علجية عيش - الواجب و ثقافة الإحتجاج..

نتحدث هنا عن الحركات الإحتجاجية تعبيرا عن غضب فئة ما لمشاكل مطروحة لسبب من الأسباب سوء التسيير، البيروقراطية، غياب العدالة و ما إلى ذلك، و دون تحديد من هم المعنيون الأمر هنا يستلزم توضيح بعض الأمور التي لها علاقة بحياتنا اليومية، و كيف يمكن علاج المشكلات بوعي و إدراك للنتائج المترتبة عنها، المشكلة أننا ما زلنا لا نفقه بعض المفاهيم و لا نعرف كيف نضعها في مكانها اللائق أو اختيار التوقيت المناسب، مازلنا نفتقر إلى ثقافة الواجب و الإحتجاج و اختيار الوقت المناسب لطرح مشاكلنا و المطالبة بحقوقنا، أن أحتج لا يعني أنني اغلق الطريق في وجه المواطن و أعطل مصالح، و أن يعبر الإنسان عن غضبه أو يندد بمشكلة ما أو قضية تتعلق بسوء التسيير أو هدر الحقوق، لا يعني التوقف عن أداء الواجب و إهمال قضايا المواطن.

فأن يتوقف رجل البدلة السوداء مثلا عن أداء مهامه تعبيرا عن غضبه فهو يكون قد أضاع حق المتقاضي في المطالبة بحقه، و قد تتأجل قضايا أصحابها فقدوا حريتهم، و أن يتوقف الطبيب أو الممرض عن القيام بواجبه تجاه المريض، قد يكون سببا في هلاكه أو موته، و أن يهجر المعلم تلاميذه ليخرج في حركة احتجاجية فهو أيضا يساهم في رفع الجهل، و يكون سببا في تأخر تطبيق البرنامج البيداغوجي، و يكون سببا أيضا في هجرة التلاميذ مقاعد الدراسة، نتكلم هنا عن التسرب المدرسي و ما يترتب عنه من أضرار على نفسية التلميذ و الأسرة و المجتمع ككل و ماهي الخسائر التي تنجم عن ذلك، و لنتصور أيضا لو توقف رافع القمامة عن أداء واجبه ماذا سيحدث لمحيطنا البيئي؟ لا شك أنه ستحدث كارثة إيكولوجية تهدد البشرية كلها، ستنتشر الروائح الكريهة و تكثر الحشرات و تظهر الأمراض.

و ماذا لو تقف سائقي المركبات عن العمل، هل يستطيع أحدنا الذهاب إلى مكان عمله، الأمكثلة كثيرة و متعددة، و كلّ واحد له دور يؤديه لضمان الإستمرارية، الإحتجاج لا يعني التوقف عن أداء الواجب، الذي هو التزام يؤديه الإنسان أمام ضميره و أمام الله، فالإنسان هو خليفة الله في الأرض و قد كرمه و فضله على الملائكة، و لذا وجب ان يكون في مستوى هذا التكريم، صحيح أن الإحتجاج هو رد فعل لكشف الفساد و المتورطين فيه و الذين يهضمون حقوق المواطن التي منحها له الدستور، و واجب على الإنسان رفع المظالم، و لكن في إطار معين، دون إحداث الفوضى، و لذا وجب البحث عن صيغة ملائمة للإحتجاج و المطالبة بالحقوق دون التقاعس في أداء الواجب و خدمة الوطن.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى