أمل الكردفاني- لماذا يجب علينا أن لا نخاف

كتب الصديق
Omar AL-Adrisy
أسوأ ما في الخوف أن تخشى التعبير عن خوفك
وأرد عليه بالآتي:
⬇⬇⬇

لماذا يجب علينا أن لا نخاف..

لماذا يخاف الناس؟ ولماذا يجب عليهم ألا يخافوا؟

الخوف هو شعور ناتج عن غموض القادم من ظلام المستقبل. الخوف هو باختصار عدم وضوح الرؤية.
والخوف هو أيضا عدم فهم لحقيقة حياتنا كبشر.
لكي لا تخاف يجب ألا تكون شجاعا..ليس مطلوبا منك أن تكون شجاعا لكي تتخلص من خوفك.. بل ليس المطلوب أن تكون جبانا.. فالشجاعة والجبن كلاهما حماقة .. ولكن يجب علينا أن نكون عقلاء قبل كل شيء...أن نعي واقعنا قبل كل شيء وأن ندرسه بدقة ، فنحيط بخباياه ودقائقه معتمدين على المعرفة الحسية والمعرفة الشعورية. وباختلاطهما تصبح كالأديب الروائي. الذي يخلق عشرات الشخصيات المتناقضة وهو في الواقع يقول لنا بأن الحياة لا تحمل مقياسا واحدا للحقيقة. وأننا نحن من نحدد الحقيقة التي تتفق مع مصالحنا. إن الجندي الشجاع يهلك لينال الضباط أوسمة الشجاعة. فذكاء هذا يقدم على غباء ذاك...إن الجندي الشجاع لا يختلف عن بندقيته فكلاهما ليس مطلوبا منه سوى أن ينفذ الأوامر...
ووعينا يجب أن يبدأ من إحساسنا العام وليس بالضرورة الدراسة البحثية الدقيقة ، الاحساس العام العاقل وغير المنحاز وغير المؤدلج..فكل ما سبق يفضي باضطراب الحس البشري.
وأول وعينا هو أن نعي أن الحياة الكونية لا تعتمد على السلام بل على الصراع وأن الصراع هو الذي يخلق هذا التوازن العجيب. فالمجرات مستقرة لأن نزاع جاذبيتها مع غيرها من المجرات قد أفضى إلى الاتزان..وكذا الكواكب والنجوم والأقمار. إن انتصار الشمس هو الذي جعلها مركزا للنجوم والكواكب.. وانتصار الأرض هو الذي جعل جاذبيتها تفرض على القمر دورانه حولها.. وقد تنازع شواش الكون أو فوضاه في قديم الزمان ثم أفضى كل من النصر والهزيمة والتعادل إلى استقرار كوننا اليوم. وعندما يختل التوازن ينفرط عقد كوننا...وكذا حال البيئة الأرضية ، فلولا الصراع بين الحيوانات والحشرات لاختل التوازن البيئي ، ولو أكلت النمور الموز فسيختل التوازن البيئي اختلالا يفضي بالبشر إلى ضرورة قتل الغزلان المتكاثرة.
وهكذا ينتقل الأمر بنا إلى الطفل الذي يخرج من رحم أمه ليخوض معها صراعا محموما حول توفير العناصر اللازمة للبقاء ، وهذه العناصر لا تأتي للفرد طائعة بل يقتلعها من فم غيره اقتلاعا... إن اللقمة التي تأكلها أنت ليست نتاج سلام بل صراع ، فلو كان المزارع غنيا لما زرع ، ولو كنت بفقر المزارع لما أكلت لقمتك هذه ، ولو لم يكن هناك فقراء وأغنياء (وهو صراع أزلي الماضي سرمدي المستقبل) ، لو لم يكن هناك فقراء في الصين لما اشتريت هاتفك المحمول بألف دولار في حين يأخذ العامل الصيني خمسة سنتات عن صناعته ليقي نفسه من الجوع والمرض والموت. وهذا صراع يتبادل البشر فيه الأحوال ، ليتخذ بعضهم بعضا سخريا.
ولولا الصراع لانتهى التنافس بين البشر ، ونهاية التنافس تعني نهاية الطموح ، وموت الطموح هو موت التفوق ، والتفوق انتصار في صراع الفرد. لذلك فهناك من يرفضون خوض الصراع وهؤلاء يقبعون في حضيض العبودية.
فإن أدركنا حقيقة واقعنا البشري على هذا النحو ، جهزنا أسلحتنا وفقا للواقع ، فتارة ننحني لتمر العاصفة وتارة نجز الرؤوس ، وتارة نشرع في التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض.
لقد قال الحكيم الصيني (صن تسو): إن القائد الحقيقي هو من يكسب الحرب ثم يخوضها بعد ذلك. وهذا ما تنهض عليه سياسات الدول العظيمة ، التي لا تخوض حربا إلا بعد أن تكون قد كسبتها مسبقا.
وهكذا هو ديدن الفرد العارف الذي يجب أن يحدد أعداءه جيدا ؛ وأولهم أصدقاءه الذين يعرفون الكثير عنه ، ثم يضع عشرات الخطط والخطط البديلة لخوض معاركه التي لا تصل إلى معركة فاصلة فيها.
فالحياة لا تنتهي معاركها حتى تفيض روح المرء ، ومع ذلك فلا يمكننا أن نحسم إذا ما كان قد مات منتصرا أم مهزوما. لأن لكل امرئ نصاب فهمه للنصر والهزيمة. وحتى التاريخ لا يحدد لنا ما إذا كان المهاتما غاندي قد انتصر أم انهزم ولا بن لادن ولا هتر ولا مانديلا ولا الاسكندر الأكبر. فلكل امرئ حقيقته الخاصة. وأنت وحدك من يملك تحديد خياراته بحسب حقيقتك الخاصة.
فإذا أدركنا ما سبق فلا سبيل للمشاعر المقتضبة والغامضة كالخوف والإقدام ولا الصفات الواهية كالشجاعة والجبن. بل سنفكر دائما: كيف نختار أسلوب حياتنا وفق للواقع ونحن نضع في الحسبان كل العواقب المتوقعة ونتقبلها بصدر رحب.
الخائف كما قلت هو من يترك نفسه لأمواج الحياة .. وهو قراره ..وهو من يتحمل مسؤوليته وهو من قرر أن يظل خائفا حتى يموت.
لذا.. وبما أنك كائن عاقل..فلا يجب عليك أن تخاف...

*_أمل الكردفاني_*
  • Like
التفاعلات: صالح عبدالجبار

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى