رعد زامل - عن الأشجارِ وهبوبِ الكارثة.. شعر

1
ليست شجرةً
هذه الواقفةُ
في الطريق إلى الحرب
ليست شجرة
بل إنها
علامةُ استفهام خضراء
في سياق الكارثة .

2
كلُّ شجرةٍ بخضرتها
مستبشرةٌ
إلا شجرة عائلتي
الريح تذر أوراقها
في المنافي
بينما الجذور
في المقبرة .

3
الشجرة
مع عشيقها
لا تفرُّ
ولكن الشجرة تتلاشى
بين أحضان أمها الطبيعة
ثم ما أن تبلغَ أرذلَ العمر
حتى تضرمَ النيرانَ
في نفسها
وتنطفئ
حالما تدرك أن حُسن العاقبة
يكمن في الحطب.

4
ثمة حبلٌ خفي
حبل لا يرى بالعين المجردة
حبل يجرُّ الأشياءَ
إلى مهدها الأول
ففي زاوية النسيان
من المُتحف
ثمة تمثال خشبي
كلما دخلت
يرمقني بنظرة ذابلة
ويسألني :
كيف السبيل إلى
الغابة ؟

5
في حقل الألغام
حقل الألغام فقط
الشجرة المورقة
تخون الناظرين
تخون العابرين
تخون الحياة نفسها
أما الشجرة
العارية في الحقل ذاته
فلا تخون أحدا
غير الجذور.

6
في حقل الألغام أيضا
لا معنى للشجرة
إلا على أنها
فخٌّ أخضر
يستدرج العصافير
إلى مجزرة.

7
في العصور المظلمة
العصور التي
لا أثر للشمس فيها
تتعرى
كلُّ الأشياء
كل الأشياء
تتعرى
حتى الأشجار تخلع خضرتها
وتستر عورتها بالذبول.

8
من يسمعُ أنينَ الأغصان
حين تنكسر
من يرى الطبيعةَ وهي
تجلدُ أشجارَها بالنزوح
لا بدَّ أن يسمي
الخريف سوطا
وحدي في هذه الغابة
التي لا أملك غيرَها وطنا
أدعو الأشجارَ
إلى الخروج على الطبيعة

9
لستُ مع الريح
التي حملتني على
كفّها يومَ كنتُ بذرةً
ولست مع الأباطرة
الذين أوقدوا شرارة حربهم
بين أغصاني
يوم أمسيت شجرةً
مع ذلك ....
أنا والجنود غدا
طرفا معادلة خاسرة
فالجنود حطبا يمضون في الحرب
وأنا سيقانا من خشب أغدو
للراجعين منها
بقدم واحدة .

10
قديما ..
قديما ...
يومَ البيوتُ كالجنائن
والنساءُ كالشجر
كان على بيتنا يقف الربيع
أما اليوم ....
وفي هذا العراء الموحش
الذي يُشبه الحياة
فأنا أقف كعودٍ أجردَ
حيث لا أملك بيتا ..
ولا بابا يقف عليه الربيعُ
بل لا أملك حتى شجرةً
أُودعها قلبي كعشّ .

رعد زامل - العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى