عبد الحميد باحوص - عبد الودود.. قصة قصيرة

هل كان يعلم عبد الودود، أنه بمصاحبة العفريت، سيصبح مستقبلا مثله، وأحيانا كثيرة يتفوق عليه. عملا بالمتداول والمتعارف عليه من أن التلميذ يمكن أن يتفوق على استاذه؟؟
لم يكن أحد من أبناء الحي على علم من أن عبد الودود يصاحب العفريت، يتحدث معه في الخفاء، يملي عليه الاخير أشياء ويفعلها وفي الاخير تكون النتيجة إيجابية.
الشيء الوحيد الذي يعلمه أبناء الحي بل المدينة بأكملها، أنه إنسان منطو على نفسه، منذ صغره يضحك في حدود، يلعب في حدود، لكل شيء في حياته وضع له حدودا.
كبر العفريت، وظل على النهج مع بعض التغييرات الطفيفة، كأن يوزع الضحكات على الناس حين يلتقيهم في الشارع، في السوق، في الإدارة...
الضحكات كما قال له مرة العفريت ضرورية لابقاء حبل الود مشدودا بينه والناس، وزاد مجتهدا، انها تذوب الحديد وتهدم الجبال.
مع مرور الوقت أدرك العفريت مفعولها، الناس تحتاج فقط الضحكات ولو لم تساعدهم أو تقدم لهم يد العون ولو لم يأكلوا سوى وجبة واحدة في اليوم تساوي دولارا واحدا، ولو اكتفوا باكل الخبز الحافي وشرب الماء.
عبد الودود في مقهى النهضة، ينتظر شخصا قد هاتفه واتفقا على أن يلتقيا هنا.
جاء الشخص وقدم له نفسه:
- أنا عبد الرحيم، عمري ست واربعون سنة،
متزوج ولدي طفلين:عمر، خمس سنوات، وسعيد، اثنا عشر سنة. مرة اشتغل وأخرى عاطل عن العمل. وقد طالت عطلتي هذه المرة إذ لم اشتغل مدة تزيد على سبعة أشهر.
- أنا عبد الودود. كيف حصلت عل رقم هاتفي.
بدرت من عبد الرحيم ضحكة خفيفة،كتمها على الفور، ثم قال محدثا نفسه: من لا يعرف العفريت؟؟
بعدئذ قال له: الاستاذ عبد الودود، من لا يعرفه، أشهر من نار على علم، نائب عن الشؤون المحلية بالجماعة الحضرية، يساعد الناس في السراء والضراء، الضحكات لا تفارق محياه حين يلتقيهم!!
سأذهب إلى الموضوع مباشرة، فقد قررت أن ابيع كليتي اليمنى لاسدد بها حاجيات ضرورية لاسرتي الصغيرة ، وقد قصدتك و المقصود الله، لأنني أعرف أنك خبير في مثل هاته الأمور ان تتوسط لي في عملية البيع وللضرورة أحكام.
سكت عبد الودود برهة من الزمن وفي رحابها بدا وجهه منشرحا في منتهى السعادة كأنه عثر على كنز، ثم قال لعبد الرحيم:
- كم ستكون نسبتي المئوية في عملية البيع؟
لم يفاجأ عبد الرحيم من رد عبد الودود، حيث اكتفى بالتحدث إلى نفسه: عفريت، والله،عفريت!!؟
هل كان يعلم عبد الودود أنه بمصاحبة العفريت سيصبح مستقبلا مثله، وأحيانا كثيرة يتفوق عليه، عملا بالمتداول والمتعارف عليه من أن التلميذ يمكن أن يتفوق على أستاذه؟؟


عبد الحميد باحوص
دروموندفيل/كندا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى