نزار حسين راشد - حب من وراء الزمن

منذ زمنٍ ليس ببعيد، كنتِ طائراً حُرّاً، يجوب الفضاء العريض، والآن أنت حمامةٌ آمنة، في عشّها الوثير الوطيد...

حينها بدأنا نتهجّى لغة الحُبّ، وكأننا طفلان جمعتهما غرفة صفٍّ واحدة، تحكي لي حكاية فأحكي لك أخرى، أنت في مقتبل العمر، وأنا رجعت بخطاي للوراء، ومحوت سنوات النضج، وأفرغتٌ سلّة خبراتي على قارعة الطريق، ووضعتّها فارغة، بين يديك، لتلقي فيها ما تشائين، ولم تكوني تملكين غير ورود الحُب، وقلبُكِ الفتي، المُتفتّح للحياة..

لم يكن لي ولا لك يدٌ فيما حدث، عصفوران اختارتهما يد القدر بعناية، ووضعتهما في ذلك القفص المفتوح، وكأنها حكاية خطّت عنوانها، منذ عهدٍ موغلٍ في القدم، وآن الأوان أن تستكملها..

وهكذا استكملنا الحكاية بكُلّ سطورها، وكتبنا أحداثها بأنفسنا، وتركناها نهاية مفتوحة على الإحتمالات، ومشرعةً لكُل الجهات، حين دقّت ساعة الفراق!

لم يكن ما فعلنا وداعاً،بل كان إلى اللقاء..

والتقينا بعد حين، ولكن ليس كطفلين في غرفة صف، فقد تعلّمنا ما تعلّمناه، ورأينا أنفسنا في مرآتينا، نقيّة بيضاء كما خلقها الله..

ولكنا مضينا نفاجيء أنفسنا بالجديد، حتى في حكاية عابرة، فصندوق حكاياتنا لا ينفد، والحياة بأحداثها قادرة على إدهاشنا كُلّ يوم، حتى ولو بفنجان قهوة، نزعم أن له مذاق جديد، أو قطعتي سُكّر خام لم تُبيضهما ماكنات الصنع، تحملان بصمات حقل القصب...

دائماً يتبقّى لدينا ما نقول، دائماً لدينا متّسعٌ لما سيأتي ، أو تحمله لنا أمواج الحياة من صيد، نجا من شباك الصياد، لتلقي به على شاطئنا الحالم بالمفاجآت..

الحبُّ عبادة، وهذا ما أفعله كُلّ صباح، أرّتلُ أشجاني، أتنفسّ بخار قهوتك الموعودة، وأحلم بيومٍ جديدٍ قادم...

نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى