موجكا كوبلان - الجليل والقبح فى الفن المعاصر.. ترجمة : رمضان الصباغ

( 1 )

مما لاشك فيه أن مشهد الفن المعاصر لم يعد من الممكن وصفه على أنه جميل . وهكذا تحول العديد من الكتاب إلى فكرة “كانط “عن الجليل (Erhabene) من أجل توضيح القيمة الجمالية للأعمال الفنية المعاصرة. لأول وهلة، ليس من المستغرب النظر في كيفية تفسير "كانط" للجليل ، وهي باعتبارها تجربة من الاستياء الناجم عن الإدراك الحسي والابهام التخبلى للموضوع والذى نتغلب عليه عن طريق ملكة العقل وافكارها ( مثل أفكار الحرية والأخلاق والانسانية ، وما الى ذلك ) .

مثل هذا التفسير للجليل يناسب بشكل جيد الطابع المميز للفن المعاصر ، وهو أحد حالات الاستياء الاولى بسبب الملامح الحسية المزعجة للأعمال الفنية ، ولكنه أيضا أحد أشكال المتعة غير المباشرة المستمدة من قيمة الأفكار المرسلة من قبل العمل الفنى . الأمثلة التي وصفت بأنها جليلة تشمل نحت " داميان هيرست " المخيف والمقلق لسمكة قرش النمر ميتة في الفترينة محفوظة بالفورمالديهايد، بعنوان الاستحالة الفيزيائية للموت في عقل أحد ما حى ( 1991 ). أو الصورة المزعجة من قبل " جيني سافيل " في تصور السمنة المفرطة لجسد الفنان العارى المضغوط على الزجاج في اتصال مغلق (2002).

«ومع ذلك، فإن تطبيق فكرة " كانط "عن الجليل على الإنتاج الفني المعاصر تواجه مشكلتين رئيسيتين، مما يجب علينا حلهما قبل ادراج الفن المعاصر تحت جمالية الجليل لكانط وامكانية اضفاء الشرعية عليها ».

اولا، العلاقة بين الحليل الكانطي والقيمة الجمالية للفن المعاصر
تعتمد على افتراض أن نظرية "كانط " عن الجليل تسمح بإمكانية الجلال الفني، الا أن ذلك لايعد صريحا كما قد يتصور المرء . يوجد فى الحقيقة خلاف كبير بين الباحثين الكانطيين فيما يتعلق بالجليل فى الفن . ويرجع هذا الخلاف أساسا الى التفسيرات المتباينة لنظرية " كانط " عن الجليل .

أولئك الذين يزعمون أن عدم الجلال في الفن يمكن أن يكون واجه التأكيد على معايير الإدراك الحسي للجليل ، وهو أن الجليل يمكن أن يكون قد نتج فقط من قبل موضوعات تثقل في الحجم والقوة، وتنتج بالتاليشعورا هائلا بالتفاهه ( عدم الأهمية ) بالنسبة لنا . لأن الاعمال الفنية ليس لديها مثل هذه الخصائص ، انها محددة الحدود ونحن لا نجد أنها مهددة بأى حال من الاحوال ، وليس لديها القدرة على انتاج الجليل . من جهة أخرى ، فان أولئك الذين يرون امكانية أن يفسر الجلال الفنى الجليل باعتباره نشاطا ذهنيا فى المقام الأول ، والذى لا يتطلب بالضرورة وجود موضوعات خارجية ( اى موضوعات كبيرة الحجم أو مفرطة فى القوة ) .

هذا الرأى يعتمد على زعم " كانط " أن الجلال الحقيقى يجب أن يكون فحسب فى ذهن المرء الذى يحكم ( على العمل الفنى ) ، وليس فى موضوع الطبيعة .مفترضا أن هذا يعنى أن أفكار العقل والأفكار الاخلاقية بصفة خاصة تعد كافية لتحريض الجليل . وبما أن افكار العقل يمكن التعبير عنها فى عمل فنى (على النحو الذي اقترحه كانط في نظريته في الفن والأفكار الجمالية ) ، وبالتالى يمكن أن تستحث الأعمال الفنية الجليل .

تشير المشكلة الثانية الى العلاقة بين الجليل والقبح، فكلاهما يعتمد على الشعور بالاستياء . وبالنظر فى العديد من الأعمال الفنية التى وصفت بأنها جليلة قد حكم عليها أيضا من قبل البعض على أنها قبيحة أو حتى مثيرة للاشمئزاز ، فمن المعقول أن نطرح السؤال عن كيفية تمييزنا بين الجليل والقبيح . فى الواقع ان التشابه بين الجليل والقبيح قد أشير اليه من قبل "كانط" ، حيث كتب بأنه حتى على الرغم من أن حكم الجليل هو على غرار حكم الجميل فى أنه يعد حكما منزها عن الغرض ، والذى يسر بشكل مستقل عن المفاهيم الحاسمة وبصلاحية شاملة ، حكم الجليل هو أيضا مثل حكم القبح فى أنه يعتمد على الشعور بالاستياء، لانه :
" يبدو أنه مضاد للغرض ( contrapurposive ) بالنسبة لملكة حكمنا ، وغير ملائم لملكة التمثيل ، وباعتبارهما يقومان بالاعتداء على خيالنا . "
في الواقع، إذا كان لنا أن نلقي نظرة فاحصة على فكرة "كانط "عن الجليل والقبح فاننا نلاحظ أن كلا منهما ينطوي على عنصر الصراع بين الإدراك الحسي والخيال. في حالة الجليل يتسبب هذا الصراع من خلال النظرة إلى الأشياء ذات الحجم الكبير والقوى المفرطة تلك المناسبة لفكرة اللامحدودية فينا ، مثل كتل جبل بشع ( عديم الشكل ) ، والانهار الجليدية الضخمة ، والظلام الدامس ، واصطخاب البحر ، وتفجر البراكين ، والاعاصير المدمرة ، وما الى ذلك .
ويوضح "كانط " أن قدرة الخيال على فهم المتشعب ( المتعددة )المعقول محدودة، وبالتالي فإنه يحدث عند الإدراك المباشر لهذه الأجسام الضخمة والقوية فشل الخيال فى فهم المتعددة المعقول وتقديمه ككل موحد. هذا الفشل للخيال ينتج شعور الاستياء.

لكن تجربة القبح تنطوى أيضا على عنصر من الإحباط في وفرة من البشاعة ، وفوق ذلك ، البنية الفوضوية المفككة للموضوع .وبالنظر، على سبيل المثال - فى نوع معين من الحيوانات التي اعتدنا أن نحكم عليها بأنها قبيحة، مثل الشكل الوحشى لسمك الصياد ( الصنارة ) Angler المثير للاشمئزاز، بفمه الكبير للغاية، والطويل، وأسنانه الحادة والشعر اللامع الخارج من الرأس. أو- على سبيل المثال - الظهور المثير للقلق تماما من حيوان يدعى فأر الخلد العارى Naked mole rat "1" مع أسنانه الأمامية الكبيرة ، والشفاه المغلقة ومن ورائها الأسنان الوردية، والمجعدة، والجلد بلا شعر تقريبا . ونحن نحكم على هذه الحيوانات بالقبح لأنها تقدم نظاما من سمات الازعاج والعدوانية على تصورنا ، كما لو كانت مؤلفة من عناصر متعارضة . ويرافق الاستياء في رؤية مثل هذه الحيوانات الشعوربعدم صحة نتيجة المزيج من السمات التي لا يجب أن تكون مجتمعة بمثل هذه الطريقة . السخصائص الإدراكية لموضوع قبيح تعد متطفلة جدا وفوضية مما يجعل من الصعب على قدراتنا المعرفية التعامل معها وإيجاد حل لذلك.

باستخدام مصطلحات "كانط، " كل الموضوعات الجليلة والقبيحة تبدو مضادة للغرض بشكل ذاتى لملكة الحكم (أي عدم اتفاقها مع الحاجة لقوة الحكم لإيجاد الانسجام والنظام في العالم)، وبالتالي إنتاج شعور من الاستياء. لكن ما يميز الجليل مقارنة بالقبيح ، هو أن هذا التضاد مع الغرض يكشف علاقة ذاتية هادفة بين الخيال والعقل مما يؤدى الى الشعور بالمتعة .
تفسير " كانط " للجليل يطرح السؤال الخاص لماذا فى هذه الحالة حتى على الرغم من أن كلا من الموضوعات الجليلة والقبيحة والمضطربة ( المختلة ) والتى لاتتكيف مع قدراتنا المعرفية تنتج الأمر الذى يؤدى الى الاستياء ، ومع ذلك فان الاستياء الناتج عن الجليل يثير ملكة العقل ، مما يؤدى الى استجابة جمالية ايجابية ، بينما فى القبح لا تحدث هذه المناشدة للعقل ، وينتهى الحكم الى الاستياء وحده ؟ .

لا يقدم " كانط " للأسف جوابا على هذا السؤال ، ونفس الشىء يمكن أن يقال عن المناقشات المعاصرة ، التى تهتم فى المقام الأول بالتمييز بين الجميل والجليل ، وتعطى القليل من الاهتمام لفكرة " كانط " عن الجليل فى تعارضها مع القبيح . وهذا ليس مستغربا نظرا لأن القبح فى حد ذاته فى علم جمال " كانط " يعتبر فكرة جمالية اشكالية ، اذا كان ذلك ممكنا ابستمولوجيا ، وبالتالى لا يبدو من المطلوب القيام بمناقشته بشكل منفصل لتوضيح التمييز بين الجليل والقبيح .

هذه هى - في الواقع - وجهة نظر(هيرمان باريت ) التي يزعم فيها أن القبح هو شيء يأتي فوق الجليل "، كما لا يمكن تصوره بشكل جذري ولا يمكن ادراكه بملكاتنا التمثيلية وخيالنا " . ويستثنى من مثل وجهات النظرهذه ، رأى " تيودور جرايسك "Theodore Gracyk " "2
فوفقا لموقفه فان كلا من الجليل والقبح يعدان استجابة جمالية لموضوعات عديمة الشكل (أي الموضوعات التي نحن غير قادرين على إدراكها ككل موحد) ، ومع أن الاستياء عديم الشكل فى الجليل ، الا أنه فى القبيح لا حل له فى نهاية ا لمطاف من خلال مناشدة أفكار العقل المنتجة للشعور بالمتعة .
الحكم على الجلال يعد وسيلة معادلة ( او للتعويض ) بالنسبة لما لا شكل له ، والحالات التى لا يوجد فيها مثل هذا التعويض يتم الحكم عليها باعتبارها مجرد حالات من القبح . تفسير " جرايسك " للقبح على أنه بمثابة جزء من الخبرة بالجليل ليس مرضيا ، لأنه فشل فى تقديم تفسير واضح عن السبب – بشكل خاص – فى أن الجليل المضاد للغرض يلجأ للعقل فى حين أنه لايحدث توسل للعقل بالمثل فى أحكام القبح . وعلاوة على ذلك يترتب على وجهة نظره ان الجلال يبدو مكونا من تسلسل زمنى لشعورين منفصلين ، استياء القبح ومتعة العقل ، فى حين أن " كانط " قدم الشعور بالجليل باعتباره شعورا وحيدا ومعقدا نوعا ما ، محددا باشعور بالاجلال .

مع أن "كانط " لم يقدم تمييزا واضحا بين الجلال والقبح ، مع ذلك فان تحليله لفكرة الجليل بالمقارنة مع الجميل تشير الى اعتباره أن الجلال يعد مفهوما جماليا مختلفا فينومينولوجيا ونظريا عن القبح . هذه هى الأطروحة التى سوف اناقشها فى بقية هذا البحث . من خلال فكرة "كانط" عن الجليل فى تناقض مع القبح ، وسوف أتناول القضايا الرئيسية التى أثيرت فيما يتعلق بالجليل فى الفن . وازعم بأن الفن المعاصر ضد الجليل بالمعنى الكنطى ، وبدلا من ذلك اقترح امكانية تفسير القيمة الجمالية المميزة للفن المعاصر على نحو أفضل من خلال توظيف فكرة "كانط " عن القبح فى اتصال مع نظريته عن الأفكار الجمالية .

( 2 )

يقدم كانط فى ( نقد ملكة الحكم ) الراى الذى يرى ان الموضوع الجميل يظهر غائية ذاتية . وباختصار يعد الموضوع هادفا بشكل ذاتى اذا كان مناسبا لحالتنا الذهنية للانسسجام الحر بين الخيال والفهم ، وتوجد ملكتان للعقل مسئولتان عن قدرتنا العادية لادراك الموضوع . ففى حين يجمع الخيال المتشعب المعقول ، فان الفهم ، من جهة اخرى ، يوحد المتشعب ( المتعدد ) فى اطار مفهوم الموضوع .
يفسر كانط اجراء جمع المتعدد المعقول للمفاهيم ( أى تحقيق الانسجام بين الخيال والفهم ) مع فكرته عن ملكة الحكم ، التى يعرفها بأنها : ملكة لادراج الخاص فى اطار العام . يلبى كل من الادراك والتصور العاديين للموضوع الجميل حاجة لملكة الحكم لتحقيق الانسجام بين القوى المعرفية ، والفرق هو أنه فى الحالة الأخيرة لايتم تطبيق المفهوم على متشعب المعقول ( اى الانسجام الحر ) ، وبالتالى فان الحكم ينتج فى الشعور بالمتعة وحدها .
يميز كانط ، من جهة أخرى حالة ذهنية من التنافر الحر بين الخيال والفهم – على سبيل المثال - ويكتب:
" يعتبر الفهم والخيال بالنسبة لملكة الحكم فى علاقة ببعضهما البعض ، ويمكن أن ينظر المرء لهذه العلاقة بملكتين للمعرفة ذاتيتين فحسب ، بقدر ما احداهما تساعد أو تعوق الأخرى فى نفس التمثيل وبالتالى تؤثر على الحالة الذهنية "
ولقد صادفنا نفس الفكرة فى كتابه علم الانسان ( Anthropolog ) والتى تنص على : " ان الحكم على الموضوع من خلال الذوق يعد حكما على الانسجام أو التنافر الحر، فى لعب ملكة الخيال وقانونية الفهم " .

عندما تكون القوى المعرفية في تنافر (أي الصراع بين المتشعب المعقول المدرك من الخيال والمبدأ الموحد للفهم) ، حينئذ يتم العثور على مضاد الغائية بالنسبة لملكة الحكم ، وبعبارة أخرى ، فشل الموضوع فى الاتفاق مع حاجة ملكة الحكم لايجاد الانسجام فى العالم . وعدم الارتياح لهذه الحاجة ينتج شعورا بالاستياء . على الرغم من أن " كانط " لا يقول بهذا صراحة ، وليس هناك سبب لافتراض أن مثل هذه الحالة غير المنسجمة هى احد أسباب حكم القبح . بعد كل شىء عندما عرف الحس السليم باعتباره المبدأ الذاتى للذوق وباعتباره شعورا جماليا معديا شموليا ، والشعور ليس هو مجرد الشعور بالمتعة ، بل والشعور بالاستياء أيضا . " ويجب أن يكون لهما مبدأ ذاتيا ، يحدد ما يسر وما يسىء من خلال الشعور وليس من خلال المفاهيم ، الا أنه مع ذلك له صلاحية شاملة " .

فى حين أنه فى حالة الجمال ، فان الانسجام المتبادل بين القوى المعرفية يطيل عملية لعبها ، ويطيل تبعا لذلك الاهتمام الجمالى ( عندما نكون منبهرين بموضوع ، فاننا نود أن نظل فى هذه الحالة الذهنية ) ، فى حالة القبح ، فان عائق التبادل بين القوى المعرفية واحباطها يؤدى الى عرقلة لعبها الحر ، مما يسبب عرقلة الاهتمام والتحول بعيدا عن الموضوع القبيح . نحن لانميل الى النظر الى موضوع الاستياء ( رؤية صورة فأر الخلد تجعلنى أغطى عينى ) ولانحب أن نستمع الى موضوع الاستياء (تجعلنى الاصوات المزعجة أقفل أذنى ) : " الاستياء هو ذلك التمثيل الذى يحتوى على أساس تحديد حالة التمثيلات الى نقيضها الخاص ( اعاقتها أو التخلص منها ) " .

لكن وفقا لكانط ، تبدى موضوعات الجليل مضاد الغائية الذاتى . وهذا هو السبب فى الطابع المميز للموضوعات الجليلة ، وهى أنها احدى مظاهر نوع معين من العظمة ، سواء فى الحجم أو القوة . عندما يكون الموضوع ساحقا فى الحجم فانه حينئذ يسمى خبرة جليلة رياضيا . على سبيل المثال البنية الهائلة للأهرام فى مصر أو سلسلة جبال الهيمالايا الهائلة تعد موضوعات نموذجية للجليل الرياضى لأنها شاسعة ويصعب علينا تصورها ككل فى وقت واحد . ولكن عندما يكون الموضوع الساحق فى قوة فيزيقية ، وبالتالى يسبب فينا الشعور بالخطر، عندئذ يدعى خبرة جليلة ديناميكية . فالبراكين، والأعاصير المدمرة، والمحيط المتسع ، والعواصف ، تعد نماذج للجليل الديناميكى ،لأن القوة المادية كبيرة جدابالنسبة لمقاومتنا .
يمكن للمرء أن يلاحظ أن كل أنواع الموضوعات الجليلة مشتركة فى القدرةعلى التعريض للخطر، بطريقة أو بأخرى، وعلى الجانب غير الاعتيادى من وجودنا. تهدد الموضوعات الهائلة فى الحجم ادراكنا المنطقى ( يكون الموضوع شاسعا للغاية بالنسبة لخيالنا وامكانية ادراكه )، وتهدد الموضوعات الساحقة فى قوتها المادية وجودنا المادى . ففى كل حالة يفشل فيها الادراك الحسى والخيال فى أن يستدعيا الى الأذهان فينا فكرة محدودية الموضوع ( عدم محدودية الحجم فى الجليل الرياضى وعدم محدودية القوة التدميرية والآثار المدمرة المترتبة عليها فى الطبيعة فى الجليل الديناميكى ) .
أثيرت فكرة عدم محدودية الموضوع بسبب محدودية خيالنا . وهى ، وفقا لنظرية " كانط " مركب ثلاثى ، ويتم تنفيذ الادراك العادى من قبل ملكتى الخيال والفهم . وتنفذ ملكة الخيال نوعين من الأفعال : ( 1 ) ادراك أو جمع المتشعب من الحدس ، و ( 2 ) الاستنساخ أو الأخذ فى الاعتبار انطباعات الشعور المدركة . فى حين أنه يمكن أن يستمر الادراك الى مالانهاية ، فان استيعاب أو توليف الاستنساخ ، من جهة أخرى محدود . وبالتالى يحدث فى ادراك الموضوع الهائل خاصة أن :
" الاستيعاب يصبح أكثر صعوبة لادراك مزيد من التقدم ، وسرعان ما يصل الى الحد الأقصى ، وهو من الناحية الجمالية بمثابة القدر الأساسى الاكبر لتقدير الحجم . لأنه عندما يمضى الادراك الى حد أن التمثيلات الجزئية لحدس الشعور الذى أدرك أولا بالفعل يبدأ فى التلاشى فى الخيال مثل الاجراءات الأخيرة للادراك ، فانه يفقد من جانب بقدر مايكسب من الجانب الآخر ، ويكون هناك الاستيعاب فى أعظم مرحلة ولا يمكن أن يستمر بعدها ".
بعبارة أخرى فان الحجم الكبير للموضوع أو قوته ، مثل جبال الهمالايا المثيرة للاعجاب ، تمنع الخيال من التوالد ، واضعة فى اعتبارها تعاقب انطباعات الاحساس المدركة ( ونحن لا يمكن استيعاب كل أجزاء وتفاصيل الجبل الهائله فى حدس واحد ) ، وبالتالى يفشل الخيال فى تقديم المتشعب المعقول ككل متماسك وموحد . وبناءا على ذلك يقترح أن موضوعات معينة فحسب ، تلك الموضوعات التى تتجاوز قوة الخيال والفهم ( مثل الموضوعات كبيرة الحجم والمفرطة فى القوة ) ، هى التى تعد مناسبة لخبرة الجليل : الجليل يمكن العثور عليه فى الموضوع عديم الشكل بقدر ما تتمثل فيه اللامحدودية .

يكتب "كانط " ، ان ادراك موضوع عديم الشكل ولا محدود يشير الى التقدير الجمالى لحجم وقوة الموضوع بدلا من التقدير المنطقى والمفاهيمى . هذا ، ويبدو الموضوع عديم الشكل فى الحدس المحض ( الذى يقدر بالعين ) . وبعبارة أخرى ، فان جبال الهيمالايا يبدو أنها لا حدود لها فى الادراك المباشر فحسب ، باعتبار صدماتها لعيوننا ، ولكن ليس فى التقدير المنطقى لحجمها ، لأنه يمكن قياسها باستخدام وحدة ملائمة . ويمكن أن يقال نفس الشىء عن الموضوعات التى تعد امثلة نموذجية لما لا شكل له مثل السماء المرصعة بالنجوم . حتى على الرغم من أنه من المستحيل من ناحية الأدراك الحسى استيعاب حجم السماء المرصعة بالنجوم ، فالحساب المنطقى لحجمها - مع ذلك – يعد ممكنا .
وبالمثل فى حالة موضوع الجليل الديناميكى .فيمكننا قياس قوة الموضوعات الطبيعية ، وشدة الزلزال بمقياس ريختر او قوة الاعصار بمقياس " سافير سيمبسون Saffir-Simpson " . وبالتالى ، لا شىء يمكن أن يعطى من الطبيعة ، كما استنتج " كانط " ، ولكن من الرائع أن يتم الحكم من قبلنا ، والذى لا يمكن أن يعتبر فى علاقة أخرى ، يتم تضاؤلها وصولا الى التناهى فى الصغر .
فى التقدير المنطقى لموضوع الخيال والفهم يكون فى وضع العلاقة الهارمونية . ويجمع الخيال متشعب المعقول بنجاح على النحو الذى تحدده المفاهيم العديدة للفهم . ومع ذلك ، فى التقدير الجمالى للحجم والقوة للموضوع ( أى فى الادراك المباشر ) ونحن ليس لدينا المفاهيم العديدة للفهم التى يعتمد عليها . ومع ذلك لايزال الطلب على الخيال لتجميع متشعب المعقول وتقديمه باعتباره موحدا . ويرد هذا الطلب الى الخيال من قبل ملكة العقل :
" يسمع الذهن فى حد ذاته صوت العقل ، الأمر الذى يتطلب شمول جميع المقادير المعطاة ، حتى بالنسبة لتلك التى لا يمكن ادراكها تماما ، على الرغم من أنها تعد ( فى التمثيل المعقول ) محكوما عليها باعتبارها معطاة تماما ، وبالتالى الاستيعاب فى حدس واحد ، ويتطلب عرضا لجميع الاعضاء فى سلسلة عددية متزايدة تدريجيا ، ولا يعفى من هذا الشرط حتى لانهائية ( المكان والزمان الماضى ) ، بل يجعل الأمر لا مفر منه بالنسبة لتفكيرنا فى الامر ( فى الحكم على الاسباب الشائعة ) على النحو الوارد تماما ( فى مجملها ) " .
لكن بسبب محدودية قدرة الخيال على استيعاب متشعب المعقول ( فى وسعها فحسب استيعاب درجة محدودة من العناصر المدركة ) ، ويحدث هذا عند ادراك الموضوعات الهائلة والقوية حيث يفشل الخيال فى استيعاب متشعب المعقول بنجاح وتقديمه باعتباره كلا موحدا . وهكذا فان فشل الخيال فى تجميعه متشعب المعقول فى حدس واحد يعد فشلا فى ارضاء ملكة العقل . ومن التنافر بين الخيال والعقل ينتج الاستياء فى الجليل .
من جهة أخرى فان حقيقة أن الخيال يفشل فى تلبية المهمة المعطاة له من قبل العقل (أى أن يقدم بشكل منطقى فكرة عقلانية عن الحجم اللانهائية والقوة اللانهائية ) ويدل على وجود ملكة فائقة للعقل ( أى ؛ الملكة العقلية ) : ولكن لكى يكون قادرا على التفكير فى لانهائى معين دون تناقض يحتاج الى ملكة فى العقل البشرى تعد فى حد ذاتها فائقة للمعقول " . والوعى بوجود مثل هذه الملكة الفائقة للمعقول للعقل تنتج فينا متعة مكثفة :
" ما يعد مفرطا بالنسبة للخيال ( وله دافع لادراك الحدس ) فانه باعتباره هاوية ، يخشى فقدان نفسه فيها ، ولكن لأن فكرة العقل الفائقة للمعقول لانتاج مثل هذا الجهد من الخيال لا تعد مفرطة بل قانونية ، وبالتالى فانها تعد جذابة بشكل محدد كم انها مثيرة للاشمئزاز للحساسية الخالصة " .
حدد " كانط " الخبرة المتفقة مع الاستياء والمتعة فى الجليل بالشعور بالاجلال : " الشعور بعدم كفاية قدرتنا لتحقيق الفكرة التى تعد قانونا بالنسبة لنا هى الاجلال ". الجليل هو الشعور بعدم كفاية طبيعتنا الجسدية والمعقولة ، ولكنه فى نفس الوقت الاعتراف بقيمة العقل وقدرتنا على التفكير فيما وراء النظر بعقلانية . فى الجليل الرياضى ، نحن نقدر الجانب النظرى لعقلنا، وفكرة الوحدة المطلقة "التى لديها اللانهاية فى حد ذاتها باعتبارها وحدة مقابل كل شىء صغير فى الطبيعة " . فى الجليل الديناميكى نحن نقدر الجانب العملى لعقلنا ، ونرتقى بفكرتنا عن الحرية الأخلاقية والقدرة " لنرتفع فوق عقبات محددة من الحساسية عن طريق المبادىء الأخلاقية " .
يثير فينا مشهد البركان الثائر الرعب والخوف بسبب عدم قدرتنا على التحكم فى القوة المادية للطبيعة . يقودنا الشعور بالخوف الى ادراك المشاعر السلبية بأننا مثل الكائنات الطبيعية غير كاملين . وعديمى الحيلة ومعرضين لقوى الطبيعة التى لا ترحم . ولكن مثل هذا الادراك يوقظ فينا التفوق الاخلاقى على الطبيعة ، وأنه بالرغم من ضعفنا المادى فاننا نقف بثبات ضد أعظم قوة للطبيعة . قدرتنا على التفكير بانفسنا باعتبارنا مستقلين عن الطبيعة ، وبالتالى القدرة على تجاوز مخاوفنا من الوفاة والمرض والجوانب السلبية الاخرى المرتبطة بطبيعتنا الجسدية ، تنتج فينا شعورا بالاحترام ككائنات عقلانية واخلاقية .

يمكن للمرء أن يرى أنه على النقيض من الجمال والقبح، لا يعزى الجلال للموضوع في حد ذاته، بل بالاحرى لقوة أذهاننا . فالشعور بالجليل هو الشعور بالاعتراف بسيادة عقلنا على طبيعتنا المعقولة وهو وفقا لذلك بمثابة شعور بالاجلال
“ لدعوتنا الخاصة ، حيث يظهر لنا الموضوع فى الطبيعة من خلال مراوغة معينة ( الاستعاضة عن الاجلال بالنسبة للموضوع بدلا من الفكرة الانسانية فى ذاتنا ) ، والتى كانت تجعل القدرة على الشعور بتفوق الدعوة العقلية لملكاتنا المعرفية خلال أكبر ملكة للحساسية " .

هذا الشعور بالمتعة بالجليل يكشف عن هدف الذات بالنسبة لملكة العقل النظرى والعملى والافكار فائقة المعقولية اللانهائية والحرية على الترتيب . وهذا يتناقض مع الشعور بالمتعة بالموضوع الجميل وهو ما يكشف عن هدف الموضوع بالنسبة لقدراتنا المعرفية ( الخيال والفهم ) . والتمييز بين الطريقين اللذين يمكن أن يكون الهدف مقدما قد ذكر من قبل "كانط " فيما يلى :
« قابلية المتعة بالتفكير في شكل الأشياء (فى الطبيعة وكذلك فى الفن)، مع ذلك، لا تشيرفحسب الى هدف الموضوعات فيما يتعلق بملكة الحكم ، وفقا لمفهوم الطبيعة ، فى الذات ، ولكن ايضا ، على العكس ، فان الذات ترجع ذلك الى مفهوم الحرية ، فيما يتعلق بالموضوعات ، وبشان شكلها أو افتقارها للشكل " .
فى حين يكشف الجمال عن غائية الموضوعات بالنسبة لقدراتنا المعرفية ، فان الجليل ، من جهة أخرى ، يكشف عن غائية الذات بالنسبة لملكة العقل ، ومع ذلك، فانه ليس غائية ذاتية لذات الحكم التى يكشف الجليل عنها . ويذكر بأن الوعى لفكرة المعقولية الفائقة التى يقتضيها عجز الخيال تلبية لمهمة ملكة العقل ، وذلك لتقديم فكرة عقلانية لانهائية ( حجم لا نهائى وقوة لانهائية ) . كما يوضح " كانط " ، نحن نشعر بالاحباط لعدم قدرتنا على استيعاب حجم أو قوة موضوع معين ، على وجه التحديد لأن لدينا فكرة شاملة لكل المقدير المعطاة . ولأن هذه الفكرة لا يمكن انجازها تجريبيا ( والا فاننا سوف نكون قادرين على استيعابها بالادراك الحسى ) ، وهذا يشير الى أنه يجب أن تكون لدينا ملكة ذهنية فائقة للمعقول ، تنشأ من خلالها الفكرة اللانهائية . وبناءا على ذلك فان الخلاف بين الخيال وملكة العقل الذى يكشف عن وجود العقل يجلب معه الشعور بالمتعة :
“الشعور بالجليل هو شعور بالاستياء لعدم كفاية الخيال ، والمتعة التى هناك تكون مثارة فى نفس الوقت من انسجام الحكم ذاته مع عدم كفاية الملكة المعقولة العظمى بالمقارنة مع أفكار العقل " .
ملكة العقل موجودة فى الشعور بالاستياء ( فى الواقع ، هذا بالضبط لأن بوجودها فان الخيال يكشف عن نفسه باعتباره غير ملائم ) هو أن مجرد الاستياء يكشف عن وجوده : " الخيال والعقل ينتجان الهدف الذاتى خلال صراعهما " . فعل الخلاف بين الخيال والعقل هو فعل اتفاقهما . وهكذا فالجليل ليس مجرد كشف عن غائية حكم الذات ، بل يكشف أيضا عن الغائية المضادة .
يمكن للمرء أن يرى أن الشعور بالاستياء والمتعة بالجليل مرتبطان ولا ينفصما . لديهما نفس المصدر ولايمكن لأحد أن يفصل بينهما . وليس الشعور بالجليل شعورا مستقلا عن الشعور بالألم والمتعة الايجابية ، بل بالاحرى توجد المتعة فى الاستياء . وهذا هو الغائية المضادة التى تؤدى الى الاستياء وتؤدى أيضا الى الشعور بالمتعة . يفسر " كانط " الجليل باعتباره تموجا أو اهتزازا ، أى أنه تنافرمتناوب بسرعة من الموضوع وانجذاب الى الموضوع نفسه ، وهذا يعد بديلا عن الشعور بالخسارة من جهة والشعور بالكسب من جهة أخرى . فخبرة الجليل هى خبرة متعة سلبية .
من جهة أخرى ، فان الاستياء من القبح يكون نتيجة للتنافر بين الخيال وملكة الفهم . فى هذه العلاقة ليس هناك أى فشل للخيال ، بالأحرى هو حالة المتشعب المعقول المدرك بنجاح من قبل صراعات الخيال مع الفهم وحاجته الى ادخال النظام والوحدة فى خبرتنا بالعالم . وهكذا ، تعد احكام القبح نموذجا ( لمزيج من متشعب المعقول ) للموضوع الذى يعد غائية مضادة بالنسبة لملكة الحكم . بعد كل شىء ، يكتب " كانط " ذات حكم الذوق تعد نموذجا للموضوع . ولكن اذا كانت نموذجا للموضوع فان هذا يسبب الغائية المضادة .
من ثم يعنى هذا أنه يجب على الخيال أن يكون قادرا على استيعب نموذج الموضوع القبيح بنجاح وأن يكون قادرا على التشكيل فى حد ذاته . وهذا هو متشعب المعقول المستوعب والمختلف مع الفهم . مانتصوره باعتباره استياءا هو العلاقة بين الخيال والفهم الناشئة عن شكل معين للموضوع . بعبارة أخرى يعد يعد القبح نتيجة لفشل الموضوع فى التوافق مع قدراتنا المعرفية . هذا ما يتجلى بوضوح فى خبرتنا بالقبح . عندما نجد موضوعا قبيحا فاننا نميل الى وصف شعورنا بالاستياء ليس لعدم قدرتنا على استيعاب الموضوع ، بل بالأحرى ننسبه الى الموضوع ذاته وفشله فى التوافق معنا واحساسنا الجمالى . ورد فعلنا تجاه مثل هذا الموضوع يكون بالابتعاد عنه .
لكن موضوع تأمل الجليل يعد " موضوعا بلا شكل وبلا غائية " . موضوعات الجليل كبيرة الحجم للغاية و(مفرطة فى القوة ) بالنسبة للخيال من الصعب أن يستوعب جميع جوانب الموضوع فى كل واحد موحد . وبااتالى ، ليس هناك الشكل الحاسم ليتم الحكم عليه باعتباره غائية . الجليل ، كما يضعه " دريدا " بشكل جيد ، " لا يمكن أن يوجد فى أى شكل معقول " . واذا كان الجليل لا يمكن أن يوجد فى أى شكل معقول ، فانه بالاحرى لا يمكنه ان يكشف شيئا عن الموضوع فى حد ذاته . الشعور بالاستياء فى الجليل يكمن فى قصور الذات فى استيعاب المتشعب المعقول وانجازاته للكائن الهائل على أنه محدود . مثل هذا التفسير ألمح اليه من قبل " كانط " فى الفقرة التالية :
" بالنسبة للجميل فى الطبيعة يجب علينا أن نبحث عن أساسه خارج أنفسنا ، اما بالنسبة للجليل فانه يكمن فى أنفسنا وفى طريقة التفكير التى تدخل الجلال فى تمثيل السابق " .
لا يكشف الجليل عن شىء عن طبيعة الهائل ( الضخم ) بل بالأحرى يفرض علينا اللجوء الى أنفسنا ، وللجانب الحدسى فى طبيعتنا . لا يكشف الجليل شيئا عن موضوع الحكم ، فانه باعتباره كائنا هائلا الا أنه عديم الأهمية بالمقارنة مع الطبيعة ، الا أنه يملك أيضا ملكة العقل المستقلة عن الطبيعة ووفقا لها فان الطبيعة ذاتها تعتبر صغيرة بشكل مربك ( محير ).
يجبرنا الجليل على البحث عن الهدف فى نفس المكان الذى يستمد منه الغئية المضادة ، وهذا يكمن فى داخلنا وليس خارجا عنا ، كما يفعل القبح . لأن القبح لم يختبر باعتباره مؤشرا لقيودنا ( حدودنا ) المعرفية الخاصة ، فليست هناك حاجة للجوء الى ملكة العقل للتعويض عن عدم الكفاية – النقص – بمناشدة فكرة تفوقنا العقلانية والأخلاقية .
فى الختام ، فان القبح والجليل هما مقولتان جماليتان متميزتان جماليا وفينومينولوجيا . يعد سبب الاستياء فى الجليل والقبيح مختلفا . انه الوعى بالنقص فى معرفتنا المعقولة التى خبرناها باعتبارها غير سارة فى الجليل ، فى حين الاستياء بالقبح هو عدم كفاية الموضوع للتوافق مع ملكاتنا المعرفية . وبينما يكشف التنافر عن الغائية المضادة للذات ، والتى من جهة أخرى تكشف عن قيمة العقل وقدرتنا على التفكير فيما يتجاوز المعطى بطريقة معقولة .
علاوة على ذلك فان كلا من القبيح والجليل لديه النغمة التوافقية الشعورية الفينومينولوجية الخاصة به . يمكن أن يكون الموضوع أكثر أو اقل قبحا ، ويتوقف هذا على درجة التوافق بين الخيال والفهم . على سبيل المثال ، " ابو سعن طائر اللقلق الافريقى " "3" يعد أقل اثارة للاستياء من " سمك الصياد Angler fish " لأن خصائص الادراك الحسى فى الأخير – سمك الصياد – تبدو أكثر فوضوية وفظاظة من الأول ( اللقلق ) . وبالمثل يمكن أن يكون الموضوع اكثر او أقل جلالا اعتمادا على حجم الموضوع أو قوته المادية .
هذا ، وان الشعور بالاجلال بالنسبة للملكة فائقة المعقولية للعقل هو أكبر كثيرا عندما يواجه ضخامة " جراند كانيون " "4" في ولاية أريزونا من ما هو أقل شهرة وأصغر" كانيون الأسود ""5" في ولاية نيفادا . على الرغم من أن " كانط " لم يكتب عن درجات الجلال ، فان هذه الفكرة متضمنة فى الفقرة التالية :
" ذلك أنه ، بدون بحث عن مبرر ( مسوغ ) ، فى الادراك فحسب ، يثير فينا الشعور بالجليل ، غير الملائم بالنسبة لملكة تمثيلنا ، وقد يظهر بالتأكيد فى شكله ليكون مضادا للغائية بالنسبة لمكلكة حكمنا ، وباعتباره يمارس العنف على خيالنا ، ولكن مع ذلك يتم الحكم على كل ما هو أكثر جلالا بسبب هذا " .
الحجم الاكبر للموضوع أو قوته المادية المفرطة ، تعتبر أكثر صعوبة بالنسبة لخيالنا لاستيعاب الموضوع جماليا ، وبالتالى تكون خبرتنا بالموضوع الأكثر جلالا أكثر صعوبة .
لكل من القيح والجليل ضده الخاص أيضا . فى حين أن عكس االقبيح هو الجميل ، فان المفهوم الجمالى السلبى النوذجى الذى ينتصب معارضا للجليل هو السخيف ridiculous . كما كتب " كانط " ، " لاشىء يعارض الجميل مثل المثير للاشمئزاز ، كما لاشىء يغوص بعمق تحت الجليل غير المثير للسخرية " . لم يكتب " كانط عن مفهوم السخافة فى النقد الثالث ، ولكنى اعتقد أن شرحه للجلال يقدم بعض التبصر فى طبيعة السخافة . باختصار ، وجهة نظرى عن المثير للسخربة ، وكذلك الجليل ، تكمن فى اعتراف الذات بانقسامها الخاص بين النقيضين ، اى بين الجانب المحدود الاعتيادى والمحسوس ، والجانب اللانهائى ،الحدسى والعقلانى لوجودنا . والفرق هو أن خبرة الجليل ، هى الجانب العقلانى ، ذلك ان العقل ، هو المهيمن ، باعتراف المتمرس من خلال الشعور بالجلال والرهبة . مع ذلك ، فى الخبرة المثيرة للسخرية ، فان محدودية ، وحسية ، وصغر حجم شخصية الانسان المهيمنة والتى تؤدى الى الشعور المحبط والتفاهة والعبثية .
فى كلتا الحالتين تتم مناشدة ملكة العقل . وفى حين يتفق الجليل مع ملكة العقل ، من جهة أخرى فان السخف يرفض ويتناقض مع ذلك . فى حين ينتصر الجليل للشىء فى ذاته واللانهائى ، فان السخيف يندب لسقوطه . ما نجده غير سار فى السخف هو الاعتراف بالتخلى عن الحدس الذاتى الذى تفرضه ملكة العقل علينا فى تأملنا للعالم . فى ضوء هذا الفرض ، يبدو من الضرورى أن الحسى والاعتيادى عديم الأهمية ومخيبا للآمال . مع ذلك ، فعلى وجه التحديد – لنفس السبب فان السخيف لا يسرنا ، انه يهددنا ايضا ، لتخلى العقل عن توقع غاية الهدف ومعنى الحياة .


( 3 )

يحكم على الموضوع بأنه جليل – كما أشار- " كانط " - فى المناقشة السابقة اذا أثار فينا فكرة المعقولية الفائقة ( فكرة اللانهاية فى حالة الجلال الرياضى وفكرة الحرية الأخلاقية فى حالة الجلال الديناميكى ) ، الا ان هذه الفكرة يمكن أن تكون قد أوقظت فينا فحسب من خلال فشل الخيال والشعور بالاستياء المصاحب له . والسؤال هو ما اذا كانت الاعمال الفنية تفى بهذا المعيار الخاص بالجليل . وهل هناك امكانية للجليل الفنى ؟ .

قبل الشروع فى الاجابة على هذا السؤال ، فان من الضرورى – مع ذلك – صقل أو تنقيح التمييز بين الجلال الفنى والتمثيل الفنى للجلال . هذا التمييز يوجد ضمنا فى تصريح " كانط " الآتى : " يعد جمال الطبيعة شيئا جميلا ؛ جمال الفن هو تمثيل جميل لشىء ما " . بعبارة أخرى يمكن أن يقدم العمل الفنى موضوعا جميلا ، دون أن يكون جميلا فى حد ذاته . الا اذا كان التمثيل الفنى جميلا فى حد ذاته ، وبوسعنا القول بأن لدينا جمالا فنيا حقيقيا . وبالمثل فى حالة الجلال الفنى . فيكون الشىء جليلا فى حد ذاته فقط عندما يتم التمثيل الفنى للشىء ( الجليل أو غير الجليل ) ، وبوسعنا القول بأن لدينا جلالا فنيا حقيقيا . والجلال الفنى ليس نتيجة لجلال الموضوع ، بل هو بالأحرى نتجة للتمثيل الفنى فى حد ذاته ( أى بنية وترتيب الموضوع ) .
فى حين أن هناك العديد من الاعمال الفنية ، ولا سيما الاعمال الرومانتيكية النموذجية فى القرن التاسع عشر التى تصور موضوعات جليلة ، الا أنها ليست مثالا على الجلال الفنى الحقيقى . على سبيل المثال لوحة " البرت بيرستادت " بعنوان ( عاصفة فى جبال روكى ، وجبل روزالى A Storm in the Rocky Mountains, Mt. Rosalie ) فى عام 1866 يصور سماء عاصفة فوق سلسلة جبال ، هذا المشهد كنا نجده جليلا . فى هذه الحالة ، اللوحة مجرد تقليد لموضوع طبيعى جليل ، ولكن دون أن يكون العمل جليلا فى حد ذاته ( كما يكون التمثيل الفنى ) جليلا . وقد يقول قائل بأنه على الرغم من أن الاعمال الفنية ليست جليلة فى حد ذاتها ، فان بوسع الموضوع – مع ذلك – اثارة خبرة جليلة ، على سبيل المثال من خلال تخيل وجودنا فى خضم ذلك المشهد الجليل " وادراكه كما لوكان مشهدا طبيعيا " .
وهكذا ، يستطيع العمل الفنى بعد كل شىء أن يسبب خبرة الجليل ، فيما اعتقد – مع ذلك - أن من غير المرجح ان نتمكن من خبرة الادراك الحسى وفشل الخيال فى الموضوع الجليل الطبيعى . بالأحرى ما اعتقد بأنه يحدث فى هذه الحالة هو ان نتعرف عللى جلال المشهد المصور فى اللوحة ( نحن ندرك ذلك لأننا خبرنا المشاعر الجليلة عندما كنا فعلا فى خضم وجود مشهد مماثل ) ، ولكن دون الشعور المصاحب للجلال . وهذا هو جلال المشهد الباقى فى اللوحة ولكن الشعور بالجليل يكون معلقا .

يعتبركتاب كثيرون أعمالا لفنانين مثل " مارك روثكو""7" ، و"بارنت نيومان ""8" ، "إيف كلاين ""9" و " فرانك ستيلا ""10" كمثال لحلات الجلال الفني الحقيقي . هذا لأن أعمالهم الفنية ليست مجرد تقليد للجليل ، بل بالاحرى لانهم هم أنفسهم " عرضوا أو استثاروا الجليل " . من المفترض أن هذه الأعمال تمثل الجليل من خلال الاستعمال القصدى لتركيبة معينة من الالوان ، والملمس ، والاشكال والاضواء من اجل خلق الانطباع بانعدام الشكل واللامحدودية عند المشاهد ، وبالتالى تعطيل مصادر ادراكنا الحسى وخيالنا والدفع بنا الى عالم الأفكار . على سبيل المثال ، لوحة " ايف كلاين Yves Klein "بعنوان ( الموجة La Vague) فى عام 1957 عرضت لونا فريدا من نوعه من اللون الأزرق الذى يستدعى لامحدودية البحر ، وبالتالى ينتج شعورا بالفضاء اللانهائى . مثال آخر هو عمل " أنيش كابور Anish Kapoor ""11" بعنوان ( مارسياس Marsyas ) فى عام 2002 بطول 150 مترا . المساحة الشاسعة لهذه القطعة ، والتى تسمح للمشاهد بخبرة وطأة المواد وحلقات الدم الحمراء الضخمة التى تذكر بالفم المفتوح المبتلع لما يحيط به ، مما يثير الخوف والرعب وبالتالى يحث على خبرة الجليل .

اذاكان الجلال الفنى من الممكن ان ينظر اليه فى مثل هذه الحالات ، حيث التمثيل الفنى نفسه ، بدلا من هذا الموضوع ، يعد تحديا ادراكيا للمشاهد . والسؤال هو ما اذا كان التمثيل الفنى يمكن أن يكون مناسبا للخبرة الحقيقية بالجليل .
يوجد سبب للشك فى أن هذا يمكن أن يكون هو الحال . وبرهانى هو الآتى .وفقا لكانط ، يثار الشعور بالجليل من خلال مجرد ادراك حجم او قوة الموضوع . ومع ذلك فان الموضوعات الفنية هى الأعمال التى يتم انتاجها عمدا من أجل غرض معين وفى الحكم على قيمة عمل فنى يجب أن يؤخذ هذا الغرض فى الاعتبار ( ما يجب أن يكون ) . الأكثر من ذلك ، كما زعم " كانط " ، ليست فقط الأعمال الفنية والتحف هى ما لا يمكن الحكم عليها دون الأخذ بعين الاعتبار مفهوم الغرض ، بل لا يمكن فهمها بمعزل عن مفهوم الغرض :
" ان الحقيقة هى أنها ينظر اليها على أنها اعمال فنية تعد كافية لطلب الاعتراف بأن هذا يتعلق بشكلها بنوع من القصد وبالغرض الحاسم . وبالتالى فليس هناك أى رضا فورى على الاطلاق فى حدسها " .

بعبارة أخرى ، فان ادراك المرء لحجم أو قوة العمل الفنى يتعلق على الفور بمفهوم الغرض . ولكن اذا كان هذا هو الحال ، ومن ثم يتبع ذلك أن المرء ليس بوسعه تصور الموضوع على انه مجرد حجم . ولكن اذا كان ليس من الممكن تصوره على أنه مجرد حجم ، حينئذ لا يكون من الممكن أن يؤدى الى فكرة اللامحدودية ، وبالتالى فلا يمكن أن يؤدى الى الخبرة الفائقة للمعقول والجليل . أذكر ، أن " كانط " زعم بأننا نحكم على الموضوع باعتباره جليلا فى التقدير الجمالى للحجم ( أى ، فى الادراك المباشر ) .
ولكن فى حالة الأعمال الفنية والتحف ( القطع الأثرية ) ، فان ادراك الحجم يكون من خلال مفهوم الغرض ؛ وبالتالى هذا لا يكون فى وضع الادراك المباشر . فى الوقت الذى نقترب فيه من الاعمال الفنية فاننا نتصورها على الفور فى ضوء مفهوم هذا الغرض ، وهذا يعنى النظر فى حجمها فى ضوء نوايا الفنان . فبدلا من انسحاقها ( او قهرها ) من خلال حجم أو قوة العمل الفنى ، فاننا نقدر القوة الخلاقة ( الابداعية ) التى أنتجته وجماله ( او قبحه ) .
فكرة أن الموضوعات المنتجةبشكل قصدى لا يمكن أن تكون مناسبة لخبرة الجليل قد دعمت بشكل اضافى من خلال قيا م" كانط " بالتمييز بين الخبرة الجمالية للفوضى التى تترك وراءها دمار وخراب الطبيعة ، والفوضى التى تنتجها ارادة الانسان ، مثل الفوضى التى تخلف وراءها الدمار الناتج عن الحرب . فى حين يصف " كانط " خبرة السابقة باعتبارها خبرة بالجليل ، فانه يرى الأخيرة على انها خبرة بالقبيح . لأن المرء ليس بوسعه التمييز ادراكيا بين فوضى ( اضطراب ) الطبيعة وفوضى الحرب ، ومن ثم تكون القيمة الجمالية متميزة ويرجع ذلك الى حقيقة أن امرءا يحمل فى داخله مفهوم الغرض ، فى حين أن امرءا آخر لايحمل ذلك .
من ناحية أخرى، هناك بعض الأعمال الفنية التي تعبر عن الأفكار العقلانية دون خبرة سابقة بفشل الإدراك الحسي . ووفقا لبض الكتاب فان مثل هذه الأعمال الفنية تستحق أن تسمى أعمالا جليلة . مثل " روبرت كلويس Robert Clewis " وهوأحد أنصار هذا الرأى ، يكتب :
" أفكار العقل ، وخاصة الأفكار الأخلاقية ، تحرض على خبرة الجليل . وبوسعنا أن نصبح على وعى بشكل جلى بهذه الأفكار فى الاستجابة للفن . ويمكن ان تعبر الأعمال الفنية عن الأفكار الاخلاقية وتدفعنا الى التفكير الابتكارى فى هذه الأفكار " .
لا يحتاج الموضوع بالمعنى الدقيق للكلمة الى سبب فشل الادراك الحسى لكى يكون قادراعلى التعبير عن أفكار عقلانية ؛ بل بالأحرى يكفى ان يكون بمثابة " حافز للحركة العقلية " .

صحيح أن اموضوع لا يحتاج الى سبب فشل الادراك الحسى لكى يعبر عن الأفكار العقلية . يشير " كانط " ، فى شرحه للفن الجميل ، الى هذه الفكرة عندما يكتب أن : " مغامرات الشاعر لجعل الأفكار العقلية معقولة لكائنات غير مرئية ، وللمملكة المباركة ، ومملكة الجحيم ، والخلود ، والخلق ، وما الى ذلك .فهو يعطى مثالا بنسر كوكب المشترى مع البرق فى مخالبه معربا عن عقلانية فكرة وجود كائن سماوى .

ومع ذلك هناك فرق جوهرى بين التعبير عن أفكار عقلانية والوعى بهذه المكونات العقلية بأنفسنا . وأن الموضوع يمكن ان يعبر عن افكار عقلانية مثل فكرة ملك السماء ، ولكن دون أن يستثير فينا بالضرورة الوعى بهذا العنصر السماوى فى أنفسنا . هذا الأخير ، وليس الأول هو الذى يجعل الخبرة جليلة . بالنظر - على سبيل المثال – فى كيف يصف " كانط " خبرة المعقولية الفائقة فى الفقرتين التاليتين :
" ترتقى ( الموضوعات الجليلة ) بقوة روحنا فوق المستوى المعتاد ، والسماح لنا باكتشاف القدرة على مقاومة من نوع آخر داخل أنفسنا ، مما يعطينا الشجاعة لتقدير أنفسنا ضد القوة المفرطة الظاهرة للطبيعة " .
ليس الجلال متضمنا فى أى شىء فى الطبيعة ، بل فى أذهاننا فحسب ، بقدر ما يمكن أن نصبح واعين بتفوق الكائن على الطبيعة فى داخلنا وبالتالى ايضا على الطبيعة خارجنا ( بقدر ما تؤثر فينا ) " .

الجليل هو الوعى بتفوقنا العقلانى والاخلاقى على الطبيعة المادية والمعقولة داخلنا وخارجنا . قد يعبر العمل الفنى عن الواقع فى مثل هذه الفكرة ، ولكن هذا الاتصال لا يؤدى بالضرورة الى استثارة الوعى بمثل هذا التفوق فى داخلنا .
النظر على سبيل المثال فى فيلم ( كافيه دي فلور Caffe De Flore )"12" ، ل " جان مارك فالي Jean Marc Vallee " (2012) الذي يحكي الذى يحكى قصتى حب متباينتين تحدثان فى زمانين مختلفين ومكانين مختلفين . احداهما هي قصة أم وحيدة شابة مع ابنها المعاق والتى تحدث فى باريس في عام 1960 ، والقصة الأخرى هى قصة رجل مطلق فى الآونة الاخيرة فى الوقت الحاضر وتحدث فى مونتريال . ترتبط القصتان معا من خلال فكرة التناسخ والوجود فى الحياة الماضية . والفيلم تعبير جميل عن الفكرة العقلانية عن خلود الروح ، التى تثير الفكر ، ولكن لاتقدم بالضرورة لنا العلم بأى مكون خالد فى أنفسنا .

فى الختام من أجل خبرة الجليل ، يجب على المرء بداية أن يجرب الشعور بالاستياء بسبب فشل الادراك الحسى والخيال ، فقط لأن هذا الفشل يمكن أن يكشف عن الملكة العقلانية لعقلنا والفكره فائقة المعقولية . ويستطيع العمل الفنى التعبير عن هذه الأفكار ، وهذا يعنى أنه يمكن أن يقدم بشكل معقول كيف يمكن أن تنشأ هذه الأفكار ، ولكنه لا يمكنه أن يفشى سر وجودها .

( 4 )

يرتبط الجليل ارتباطا وثيقا بملكة العقل وأفكارها ( الحرية ، والله ، والخلود ) ، وعلى هذا النحوريوحى بصفة خاصة الى التعبير عن الأفكار التى تحتفى بالجانب العقلانى والاخلاقى لوجودنا ، مثل الأفكار المؤكدة على حياة الرحمة والسلام والفضيلة والشجاعة والرفق ، وما الى ذلك . ومع ذلك ، فما يميز الاعمال الفنية المعاصرة ، وخاصة من النوع الذى يتم عن طريق ما يسمى بالفن " البائس abject " ، ذلك أنها تعبر ( وتهدف الى التعبير ) عن أفكار عكس الأفكار العقلانية ، وهى أفكار الفناء ، وعرضية الحياة ،وحتمية الموت ، والعبث والاغتراب ، والتجرد من الانسانية ، والتدمير ، وما الى ذلك ، وكلها تؤكد على السجن التراجيدى لوجودنا المعقول والمادى .
وبالتالى لا يمكن تطبيق مفهوم الجليل على مثل هذه الأعمال الفنية . ولكن اذا كانت هذه الاعمال لا تندرج فى اطار المفهوم الجمالى للجليل ، حينئذ كيف يمكن لتزامن الاستباء والسرور المميزين لهذه الأعمال الفنية ان يتم تفسيره ؟ . أرى أن هذه الظاهرة يمكن تفسيرها من خلال الإشارة إلى فكرة " كانط " عن القبح ونظريته عن الأفكار الجمالية.

باختصار يشرح "كانط" الفكرة الجمالية باعتبارها تمثيلا معقولا لنوعين من المفاهيم غير المحددة . من جهة ، الكائنات غير المرئية ، والجحيم والأبدية والله والحرية والفناء ، وما الى ذلك ، هى أفكار عقلانية ( افكار العقل ) . ما تتميز به هو أنها يمكن التفكير فيها ، ولكن لا يمكن مواجهتها تجريبيا . على سبيل المثال ، فى حين أن المرء بوسعه التفكير فى فكرة السماء أو الجحيم ، الا ان المرء لا يستطيع ان يستشعر معقولية مثل هذه الأفكار .
من جهة أخرى ، فان الحب والشهرة والحسد والموت ، هى مفاهيم مجردة وانفعالية يمكن معاناتها لكن لا يمكن تمثيلها بشكل مباشر . على سبيل المثال يمكن للمرء أن يجرب عاطفة الغيرة لكن لا يمكن أن يعرف المرء كيف يبدو هذا الانفعال نفسه . بعبارة أخرى ليس لدى المرء مخططا حاسما لمثل هذه الفكرة ( بالمقارنة مع المخطط الذى يقال له الجدول ) .

ما يميز كلا النوعين من المفاهيم هو تمثيلهما المعقول ، وهو ان الفكرة الجمالية ، لا يمكن أن تحكمها قواعد محددة . وهذا يعنى أن الفكرة الجمالية هى تمثيل للخيال فى لعبه الحر . الفكرة الجمالية يمكن أن تسمى تمثيلا غير قابل للتمديد للخيال ( فى لعبه الحر ) . بعبارة أخرى ، فان الفكرة الجمالية تظهر الانسجام الحر بين الخيال والفهم ( اى ، الجمال ) .

لأن الأفكار الجمالية هي تمثيلات معقولة من المفاهيم التي لا يمكن أن تكون ممثلة مباشرة ( لاوجود لصورة لفكرة الجحيم أو الكائن السماوى ) ، وهما يمكن أن يكونا تمثيلا رمزيا أو مجازيا . يدعو " كانط " مثل هذه السمات الجمالية التمثيلية المجازية ويصفها باعتبارها : " أشكالا لا تشكل مظهرا لمفهوم معين فى حد ذاته ، بل باعتبارها تمثيلات اضافية للخيال ، والتعبير فحسب عن الآثار المترتبة على العلاقة بها وتقاربها مع الآخرين"

يقدم " كانط " مثالا على صورة نسر كوكب المشتري مع البرق في مخالبه كونها سمة جمالية عن فكرة ملك السماء . صورة نسر كوكب المشترى ليست سمة منطقية لملك السماء ، وهذا يعنى أنها ليست جزءا من مفهوم ملك السماء . عندما نفكر فى فكرة ملك السماء ، نجد انه ليس لدينا فى الذهن صورة نسر . بالاحرى ، تعبر صورة نسر المشترى فحسب عن ارتباطات معينة ترتبط بالفكرة التى لدينا عن ملك السماء ( فى مصطلحات تمثل السلطة ،والقوة والحرية ، موجودة فوق العالم المادى ، وما الى ذلك ) . انه مجموع مثل هذه الصفات ( مجموعة من الارتباطات والافكار ) التى تشكل الفكرة الجمالية .
نظرية " كانط " عن الفكرة الجمالية تبين أن الموضوع يمكن أن يكون جميلا ( اى مناسبا للانسجام الحر بين القوى المعرفية ) ليس فقط من خلال مميزاته الادراكية الحسية وحدها ، بل من خلال الجمع بين الأفكار والآراء ايضا ( اى السمات الجمالية ) . لكن اذا استطاع العمل الفنى أن يكون ذا قيمة بسبب الفكرة الجمالية فانه يتواصل مع الجمهور. ومن ثم فان هذا يشير الى ان الموضوع يمكن أن يكون جمالا حسيا ( أو قبحا حسيا ) او جمالا ( او قبحا ) لفكرة جمالية .
يذكر أن الفكرة الجمالية هى مزيج من السمات الجمالية ( أى مجموعة من الارتباطات بين المفاهيم المتباينة ) وعلى هذا النحو فهى ليست متطابقة مع النموذج الادراكى الحسى للعمل الفنى . فى حين أن شكل الادراك الحسى لصورة نسر المشترى مكونة من صورة نسر ، وبقع معينة من الالوان والظلال والخطوط ، وفكرة جمالية ، ومن جهة أخرى ، مكونة من مجموعة من الارتباطات اوالأفكار التى يتم الحث عليها من قبل النموذج الادراكى الحسى . كما كتب " كانط " ان الأفكار الجمالية هى " الحدس الداخلى للخيال " الذى تتم اثارته من خلال صورة العمل الفنى المرئية .
يفسر التمييز بين جمال الادراك الحسى ( والقبح ) وجمال ( او قبح ) الفكرة الجمالية كيف يمكن ان نجد عملا فنيا غير سار جماليا ، ولكن له قيمة جمالية فى نفس الوقت . وهو أن ما نجده غير سار فى مثل هذا العمل الفنى هو شكله المدرك حسيا ، ولكن ما نجده سارا هو الفكرة الجمالية التى يقوم بتوصيلها العمل الفنى . وذلك فى حين أن الاستياء من شكل الادراك الحسى للعمل الفنى يتسبب فى سحب انتباهنا عن العمل ، فان المتعة بالفكرة الجمالية - مع ذلك - تجذب اهتمامنا . اننا نقدر تواصل الأفكار الجمالية ، لأنها تعطى لنا ايحاءا بعالم الأفكار وتحدد الأمور الكامنة وراء الخبرة الحسية . تمنحنا الفكرة الجمالية الفرصة لكى نستشعر وندرك ما لا يمكن أن يعرض بالكامل من خلال الخبرة الحسية وحدها .

على سبيل المثال فى حين أن فكرة كائن سماوى ليس لديها أى حدس تجريبى ( لا وجود لصورة لكائن سماوى ) ، فانها يمكن أن تقدم بشكل معقول من خلال تصوير نسر المشترى . لقد كسبنا من خلال ربط فكرة كائن سماوى مع صورة نسر المشترى رؤية مختلفة عن هذه الفكرة – على سبيل المثال – ما يمثل وجود فكرة كائن سماوى يبدو أنه ، هو الذى يمكن أن يسهم بالتالى فى فهم أكثر ثراءا لهذه الفكرة .
مثل هذا الراى يتضمن فى زعم " كانط " ان المفاهيم بدون الحدس تعتبر فارغة . وهو يشير الى المفاهيم التجريبية التى تحتاج الى أن تكون متصلة بالحدس التجريبى لمعنى الخبرة . بدون الحدس التجريبى ، فان المفاهيم التجريبية تكون مجرد كلمات ، بلا أى معنى جوهرى . ولكن يمكن أن يقال الشىء نفسه عن المفاهيم غير المحددة ، مثل مفهوم الكائن السماوى . فقط من خلال ربط المفاهيم غير المحددة بالحدس المعقول ( من خلال السمات الجمالية ) ، يمكننا القول حقا بأننا نفهم ماتعنيه المفاهيم غير المحددة .
قيمة الأعمال الفنية على الرغم من الشعور بأسباب الاستياء فان التوضيح الرائع من " جيني سافيل Jenny Saville ""13" في التصوير بعنوان ( الاتصال المغلق Closed Contac ) (1995). تقدم الصورة للمشاهد الصورة المزعجة لجسد عار متقلص ومفرط فى السمنة للفنانة على الزجاج . ويتم تشويه الجسم الى أقصى الحدود عن طريق دفع كتل من اللحم الى نقطة لا يمكن التعرف عليها . يتم تقليل اللحم من الجسم الى مقدار بسيط ، وتعيين أن ما يعد مفرطا ، وغير مرغوب فيه والمجتاح لادراكنا الحسى ، وبذلك يرتقى مفهوم الاشمئزاز الى درجة الاستياء .

ومع ذلك على الرغم من أن التمثيل الفنى للجسم يعد فى حد ذاته مشوشا وغير سار ، فانه يظل معبرا ورصينا . قد ترمز الصورة المشوهة للجسد الأنثوى الى تدمير الجسد الأنثوى كما تم اختراعه من خلال الخطاب الابوى فى المجتمع الغربى . التعبير عن هذه الفكرة هو تحفيز ، واثارة للتفكير ولهذا السبب فانه ذو مغزى جمالى ، حتى على الرغم من النظر اليه باستياء .
يوجد جانب جذاب فى القبح ، لأنه يسمح للخيال أن يكون فعالا للغاية ومعبرا عن الأفكار التى لا يمكن تمثيلها على خلاف ذلك . ان العنصر المؤسس له هو التشوش وعلى هذا النحو فانه يوحى بشكل خاص بالتعبيرعن الأفكار التى تحتفل بهذا التشوش . ويرتبط ذلك بأفكار الاغتراب ، والجفاء ، والتجرد من الانسانية ، والدمار، والانحطاط ، وما هو مقلق ، والعبث ، واستدعاء الارهاب والرعب والقلق والخوف ، الذى يهيمن على الانتاج الفنى المعاصر .
ارتباط القبح مع مثل هذه الأفكار والمشاعر يمكن تفسيره من خلال الاشارة الى فكرة " كانط " القوة التأملية للحكم والمبدأ المسبق للغائية . ويناقش " كانط " هذا المبدا بشكل اساسى فيما يتعلق فى استخدامه فى اكتساب المفهوم التجريبى ، ولكن بالاضافة الى ذلك ، فانه يوحى بأن هناك علاقة بين المبدأ وأحكام الذوق . على سبيل المثال – فى واحدة من الفقرات العديدة التى تدعم هذه العلاقة ، يكتب :
" الجمال المكتفى بذاته فى الطبيعة يكشف لنا عن تقنية الطبيعة التى تجعل من الممكن تمثيلها كنظام وفقا للمبدأ الذى لانواجهه فى أى مكان فى ملكتنا التامة للفهم اى للغرض فيما يتعلق باستخدام سلطة الحكم بخصوص المظاهر "
يبدو أن فكرة حكم الذوق المعتمدة على مبداغائية الطبيعة ، الذى يمثل الطبيعة باعتبارها نظاما فيه كل الظواهر مرتبطة ببعضها البعض ، وبالتالى فهى سهلة الانقياد لقدراتنا المعرفية . هذا المبدأ ضرورى بالنسبة لمعرفة ( اكتساب المفاهيم التجريبية ) بل ومن أجل العثور على الموضوع الجميل ( أو القبيح ) أيضا . ولست أريد الخوض فى تفاصيل اضفاء الشرعية على مبدأ الغائية واحكام الذوق ، الذى سبقت الاشارة اليه من قبل العديد من الباحثين الكانطيين . هنا فقط أود أن أشير الى أى مدى هذا الاتصال يمكن أن يفسر ارتباط القبح ببعض الأفكار .
باختصار ، يزعم " كانط " بأن مبدأ الغائية يرقى الى أن يكون بطريقة معينة رؤية للعالم ، هذا ، لتفضيل طريقة ما لتنظيم متشعب المعقول عن أى طريقة أخرى . هذا التفضيل لتنظيم متشعب المعقول بطريقة معينة ، ويشكل خاص اكثر ، هذه الطريقة التى تمثل الطبيعة كنظام ، وتنعكس فى ادراكنا ، ولكن أيضا فى بعض الأحيان فى الشعور بالمتعة فى العثور على موضوع جميل .
على سبيل المثال فى تفضيل تركيبات معينة ( مثل البنية الحلزونية للبتلات فى الوردة ) وكره تركيبات أخرى ( مثل الآثار غير المنظمة فى أعقاب عاصفة أو اعصار ) . والمبدأ هو الفكرة عن الكيفية التى من المفترض أن تكون فى العالم ، كيف نتوقع أن يكون ، بحيث يسمح لفهمنا بالتعرف عليه ، وأنه هو الفكرة التى تمتلك فقط بالنسبة لنا ، باعتبارنا كائنات معرفية . يحدد المبدأ لنا حاجتنا لرؤية العالم بطريقة معينة .

" هذا المفهوم الترنسندنتالى لغائية الطبيعة ، .. يمثل الطريقة الفريدة التى يجب أن نشرع بها فى تامل موضوعات الطبيعة مع الهدف من تجربة مترابطة بشكل شامل ، وبالتلى فهو مبدأ ذاتى ( قاعدة ) لقوة الحكم ".
وفقا لهذا التفسير ، فان الشعور بالمتعة هو نتيجة لتأكيد او رضا مبدا الغائية . ونحن نقدر النماذج التى تكون وفقا لمبد الغائية ، والتى تطمئننا بأن الواقع هو كما نحن نتوقع أن يكون ، وسهل الانقياد الى قدراتنا المعرفية . وفقا لذلك تكون خبرة المتعة الجمالية ( بالجمال ) علامة على الألفة مع العالم بالشعور بالهدف فى العالم . هذا يفسر سبب خبرتنا بالجمال المرتبط بالشعور بقيمة الأفكار الايجابية ،مثل البراءة، البهجة، الفضيلة، الأمل، التفاؤل، وما الى ذلك .
من جهة أخرى ، فان الشعور بالاستياء يعد نتيجة للسخط لتوقعنا أن يكون العالم فابلا للانقياد لقدراتنا المعرفية . وعدم القدرة على معرفة حالات القطيعة بيننا ، وبنيتنا الذهنية والنفسية ، والعالم . يعرض " جيمس فيليبس " هذه الفكرة بشكل رائع بقوله : " ان الاستياء من القبح هو الاستياء من فكرة أن العالم لا يريد منا أن نعرفه " . عندما تنتهك توقعات النظام وحاجتنا لتنظيم العالم بطريقة معينة، فهذا لا يكون مجرد خبرة استياء ، بل الشعور بفقدان السيطرة على تنظيم الخبرة أيضا ، وهذا يمكن أن يسبب مشاعر الخوف ولقلق والرعب والشعور بالغربة واالعجز والعبث والفناء والارتباك ، وما الى ذلك . يمكن أن يكون القبح خبرة ذات قيمة ، لأنه السبيل الفريد الذى من خلاله تكون هذه المشاعر والأفكار نفسها ، حيث لا يوجد حدس شعور كاف ، يمكن أن تكون ممثلة بشكل معقول .

فى الختام ، يمكن للقبح الفنى على الرغم من شعور الاستياء الناتج عنه ان يكون خبرة ذات قيمة لانه وسيلة فريدة يمكن التعبير من خلالها عن بعض الأفكار والمفاهيم والمشاعر التى لم يكن لدينا نظيرها التجريبى الكامل . يجلب القبح الأفكار الجمالية السلبية ، والتى تعتبر غير مريحة ، ولكنها بمثابة جزء من الخبرة بالعالم وخبرتنا، وبالتالى من الجدير بالاهتمام وجوده . وبالرغم من ذلك ، يتيح القبح منظورا غير مالوف وغير متوقع للعالم الظاهرى وعالم الأفكار ، بادراكه باستياء .






الهوامش


( 1 ) فأر الخلد العاري (متباين الرأسين ) ، المعروف أيضا باسم جرو الرمال أو فأر الخلد الصحراوى ، وهو موجود فى أجزاء من شرق أفريقيا وهو النوع الوحيد المصنف حاليا في جنس متباين الرأسين. وهو من الثدييات eusocial المعروفة التي تبين مستوى متقدم من التنظيم الاجتماعي ،وهو يحتوي على مجموعة غير مألوفة من الصفات البدنية التي تمكنه من العيش في بيئة قاسية تحت الأرض على خلاف ذلك؛ هو من الثدييات thermoconformer ا- أى ذوات الدم البارد حيث تتغير درجة حرارة جسمه تبعا لدرجة حرارة الجو المحيط به ،.
( 2 ) تيودور رايسك Theodore Gracyk - أستاذ الفلسفة في جامعة مينيسوتا - شهادة الدكتوراة في الفلسفة: 1984، جامعة كاليفورنيا،
وكانت الأطروحة موضوعها: "المصادر المعرفية لنظرية كانط الجمالية "، ومجالات تخصصه هى جماليات الموسيقى وفلسفة الفن، وتاريخ الفلسفة الحديثة .
( 3 ) ابو سعن طائر اللقلق الأفريقى the African Marabou Stork – طائر كبير يولد فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، ويوجد فى البيئات الرطبة والجافة . ويطلق عليه أحيانا " undertaker bird " بسبب شكله من الخلف بأجنحته التى تشبه العباءة . والظهر والساق بيضاوان ، واحيانا توجد كتل بيضاء من الشعر .
( 4 ) جراند كانيون The Grand Canyon - وادي حاد الجانب ومنحوت من نهر كولورادو في ولاية أريزونا في الولايات المتحدة. كان الرئيس ثيودور روزفلت مؤيدا رئيسيا للحفاظ على منطقة جراند كانيون، وزارها في مناسبات عديدة للاصطياد والتمتع بالمشاهد . جراند كانيون هو 277 ميلا (446 كم ) طولا، تصل إلى 18 ميلا (29 كم) فى ال سعة ويبلغ عمقه اكثر من ميل ( 6,093 قدم أو 1857 متر) .
( 5 ) كانيون الأسود من كولوراد The Black Canyon of the Colorado - الوادي على نهر كولورادو حيث تم بناء سد هوفر. يقع الوادي على نهر كولورادو بين ولاية نيفادا وأريزونا .
( 6 ) البرت بيرستادت Albert Bierstadt ( 1830 – 1902 ) – رسام أمريكى مولود فى ألمانيا – اشتهر برسمه للمناظر الطبيعة الفخمة والشاسعة .
( 7 ) مارك روثكو ( ماركوس ياكوفوليفتش ريتكوفيتش ) Mark Rothko (Markus Yakovlevich Rotkovich ) ( 1903 – 1970 )
كان رساما أمريكيا من أصل يهودي روسي. على الرغم من أن روثكو نفسه رفض الانضمام إلى أي حركة فنية، وهو يعد فنانا تعبيريا تجريديا. مع جاكسون بولوك ،ويليم دي كوننغ، وكان واحدا من الفنانين الأميركيين بعد الحرب الأكثر شهرة.
( 8 ) بارنيت نيومان Barnett Newman 0 1905 – 1970 ) – فنان أمريكى وينظر إليه باعتباره واحدا من الشخصيات الرئيسية في التعبيرية التجريدية .
( 9 ) إيف كلاين Yves Klein ( ( 1928-196 – فنان فرنسى - شخصية مهمة في الفن الأوروبي بعد الحرب. وهو عضو بارز في الحركة الفنية الفرنسية الواقعية الجديدة Nouveau realism التي تأسست في عام 1960 من قبل الناقد الفني بيير رستانى Pierre Restany .
( 10 ) فرانك ستيلا Frank Stella ( 1936 - ) – رسام أمريكى تتسم أعماله بالبساطة والتجريدية ما بعد التصويرية .
( 11) أنيش كابور Anish Kapoor – ولد فى الهند ويعيش ويعمل فى لندن منذ اوائل سبعينيات القرن العشرين – ( مارسياس ) تبلغ 150 مترا طولا، وبارتفاع عشرة طوابق ، وقد صمها النحتت أنيش كابور و "سيسيل بالموند Cecil Balmond." وقد تم العرض فى المعرض الحديث تيت في لندن في عام 2003 .
( 12) مقهى دي فلور Café de Flore هو فيلم الدراما الكندي، الذي صدر في عام 2011. اخرجه وكتبه، "جان مارك فاليه -Marc Vallée Jean ( 1963- ) وقد حصل الفيلم على 13 ترشيحا لجوائز المارد Genie Awards 2012 .
( 13 ) جينى سافيل Jenny Saville ( 1970- ) - رسامة بريطانية معاصرة مرتبطة بالفنانين البريطانيين الشباب. ومعروف عنها أنها لها تصوير واسع النطاق ، رسمت النساء العاريات. تعمل سافيل وتعيش في أكسفورد، بإنجلترا

د. رمضان الصباغ
أستاذ علم الجمال بكلية الآداب – جامعة سوهاج



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى