مروى بديدة - ها أنذا وحيدة و بارزة كندبة.. شعر

ها أنذا وحيدة و بارزة
كندبة بليغة في ظهر أحدب
أما عن الوقت...
فهي الظهيرة ...
تلمع جفونها كلما دبت فوقها الشمس
ظهيرة ملساء و دافئة ...

أتجه الآن نحو الغاب
حيث يدفن الجميع أحزانهم و عشاقهم
تحت الحور و البلوط
و ذاك السنديان المبالغ في الأسى و الخشونة
لم أترك شيئا ورائي ...
سوى المنزل الصغير
مشرعة نوافذه تتنشق الضوء
الكلب البني يرقد على العشب بعينبن ظريفتين

القلب المتخم بالعثرات الجسام
لا تهمه الأشكال البسيطة و السعيدة...
يتركها ليستريح...
ستستقبلني الأشجار و تحتويني أغصانها
تماما كما لو كنت يمامة جريحة
بومة آتية من الأقاصي الباردة
كروانا فقد صوته و ريشه البديع
سيحضنني الغاب كما لو كنت قندسا هزيلا
أو صغيرة غزال هاربة من القنص ...

هذه الخضرة الفسيحة للحزانى و الخائفين جميعا
الجذوع الصهباء و الصامتة ...
تسمع الأنين و تحبسه
الى أن يصير كمانا و يعزف
كلما سمعت ألحان الكمان ...
قلت هذا بكاء أحدهم
حين كان مخفيا في جذع شجرة طيبة
الأسامي المنقوشة في قعور الشجر
أرواح معطوبة جلست هنا مطولا...
كلما رأيت حزينا ...
قلت هذا إسم من تلك النقوش أصبحت له سيقان

أذكر هذا كله و أتساءل...
هذا المكان الثقيل أيضا...
من يعيد له نبضه ؟
من الخشب الميت ،من الابواب الموصدة،
من الأسرة الباهتة

أنا ضئيلة جدا و متداعية ...
حين لا أجد الأشياء التي أحببتها بشدة
تحيط بي في مثل أوقاتي العصيبة هذه
كنوع من العرفان الجميل
أحظى به مرة واحدة فقط ...
كي لا أبدو وحيدة ...
كي لا أتجه للغاب مرة أخرى ...
حين أقول لشيء ما : "أحبك"
أريد أن ألمسه...
أن يقفز في عروقي و أجده...


  • Like
التفاعلات: الشاعر سعد جاسم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى