خيرة جليل - تشاؤل.. قصة قصيرة

دأب الشيخ مسعود على تناول غَلْيونه والشاي المنعنع تحت شجرة التوت الوارفة ، وهو ممدد فوق فراشه الوثير ، و ينظر إلى العجل الصغير الذي يداعب البقرة الحلوب أمامه . وبين الحين والآخر يبتسم وعلامة الرضا تعلو ملامحه.
ودأبت زوجته نجمة ان تجلس بجانبه وتحدثه عن أحوال الأبناء والحفدة. لكن دأبت أن تحدثه على أحداث أرَّخَتها بحوادث حزينة بهذا الدوار البعيد عن كل ما يربطه بالحضارة والعولمة. فتقول على سبيل المثال لا الحصر:
- أتعلم يوم حدث ذلك الفيضان ومات ابن الحاج عباس وقطيع الغنم؟ في ذلك اليوم ولدت ابنة الحاجة فاطنة التوأم حميد ومحمود.
- أتتذكر يوم قصف الرعد وسقط عمود الكهرباء على دار المعلم بالمدرسة المركزية بالدوار وتوفوا جميعا؟ لقد اشترى الحاج عبد القادر بيتا في يوم الغد بالمدينة.....
في حين كان الشيخ مسعود يحاول أن لا يتذكر إلا الأحداث المفرحة ، كان ينظر إلى النحل وهو يرعى بجانبه فوق الأزهار فيبتسم ويقول :
- تذكرني هذه النحلات النشيطة بنساء الدوار وهن يعملن بهمة ونشاط بالحقول.
- يذكرني لعب هذه الخرفان مع بعضها بأبنائنا في الصغر.
ويبتسم لينهي حديثه بقهقهة عالية قائلا:
- إنها سنة الحياة، الأبناء يكبرون ونحن نشيخ يا نجمة.
اليوم جلست بجانبه قالت متأففة:
- أتتذكر يا مسعود، يوم هز الزلزال مدينة أكادير؟ لقد...
قاطعها الشيخ مسعود ضاحكا:
-أتَذَكَّره جيدا يا بومة الشؤم ، لقد تزوجتك. هيا قومي احضري لي إبريق شاي ، انظري إلى هذه الحقول الخضراء ألا تُذَكِّرُك بأي شيء؟ بدل من أن تشحني بطارية قلبي بالطاقة السلبية، حاولي على الأقل أن تشحني همتي بطاقة ايجابية تمنحني القوة لأتحملك لما تبقى لنا من السنوات والتي لا نعلم عددها.....

خيرةجليل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى