محمد أديب السلاوي - لتخلفنا أسبابه لا يتجاهلها إلا المنتفعون...

في البحت عن معاني "التخلف" الذي يصيبنا من كل أطرافنا، باعتبارنا ننتمي إلى دول العالم الثالث،/ الدول التي في طريق النمو ، والتي عاشت تحت نير الاستعمار وخاضت معارك قاسية من اجل الاستقلال، ولكنها لم تخرج من حالة التخلف. في هذا البحت ، توضح لنا معاجم اللغة والاقتصاد والعلوم الاجتماعية هذه المعاني بدقة، لنجدها متطابقة مع حالتنا التي يتجاهلها المتجاهلون

* سياسيا : التخلف هو الاستبداد والجمع القهري بين السلطة والمال /هو نهب خيرات الوطن/هو انعدام محاسبة الفساد /هو أزمة القيم بالمؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية /هو سيادة اقتصاد الريع /هو هجرة الأدمغة والكفاءات /هو تهريب الأموال والتهرب من أداء الضرائب/هو اغتصاب الحقوق /هو الشعور بالغبن.

* اقتصاديا : التخلف هو الفشل في الاستفادة من الإنتاج الاقتصادي /هو انخفاض الدخل القومي بالمقارنة مع الدول المتقدمة/هو تخلف المعرفة الفنية التي توجه الاقتصاد نحو التنمية /هو انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي /هو انعدام التوازن بين النمو السكاني والحالة الاقتصادية.

* اجتماعيا : التخلف هو البطالة البنيائية / البطالة المقنعة / البطالة المتعلمة / البطالة الموسمية /هو ارتفاع نسبة الأمية / هو تشغيل الأطفال / هو أطفال الشوارع / هو انتشار مظاهر البغاء والفساد الاجتماعي/هو انخفاض مستوى التعليم والصحة /هو انتشار العنف والجريمة / هو انتشار الفقر /هو الإنفاق البدخي للدولة.

* تنمويا : التخلف هو انعدام القدرة على إبراز مفهوم واضح للتنمية /هو عدم بناء مخططات اقتصادية واجتماعية بشروط التنمية وقيمها/هو حالة سكون وبطء مرافق لعمليات التنمية /هو عدم صيانة نظريات ومفاهيم ذات رؤى علمية لتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدولة.

* ثقافيا : التخلف هو النقيض الأساسي لمفاهيم التنمية الثقافية/هو حالة سكون ترافق كل ما يتعلق بتطوير مناهج التعليم والتربية والبحت العلمي/هو عدم القدرة على تحريك دواليب الصناعة الثقافية بكل شروطها الموضوعية /هو عدم القدرة على صيانة نظريات ومفاهيم ورؤى علمية لتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والثقافي

السؤال الملح : ما علاقة واقعنا بهذه المفاهيم /الحقائق... ؟هل تنطبق علينا وعلي أوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. ؟

في واقع الأمر، إن العديد من السياسيين المغاربة لا يرفضون هذه المفاهيم صراحة، ولكنهم يتجاهلونها عمدا وبإصرار، والعديد منهم يعتبرون أنفسهم قادة ورجال السياسة والمعرفة، يعملون خارج هذه المفاهيم، وهم في التخلف قاعدين لا يعلمون.

في واقع الأمر أيضا، إن أزماتنا التي تهددنا في كل مجال تعود في أساسياتها إلى تجاهل أصحاب الحل والعقد إلى حالات تخلفهم الفكري، وهو ما يضيف تخلفنا الماضي على تخلفنا الراهن، وما يزيد في اتساع الفجوة بيننا وبين التقدم والتنمية.

أمام هذه الحالة نقول للذين يتجاهلون حالة تخلفنا القهري عمدا، ويتجاهلون مفاهيم هذا التخلف المتعدد الصفات أن إقامة المصانع وبناء الجسور والسدود واستصلاح بعض الأراضي، لم تخرجنا من حالة التخلف، ذلك لان عملية التنمية والتقدم التي تؤدي إلى النهضة والتوازن، لا تقوم على الاستثمار وحده، بل تقوم أولا وقبل أي شيء على بناء الإنسان وقدراته وخبراته التي تؤهله الخروج من حالة التخلف.

أفلا تعلمون. أفلا تنظرون... ؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى