هنري ميشو - صورة للمَيْدُوزِيمْ.. شعر - ترجمة : مبارك وساط

أربعةٌ وثلاثون من الرّماح المُتشابكة، أيُمكنُها أنْ تُشَكِّل كائناً؟ نعم، واحِداً
من المَيْدُوزيمْ. مَيْدوزيماً مُضَعْضَعاً، مَيْدوزيماً ما عاد يعرف أين يتّخذ له
مكانًا، ولا أيَّ وضْعٍ يتّخذ، ولا
كيفَ يُجابِه، ما عاد يعرفُ سوى أنْ يكونَ مَيْدوزيماً.
لقد دمّروا «الواحد» الذي هُو من مُقَوّماته.
لكنّهُ لم يُهْزَمْ بَعْد. الرِّماحُ التي يجب أنْ يَسْتعملها بشكلٍ مُجْدٍ ضِدّ العديد
من الأعداء، أنْفَذها بَدْءاً في جَسَدِه.
لكنّه لَمْ يُهْزَمْ بَعْد.



إنّهم يَتّخذون أشكال فقاعات ليحلُمُوا، إنّهم يتّخذون أشكالَ نباتاتٍ
معترشة لتتحرّك مشاعرُهم.
هيئةٌ هي عِبارةٌ عنْ حَبْلٍ طويل، تَتّكِئ على جِدارٍ، جدارٍ لنْ يراهُ أَحَدٌ،
على أيّ حال، فيما بعد. إنّها هناك. إنّها تتحاضَنُ مع نفْسِها.
وهذا كُلُّ شيء. إنّها مَيْدُوزيمة.
وهي تنتظر. مُتهدّلة القِوام، لكنْ أقَلَّ بكثير منْ أيّ حبلٍ في حجمها
مُسْتَنِدٍ إلى ذاته.
هي تنتظر. فيا أيّاماً، ويا سَنواتٍ، تعالَي الآن. إنّها تنتظر.



مطّاطيةُ الميدوزيمات القُصْوى هي منبع تلذُّذهم. ومصائبِهم أيْضًا. بضْعُ
رِزَمٍ تَسقط منْ عربة، سِلْكٌ حديد يتدلّى مُتَرَجِّحاً، إسْفنجة تشرَّبتْ
سائِلا حتّى امتلأتْ، أُخرى فارغة وناشِفة، بُقْعة غَبِشة على سَطْح مرآة،
أَثَرٌ يُومِض، تَفَرّسوا، تفَرّسوا جيِّدا في كلٍّ منها: ربّما يكون هذا الشّيء
من بينِها، في الواقع، مَيْدوزيما، وربّما تكون كلّها مَيْدُوزيمات… انْتابَ
الواحدَ منها، أو جَرَحهُ، أو نفخه، أو قَسّاه، أوْ أفاضَ عليه المياه إحْساسٌ
ما…



هذه المئات من الأسلاك التي تسري فيها رعشاتٌ كهربائيّة، تَشَنُّجِيّة،
هذه الأسلاك المتشابكة بصورة مبهمة، هي التي تُشَكِّلُ وَجْهَ المَيْدوزيم.
وَبوجْهه ذاك، يُحاوِلُ المَيْدوزيم القلِق أنْ يَتَفَحَّصَ في هدوءٍ العالَمَ
المُصْمَتَ الذي يُحيطُ به.
بِهِ سَيُجيبُ العَالَم، مثلما يُجيبُ جَرَسٌ طَنّان.
وفيما يَهْتَزّ لنداءات، وَيُضْرَبُ، ثُمّ يُضْربُ، وَيُنادَى، ثُمَّ يُنادى، فإنّهُ يتطلَّعُ
إلى يومِ أحدٍ، أحدٍ حقيقيٍّ، لم يَحْللْ بَعْدُ ولا مرَّة.
  • Like
التفاعلات: مليكة ابابوس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى