مصطفى الجبرتي - لـــــوحة.. قصة قصيرة

الأفق يمتد امامه يسحب كما يسحب الشراع – المتخم بالهواء – الأجساد التي ترتمي على مركب عتيق يتبع المدى بعينيه باحثا عن شئ وسط الزرقة .. لاشئ تسائل هل يمكنه رسم اللاشئ ؟ مط شفتيه ثم تثائب ، حاول رسم اللاشئ… الأزرق مزج الألوان التي تعلم .. لاحقا .. كيفية تدرج الأنسياب اللوني كتعبير عن مأسملهوية الأرث العرقي ففاز بجائزة المحفل الأولى .

سحب نفسا طويلا من لفافة التبغ التي شارفت على الأنتهاء وشعر بحرارتها تلسع سبابته فرماها على الأرض وتبعها ببصره .. متخليا للحظات عن المدى والأفق اللانهائي .. توهجت للحظات ثم خبت عاد الى المدى واللوحة التي تقف أمامه كأبله مسالم .

خط بفرشاته خطا طويلا بدايته رفيعة ثم مضى يتغلظ … يتغلظ حتى غدا في الركن الغربي من اللوحة بقعة زرقاء فقد التحكم فيها فسالت الى أسفل في خطين متوازيين مازج أحدهما الحافة وبدأ يتغلغل بين القماش والأطار الخشبي ، والآخر انحدر حتى بللت نقاطه الرمال التي تحت اللوحة .

أخرج لفافة تبغ أخرى وأشعلها بقداحته وطفق ينظر الى اللفافة والنار تتغلغل في أحشائها بحنكة ريفي يعرف طريقه بين الجبال ، وضع اللفافة وأمسك بفرشاته مجددا وغمسها في اللون الأزرق لأنه لم يكن يريد أرضا البته ،كان يريد سماءا وأفقا أزري .. مسح الفرشاة في بنطاله القديم وعدل وضع قبعته فوق رأسه ثم حاول اجخال لون جديد .

تحول الأفق الى شئ ما .. أحيانا اكتافيومات يعض أصبعه حتى يدميه ويصرخ .. كلون قرصان قتلنا وأقام خيالات مهتزة مكاننا .. التوزان في عالمنا مفقود .. بلهاء .. وأحيانا أخرى يتغوط في ملابسه الداخلية وتفوح منه رائحة نتنة …، سحب فرشاته وتخيل الأفق هشيما يتعلق بجنبات اللوحة والفراغ المجروح يسومها .

عاد الى لفافته سحب منها أنفاسها الأخيرة وأستغرق في تفكير عميق ولما عاد الى الأفق واللوحة كان الليل قد تمطى وتمدد على الفضاء فلم يجد بدا من حمل لوحته والذهاب الى بيته الجبلي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى