أسماء حسين - الفتاة التى تكره الأنفاق.. شعر

الفتاة التى تكره الأنفاق
والسلالم الكهربية، وكانون أول
والمحادثات الالكترونية المطولة
وتتذوق حنجرة عبد الوهاب بشهية..
ولا تفعلها مع لحوم الدجاج.
التي تحب أفلام مارفل ورائحة التبغ الذي لا تشربه
في فم رجل تحبه.. عند اقترابه
ولا تحب السير على الأرصفة الجانبية
فتدفع بقدميها كوخزة ناعمة
فى قلب الشارع
والفتاة التى تدرك أنها فى الغياب أجمل
لأنها في الحضور محض صورة
ملك كل من لا يعرفها أبدًا، ويدعي معرفتها
من الصعب فهم امرأة مثلها، في مرآة عابر
وامرأة مثلها مع من لايفهمنها.. هي كالغزالة السجينة
التي ترغب بالركض عند أول فرصة.
الفتاة التي ترتاب فى شرك المجاز.
ورياء اللغة.
مياه قلبها كافية تمامًا لتغرق
دون أن يدفعها الغرباء إلى بئر يوسف المظلم
في كل مرة.
الفتاة التي تقرأ قصائد "بسام حجار" و"رياض الصالح"
كمن يصلي للرب
وتفكر في تحويل الشعر إلى حياة..
والحياة إلى قصيدة.
وتثق بالشعر أكثر مما تثق بأهله.
وتصدق مجاز القصيدة ولا تصدق - أبدًا - الشاعر.
الفتاة التي تحمل غمازة خفيفة وحلوة
على خدها الأيمن
وجرحًا غائرًا مفزعًا
في ركن روحها الأيسر.
وشامة سوداء، تنتقل إلى قلبها ليلًا.. لتصير ندبة
ضمن جمال شاسع لم تحاول اكتشافه والسير داخله
سوى لأن زمنًا من الحب عاش فيها وعشقها فيما مضى
وضحكة مرتفعة تخرج من صوت هاديء
ولا تبال بمارة الشوارع
وخطوات سريعة، لامرأة تخرج من عاطفتها ببطء.
الفتاة التي تحمل في عينيها
قاعة سينما خالية.. والتذاكر "محجوزين"
لمجهول لم يأت أبدًا ليحضر العرض.
الفتاة التي تشبه موسيقى آستور بيازوللا
وتعاني من الجلوسوفوبيا والسوتيريوفوبيا معًا
إنسانة محاطة بالكثير.. نعم. ولكن، ناقصة حضنًا آمنًا.
الفتاة التي عرفت الوجع كما خُلِق،
وقتلته كثيرًا عن عمد، دون أدنى محاولة آسف
وضللته بالمتع النرجسية والابتسامات والنكات الحاضرة
وكانت لها وسائلها الخاصة..
لانتزاع حنان الحياة
من خلف ظهرها، ومن مطبخها نفسه.
الفتاة التي تخاف الحب كثيرًا، وتقع فيه مرات
تقع في الحب، وتخافه بعدها مرات.
الفتاة التي لا تشرب الخمر أبدًا
لكنها تسكر بكامل وعيها
أفضل مما يفعل جميع من يسقطون أمامها في فوضاه.
الفتاة التي باستطاعتها أن تكذب عليك
وتضللك باللغة في أي شيء
إلا في حبها لك.
وباستطاعتها أن تسير خلف ضلالك في أي شيء
مدركة الحقيقة ومنحازة لصفك بالرغم من ذلك
وتلتهم كذباتك كالسكر دون مرارة
إلا في حقيقة حبك لها.
الفتاة التي تضع ثقتها المطلقة الوحيدة على الأرض
بالقهوة والغزلان
وتخاف الناس جميعًا.. كثيرًا.
والفتاة التي كانت دائمًا تحب أوراق الشجر،
أكثر من الورد
وتحب وضوح الرجل وارتباكه العاري معها،
أكثر من كل ما يملكه من كلمات جميلة وألعاب لغة
وتحب الحيوانات بحدي سيف فطرتها، أكثر من البشر
هى التى منذ التقت بك
لم تعرف أبدًا..
لماذا كنت عزيزًا وقريبًا إلى هذه الدرجة ؟!


أسماء حسين
مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى