أحمد ضياء - أوشام الرّائحة.. أوشام الأصوات دفّةٌ لشعرِ السّارية

عمياناً كنّا، حين بدأ الآخرون برمي الجّمراتِ على السّفينة
نأخذ شفرات قيافتنا ونعلّلُ مواجعنا
يتربّى القلقُ في أحداقنا
بين خطّين من أشكالٍ لمدينةٍ تتقيّحُ انفراداتها
عند نافذتين غزتْ كلٌّ منهما عينَ صرصارٍ
يكنزُ في طيّاته همَّ انفلاتنا المحشو بالترهّل
يا Noah بلغنا الآن
الحدِّ الفاصل بين نجمتين
عزمتُ النّهوض، صرَّحتَ عن تلافيف الانتقالِ
أنَّ أسِّسْ لبهرجةِ المياه
لا أنسَ الوقوف على سارية السّفينة، لا، ولا تخوّفكَ من نفاذِ المؤنةِ، حين أخذَ الفيضانُ مأخذَهُ، وأنتَ شامخُ الخوفِ
كلَّما أرسلنا طيراً غَرقَ، تكبّلُه سلاسلُ الأمواجِ وهي تعلنُ عن غضبها لإفتراسِ الجّبال
نزِنُ أطاليسَ الحقيقيةِ، نُغَربِلُها بفاحشةِ جذامٍ أنساقَ عبر نيوب الفاجعةِ
لَمّا دارتْ الكاميرةُ شاهدتُ ألوفاً يعومونَ بالتّطبيش، ثم حاولتُ تسريعَ اللقطة
كانتْ الغربانُ عند السّواحلِ تفطشُ بأكبادِ الأبرياء
تبدّتْ الأفكارُ والشكوكُ، استثاب الألمُ
بدأت الأوصالُ تفرُّ رحيق بكارتها العائدَ من عنقِ فجيعةٍ، عدتُ إليه
مبتهجاً نابحاً بما فعل ربَّه بالآخرين، ظللتُ
أصبُّ عرق عيوني على أطنانٍ من التّرسّبات الجائشة ضدَّ خراطيش فارغنا
يا لهذا البؤس المُحدِقُ بالطّينِ
يفوجُ الضّيمُ فوق تلالِ الموتِ الغافيةِ
بقنانٍ نكشتْ وزرَ صاعقاتِ الانسكاب عبر الأفئدة
لا أعلمُ الوقت الّذي قضيناه بالسّفينة
جلبتُ واقٍ ذكري حتّى لا يتكاثر النّسلُ كثيراً
نفذَ ، جلبتُ كثيراً من الحيواناتِ ذبحتْ
أكلَ البعضُ بعضاً منها
ومازلتُ اخترعُ تفاصيل المرساةِ في أيِّ مكانٍ ستضعُ خيمتها الباقيةَ على قيد انحرافنا الموجود
كان مساءً عابساً
حين شاهدتُ الجُثث والمياه تملئُ الأرض
ظللتُ أصرخُ ما ذنبُ الأطفالِ إذن
ولعلَّ رماداً همسَ لي
بضوءٍ غير معلومِ المصدر
إثنان وثلاثون وعاماً آخر أجوبُ المحيطات
علَّني ألمحُ بريقاً يسهمُ في خلاصِنا.
الهاويّة الّتي وضعنا أنفسنا بها نحنُ المتدينين والقريبين مِنكَ
مازالتْ تحرِّكُ طُرُقَ السَّفينة عبر شعابين مذياعٍ مصنوعٌ بطريقة جيدة، والمبكي بالأمر أنَّك لم تكن تعرف آليّة عمله ولا تجعلنا نشغّله.
قاطعتُ طريقةَ تفكيركَ آلف المرّات لكنّك بدأت تحسَّ أنَّ ما أفعلهُ خارج سرديّاتك الكبرى
حائرٌ في كلِّ الأيام الّتي مضتْ ، وستحيرُ أيضاً
حين غفوتُ أخذتْ الرّؤية تعطينا اللاإيمان وهذه المرَّة بجميع ما تقوله
السّاريتُ ملّت مِنك
وهذه السّفينة لم تحتملُ تواجدنا
الأطفال الّذي ولدُ على ناصية هذا الوجود، ظلّوا يراقبون شحوبنا وكأنَّه اللون الوحيد المتوفّر
خائرُ القوى، لكنَّ ملامحي لم تعد كما هي، نكبرُ وفي الوقت عينه لم نخرج من غرقك البائس هذا
الصّحف ولّت، الهواتف نفذ شحنها
الصّور لا تجدي نفعاً، وأهنُ السّواد
وأضراسُ مفاهيمكَ
تنخرُكَ وأنتَ تكابر
وما نفوق خواصرِكَ المسالمة إلَّا لتنسي الصّيادين الجّالسين على جمرة التّريّث
... تورّطْ وأدخل خيمةَ الضّوء من بين أقواس الألمِ،
تذكّر الفاجعة الّتي ألمّت بِكَ، ربَّما الآن تطفو الحيوانات بشكلٍ جيّد، جاعلة هذه البقعة من الأرض ذات عَمادٍ آخر، تذكّر الأرواح المتقافزة من صليل أبصانا، إذْ تداعِبُ مراجيحَ أطفالٍ لا يعرفون الدّين، وأنتَ تولولُ ضمن اختناق سمائك الغافية على رحيق أكمامِ الأجواء اللاهبة وبأسعارٍ مختلفة الرّدى.
وتِهْ داخلَ عينيها
عالج النّسيان، تذكّر
عُدْ إلى تحشيدِ أنفاسِكَ
كُنّا نسيرُ وسطَ أصطفاف النَّوائح
يشتملُ التّخمين الّذي عادةً ما أضعُ نفسي
فيه بعدّه آيةً مكثّفةً لرؤياكِ
وسط لجج الموت هذه تغزّلَ النَّبيُّ بفتاةٍ جميلةٍ استطاع ارغامها على الصّعود، تاركاً زوجها وأبيها والأم العجوز المسكينة يلهون بأجسادهم المثخنة التّعب بالطّوفان،
أهرُّ مع قطٍّ آخر مسنٍّ
إلى مأوى معيّنٍ
لأنّنا لم نسمع بمسألةِ الفيضان
كنَّا في نشوة من أكياسِ الأزبال المعقوفة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى