رضا أحمد - الرجال الذين عاشوا بدماء تعد للموت حظيرة ذكريات.. شعر

الرجال الذين عاشوا بدماء تعد للموت حظيرة ذكريات
وغابوا في مطاردة مع ريح
تدق صدر منحدر يتبعه قرية نائية
ثم ستار من القصب ورجفة هواء تدوخه العصافير،
يبكون الآن في مملكة الأوراق المنهوبة
سكينة كلمات ترصد أنفاس الليل وهو لا يزال معبأ بالشهوة
وأغاني الصبايا تحت حمرة الحناء.
..
مكانك ليس هنا بالوراثة
وليس هناك بالحنين؛
تقول جدتي: البيت خط جاف يتلوى في عراء الروح
موشى بقلق يصاعد مواويل
وشقوق لا تتماثل للشفاء في جدار الذاكرة
إلا بظلال أحباء
أرق قلوب ذابلة
ووحشة تفوح من جنازة قديمة.
..
رائحة جديدة لجثتك؛
وردة مشبوكة في قفصك الصدري،
ترفرف ككتاب فارغ وخفيف،
تتدفق في لحمك النيء
وتغزل من شرايينك ثوب يشبه امراة
تناديك على فراش الرغبة،
ترفع ساقيها كعلامتي تعجب
وكعمودين إضاءة في زاوية ليلك
تضع بينهما حجر لتريح رأسك
بذورك
والمعطف الخرساني المطعون بخنجر
في ظهر جسدك الفتي.
..
صبورا
كما يبدو من وقفتي بين يديك
حضرة الملك المعصوم من الخطأ والخسارة،
سيادة القانون،
موكب الشمس المجدول من مياه آسنة في محيط العين،
أبكي وأنتظر توبيخك،
يدفعني: تاريخ ممتد من الجوع،
عظات الكهنة،
عصا الشرطي دائمة الخضرة،
عائلة كباش تحمل قرابين وصناديق جثث،
مديح يبارك الصلوت قبل صعودها بدماء أختام القبول،
شوارب الرجال المقطوفة ترفرف فوق سقالة مقصلة
وأمامي قمر يدلي ببيان في انتظار قبر
يفتح غرفه مجانا لبيات طويل.
..
في السنة الأولى على رحيلك
أقتنت زوجتك صورة بروفايل سوداء
وكلب ينبح حول بريدها الأخرس
وخلعت على السرير الفارغ لقب "كرسي أفرط في النعاس"
مواعيد فضفاضة مع الأرق
كادت لها وهي تلازم منديلها المبلل،
متحف كبير من الرغبات يقدم أحر التعازي
على بعد عدة أميال من القلب.
في اليوم السابق على السنة الثانية
جلست تتأمل عيوب زحفت على صورتك،
أنف يحط فوق جزيرة معتمة بلا دليل
ولا يلتقط فتات عطر يشبهها،
شفاه مكتظة بكلمات حب
لم تبح بها أبدا،
عيون بكامل استعارتها
تستخرج من الليل نساء وغرفة في فندق
لتكتب نظرة عميقة في قصيدة مؤقتة،
وسرير مسعور يقتفي أثر رائحتك
ويطارد طيفك المشوه
في جلسة تعارف مع غريب.
بعد كل نسيان تقرر كشط تجاعيد المرآة بسكين المطبخ،
تشتري قميص نوم جديد
وتستلقي فوق رف متهالك من العادات،
تربي قطيع رجال تحت سريرها وتطعمهم يرقات جسدها المالح،
ترقي صدرها بجولة طويلة مع سيجارة
وتجلس فوق نظارتك بمؤخرة لطالما جذبت عينيك
وتتظاهر بالخوف من خيانة طيفك الأعمى.
موت طويل مر
منذ أن كنت تدفع صف رغبات
للوقوف داخل حظيرة جسدك
لتخبرها عنك بما تريد،
والميراث مرايا مأخوذة بغيابك،
حين تقتلها البلاغة
وتستدعيك في صورة الأب الرائع
لن تجد فرصة للاحتشام أمام ابن يخطب ود أوزة
تمد رأسها لأبعد مما رأت عين ابوه.
..
البقاء للأم
لحكمة الأرض
لا البذرة المعطوبة بامتداد الظل.
البقاء للطريق
لا شبكة هواء تلتقط ما يسقط منا
ولا تفلح في الإجابة حين نسألها
من كنا
ماذا نريد
وكيف فرقتنا اختلاف أعراض الموت.
البقاء لي
أتعرى بلا جسد بلا لون بلا طعم بلا رائحة
حين أكشف للسماء عن جثتي
أشير إلى صوتي
يتكلس فوق عرش الماء على صورة رب.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى