مبارك وساط - غريبٌ في تلك المدينة.. شعر

كنتُ غريبا في تلك المدينة ولذا
آثرتُ أنْ أَحْلِقَ شَعْرِي في المَحَلّ المُسَمَّى
"عند حَلَّاق الغُرباء"
أصبحتُ وصاحبَه، بمرور الأيّام، صديقَيْن
ومرّة أغلقَ مَحلَّه واختفى أيّاماً
وحين عاد، أهداني قنِّينةَ فودكا
قال إنّه جلبها لي من بلدة ما في روسيا
فقد سافر إليها خلال الأسبوع الأخير لأنَّ لَه
خالةً هناك نَفَقَتْ لها نَعْجَات
ومضى لِيُعزِّيها
ذلك كان من جميل المصادفات
ففي تلك الأيّامَ بالضّبط كنتُ قَدْ
بدأتُ أدرسُ الرُّوسِيّة
على يَدِ امرأة جميلة
امرأةٍ كانَ بمقدورها ألَّا تستقبل
الموسيقى بأذنيها إذا هي شاءتْ
وأن تَشُمّها شمّاً وهذا ما يُفَسِّر كيف أنّها كانت أحياناً
تَرقصُ حتّى على
طنين نَحْلَة
وكنتُ أمضي إلى مَحَلِّ صديقي من حين لآخر
وكان يحدُثُ أن يتسلَّلَ أمواتٌ
بين زبائنِهِ ليقُصَّ لهمْ شَعْرَهُمْ
وقد أخبرني بأنّ واحِداً منهم
كان في حياته عُضواً
في الأكاديمية الفرنسية
لَمْ يحدُثْ أن تحدَّث صديقي بأمرهمْ لأَحَدٍ غيري
ولا وَقَعَ أنْ تكلّمتُ عنهمْ إلَّا مع نفسي
ولا ندري كيف نُمِيَ الخبرُ إلى البوليس
الذين عمدوا إلى دَسِّ مُخبرين حول المقابر!
قبل أيّام كنّا، ثلاثتُنا، نتعشّى معاً
وبدا لي أَنَّ الحلَّاقَ صديقي
قد يتزوّج من الأستاذة الجميلة
وبشكّلان أُسرةً غجيبة
أمّا أنا فرَبُّ بيتٍ منذ سنين طوال
أستيقظُ باكراً في كلّ يومٍ وأمضي إلى الغابة
لأخطبَ في العصافير
وفي المساء، يحدث أن أَقضي أوقاتاً
في "حانة القرصان"
أو أمضي إلى السّاحل
لأتفقّد المغارات!


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى