صفاء عبد المنعم - شريطة بيضاء كبيرة.. قصة قصيرة

الكتابة هى دولابى الكبير، أقف أمامه طفلة بضفيرتين عقصتهما لها أمها بشدة، ووضعت فيهما شريطتين بيضاء كبيرة، وتوجت كل ذلك بربط إيشارب من القماش الناعم حتى أنام، واستيقظ فى الصباح، وشعرى مازال ملموما ومرتبا، كى أذهب إلى المدرسة، والأطفال كانوا دائما يزفوننى فى المرواح وهم يرددون( يا تخينة) كنتُ أبكى بحزن شديد، وأختبىء داخل الشجرة التى أمام المدرسة حتى ينتهى اليوم، ويبعد عنى هؤلاء الأطفال المزعجين، ثم أعود إلى البيت بعينين حمراوين، وأرفض أن أتناول الطعام، حتى يقرصنى الجوع بشدة، وبعدها أذهب كطفلة صغيرة فى حضن جدتها الكبيرة، التى تقوم برقوتها وألقاء المعوذتين، ثم تمسح على رأسى بيديها الكبيرتين حتى تطرد العين الشريرة التى أصابتنى اليوم، ولم أتناول طعامى.
ثم تأتى أمى وتضع امامى الطعام اللذيذ. أأكل فى شهية مفرطة، وبعد ذلك أقوم فى حبور وأطمئنان ساعية نحو المذاكرة بكل جد ونشاط، كان هدفى الأساسى فى ذلك الوقت لكى أنجو من هتاف الأطفال المزعجين، وكلامهم القاتل بالنسبة لى هو التفوق والنجاح.
فصار النجاح طريقى والقفز فوق الصعاب بخفة برلينا رغم البدانة المفرطة التى صرت عليها، وعندما نجحت فى شهادة القبول بتفوق وفشل كل الأولاد الذين كانوا يزفوننى بغنائهم وصوتهم المزعج القبيح وهم يرددون(يا تخينة) أصبحت أقابله وانا متعالية ذات الجبهة العليا والرأس المرفوع، وعندما خلعت مريلة(تيل نادية)التى كنتُ أرتديها فى المرحلة الإبتدائية، واصبحت أرتدى بدلة زرقاء جميلة من (الأسموكن)الأزرق.
فى هذه اللحظة، عرفت معنى الأنتصار، والعلو والرفعة، وأن تكون متفوقا دائما، وعندما دخلت فصل(الفائقات) عرفت معنى أن تكون منتصرا كبيرا وشامخا، وتركتُ ورائى الضفيرتين الكبيرتين المعقوصتين بشريطين كبيرين لونهما أبيض.
وأصبحت أعقص شعرى على هيئة(كعكة) كبيرة وجميلة ومبهجة.
من هنا خرجت فتاة ثانية، ناضجة، تعرف طريقها جيدا، ولا تلتفت وراءها أبدا مهما كانت الأسباب، وأصبحت لا ترتعد من صوت الأولاد وهم يزفونها، لأن هذا الصوت أختفى تماما وإلى الأبد من ذاكراتها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى