ناصر الجاسم - المطعم.. قصة قصيرة

في البدء (للمدينة وجه رجل وللقرية وجه أنثى وللخيانة وجه قرد) (رحيل امرأة يوازي رحيل عشرة رجال) (نذهب إلى الطبيب ليعالجنا ولا ندري أننا نعالجه)..
الموسيقا التركية تنبعث من جهاز التسجيل القديم، صورة الفريق الوطني التركي لكرة القدم ملصقة على أحد الجدران، دخان التبغ يظلل وجوه المغتربين المجهدة، النادل التركي ذو الشارب الكثيف محمود حكمت يعرض على طاولتي قائمة بأسماء الأطعمة المقدمة ويذهب لمسح الطاولات التي خلت لتوها بخرقة مبلولة ثم يجلس على أحد الكراسي ويفض مظروف الرسالة الثقيلة، أتردد كثيراً في اختيار صنف للعشاء ومحمود حكمت أنهى قراءة الرسالة وأخذ ينظر إلى صور زوجته وأطفاله الثلاثة حولها قد كبروا ويشرع في البكاء، وأنا والقائمة أمامي أفكر في أشياء كثيرة، أفكر في التقاء الحضارات, وفي دراسة الأدب المقارن, وفي العمل لفترة واحدة، وفي خطبة فتاة, وفي شراء غرفة نوم, وقطعة أرض، وفي طباعة كتاب، وفي فحص شامل لجسمي, وفي نظرية تقول: (لكل مجتمع بنيتان الأولى تحتية اقتصادية والثانية علوية ثقافية وكل منها تؤثر في الأخرى وتتأثر بها (أفكر وليس لدي قرار واضح ولا صور أنظر إليها وتشتعل في نفسي رغبة كبيرة في البكاء ولكني أقاوم وأخرج من المطعم).
**

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى