إبراهيم سمو - الغرقى وكردستان البحر

إلى ركاب الغرق واحدا واحدا وهم يرتفعون الى الله .. الى الأرواح التي انتشلها البحر كي يقيم لها هناك في عمقه كردستانها بعد اخلفت الأرض... الى كردستان البحر وحواري نعيمه الحارسات من الحدود الى الحدود .. الى الشهداء الأحياء الذين عاندوا الموت فدامت حيواتهم رغم الموت.
المُهرِّب والزورق
>حين تفحص المُهرِّب الداخل والوجوه ، كان الزورق، قد فاض على فمه من الآدميين ،حدّق الرجل بجشع طافح وقال ... لا يزال في المكان مـُتـّسَع . فتدافعت الأجساد الآدمية، الى أمعاء الزورق الملآن، تركل بعضها وتلتصق ،حتى استحال الزورق كله ،الى كتلة من اللحم البشري، وانطلق يودِّع .
وعند الإقلاع قال مودعون ... هنيئا للراحلين وقال راحلون ليتنا لم نمتط .

امرأة وخديجها
> انحدر الزورق بما حمل، من أطفال ،ونساء، ورجال ،وشيوخ ،وثكالى او جوعى إلى القاع ، وحيث لوحظت فقاعات الغرقى، تعلو إلى السطح... هناك كانت امرأة تمسك بلفة خديجها، وترسل فقاعات تلو الفقاعات إليه، خمَّن الناظرون أنها تداري... لا تخف ماما لا تخف . وقيل : لم تنطفئ فقاعاتها، حتى توقف الطفل عن التفقيع .

الطفلة والغرق
> كان الزورق والموج يتلاطمان حين سألت طفلة .... ما الحكاية يا أمي؟
اخفت الأم هلعها، ربتت على كتف الصغيرة ...يبدو انّا وصلنا.فهاجت الصغيرة طربا، صاحت وسط ذلك الذعر والموت ،في صويحباتها اللواتي كن معها ... نسرين..باراني خناف وصلنا أخيرا وصلنا .

الطفلة عينها !
> شقت ثيابها صراخا.... لا تفصلوني عن أمي والصديقات. لا.لا.

فرار إلى الموت
> غرق الزورق اذاً بلى، بلى غرق .
الزورق الذي مخر بلا سارية، ولا ربّان محترف ،غرق وتاه بكل ما حمل الى القاع .. كان خاض في البحر قليلا، ثم أبحر منه الى الحتوف ،وسلّم مَن جاء يفرّ من الموت، من الخوف ،من القهر ،الى الموت قائلا ... هاكهم واحدا واحدا .

الحوريات والغرقى
> حورية صغيرة هتفت ...أقـْبـِلن. تُلح على أترابها ...أقـْبـِلن.. ثمة طارئ أقـْبـِلن . ثم انطلقن جميعا الى سكان الزورق يكرمنهم بالشهادة والجنة، بالموسيقا وبكردستانهم ،التي عجزوا في دنياهم عن أحيائها .

كردستان في البحر
> الحوريات اللواتي جئن، منعن حيتان القرش من التقرّب قائلات ... لكم البحر كله ولنا الزورق وما حوله ثم التفتن هن الحوريات الى الغرقى ... هلمّوا ها هي كردستانكم التي أحجمت الأرض عن أقامتها.. هلمّوا .

الغرقى والديون
> بعض الغرقى جادلوا ملك الموت ... كيف تأخذ أرواحنا، وذممنا مشغولة بديون لأصدقاء وأقرباء،عن هذي السفرة ؟. ولمـّا رأووا إصراره سلّموا ...أنت تقتلنا مرتين: مرة بالموت وأخرى بنكراننا الجميل!

المُهرِّب والعواء
> شوهد المهرِّب يضرب على رأسه ،فواساه أحدهم ...البقاء لله . هـَزُل...ويلي على أموالي . عوى عويلا مرا ...ويلي: أموالي ضاعت.. ويلي !

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى