أحمد حيدري - رماد البسمة

ان يمسكك القلم ويبحر بك الي المجهول المضئ.
وتسمع خربشة الاحرف السوداء وهي تقفز الي الحنين.
لن تعلم ولن يعلم الي اين ومن اين تبدآ الحكاية .

كانت تبتسم وعيناها الزرقاوان لهما اشعاع الفجر الذي يآتي بلا زقزقة ولا خرير ولا صوت تلامس الغيم الحالم المسافر. كانت هي تبتسم وانا اجلس قبالتها ابحث عن اسئلة في اجوبتها وشذي صوت احصنة التاريخ يعبرني مع كلماتها . يدها تكمل ما نسيته الكلمات واراقبها واراقب العابرين المنسيين. كلماتها فلٌ في زاوية وحريق في زاوية واشتعال القهوة بالهال وحزن يختبآ بين رمشين في عينها اليمني ، ولم افهم بقية الزوايا المنحنية. كنت اسالها عن حياة كبار السن الآن في دور العجزة وهي هي هي تحكي لي عن حبها وقلبها المشتعل بنور الشيب ومسامات جلدها التي تحمل خوف المراهقة . اعود بها الي آنية الزمن وتاخذني هي الي فسفور جليد الذاكرة. هل قلت ان صوتها عاشق وان الالفاظ المتكسرة الذاهبة الي لا تفهم معناها الا عندما تصطدم باذني وتعود الي الفضاء فترسم المعني بلا تعاريج ولا اخاديد . الهواء البارد اجبرني علي اشعال السيجارة وامتصاصها علي نكهة الكلمة وصداها . الدخان شاركني السماع وتوقفت هي عن الكلام ، اردت ان اطفئ سيجارتي وابقي علي نار اشتهائها عندما ارتسم علي شفتيها رماد ابتسامة...
قالت: لا تفعل ابقها ، ابقي هذي التي عاشت معي ومعه ومع الهواء الذي حاصرنا بالهوي . ابقها... دخان سيجارتي بخور سحري ، تشممت الدخان الخارج من فمي ومن انفي ، دخان محمل بالاسئلة اللاهثة . اردت ان اعيدها الي مآساة حياتهم ، اولائك المتجمعون حولنا ولا احد يراهم لانهم منسيون . قلت لها: هل يزورك احد ؟ نظرت الي السماء طالت وقفة النظرة للسماء... قالت ولم تزل عيناها معلقة الي الاعلي : زارني ، يزورني كل يوم . قلت : من هو؟ قالت: عندما احببته سمعت رعدا اهتزت الارض قليلا فاض فنجان الشاي وتكسرت اوراق الخريف وبعد ذلك ولدت انا . قلت لها : الاكل هنا هل هو جيد؟ قالت : كنت آكل كثيرا ، كنت آكل اي شئ يخرج من فمه ، حتي دخان السجائر لكنه....لكنه... وقفت ومشت ، ناديتها سيدة... نظرت لي والزرقة في عينيها تقول : اسكت انت لا تفهم ما يفهم . تركتها تكمل السير البطئ ووقع الخطوات ياتيني ولم ابارح مكاني ،قطوف السجائر تكدست تحت قدمي والليل جاء ، رفعت راسي حيث اطالت النظر ورايت ضوء القمر يتسرب من الغيم. ... اسكت انت لاتفهم ما يفهم .... لكنني فهمت اننا نطلب منهم ان يحرقوا ذاكرة الطفولة بضوء القمر...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى