نزار حسين راشد - حكـــــــاية..

لأنك آخر حكايات عمري وأجملها، فأنا أضيف إليها كل يوم سطراً جديدا، وأطلقها عصافير تبهج صمت سمائك، وأخرجك من خشوع العُبّاد، إلى مرح الطيور اللعوب، أو أطرزها خيوطاً ذهبية على حواشي ثوبك المسبل في وقار، أو أنسج منها وشاحاً يعانق جيدك في حنان عاشق، أعرف أنها تتيه بك الظنون، وأنت تترقبين نهاية الحكاية، فأجددها ليلة بعد ليلة، وأتركها فوق مخدعك، لتتبدل الأدوار، ويصبح شهريار هو الراوي، وشهرزاد هي الأميرة المصغية، فتحملك أمواجها إلى جزر مجهولة تتمنين أن لا تعودي منها أبداً، لولا ذلك النداء الذي يشدك، فتعودين كحمامة مهاجرة، إلى عشك الوثير.
تخيلي لو توقفت حكاياتي يوماً، فهل ستغرقين في الصمت والحزن، ويستولي عليك شعور بالفقدان، أم هل ستمضين في حياتك بلا أبالية ككل الآخرين؟ هل يستغني المدمنون عن أفيون الحكاية، والمغامرون عن الشعور بالإثارة؟، وهل تستغني أميرة الثلج عن مرآتها؟ هل ستخلع سندريلا حذائها الزجاجي، وتستلقي وحيدة على فراش الأحلام؟
لقد تقاطعت طرقنا على حين غرّة، وافترقت دون استئذان، تاركة وراءها حكاية لا بد أن تحكى، سيلتقطها صياد الحكايات، ليعيد روايتها من جديد، أو يعبئها في زجاجة، ويسلمها للبحر، ليلتقطها صيادٌ آخر أو عاشق آخر، ويعيد حكايتها من جديد، وهكذا لن تنتهي الحكاية، ستأوي كل يوم إلى مخدع، ولن يعرف أحد من أين بدأت، ولا كيف ستنتهي، سيعيدون ترديدها فقط، دون أن يخطر لهم، أنها عنك وعني، وأني أنا الذي وضعتها على فم الزمان، وأطلقتها في فضائه الفسيح، آملاً فقط أن تصل إليك، ولم أحسب حساباً إلى أنها ستجوب العالم، وتدور على كل لسان، وتصبح فتنة للعالمين!
هذه حكايتي لك في هذه الليلة، فارقدي بسلام، حتى يصبح الصباح، وفي الغد حكاية أخرى!

نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى