ألف ليلة و ليلة ألف ليلة وليلة - تأليف: مارينا وورنر.. نقلتها إلى العربية ديما قبطي

إن من غير الممكن وجود قارئ جديد، ومن ثم، لربما نتحدث هنا عن غياب تام للقراءة الجديدة لمجموعة القصص المعروفة بـ ألف ليلة وليلة. لا لأنها أنهكت لكثرة قراءتها أو تأويلها، بل لأننا نشعر بأننا بصددها أو بصدد بعض منها على أرض الواقع، في مكان ما، ووقت آخر في حيواتنا؛ إذ نشعر بعجزنا عن تحديدها تماما. تعد هذه القصص، وفقا للتعبير الذي أطلقه جورج غروت على الأساطير اليونانية، ماضيا لم يكن أبدا كامل الحضور، تراجم بلا نصوص أصلية. تماما، وكما أنه لا يمكن أن توجد قراءة أولى أصلية لـ ألف ليلة وليلة، فلا يمكن أن توجد في المقابل قراءة أخيرة.

فكما لاحظت مارينا وورنر من خلال الدراسة المتألقة التي أعدتها مؤخرا لحيوات الروايات وما بعد حيواتها، كانت أشكال عدم نضوبها متعددة.
أولا، بالرغم مما يبديه عنوان أحدها على الأقل بوعد لتقديم تعداد دقيق لهذه الحكايات. فلا يمكنك أن تكون متأكدا من حصولك على سجل مضبوط لألف حكاية وحكاية من هذه الحكايات. فهي تتسع وتتكدس على نحو مثير مثل علم الحساب، على حد تعبير ميدلتون دوفلورز.
وثانيا، فإن حبكتها وبنيتها المتداخلة تجعل كلا منها مرآة للقصص الأخرى، تحاكيها وتعاكسها، وتجعل من علاقاتها فيما بينها متاهة معقدة يستحيل حل ملابساتها وتعقيداتها. وأخيرا، وعند مراعاة إعادة تشكيل هذه القصص وإعادة إنشائها، يبدو جليا أنها لا تزال في طور التكوين. وكما حلم بُتُوم في حلم ليلة صيف، لا نهاية لهذه الحكايا. وحتى في الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب الزاخر، تعترف وورنر بتمددها في إعلان إغلاق ملف هذه القضية.
تناقل الناس هذه الروايات لعقود من الزمن حتى قبل طباعتها، فعبرت الحدود بين العالمين المسيحي والإسلامي، وانتقلت بإتقان بين اللسان والقلم.
وقد تجمعت هذه الروافد العديدة لأول مرة في جدول واحد عندما قام الباحث وعالم الآثار الفرنسي أنطوان غالان باستخدام مخطوطة سورية تعود للقرن الرابع عشر أو الخامس عشر، كان قد جلبها معه بعد رحلته إلى الشرق الأوسط، وكانت على شكل قصة من سبعة أجزاء، وقد أطلق عليها اسم ألف ليلة وليلة، وقد ظهرت في الفترة بين 1701 و1706م.
وقد حفزت هذه القصص صدور العديد من النسخ المقلدة ومحاولات التقليد والمحاكاة، وقد عزز ذلك افتتان المستشرقين الذي انتشر عبر أوروبا في بداية القرن الثامن عشر وبعد أن تم إيجاز القصص وجمعها معا في مجلد واحد، بدأت مباشرة بالانتشار والتشعب من جديد.
وبالرغم من أن القصد من رواية غالان للقصص كان توثيق ثقافة الشرق الأوسط، فقد افتقرت للمصداقية حتى بالنسبة لأقرب مصادرها؛ فبعد أن تم صقل القصص لتناسب المجتمع المهذب، وبعد تهذيب المشاهد وبتر الإثارة منها لتكون مناسبة للتسجيل، خرجت ترجمته للقصص مناسبة للنشر والإصدار. وما يبدو مثيرا حقا الاحتمال الكبير أن يكون هو بذاته من قام بكتابة كل من قصتي علاء الدين وعلي بابا والأربعين حرامي، هاتين القصتين التي يعتقد الجمهور في الشرق والغرب على حد سواء أنها تشكل الشخوص الرئيسة لحكايات ألف ليلة وليلة.
إن استنكار هذا الاكتشاف الدخيل يعد أمرا سهلا وتقليديا، إلا أن التاريخ المتآكل لهذه الروايات بشقيها القديم والحديث يصعب من مهمة الإبقاء على عذريتها.
تقتبس وورنر عبارات بورغيس في مقاله "مترجمو ألف ليلة وليلة"، وتوافق عليها بشدة؛ إذ يقول إنه لابد لكل مترجم للقصص من أن يقوم بصقل القصة وإعادة تشكيلها مع ما ينطوي عليه ذلك من ضرورة إخفاء بعض المشاهد في كل ترجمة.

ألف ليلة وليلة
مراجعة: ستيفن كونر
الناشر: & Windus, London
(540 صفحة)
تأليف: مارينا وورنر
نقلتها إلى العربية ديما قبطي.





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى