كريم جخيور - قصيدتان

* اليوم الأول في الحرب

لم نكن نعرف أنها المرة الأخيرة
التي ندوس بها
ببساطيلنا الغليظة واليابسة
وجه الساحة
أقصد ساحة( العرضات).
حين أعطى الضابط أمره بالإنسحاب
لم تكن وجهتنا هذه المرة
الى القاعات
كان صوت العريف حادا
وهو يحثنا على السير بسرعة
وانضباط مثل قطيع
الى مشاجب الأسلحة
فتحوا الأبواب وأمرنا
أن نسرع بتسلم الأسلحة
لعله تمرين على الرمي الحي
قال صاحبي
فنهره العريف بشدة
(قشمر )لا تتكلم
كان سلاحي هو مدفع هاون
عيار 120
روسي قديم الصنعة
ولكنه قوي القلب
أشرك في الحرب العالمية الثانية
تحسست سبطانته وقلت
كم يتيما تركت
وكم أمرأة
ظلت بعد رميتك الحارة
تتضور بردا في سريرها
ليتني لا أكرر فعلتك
أيها الجندي الأحمر.
وقبل إكتمال مغيب الشمس
كنا في (كوت الزين)
قريبين من كتف الشط
وقد أكملنا حفر الملاجئ
وصوبنا فوهة المدفع
نحو مشرقها.
لم نكن نعرف من الحرب
سوى ما شاهدناه في صالات السينما
وما قرأناه من روايات
أن الحرب عقيمة
ولاداتها موتى
وأولادها يتامى
انتهت الحرب
وقد ذبلت نياشينها
وصارت اﻷوسمة بلا بريق
وباردة
وقد أودعوها في المخازن
بانتظار حرب جديدة
انتهت الحرب
ولم يبق منها
سوى صورة باهتة
على الجدار
مطعونة
بشريط أسود



****



* أناقة المعنى

من أجل بياضٍ أشدّ وطأة
السواد يلوّح بالمكوث

الوطاويط مدلّاة بخيط الخرافة
يناكدها قوس الفضاء
أصابع الغبار
ترتّب لقاماتنا
عويلاً حاداً
وهي تمعن في السخاء
السماء أكثر شبهة
النجوم التي لا تبلّل شرفتي
ليس لأعطافها صباح بارد
أمام رجاحة الإسطبل
يحتمي القانط بالدعاء
وهو يمخر خاصرة الدائرة
يؤكد المستقيم هشاشة المعنى
تبدو المكائد أنيقة
وهي تصطحب رعاياها
باتجاه الكارثة
العمائم من رماد
والتاج أحمر عبيط
العقل
خطأ يكرره الجنون
الشمس نافذة
رتاجها الأرجوان
النار
كم يوجعها مرأى الرماد
غير أنها دائماً تشتعل
بما لا يرى
يتدلّى الكلام



****









****

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى