاص : من كان في الأعلى ، قتلهم الطاعون ، الذي نقلته هذه ( الجرذان )

( يفرغ الكيس المملوء بالجرذان فتفر الجرذان يميناً وشمالاً )

القس : وأين ذهبت السيدة ؟

القاص : ذهبت نحو غرفة القيادة .. وأخذت تحرك عصى القيادة كما تشاء ..

تقول أنها أصبحت الربان الآن !

البدين : وما هذه الخشبة التي بيدك ؟

القاص : إنها ( متراس ) بابنا الذي كان مقفلاً به من الخلف … لقد قطعته الجرذان التي ملأت السفينة من أعلى أشرعتها ، إلى أسفل قاع فيها.

القس : ماذا تعني بذلك ؟

القاص : سفينتنا يا سيدي .. سفينة فارغة من كل البشر . سوانا نحن وهذه

الجرذان ، والتي فتحت لنا باب المحجر الصحي . . لقد قضمت

متراس الباب .. إنها تقضم كل شيء في السفينة الآن .. فلا طعام

.. ولا دواء .. ولا قوارب نجاة .. ولا حتى محركات أو أشرعه (

صمت ) انظروا إنها تنهش جدران القاع ….
- ستار -

الناصرية/ شباط2003

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى