جيلالي وساط - صديقي الشرطي.. قصة قصيرة

مات صديقي الشرطي بعد أن تقاعد بسنتين، كان رجل أمن ولم يتزوج طيلة حياته، كنت أزوره في بيته بين الفينة والأخرى، أحب أن أجالسه لطيبوبته وروحه المرحة السّاخرة، يقول لي ضاحكا وهو في المطبخ يعد الشاي وأنا جالس في غرفة الاستقبال الصغيرة:
ـ هل تعلم أنني لم ألق القبض على أحد طيلة ممارستي لمهنتي؟
ويضيف :
ـ كنت في البداية شرطي مرور، كان مرتكبو المخالفات يترجَّونني فأستحي وأرد إليهم أوراقهم وأكتفي بنصحهم، وحين لاحظ رؤسائي أنني لم أسجل أية غرامة ضد أحد طيلة سنتين، أسندوا إلي مهمة أخرى٠
يأتي بالصينية ويضعها على الطاولة بيننا ويكمل:
ـ أصبحت أرافق المساجين لأودعهم بالسجن المدني بآسفي٠
يصب كأسي شاي ويشعل سيجارة ٠
ـ طيلة سنوات مرت الأمور بشكل روتيني، حتَّى حدث ذلك الحادث في يوم قائظ من أيام الصيف، ذهبنا في سيارة هوندا، أنا والسجينين المُصفّدين والسائق، وقع عطب للسيارة الصغيرة في الطريق وتأخرنا في الوصول، حين وصلنا للسجن بعد الزوال كان رئيس المعتقل غير موجود وطلبوا مني أن أبقى أنتظر حتى السّاعة الثالثة، طلبت من السَّائق أن يذهب إلى جانب الشاطئ الصغير لنزجي ما تبقَّى من الوقت، هناك ترجَّاني أحد السجينين أن أفك أصفادهما وأسمح لهما بالسباحة، أشفقت عليهما وقلت في نفسي إنهما ليسا مجرمين خطيرين ولا بأس بالأمر، لكن المصيبة أن أحدهما غرق، قام بعض الشبان بانتشاله وحملناه إلى المستشفى الإقليمي حيث قدموا له الإسعافات٠
ينتظر حتى أتوقف عن الضحك ويقول:
ـ أوقفوني لمدة أسبوع، وبعد ذلك أصبحت أنظم الصف أمام مصلحة البطاقة الوطنية، لكن في أحد الصباحات وأنا متجه للعمل، سمعت جروا يئن في إحدى فتحات الصرف الصحي، أردت أن أغيثه، كان متشبتا بحديدة في الأعلى، نزعت حزامي وأدخلته من تحته ثم أمسكت بالطرف الآخر وأردت إنتشاله، لكنه سقط هو والحزام إلى القعر، استعنت بمجموعة من الأطفال كانوا ذاهبين إلى المدرسة، واستطعت بعد جهد كبير أن أسترجع الحزام بمسدسه ورصاصاته
أسأله :
ـ هل علم رؤساؤك بالأمر ؟
ـ بطبيعة الحال، موقع الحادثة لم يكن يبعد عن الكوميسارية إلاّ بعشرات الأمتار ٠
يصمت للحظة، وحين يراني مبتسما متطلعا نحوه أنتظر بقية الحكاية، يقول:
ـ أرسلوني إلى مركز الشرطة الصغير بالمحطة الطرقية، لم أفهم أبدا ما هو المطلوب مني، وبقيت ألعب الورق في مقهى المحطة



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى