سعيد سالم - الوهـــــج.. قصة قصيرة

فجأة أبصرت نفسى أقف وحدى عاريا فى قلب الكون. لم يكن من العدل ان ألقى باللوم على الآخرين وأتهمهم بأنهم تركونى ، مثلما لم يكن من العدل أيضا أن أدعى بطولة الاستغناء عنهم باختيارى.. أما الأسباب الحقيقية التى وضعتنى فى هذا الموضع فلست أعرفها ولا أدرك زمانها.
هبطت أمامى من حيث لا أدرى يحف بها عطر حنون. سترتنى بقماش ناعم الملمس زاهى اللون. لم أفكر فى تأمل ملامحها أو فى مجرد سؤالها من هى ولا من أين أتت أو لماذا فعلت بى ما فعلت.
كنت على يقين حسمته التجربة من لاجدوى المزيد من المعرفة ، وإلا ما انتهى بى المطاف الى هذه الحال. قالت لى بنبرات تفيض عطفا وإن لم تؤثر فى ملالتى مثقال ذرة:
- من الأوفق أن تعود
- لمن ولماذا ؟
- عد الىّ وسأعوضك عما فاتك
- لم أعد أسيانا على ما فات ، ولن أستطيع الفرحة بما قد يأتي
ألقيت بقلبى والسترة على وجهها وجريت مسرعا بعيدا عنها. استترت وراء سحابة شفيفة من أنغام خافتة تعزف على مقام سر الأسرار.لمحتها وهى تبحث عنى بفضول العاشق ، حتى وقفت أمامى ولم ترانى ، ولما يئست من العثور علىّ انصرفت ، فتملكنى العجب من دموع حارقة تساقطت من عينىّ..
كنت على يقين آخر- فى وقفتى العارية – من لاجدوى المزيد من الارادة ، فأنا لا أريد شيئا يدفعنى الى الانتقال من حال الى حال آخر..رغم ذلك فقد كانت هناك قوة سرمدية تحثنى فى دأب وحكمة على البحث عن طريق.
وكنت على يقين أخير من أن ذلك الوهج المتألق الذى أستبصره عن بعد بعيد ، سوف يجذبنى اليه..وسوف أعرف وأريد.. وسوف أنجذب اليه..وأحترق!!.




من مجموعة "رحيق الروح" التى صدرت عن المجلس الاعلى للثقافة مؤخرا.
أعلى