شهادات خاصة أحمد جنتي - عبدالله البقالي الطفل الاسير ..

مع انصرام الايام, و مظاهر الكهولة مبثوثة على محياه ’ الكهولة " السافرة المتبرجة " غير القابلة للاختفاء , ازدادت حدة قسوة قلمه حين دسه في بالون النفس المتكبرة المتجبرة " ففرقعها" واعدها الى طبعها الاول. ومنها خرج عبدالله البقالي, طفلا صغيرا اسيرا لمرحلة تبدو اخاديدها المحفورة على مدارات الروح وقد ارتفع منسوب تفجعاتها , فتحقق الفيض الوجودي الممهور بالصراخ والانين المكتوم, المقنع, وقد فضل ان تجري طقوسه الجنائزية وتسيح في عمق اودية الحزن المتفجعة , كما تتدقف المياه الجوفية بعيدة بمئآت الاميال عن السطح الواهم الموهوم.....
عبدالله , الاب القوي المتجلد الصارم الحازم المتماسك , يتهاوى , ويصبح طفلا غريرا يتشبث بأمنية وجودية لها صلة بالكينونة اللعينة ... ليست سوى معاودة الاستمتاع بارتماءة طفولية في حضن الام الدافئ .. حضنها وحده من دون كل اكوان الله القادر على ان يكون حامي الحمى من النواقص والاعطاب والقادر على لحم الشقوق والتصدعات الارتدادية...
عبدالله , هو نحن وقد شرح بالاصالة عن نفسه ونيابة عن الجميع مجرى الهم في اوردة دفينة بطريقة ميكروسكوبية وهو ما نحاول ان نتكتم عليه بوقاحة ديبلوماسية ونعلي تعففا زائفا ولا نبوح به الا لانفسنا , بعد ان ندس رؤوسنا تحت الاغطية... غير الشفافة..
بعد أن بلغنا من الكبر عتيا, يكشف عبدالله اننا اطفلا صغارا. فيتمنى باسم كل ضحايا اعطاب الوجودية.. يتمنى, استعادة اعلى وأغلى الأماني المنكوبة: ارتماءة في أجرامنا فنتمدد ونتمداااااااد .. رأسنا على فخذيها وهي تمرر اصابعها في جولة تفتيشية شعرة شعرة عن " قملة السبعينات " فتعقرها بلا رحمة باظافرها وبلذة إن وجدتها ... حتى ولو لم تجدها ــ وهذه فرضية نادرة الحصول " تظل تمرر اناملها فوق فروة رؤوسنا وبرفق لا يتقنه احد غيرها.. ومع طقس الامومة هذا , تتهاطل شآبيب, بل زخات من اللذة والراحة والاحساس باننا فوق آلام الكون , واننا في ارقى اطوار الاكتمال الداخلي...
لكن الاعطاب الطارئة في مسيرة حياة عدت من قبيل اللهو ومتاع الغرور, ستختبر كينونته/ كينونتنا.. حين يبزغ خيط الشرخ الرفيع بين حدين تعايشا في تماس,.. ومن تماسهما اشتعل " الحار الغزيزي" فتولدت شعلة الحياة على راي ابن طفيل... من شقة هذا الشرخ يستخرج زمهرير استغاثة طفل يعجز عن الامساك بالحدين وارغامهما على البقاء في حالة تماس ابدي... طفل مسه شر الوجود الاعظم فصار طفلا جزوعا هلوعا ... ينشق قلبه لتك النظرات العاجزة المتوسلة لحب البقاء الى جوار اطفال لا يصبر كل من خلق على جمر لهيب الفراق الازلي.... من هذا العجز ينبع الالم الاقسى ومنا بالضبط تميط الحياة برقعها المزيف فتبدو ابشع من البشاعة نفسها...: انشطار الوحدة , وتشظى التوحد, فقد الهوية , فاغتراب متواصل في الازمنة.. ثم حاضر سيظل اسير الماضي الطفولي الرائع... الراقد تحت عشرات السنين من وهم العيش اللذيذ ، و هنا بالضبط يتوحدن عبد الله مع لحظة تشظي تجعله ( نا) دائم السفر في المجاهيل , بحثا عنها آملا في ملاقاتها بفرح وحنين طفوليين ... اكيد سيجدها هناك. في اقاصي جغرافيا الروح متكئة على اريكة سندسية تحت شجرة ذات اغصان وظلال قزحية ترفرف فوقها شمس بلورية ’’ متكئة وهي تحضن على صدرها عبدالله الطفل المستقر النائم في امان سرمدي.. فيرتمي عليها عبدالله بجنون ليتحد ويتماهى عبد الله الهلوع بعبدالله الآمن وهما في حضن حصين... هو مجرد حلم وحنين ... الى حين.





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى