مصطفى الشليح - قلْ لي: أحِبُّكِ.. شعر

قلْ لي: أحِبُّكِ .. فالدُّنيا ومـا فيهَـا = تَرفُّ لي .. حينَ تُهديني مَرافيهَـا
أبحَرتُ في بُحَّةِ الأشواق لسـتُ أرى = إلاكَ مَوجًا .. فأنَّى لي مَنافيهَـا ؟
أبحَرتُ فيَّ .. كَأنِّي لسـتُ أحمِلُنـي = إلى المَتاهَةِ .. تَذروني سَوافيهَا
وقلـتُ لـي: لمَـنِ الدُّنيـا ولثغتُهـا = إذا أنـا أقتفينـي .. فـي خَوافيهَـا
إذا أنـا أختفِـي عنِّـي لأعرفَـنـي = في مُقلتيكَ ؟ لكَ الدُّنيا .. وما فيهَـا
.
قلْ لي: أحِبُّكِ .. أرسمْ للشَّذا قَمـرًا = لا شَـيءَ يُشبهُه تيهـًا وتَنزيـهَـا
إذا رسَمتُ لـه ثغـرًا همـى وتَـرًا = على الأقاصي وهامَ اللَّونُ تَمويهَـا
وإنْ هَممتُ بـه سحـرًا دنـا خَفـرًا = كَـأنَّ، فـي خَطـوه للسِّـرِّ، تَنبيهَـا
وإنْ تَبسَّـمَ لـي مَـوَّالُـه خَــدَرًا = أخفى الزَّمـانُ استعـاراتٍ وتَشبيهَـا
كَأنَّنِـي لا أنـا عُمْـرًا مَحـا شَـذرًا = إذا كَتبـتُ الشَّـذا.. بالعُمْـر تَنويهَـا
.
قلْ لي: أحِبُّكِ .. إنَّ العُمرَ مُنسحِـبٌ = منِّـي إليـكَ فَـراشـاتٍ تُناديـهَـا
طَارتْ إليـكَ كَأنِّـي لسـتُ أقطفُهـا = مِـنَ الحَديقـةٍ وردًا كَـيْ أهاديـهَـا
كَأنَّني وحديَ العِطـرُ الـذي سكَبـتْ = بَينَ القَصائدِ .. إمَّا الحُـبُّ حاديهَا
يَدي أضمُّ بهـا قلبـي إلـى سَفَـري = كَأنَّنـي ضِلَّـةٌ .. لا كَـانَ هاديهَـا
نَاديتُ ظلِّـيَ: هَـاتِ اللَّيـلَ أذرعُـه = حتَّى أراكَ أنـا .. رؤيـا تُصاديهَـا
.
قلْ لي: أحِبُّـكِ .. أوراقِـي مُبعثَـرةٌ = وللخَريـفِ عُيـونٌ فـي حَواشيهَـا
قرأتُ فيهـا انهيـاري طـيَّ قَافيـةٍ = أرقتُ فيهـا كَأنِّـي مِنْ غواشيهَـا
وكُنـتُ أذكُـرُ أنِّـي لا أزالُ هُـنـا = حتَّـى تَنكَّـرَ لـي بالطَّـيِّ غاشيهَـا
أخشَـى عَلَـيَّ إذا أوراقِـيَ اختلفَـتْ = إليَّ تَسألُنـي .. والدَّمعُ واشيهَـا
أمِـنْ تَبعثُـرهَـا ليـلـي بأنجُـمِـه = أمْ لملمَ الورقَ السَّاجـي نَجاشيهَـا ؟
.
قلْ لي: أحِبُّكِ .. تُمطرْ غَيمةٌ جـذلا = فالرَّوضُ أورقَ حلمـًا في مآقيهَـا
ماءُ الهَـوى خِلسـةٌ ريَّـا مَواسمُهـا = إذا تَصَاعَـدُ .. بالسُّقيـا مَراقيـهَـا
أعطو إليهـا، حَبيبِـي، ثُـمَّ أرشفُهـا = كَأنَّنـي سلسَبيـلٌ فــي تَلاقيـهَـا
أسطو عليها، بكُـلِّ الحُـبِّ، أقطفُهـا = وأمَّحِي في الثَّنايـا مـنْ سَواقيهَـا
قلبي عليَّ، حَبيبِـي، حيـنَ أعرفُهـا = ولستُ أعـرفُ طيفـًا مِـنْ بَواقيهَـا
.
قلْ لي: أحِبُّكِ .. مَفتُـونٌ بأخبيَتِـي = ضَـلَّ الخُطـى .. وأظلتْـه لياليهَـا
واللَّيلُ لي .. كلَّمـا خيـلٌ بنافذتِـي = تَحُـطُّ فَـوقَ يـدي منهـا أماليهَـا
تَخطُّ بي رحلةَ المُشتـاق فـي لغَتِـي = حتَّى أخيـطَ لها شَمسـًا تُواليهَـا
شَمسٌ تَميلُ برَقـراقٍ علـى شَفتِـي = حتَّى أميلَ بدُنيـا .. مِـنْ مَجاليهَـا
والشَّمسُ لي يا حَبيبِي حيثُ أشرعَتِي = والبَحرُ لي نَجمةٌ مالتْ أعاليهَا
.
قلْ لي: أحِبُّكِ .. يَطو المُنتهى بيَـدِي = كُلَّ المَسافـاتِ إمَّا أنتَ تَطويهَـا
أروي الحِكَاياتِ. إنِّي شَهرزادُ غَـدِي = سَأرتوي منْكَ شعرًا حينَ أرويهَا
وسَوفَ أُغويكَ بالرُّؤيا إلـى بَـرَدي = لكَيْ تَغيبَ حُضورًا .. ثُـمَّ أُغويهَـا
وسَوفَ آوي بكُلِّ الحُبِّ فـي مَـدَدِي = إلـى جُنونِـي حِكَايـاتٍ لتأويهَـا
فهلْ تُؤولُ لي رُؤيـايَ يـا رَشَـدِي = أنا .. ويا ضِلَّتي .. أمْ كُنتَ تُذويهَا ؟
.
قلْ لي: أحِبُّكِ .. فالدُّنيَا ومـا فيهـا = إليكَ أنـتَ .. وللدُّنيَـا سَتُهديهَـا ..



مصطفى الشليح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى