عبدالعزيز فهمي - عباءة لموتنا.. شعر

منتريال
في كل صباح من صباحاتك
تُبدي الشمس جواز مرورها إلى ضفاف الإغتراب
تلك المعلقة على هواء الأحزان في عملتهم
السماءُ امتلأت بالغيوم الرافضة
غضبٌ يتسلق هويتهم
في البراري هناك آهاتُ القرون الغابرة
تستجدي برودة الجبال
الشجر شاهد عيان على محنة الخبز
في سميد الذرة و حقول القمح
هناك بلاد هند مغدورة في خرائطهم
كتب التاريخ حمراء
هناك غربان ترفرف في واضحة السؤال
تصاحبها أقنعة الإجاباتِ اللقيطة
هنا حمام يختفي وراء ريشه الأبيض
يرتجف من سلالة كلومبوس
الحمرة كانت حائرة في اللغة
عن أي إشتقاق ستنشَقُ ولأي جذع تنتمي
أي دلالة تكسي عريها في شتاء الوجود
كي تنسحب الثلوج من خضرة العشب وهي تبكي
تلتقي الخيول بالله عند سفوح الجبال
يحدثُها عن رقصة المطر وعرس الأشجار
تصهل فرحة في البروق وفي تلاقي النهار بالنهار
متهمون في براءة الجبال وأغاني الوديان
في سحنة لفحتها ألسنة الشمس
فَرَّ عنها البياض منذ أزمان
ظلت كالتربة المعطاء صبورة تغني للمساءات

منتريال
الشمس تلْفَظُ أشعتها الأخيرة
في عش لقلاق
مخاض مطلقٍ عاقرَ الصمت في صمت الرياح
حين تعرت لتنام
أجهزوا على دفءٍ مترام خلف ستار عشقها
كانوا يعرفون لباسها الداخلي
يعرفون زغبها المشاكس على سيقانها
يعرفون أثار الرماد على فخديها
كانوا يعرفون
كم من حبة سكر تضع في فنجان قهوة الصباح
كيف ترتشف السواد في عيون الماء
كم من كأس نبيذ تفرغه في جوف خوفها
تتوسد الصدى في رعودها
لتنسى وجهها الملطخ بدم الفراخ
كانوا دائما يقدمون إليها ملثمين بخطبهم
ملائكة من زجاج وتماثيل حرية في لُعب الأطفال
كانوا يحتلون الكبد يقشرون نعاسها من الأحلام
عصفورة مكسرة الجناحين
ذكريات العشق على أرصفة الموت
السينما تحتفل على قارعة المرور إلينا
كنا عرضة للكواليس

منتريال!
هل للغرباء حق الصلاة لشعاع الشمس المتدلي من معطف الآلهة؟
هل لهم طريق تقود شوقهم إلى عسل الأشجار؟
أمكنة كانت تفتح بكارتها للقادمين إليها عشقا
أمكنة أقفلوا فيها النوافذ المطلة على النهر
من هناك جاؤوا
كان الموت أبيض في الثلج وفي الحليب.
يا نهر سان لوران!
هل ماؤك قديم قدم صرختي وصرخة اللاجئين في الأحاجي؟
هل تتذكر ضفافك صمت الهندي المبعثر في البارود
المصلوب في زبد الويسكي ودخان الموت؟
حريق روما يضاجع في الخيام ماعون الجاموس
هجرة الحكاية للغة الأسلاف في ظلال الدخان
جئنا كما كان الهنود الحمر أرانب
لنموت كدودة القز نمنحهم هدوء بسماتنا
رقة لمساتنا لعطر الزهور البرية
نظرة كانت تبحث عن الله في شعابهم
آه من كل ما أعدت مرارة الذكرى في مآقينا!
أينما ولَّيْتُ خطوي في ربوعهم هناك ذئاب جائعة
الدم دائما أحمر حين يراق عنوةً
هناك الفتنة الفاتنة وهنا الصليب المعوج
محاكم على كل الحدود
تفتش في نيتي عن عشقي للحياة
قوس قزح كان يبكي في نشيد الغزلان اليتيمة
لا أفق للحلم في عيون الجاموس المفقوءة
لا ضياء في كوى البيوت المستباحة في نفطهم

منتريال
أنا البدوي القادم من حبات الرمال
غرست دعاء أمي في تربة فصولك الأربعة
تراتيل أبي الصباحية في فناجين القهوة على أريكة الإنتظار
ماذا ننتظر؟
لاشيء في حقيبة غودو غير إنتظارات جديدة
خيبات تتناسل في أوهام جنة كاذبة
وفي تلاوة الأخبار.

منتريال
"لكل شيء إذا ما تم ..." سؤال
أي رحابة تفرشها لروحي المشبعة بجليد لياليك
المخضبة بتغاريد الخطى التائهة؟
خطبة وداع أخرى على محراب الشك
على يقين الموت في أبجديتنا
أي كلام يليق بعُمينا وببكاء العوانس على عتبات المقابر؟
يحتل الظلام كوى النور في جدراننا
ويضحك
أي الأسماء تصلح أن تُتْلى على آدم هذا الزمان
لتعود الجنة جنة في الكتب التي لم تعد تُقرأ
أي رحلة هذه التي تسمى في قاموسكم حياة؟
أسئلة يصرخ بها الماء
تبكي في الشرايين لسماعها الدماء

منتريال
يجب علينا أن نسأل
ففي السؤال يحق لنا محاكمة الأيادي
صياغة صلح الموت مع الأموات
لابد من الزغاريد خلف شظايا المرايا في رغيف أعراسنا
ولدنا من مضاجعة الريح للريح
لاشيء يسفر عنه مخاض العاصفة في كؤوس القدر
لاشيء!
يستمر كل شيء في كل شيء و.......... !
عزيز فهمي منتريال

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى