ماماس أمرير - أرسم القلق بدمي.. شعر

(1)
أرسم القلق بدمي
أنا الطفلة
التي تعلمت كيف يكون الكون مخيفا
كنا صغارا
حين قالوا لنا: الله يعذب الأطفال إذا لمسوا غيمة
وطلبوا منا أن لا نثير غضب السماء
ثم صمتوا
سألتُ ببراءة: ما غضب السماء؟
إنها بريئة كقلبي ؟!
ومتلألأة كخيالي؟!
إنها ترى وجهها في زجاج النوافذ؟!
وفي عيون الأطفال؟!
وعلى سطح البحيرات؟!
ما بالكم تتنكرون لطفولتكم؟!

(2)
تزدحم المعاني
و خيال الكبار يزداد توترا
وتبدو عيونهم مجهدة
كيف لم تكتشف رقة السماء؟!

(3)
لم أكمل كلامي
حتى هبت ريح مثل فحيح الأفاعى
هكذا كبرتُ دون أن أنتبه
و فهمتُ هذا الصمت المقيت

(4)
كل شيء من حولي مبعثر
وفوضيّ
كل شيء من حولي يشبه داخلي
لا أعلم كيف أبدأ الرحيل
ولا كيف أتخلص من حنيني

(5)
إعياء شديد يساومني
وسِلال من عناقيد الحيرة
تجلس فوق رأسي
لم أستسلم بعد
سخرت من الغياب والإقصاء
وتعكزتُ كفري

(6)
أحمل فوضاي
وأواجه بؤس العالم
ولفيف من الكلمات الخرقاء
تقتفي أثري
وتحرضني على الحزن

(7)
حين تكبر المقابر
يغرق الخيال في الظلام
وتمتلئ حنجرتي بالفراغ
المقابر التي ابتكروها
كابوس
يضغط على قلوبنا اليانعة
ويغلق المسامات

(8)
أقف بلا حراك
وأمومتي إلهٌ
لا يقبل المبررات
يريد كل شيء كاملا دون نقصان

(9)
لماذا
تنقضّ علينا الحياة؟
و تحرق الشمس
خيالنا
وتتعرى أنفاسنا المنهكة
وينضج الحنين

(10)
تسألني اللغة عن حزني
فتضج الريح بداخلي
وتتمايل أشجار السرو في خيالي
ما زلت أذكرها
قريتنا المنغمسة في الصمت
كحكيم زاهد في الحياة
كل سنة
تخاف من سقوط الثلج
وتحلم بصيف بلا عقارب

(11)
غبار التقاليد يعوي
عويل
قرفٌ
وأصابع متسخة
كانت تُهمتي
أنني أخرجت جذوري من الماء
وتصورتُ نفسي آلهة!

(12)
كلما نسجتُ صورة إلهٍ في خيالي
تبدأ الأفاعي في زحفها نحو كلماتي
فتصاب اللغة بالارتجاف
ويتلوث دم البشرية

(13)
لا شيء ينقصنا
أحلامنا رطبة كغابة استوائية
وأشرعتنا ممزقة تنتظر آية
لقد فكروا بالنيابة عنا
ووضعوا أحلامنا في علب ملفوفة بقوانين الحظر

(14)
كلما انبثق فينا حلم
اخترعوا لنا موتا جديدا
وكلما صرخنا:
أطلقوا سراح الأحلام
اتهمونا بالعدم

(15)
أيها الإنحدار
أيتها البرودة الكونية
إننا نهوي
نحو لا شيء
وقلوبنا مضخة الألم

(16)
وحشتي
قفص أضع فيه استيائي
وألوّح للنسيان
وهو ماضيا كضحكة
ساخرة

(17)
منذ التقيتُ مريريدة*
وانا أشعر بالخوف
والحزن يهابني ويراقب سعادتي
هذه المرأة من نار وإصرار
تسرح بالجبال والكلمات مثل قطيع
وتداعب خيالي

(18)
أقرأ قليلا من الشعر
ثم أتسطح على ظهري
لأستمتع بالسحر الخافت
المطلوب هو تلك الجرعة من التأمل
بعد كل كارثة شعرية

(19)
دم الوجع يصعد إلى رأسي
فأداعب القلق حتى يبقى تحت سيطرتي
وأتأمل التقديرات الغائمة للقدر
ما فائدة أن أرسم بدمي
والدم يخوننا عند أول منعطف
ويتخثر كالقدر

*مريريدة شاعرة امازيغية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى