صابر رشدي - مطر.. قصة قصيرة

الأزيز المهدد للمارة والعابرين، يبرق فى الأسلاك العارية تحت المطر، ولمعان البرق ينذر بسيل عارم .
فى هذه الظروف، يتخفى الجميع من الشيطان الخارج من عمق االظلام، للصيد واقتناص الضحايا، وفرض شروطه المجحفة على هذا المشئوم، سئ الحظ، الذى سيكون اول من يفابله عند الإنقطاع التام للكهرباء. يتخفى الجميع أيضا من هذا الذى يكمن متحفزا، ينتظر بنفاذ صبر هذه اللحظات المواتية.
الشيطان. يبدأ من نقطة محددة, ساعيا فى اتجاه الهدف, منتحلا سمتا بشريا .
الآخر. الكامن فى جحره، يبدأ فى التحرك، منتحلا سمتا شيطانيا، ملابس سوداء، قناع مخيف، يعلوه قرنين حادتين وفقا للمظهر الكلاسيكى لإبليس .
فى ساعات قليلة، يقضى كل منهما على عدد من التعساء، الذين لم يستطيعوا العودة إلى منازلهم فى هذ الجوالغامض .
فى نهاية المطاف، وعند نقطة معينة يتقابلان، مكان مهجور، لا تذهب إليه الكائنات الهشة. للوهلة الأولى، يقشعر جسد كل منهما، وتتصاعد إمارات الريبة .
الأدمى . ارتعد، أخذته الرجفة الطبيعية، التى تولد مباشرة عند مواجهة الشيطان، لكنها رجفة بلا خوف، تحمل تحذير لا أكثر، نداء لحوح بأنه يواجه كائن ذو طبيعة مغايرة، تمتاز بالغموض والمداورة، وأن هناك خدعة ماكرة. لقد أدركه فى الحال، أخترقه بوصفه حجما وشكلا لا ينتمى إلى تلك العناصر التى يمتلكها هو، فملكة تكوين الصور لديه هى التى تساعده فى التجوال تحت جنح هذا الظلام، وتعمل على اكتشاف ضحاياه بسرعة مذهلة.
الشيطان. عن طريق التعقيدات والشكوكية، وحالته الخطاء منذ البداية، اكتشف أن هذه الطبيعة المغرقة فى الشر، المدفونة تحت هذا القناع الزائف، هى لآدمى ، فساوره شعور طفيف بالخوف للمرة الأولى فى حياته.
تحت وطأة هذا الصراع الضارى، المشحون بالصمت، والمار عبر لحظات غير مدركة؛ اقتربا من بعضهما، لم يفصل بينهما سوى خطوة واحدة. وبنظرة خاطفة وزن كل منهما الآخرليتيقن من قوته، فربما توائما على نحو فاوستى وعقدا صفقة مرعبة .

صابر رشدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى