عمار نعمه جابر - مسرحية: نادي.. للضحك

المسرح حمّام .. فارغ مظلم
صورته الأولى .. الصمت ..
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلاحظ في وسطها
رجلا يستلقي على بطنه
فوق ( دكة حمام حجرية )
نلحظ الرجل ..


Report this ad

وقد بدت قفاه لنا
وشعره يعلن : لقد ترجلت سنوات الشباب ..
وغدا ناصع البياض …
تتدفق إلى أسماعنا
أصوات همهمة واطئة ..
تشارك الضوء الخافت بالتدرج
حتى تعلو .. فنستمع..
إلى مجموعة من الباكين
وقد بدءوا بإيقاع نشيج متقطع
سرعان ما تواصل .. متحولا
إلى بكاء .. بصوت نحيب …
ثم ….
( ظلام + صمت .. فقط )
بعدها ..
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت

بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلاحظ في وسطها
الرجل يستلقي على ظهره
فوق ( دكة حمام حجرية )
نلحظ الرجل ..
وقد وضع رجليه ، واحدة فوق الأخرى ..
تتدفق إلى أسماعنا
أصوات همهمة واطئة ..
تشارك الضوء الخافت بالتدرج
حتى تعلو .. فنستمع
إلى مجموعة من المغنين ..
وقد بدءوا بإيقاع غناء متقطع
سرعان ما تواصل .. متحولا

إلى ..
بكاء .. بصوت نحيب …
ثم ….
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلحظ في وسطها
الرجل يستلقي على بطنه
فوق ( دكة حمام حجرية )
نلحظ الرجل ..
وقد بدا وجهه المتعب لنا
كان شاحباً .. كالموتى ..
تتدفق إلى أسماعنا

أصوات همهمة واطئة ..
تشارك الضوء الخافت بالتدرج
حتى تعلو .. فنستمع
إلى مجموعة من الموسيقيين
وقد بدءوا بإيقاع متقطع
سرعان ما احتدم .. متحولا
إلى بكاء .. بصوت نحيب …
الرجل يتحرك على إيقاع الموسيقى ..
وكأن اسواط توجعه ضربا ..
وبلا رحمة ..
أصوات حيوانية تخرج منه ..
تتحول إلى أصوات غاية في البشاعة ..
ثم ….
الرجل : ( يصرخ ) كفى …
كفى .. كفى …


( يعتدل جالسا .. يبكي … )
ثم …
( ظلام + صمت .. فقط )
الرجل يبدأ بغناء غير مفهوم ، وبصوت ضعيف وسط الظلام ..
يرتفع تدريجيا ..
يشاركها الضوء الخافت بالتدرج
يتحول الغناء بعدها إلى صراخ ..
ثم صراخ شديد .. مع حركات رقص مجنونة ..
ثم يسقط أرضا ..
ثم …
( ظلام + صمت .. فقط )
صوت طرقات على الباب ..
ينتبه الرجل ..
وكأنه كان في حلم .. وفاق منه للتو ..
يتكرر صوت الطرقات على الباب ..

يتأكد الرجل أن الطرقات ليس وهما ..
ينهض بتثاقل .. يتوجه صوب الباب يمين المسرح ..
يخرج من المسرح ..
( لحظة )
يعود متراجعا للخلف .. في حالة ذهول ..
يدخل ساعي البريد متقدما باتجاه الرجل ..
يصطدم الرجل ( بالدكة ) يجلس ..
ساعي البريد : صباح الخير ..
ما بك أيها الرجل ..
ما لذي دهاك .. هل رأيت ما يفزع ..
صباح الخير ..
أنا ساعي البريد ..
ساعي بريد ، فقط ..
( الرجل صامتا )
مالك صامتا .. تكلم .. قل شيئا …

الم ترى في حياتك ساعي بريد .. ؟
الرجل : ( يهز الرجل رأسه بالنفي )
ساعي البريد : ( متعجبا ) ماذا ! .. لم ترى ساعي بريد في حياتك .. !
قل غير هذا الكلام يا رجل ..
الواضح انك رجل .. تجاوز الخمسين منذ زمن بعيد ..
كيف يحدث انك لم تلتقي بساعي بريد ؟
لا بد انك تمزح ..
نعم أنت تمزح .. ( يضحك ) لقد أضحكتني ..
( الرجل صامتا.. يتحرك ساعي البريد )
عموما .. قد تكون محقا ..
فهناك الكثير في هذه المدينة ..
ممن ماتوا ولم يشاهدوا ..
ساعي البريد مطلقا .. نعم أنت على حق ..
نعم.. أنا اعرف الكثير مثلك .. حيث أنهم يشاهدوا ساعي البريد أبدا ..

ثم ما فائدة ساعي البريد .. ها .. ؟
نحن لا ننتظر أخبار احدهم .. أبدا
بل نحن لا ننتظر خبر جديد أصلا ..
(الرجل صامتا )
نعم أنت على حق .. هذه أيام للأخبار السيئة دائما ..
نعم .. ساعي البريد سيكون شخصا غير مرغوب فيه ..
بل شخص مقيت .. ولو رأيته أنا في مثل هذه الأيام ..
لأوسعته ضربا ..
بلا شك سيأتيني ، بخبر سيء مثل شكله ..
( الرجل متعجبا )
لا تستغرب يا رجل .. فهذا الكلام بيني وبينك .. ( يضحك )
( يقترب ساعي البريد من الرجل .. يهمس في أذنه )
أنا نفسي لم أشاهد ساعي بريد في طول حياتي وعرضها .. ( يضحك )
( الرجل متعجبا )
نعم .. اقسم لك ..

لا يغرك .. هذا الزي .. ولا هذه الحقيبة ..
انظر هذه حقيبة فارغة ..
ليس فيها سوى رسالة واحدة …
وهي لك ..
( ينظر يمينا وشمالا )
أنا لست ساعي بريد ..
( الرجل متعجبا )
نعم .. لست ساعي بريد ..
بل ازيدك من القصيد بيت ..
أنا لم ادخل بناية البريد طول حياتي وعرضها ..
فأنا لا اعرف أين تقع هذه البناية ..
( مع نفسه )
لا بد أنها بناية مهجورة للغاية .. مهجورة جدا ..
( الرجل يحاول أن يتكلم )
لابد انك ترغب في السؤال المعروف مسبقا ..

طيب إذا لم تكن ساعي بريد يا هذا .. فمن تكون ؟
( يضحك )
ببساطة أنا لست ساعي بريد ..
لكن ، لا تخبر احد ..
الرجل : سيدي صباحك خير ..
ولكن إذا لم تكن ساعيا للبريد .. فمن تكون ؟
ساعي البريد : أنا ساعي .. ولكن لست للبريد ..
الرجل : ما هذا .. ! أنت ساعي .. ولكن لست للبريد ؟
ساعي البريد : أنا ساعي في دائرة أخرى ..
الرجل : ساعي في دائرة أخرى !
ساعي البريد : نعم يا سيدي .. احمل بريد دائرتي ..
إلى من ترغب دائرتي ..
في مراسلتهم فقط ..
الرجل : سيدي أرجوك .. يبدو أن هناك خطأ ما ..
ساعي البريد : صدقني .. أنا لا اخطأ أبدا .. أنا دقيق للغاية في عملي ..

الرجل : لا يمكن أن تكون الرسالة التي معك تخصني ..
فلا أعرف من يرغب في مراسلتي ..
ساعي البريد : هل تريد أن تقول لي انك لا تعرف أحدا ؟
الرجل : بل على العكس الجميع يعرفني ..
ولكن ليس بواسطة الرسائل ..
أرجوك اذهب وابحث عن صاحب الرسالة
أنا لا اعرف أحدا يراسلني ..
ساعي البريد : سيدي حقيبتي تحمل رسالة واحدة في كل شهر ..
وأبقى تسعة وعشرون يوما أخرى
ابحث عن صاحب رسالة الشهر القادم
هذا هو عملي بكل بساطة …
الرجل : ( متعجبا ) أي عمل سيدي .. أنا لا افهم شيئا ..!
ساعي البريد : سيدي لقد تم اختيارك .. ستكون أنت المختار في هذا الشهر ..
انه شهر سعدك .. ستضحك كثيرا ..
( يضحك مع حركة راقصة )

الرجل : ( يتحرك ) سيدي أرجوك .. غادر هذا المكان ..
سأكون مضطرا لرميك بالخارج ..
لا أريد أية مشاكل .. هذا يكفي ..
ساعي البريد : هوّن هذا الانفعال سيدي .. هدئ من روعك ..
يبدو انك لا تعرفني .. أنا اليوم ملاكك الذي ..
يعدك بالخلاص .. والخروج من هذا الجحيم ..
أنا .. رسول ..
لا تعاملني بهذا الشكل ..
( ممتعضا) أنت فعلا غريب الأطوار .. سيدي
( يجلس على الدكة )
(الرجل يسحب ساعي البريد من يده .. ويفلته بعيدا )
الرجل : اخرج .. لا اعرف عن أي شيء تتحدث ..
ثم أنني لا ارغب في شيء منك ..
ساعي البريد: ( يضحك ) لم أرى في حياتي مغفلا .. يفضل وضعا كهذا ..
على فرصة ستمنحه الكثير من السعادة ..

( يرقص ) والكثير من الرقص ومن الضحك .. ( يضحك )
الرجل : وأنت يا سيدي الساعي .. من سيهبني السعادة .. !
ها .. لا أظن ذلك ..
ساعي البريد : هذه مهنتي يا سيدي .. أنا ملاككم ..
ينتظرني الكثير من المساكين .. في هذه المدن ..
كم أتمنى أن أوصل رسائلي ..
إلى كل شخص معذب في هذه المدن ..
( يتحرك بشكل راقص )
سيدي .. أنا المخلص ..
الرجل : ماذا ؟
ساعي البريد : نعم سيدي .. أنا المخلص ..
الرجل : أنا من سيتخلص منك ..
أنت فعلا رجل مجنون ..
( يهجم على ساعي البريد)
ساعي البريد : ( يفلت بعيدا ) أنا اعرف جيدا مدى صدمتك ..


Report this ad

بما جلبت لك .. انه أمر ثقيل ..
وهذا ما حصل للكثير قبلك ..
ولكن أرجوك ، فقط ثق بما أقول لك ..
الرجل : يا سيدي .. سأخبرك بأمر ما ..
إنني أرى نفسي تراجيديا في مشهدها الأخير
كيف تنتظر مني أن أتحول ..
فاستمع إلى أحدهم ..
جاء يعدني بالضحك ..
إنها مهزلة .. وفي مثل سني .. !
ساعي البريد : مولاي ..
أنا أعرفك أكثر مما تعرف أنت عن نفسك ..
لقد بقيت كل الأيام الماضية ..
أبحث بين مراحل عمرك المهموم ..
( يتحرك ) واعرف أنها موحشة .. مظلمة ..
( ينحني ) ومليئة بالبكاء .. بل كل شيء فيها بكاء ..



Report this ad

ومتأكد أنك تتعذب في سجن مفترض ..
اسمه العمر ..
تحت سلطة سجان لا تعرف هيئته ..
الرجل : أنت مجنون . بلا شك ..
هذه الذوات التي حولي .. كلها تتعذب ..
لست أنا وحدي من يتعذب ..
( بتأثر ) لست الوحيد الذي فقد ثلاثة أبناء في ضغطة زر ..
لوحش ادمي .. في معركة يوم ما ..
ولست وحدي الذي لا يجد ما يأكل .. أو يلبس .. أو يقرأ ..
ولست وحدي .. الذي لا يعرف من أين يبدأ ..
في حكاياته التي يفكر فيها ، ليرويها لنفسه ..
بعد أن ينتصف الليل
لتشعره بالألفة ..
ساعي البريد : لكنك تختلف .. كثيرا ..
إنك تشعر بطعم هذه الآلام كل لحظة ..

وهذا من وجهة نظر إدارة دائرتي ، سبب كافي
لقبولك هذا الشهر .. في النادي ..
الرجل : سأخبرك أمرا آخر لو شئت …
أعرف أن الفصل الأخير .. في كل مسرحيات شكسبير ..
هناك ما يحدث فجأة .. ليحول مسار الأشياء ويغير كل شيء ..
ولقد انتظرت ذلك التغيير طويلا .. طويلا جدا ..
ساعي البريد : ( يتحرك راقصا ) ولقد جئتك أنا الآن ..
أنا ذلك المشهد الشكسبيري الذي سيغير ..
كل شيء حولك ..
الرجل : لكنني فقدت إيماني بشكسبير ..
لقد عرفت أنه يكتب كل هذه الصلوات ..
من أجل حفنه من الجنيهات ..
( بألم) لم يكن يتعّبد بها ..
ساعي البريد : لكنك أنت من يتعّبد بها .. وهذا يكفي ..
الرجل : إذن لو سمحت .. أنا أطلب منك متوسلا ..

دعني أصلي وحدي .. وارحل ..
ساعي البريد : ( يأخذ الرجل من يده ) تعال لتصلي في معبدنا ..
انه الوحيد الذي يستحق ..
كي تتعبد فيه .. أيها الكاهن .. المقدس ..
الرجل : لا ارغب في الرحيل معك ..
ساعي البريد : ( يعطيه الرسالة ) وهل ستبقى على هذه ( الدكة ) ..
ما فضل من أيامك ..؟
الرجل : ( يبتعد ) هذه .. أنا ..
ساعي البريد: ( يقترب منه ) مكانك ليس هنا ..
مكانك هناك ..
الرجل : سيدي .. من أنت ؟
هل أنت الشيطان ؟
ساعي البريد: أنا سادن الضحك .. يا مولاي ..
هاك .. وثيقة الدخول إليه ..
لك غرفة لن يشغلها أحد غيرك ..

( يقدم إليه الرسالة )
الرجل : ( يتردد في أخذها منه ) هل سأموت .. ؟
هل أنت ملك للموت ..؟
ساعي البريد: أنا ملك الحياة – الحقيقة – … لا الحياة – الكذبة – .. خذ ..
( الرجل يأخذ الرسالة )

ثم ..
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلحظ في وسطها
الرجل يجلس على ( دكة حمام حجرية )
يقرأ …
يرتفع صوته .. مع ارتفاع شدة الإضاءة ..

الرجل : تحية طيبة ..
نرسل لك طياً ، دعوة للانضمام إلينا ..
نحن أخوتك في الحزن والألم والبكاء ..
نتقدم إليك برغبتنا في أن تصبح عضوا في جسدنا ..
جسدنا الذي ضمه مكان واحد .. وعصر واحد ..
ورغبة واحدة .. هي :
رغبة الخلاص من الألم ..
أيها المتألم رغما عن انفك ..
والباكي ظنا منه في اعتقاد البكاء ..
دواء لكل هم وغم .. كما يدعي الناحبون ..!
نحن ندعوك للإيمان بنا .. نحن الضاحكون ..
حواريون .. نعتنق الفرح والضحك ..
ونكفر بالبكاء والحزن ..
ربانيون .. عند وجه الأشياء الضاحك ..
ومستعيذون سبعين مرة من وجه العويل ..

فهو وجه للعصاة .. وللفسقة من أبناء الرب ..
نحن ، كل الأديان والمعتقدات والأفكار والاتجاهات ..
ولكن بوجهها الداعي للحياة ..
لا الداعي إلى الموت ..
لقد وافقت كل لجاننا باختيارك أنت هذا الشهر ..
عند اكتمال القمر ..
ووقعت جميعها على ذلك بالإيجاب ..
مضت سنين الحزن لديك .. سنين الوحدة ..
وسنين البكاء ..
ونرغب أن ننتشل ما بقي منك ..
فنحن نخاف أن لا نجد منك شيئا ..
بعد فترة وجيزة .. فقد تتلاشى ..
إننا نرغب في أن نبتاع روحك ..
لنضمها إلى كياننا الحي ..
وننحني لك .. لتعبدنا ..
ملاحظة :
بفتحك .. وقراءتك هذه الكلمات ..
أصبحت عضوا في النادي ..
التوقيع : إدارة النادي

يدخل ساعي البريد ..
وقد ارتدى ( بيجاما للنوم مخططة )
يمسك بيديه كوب شاي .. يشرب منه ..
ساعي البريد : يمكنك أن تطلع على كل تفاصيل قوانين النادي ..
في الأوراق المرفقة مع الرسالة ..
أنا متأكد أنها ستعجبك ..
الرجل : أين يقع هذا النادي ..؟
لم أسمع به قبل الآن ..!
من ينتمي إليه ..؟ ما أهدافه ..؟
ساعي البريد : ( يضحك ) لا تخف لن تصبح ماسونيا ..
ولن تكون مجندا في مخابرات أحدهم ..
إن النادي في خدمتك مائة بالمائة .. يعلمك كيف تحيا ..
كيف تأكل .. كيف تصلي .. كيف تصاحب ..
يعلمك كيف تحب ..
اقرأ القوانين إنها معك ..

يقرأ الرجل في الأوراق التي بحوزته ..
الرجل : قوانين نادي الضحك ….
ساعي البريد : ( وكأنه هو من يقرأ )
في أجمل بقاع الأرض
حيث السهول خضراء..
والأنهار .. والجبال الملونة ..
وأجمل ما ابتدع الرب من طيور وحيوانات مسالمة ..
بنيانا لنا مساحات غير محددة من القصور ..
مليئة بالخدم .. صبايا .. وغلمان ..
وبالأطعمة .. ما لذ منها وطاب ..
وبالأشربة .. ما ينعش وينشي ..
كل الأشياء لدينا .. بيضاء اللون ..
لا يوسخها الحقد ولا الضغينة .. ولا الحسد ..
الجميع يحب بعضه بعضا ..
لا قتال بيننا ..
الجميع يتعلم ممارسة الفرح .. وامتهان الضحك
لذلك سمي النادي ( نادي الضحك )
الرجل : هل تريد أن أصبح مجنونا ً ؟
هذه الأشياء لا تمد للواقع بأي صلة ..
إنها حكايات للأطفال .. ينامون بعدها ..
ليتخلصوا من كوابيس الفزاعات في الحقول ..
ويحلمون بالبقاع الخضر .. وبالطيور الملونة ..
أفكار سخيفة .. لا أصدقها ..
( يرمي الرجل الأوراق على الدكة ويبتعد )
( يأخذ الساعي الأوراق ويمشي خلف الرجل
ويضعها في يده )
ساعي البريد : أكمل قراءة الأوراق ..
سيروق لك الأمر .. حتما ..
الرجل : لا أريد تصديق هذه الأشياء ..
( ينظر للساعي )
ثم من أذن لك لترتدي بجامة نومي ..
وتعد الشاي وتشربه ..
وكأنك صاحب الدار ..
اسمح لي أن أقول لك ..
هذا الشيء غير مسموح به ..
لا أريدك في حياتي ..
خذ أوراقك وحقيبتك وابتعد عني ..
ساعي البريد : أنت الآن عضوا في النادي .. لا يمكنك التراجع ..
الرجل : ماذا ؟ … أنت تهددني ؟
ساعي البريد : أبدا .. أبدا ..
أنا لا اقصد الإهانة ..
لكنني أنا المخلص .. أنا من سيخلصك ..
الرجل : أنا أرفض الخلاص بطريقتك .. أنا من يختار مخلصه ..
ساعي البريد : ( يضحك ) أنظر لي .. ( يدور ) جسم مكتنز ..
عضلات مفتولة .. انه شكل مناسب لمخلص مقبول ..
( يضحك ) انك مشاكس .. هذا ما أعجبهم فيك ..
الرجل : أعجب من ؟ .. من هم ؟
ساعي البريد : الحواريون في نادي الضحك ..
الرجل : سيدي أنا غير مقتنع تماما ..
بما جئت به ..
انه مجرد كذب محض ..
ساعي البريد : الحياة كلها يا سيدي كذبة كبيرة .. لا تغرك المظاهر ..
سندخلك بكذبة ممتعة .. تدر عليك شيئا من المتعة ..
جربها فقط .. لن تخسر شيئا ..
الرجل : ( يفكر ) حسنا ، سأقبل .. ولكن بشرط ..
ساعي البريد : هذه هي المشكلة .. النادي هو من يشترط فقط ..
العضو له المتعة حسب … الشروط غير مقبولة ..
الرجل : لا .. لا يمكنني القبول إلا بهذا الشرط …
ساعي البريد : الشروط غير مقبولة .. مع شديد الاعتذار ..
الرجل : لن اشترط شيئا كبيرا ..
ساعي البريد : حتى لو كان اصغر من البعوضة .. غير مقبول ..
الرجل : هذا مخالف تماما لمبدأ الحريات .. هذا ابتزاز ..
هذه ضغوط .. هذه أمور تجعل المرء يقول .. يقول ..
أنكم لا تهتمون بنا بما يكفي ..
ساعي البريد : سيدي أرجوك .. قصور وغلمان وانهار تجري ..
وأنت تشترط .. !
غير مقبول .. تماما ..
الرجل : حسنا لقد أقنعتني ..
سأكون عضوا في نادي الضحك ..

ثم ..
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلحظ في وسطها
الرجل يجلس على ( دكة حمام حجرية )
يقرأ … حيث ..
يرتفع صوته .. مع ارتفاع شدة الإضاءة ..
الرجل : النظام الداخلي لنادي الضحك ..
يؤكد .. أن العضو يجب أن يمر
بفترة كافية من التدريب الجسدي والنفسي ..
للاستعداد للدخول في قصور نادي الضحك ..
لكي يستمتعوا مع صبايا وغلمان وانهار وطيور النادي ..
فليعلم تلامذتنا الجدد أن الجو النفسي في النادي
لا يسمح مطلقا بدخول عنصر نفسي فاسد
قد يشوه ما يتمتع به أعضاء نادي الضحك ..

يدخل ساعي البريد بمئزر مدلك الحمام .. وهو نصف عاري
وبيده إناء فيه صابون .. وعلى يده الأخرى قطعة قماش لدعك الجسد
ساعي البريد يمد الرجل على ( دكة الحمام الحجرية )
يبدأ بانتزاع ملابسه قطعة بعد أخرى .
ساعي البريد : ( يكمل قراءة النظام الداخلي )
على القائمين بالإشراف على فترة تدريب
الأعضاء الجدد ..
أن يتأكدوا أن العضو الجديد قد أتم جميع
مراحل التدريب الستة ..
والتي تبدأ بمرحلة النظافة من الخارج ..
منتهية بمرحلة السمو بالأفعال ..

ساعي البريد يبدأ بوضع الصابون على ظهر الرجل
ثم يبدأ بدعكه بقطعة القماش .. بشكل مؤلم ..
الرجل يتألم .. ويحاول الفرار من تحت قبضة الساعي
لكن الساعي يحكم قبضته عليه ..
ساعي البريد : على العضو أن يعرف ..
أن مع الألم سيتخلص من الكثير
من الطبقات الجلدية المتعفنة ..
والتي تركتها ترسبات أفكار شتى ..
بواسطة أشخاص مشوهين للغاية ..
نحن من يعلم كل دواخل النفس البشرية ما ينفعها ..
نحن نجدد المرء بداية من جلدة الخارجي ..
وانتهاء بغسل القلب والعقل ..
إنها مهمة غاية في الأهمية للاستعداد ..
للانتقال للسمو .. في نادي الضحك ..
الرجل : ( وهو يتألم ) ولكنني كثير الاستحمام ..
ساعي البريد : وهل دعكك ساعي بريد قبلي .. بهذه الطريقة ..؟
( ساعي البريد يدعك الرجل بشده )
الرجل : ( يتألم بشدة ) آه … لقد أوجعتني .. آه ..
ساعي البريد : ( يدعك الرجل بشده )
لم تقل لي ..
هل دعكك ساعي بريد قبلي .. بهذه الطريقة .. ؟
الرجل : آه .. لا .. لا .. أبدا ..
ساعي البريد : إذن سترى النتائج قريبا ..
الرجل : آه .. يا الهي ..
ساعي البريد : إذن اخترت البداية.. أنت ذكرت الرب
ومن الرب نبدأ ..
الرجل : آه ..
ساعي البريد : ماذا تعرف عن الرب .. ؟
الرجل : آه.. اعرفه رحيما ..
ساعي البريد: غيرها .. ؟
الرجل : رءوفا أيضا ..
ساعي البريد: وغيرها ، ماذا غير ذلك ؟..
الرجل : ودود ..
ساعي البريد: غيرها .. غيرها ..
الرجل : غفور ..
ساعي البريد: غيرها ..
الرجل : جبار ..
ساعي البريد: وصلت .. وغيرها ..
الرجل : شديد العقاب ..
ساعي البريد: شديد العقاب .. هذا هو الرب ..
( يخفف من الدعك )
الرجل : آه .. أرجوك ستقتلني ..
ساعي البريد: إذن اخترت موضوع القتل ثانيا ..
( يشتد في الدعك )
الرجل : آه .. آه ..
ساعي البريد: ماذا تعرف عن القتل ؟
الرجل : إنه .. إنه جريمة ..
ساعي البريد: غيرها ..
الرجل : محرمة أيضا ..
ساعي البريد: غيرها .. غيرها ..
الرجل : غير مقبولة ..
ساعي البريد: غيرها ..
الرجل : لها أهداف ..
ساعي البريد: وصلت .. وصلت .. غيرها ..
الرجل : هدف مقدس ..
ساعي البريد: هذا هو القتل .. ( يخفف من الدعك )
يهرب الرجل من تحت يد ساعي البريد .. بعيدا
الرجل : القتل .. هدف مقدس !
ساعي البريد: أنت من قال ذلك .. وأنا كررت ما قلت فقط ..
الرجل : أنا قلت ذلك تحت تأثير الألم ..
هذه أفكار غير منطقية بالمرة ..
ساعي البريد : مولاي .. تحت تأثير الألم ..
نحصل على أفضل النتائج ..
الرجل : نتائج خاطئة ..
ساعي البريد : نتائج قريبة لواقع فكري كهنوتي كما نعتقد ..
يسحب الرجل بالقوة ..
يضعه على ( دكة حمام حجرية ) ..
يبدأ بالدعك على بطنه ..
ساعي البريد : حسنا .. ما هو مفهومك عن الخطأ والخطيئة ؟
الرجل : إنها .. صفة للأشرار ..
ساعي البريد : غيرها ..
الرجل :آه .. يرفضها المجتمع والقانون ..
ساعي البريد : غيرها ..
الرجل : آه ..تدمر الإنسان ..
ساعي البريد : غيرها ..
الرجل : يغضب منها الرب .. يغضب منها الرب ..
ساعي البريد : وصلت .. غيرها ..
الرجل : الرب يدخل أصحاب الخطأ والخطيئة جهنم ..
ساعي البريد : الرب يدخل أصحاب الخطأ والخطيئة نار جهنم ..
( يتوقف عن الدعك )
هذا هو المفهوم الصائب ..
الرجل : أنت مجنون .. قد يغفر الله لجميع المخطئين ..
قد يدخل الجميع الجنة ..
ساعي البريد يعود ليدعك الرجل بشدة ..
ساعي البريد : أنت تغير مفاهيمك في الأشياء بسرعة ..
ألم تقل أن الرب يدخل أصحاب الخطأ والخطيئة جهنم ؟
الرجل : نعم .. آه .. نعم ..
ساعي البريد : لا تتعلم تغير المفاهيم والرؤى .. بهذه السرعة ..
دع هذه الأشياء راسخة في نفسك ..
الرجل : نعم .. نعم ..
آه .. إن الرب يدخل أصحاب الخطأ والخطيئة جهنم ..
ساعي البريد : ( بصوت مرتفع ) ماذا قلت ؟
الرجل : ( يصيح ) إن الرب يدخل أصحاب الخطأ والخطيئة جهنم ..
ساعي البريد : ( بصوت مرتفع ) هل هو إيمان راسخ لديك ؟
الرجل : ( يصيح ) نعم .. نعم … آه ..
ساعي البريد : ( بصوت مرتفع ) هل أنت متأكد أنه مفهوم غير مهزوز ؟
الرجل : ( يصيح ) نعم .. نعم …
( يتوقف ساعي البريد عن الدعك )

ثم ..
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلحظ في وسطها
الرجل يجلس عاريا على ( دكة حمام حجرية )
الرجل : ( مع نفسه ) لا يمكنني أن اسمع لهذا الرجل المجنون ..
أفكاره أشياء غير مقبولة بالمرة ..
لماذا أتوقف عند مقالته … أن الرب شديد العقاب فقط .. ؟
أنا كنت أعرفه .. رحيم .. وغفور .. أيضا
يبدو أن الرجل … ( لحظة .. يلتفت يمينا وشمالا )
ربما قد يكون بعض القتل مقدس ..
أو ربما .. أن الرب لا يغفر لأخطاء بعضهم ..
لأنها أخطاء مركبة ..
ولكن شديد العقاب .. غير مبررة بالمرة ..

يتحرك الرجل .. يلتقط الأوراق ..
يبدأ بالقراءة ..
رغم أننا لا نعبد ربا بعينه ..
ولا نتفق مطلقا حول شكل وماهية هذا المعبود ..
سواء أكان شابا أمرد .. أو شيخا كهل ..
أو يملك سيقانا تملأ جهنم .. أو انه قد مات في يوم ما ..
فإننا نؤمن بالصلوات له ومها كان هيئته ..
لأننا نعتقد بدوافع الإنسان المبررة حينا
والغير مبررة أحيانا أخرى
بأننا جميعا بحاجة إلى التوسل والذل
بين يدي أحدهم ..
لذا على جميع المتدربين أن يتعلموا نظم الصلاة ..
ساعي البريد : ( يدخل يرتدي قناع .. وملابس قس )
ونظم الصلاة تبدأ دائما .. بعد الطهور ..
طهور للجسد ، وطهور للروح .. وقد أمسيت يا سيدي
بعد حمام الأمس ، بأمس الحاجة إلى ..
دخول حرم الرب ..
ودخول الحرم له طرق خاصة ..
لا يعرفها احد غيرنا ..
وأولها أن تتزيا بزي الرب المفضل ..
رداء ابيض فضفاض .. ووجه آخر ،غير وجهك ..
ولسان مكسور بلغة الأجداد ..
الرجل : لكنني لا اعرف غير وجهي ..
ولا أجيد سوى هذه اللغة .. كيف أصلي ؟
ساعي البريد : ها أنت عاري كما خلقك الرب .. افتتاح جيد للصلوات ..
وجهك ستغيره كثرة التعبد والصوم وقلة النوم ..
وأيضا ذقنك ..
حين يتسنى للشعر أن يحل فيما بعد ..
الرجل : لكني .. لا أملك لحية ..!
ساعي البريد : إذن قد نجد لك حلا فيما بعد ..
الرجل : ولكن ذلك .. غير مقبول ..
ساعي البريد : مقبول جدا .. أما رداءك .. فاكتفي في وقت التدريب ..
بــ …. تلك الستارة على الشباك ..
الرجل : كلا ..أبدا .. تلك الستارة لا ..
ساعي البريد : ما بك .. ؟ .. ما بها تلك الستارة .. ؟
الرجل : هذه الستارة تغطي الشباك ..
وهذا الشباك كبير جدا ..
بلا ستارة سيراني كل من في الشارع ..
وسيراني كل جيراني في الشارع المقابل ..
ساعي البريد : لماذا لا تقول أنك ستراهم أنت.. ها ..؟
هذا سينفعك في درس آخر ..
الرجل : أي درس ؟ .. أرجوك سيدي ..
هذه ستارة لم افتحها طوال حياتي ..
ساعي البريد : وكيف كانت حياتك وهي مغلقه ..؟
سترى الكثير حين تفتحها ..
سيتغير كل شيء .. يا مولاي ..
الرجل : أتوسل إليك .. لا تفعل ..

ساعي البريد يتقدم نحو الستارة ..
يسحبها بقوة ..
الرجل : لا .. أرجوك .. لا تفعل .. لا ..
الرجل يخفي بيديه جسمه العاري ..
يحاول أن يبتعد عن الشباك الذي ..
ظهر بحجم كبير ..
ودخل منه ضوء مشع بلون بنفسجي ..
الرجل يحاول أن يغمض عينيه ..
ساعي البريد يتقدم نحو الرجل ..
يلفه بالستارة بشكل ، يلتف معه الرجل
على نفسه .. فيبدو كالشرنقة ..
ساعي البريد : اليوم ولدت ..
وامتلكت كل أوراق الأشجار
كي تهبك طعم الدنيا
ستبيت لياليا تقضم أوراق الكتب التي ..
ستمدها إليك أيدي لا تعرف لها لون ..
فبعد هذا اليوم .. ستعشو عينيك .. ستعشو جدا ..
ستعشو حتى العمى ..
سدنة جدد .. يقربون إليك ما يشاءون
ويدفعون عنك بعيدا جدا ..
ما يكرهون ..
مولاي ..
أمسيت ملك لجنان الضحك اللامنتهي ..
اعلم أن خيوط حريرك المفتولة ..
ستقودك نحو الغلمان وحوريات بطعم ..
رحيق الورد ..

ثم ..
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلحظ في وسطها
الرجل الشرنقة ، بلا يدين ..
ملتف بستارة شباك داره ..
يقرفص على ( دكة حمام حجرية )
يتلو صلوات فرضها عليه .. ساعي البريد ..
الرجل : أيها الرب ..
لا يهم أين تقيم ..
ولا ما هو شكلك ، أو ما هي هيئتك ..
ولا يهم ما مدى مسؤوليتك تجاه كل مخلوقات الأرض ..
ولكننا نتلو عليك صلواتنا .. وهي واجبنا ..
تجاه فرضية وجودك ..
نتوسل إليك .. ونرجوك ..
بقلب خاشع .. وروح متضرعة ..
أن تحفظ الحواريين .. فرداً .. فردا
وتهبنا خلودا في نادي الضحك ..
والذي هو هبة الحواريين للمتألمين ..
وأن تديم علينا الضحك .. والضحك ..
أبد الدهر ..
نعمة الضحك .. ولا غير الضحك شيء ..
آمين .. آمين

ساعي البريد يدخل .. يرتدي بدلة سهرة بيضاء ..
مع ربطة عنق حمراء صغيرة ..
ويحمل معه ( كيتار )
يعزف .. شيئا هادئا ..
ساعي البريد : آمين ..
ينهض الرجل مفزوعا ..
وهو مقيد بالستارة .. بلا يدين ..
يهرب بالاتجاه الآخر ..
يذهب ساعي البريد باتجاه الشباك ..
ينظر منه إلى البعيد ..
ساعي البريد : شباكك واسع جدا ..
تستطيع أن ترى كل شيء منه ..
ولكنك قضيت كل عمرك ..
تغلقه بستارة غباء كبيرة ..
لماذا ؟ .. ألم تخجل من نفسك يوما ؟
الرجل : لا يمكنني أن أفتحه .. هذا الشباك أكبر مني بكثير ..
ويجلب رياحاً .. لا أريد أن اعرفها ؟
ساعي البريد : مولاي ..
حان الوقت لكي تعرف ما وراء هذا الشباك ..
ومن هم أولئك الذين يسكنون ..
في الشارع المقابل ..
وما علاقتك بهم ..
يجب أن تشم رائحة أجساد المارين ..
من تحت شباكك هذا ..
الرجل : سيدي ..
أرجو أنت تعرف أنني إنسان مسالم للغاية ..
لا أريد أن تمتد علاقاتي بأبعد من هذا المكان ..
لا أرى جدوى من ذلك ..
فأنا شخص توقفت عقارب الزمن لديه ..
ثكل بأبنائه وزوجته .. وما عاد لديه أسباب تكفي ..
لكي يخرج جامعا أعواد ، وبأحجام مختلفة ..
ليبني الأعشاش ..
فعشه أصبح فارغاً .. بلا صغار ..
ساعي البريد : مسكين أنت مولاي ..
لقد تأثرت لأجلك كثيرا ..
ولكن أعدك .. سيكون كل أعضاء نادي الضحك
أبناء لك ..
وسيكون لديك بدل الزوجة ألف زوجة ..
لقد قطعت شوطا كبيرا ..
أعدك أنك لن تنتظر طويلا .. ستدخل قريبا نادي الضحك ..
بدت تدريباتك رائعة .. لقد أبليت حسنا
لم يتبقى لديك الكثير ..
الرجل : سيدي اتركني أرجوك ..
لقد غيرت فكري .. لا أريد الانضمام إلى نادي الضحك ..
ساعي البريد : ( يضحك ) لقد خرج الأمر عن سيطرتي وسيطرتك ..
فبعد أن عرفت عن نادي الضحك ..
لن تستطيع أن تحيا حياتك بشكل طبيعي ..
ستبقى أحلام النادي .. تحاصرك ..
والندم لمفارقتك هذه الأحلام يقوض لياليك ..
سيدي .. نادي الضحك .. فكرة ..
اعتنقتها دون أن تعرف ..
وأنت الآن جزءا لا يتجزأ منها ..
ساعي البريد ينظر من خلال الشباك ..
ساعي البريد : تعال إلى هنا وانظر ..
الرجل : قلت لك لن اقترب من هذا الشباك ..
ساعي البريد : قد تفوتك فرصة لا تتكرر ..
الرجل : لا .. لا أريد منك شيئا ..
ساعي البريد : انظر إليها .. إنها امرأة تقف ..
عند ناصية الطريق .. انظر ..
الرجل : لا اهتم كثيرا لأمر النساء ..
ساعي البريد : إذا رأيت هذه المرأة ستهتم لها …
الرجل : ستكون امرأة ككل النساء ..
ساعي البريد : لا .. هناك أشياء كثيرة تميزها ..
تعال إلى هنا وانظر ..
الرجل : دع المرأة وشأنها .. قد يكون لديها ما يشغلها ..
ساعي البريد : لا اضن ذلك ..
الرجل : هل تعرفها أنت ..؟
ساعي البريد : إنها تنظر إلى شباكك ..
ربما تقصدك أنت ..
وربما تنتظر منك أن تناديها ..
الرجل : لا بد انك تخرف .. تنتظرني !
ساعي البريد : ولم لا ..
الرجل : سيدي أنا علاقتي مع النساء لا تتعدى كونها
ميتة منذ زمن بعيد ..
فبعد زوجتي لم أنظر إلى أي امرأة
ساعي البريد : أنت بحاجة إلى امرأة .. وربما هي بحاجة إليك أيضا ..
الرجل : سأكون ممتنا لك للغاية .. إذا تركت هذا الأمر ..
لا تمتلكني رغبة في الحديث بمثل هذه المواضيع ..
ساعي البريد : تعال انظر إليها .. أنها غاية في الحسن ..
انظر إلى جسدها ..
تعال وحدق به ..
الرجل : لا لن أفعل ..
ساعي البريد : بل ستفعل .. تعال ..

ساعي البريد يسحب الرجل إلى الشباك
ويمسك برأسه بشدة ، لينظر من خلال الشباك ..
الرجل : اتركني .. اتركني ..
ساعي البريد : انظر إليها .. هيا .. انظر ..
الرجل : لا .. لا أريد ..
ساعي البريد : انظر إنها تلوح لك ..
انظر إليها ..
الرجل : تلوح لي !
كيف تعرفني ؟
ساعي البريد : أنا حدثتها عنك ..
الرجل : ( غاضبا ) إذن أنت من يحاول الإيقاع بي وبها ..
ساعي البريد : ولقد دفعت لها بسخاء ..
الرجل : ماذا تقول .. !
اتركني .. اتركني ..

الرجل يحاول الإفلات من ساعي البريد ..
ساعي البريد يحكم قبضته على الرجل ..
ساعي البريد : لوّح إليها هيا ..
الرجل : لا أريد .. لا أريد ..
ساعي البريد : لوّح إليها لتأتي إلى هنا … هيا ..
الرجل : طيب .. لا يمكنني أن ألوح لها ..
فأنا مربوط اليدين ..
ساعي البريد : نعم أنت على حق ..
حسنا .. سأهبك اليد الشمال فقط ..
الرجل : فك يديّ الاثنين ..
ساعي البريد : لا أرى أنك ستحتاج معها سوى يد واحدة ..
الرجل : طيب ، فك يدي اليمين ..
ساعي البريد : اليد اليمين تقلقني في الغالب ..
تشعرني بالتوجس .. منك

ساعي البريد يفتح بمقص لديه ..
فتحة ليد الرجل الشمال ..
فيغدو بيد واحدة ..
ساعي البريد : هيا لوح لها بيدك الشمال ..

الرجل يتردد ..
ساعي البريد يهدده بيده ..
الرجل يلوح بيده الشمال ..
ساعي البريد : صنعت خيرا .. يا مولاي ..
بوركت ..
الرجل : إنك تقودني إلى فعل الرذيلة ..
ماذا تريد مني .. ؟
ساعي البريد : أنا أقربك للفهم ..
فهم الأشياء من حولك بشكل أفضل ..
إنها وظيفتي .. ولذلك يدفعون لي مرتبا جيدا..

يسمع صوت طرقات على الباب ..
ها هي رفيقتك قد وصلت ..
أحسن معها في التصرف ..
سأفتح لها الباب ..

يتحرك ساعي البريد باتجاه الباب ..
وينادي على الرجل
استمتع بالدرس الرابع … ( يضحك )
ثم ..
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلحظ في وسطها
الرجل الشرنقة ، بيد واحدة ..
ملتفا بستارة شباك داره ..
منهارا على ( دكة حمام حجرية )
ساعي البريد يدخل .. يرتدي بدلة سوداء اللون ..
ونظارات سوداء ..
ويحمل حقيبة سوداء ..
الرجل يهجم على ساعي البريد ..
يحاول الانقضاض عليه ..
ساعي البريد يفلت بعيدا ..
الرجل : أيها الجرذ الحقير .. سأقتلك ..
ساعي البريد : ( يضحك ) ماذا دهاك ؟ .. هل جننت .. ؟
اهدأ .. اهدأ ..
الرجل : لقد دمرتني .. لقد حطمت كل شيء ..

ينهار الرجل على الأرض ..
يبكي …
ساعي البريد : ( يربت على ظهر الرجل ) لا تحزن .. يا مولاي ..
الرجل : ( يبعد يد ساعي البريد ) أتركني .. اتركني وشأني ..
ساعي البريد : لا يمكنني أن أتركك ..
يجب أن أعرف نتائج التمرين الرابع ..
الرجل : ( يصرخ غاضبا ) أي تمرين .. لقد سلبتني إنسانيتي
أيها الوحش .. الكاسر ..
ساعي البريد : إنسانيتك ! .. كل هذا لأنك استمتعت قليلا ..
مع أميرة لذيذة الطعم ..
الرجل : أيها الفاجر .. هل تسمي الرذائل .. استمتاعا ؟
ساعي البريد : نحن نحتاج إلى اللذة .. وقد وهبتك إياها ..
كي تتعلم بصدق ، وبشكل ملموس ..
عن الإحساس باللذة
هذا كل شيء ..
الرجل : ومن قال لك أنني كنت بحاجة إلى ..
هذه التجربة .. أنا .. أنا ..
ساعي البريد : أنت رجل .. والرجل بكل اختصار ..
يحتاج إلى امرأة …
يستطعم من خلالها أحد ألوان ملاذ الحياة ..
والتي أعرف تماما أنها وردية ومفرحة ..
الرجل : مفرحة بالنسبة لأمثالك .. من الجناة المخطئون ..
أما أنا ..
ساعي البريد : ( غاضبا ) وما أنت ها .. ما أنت .. أيها البائس ..
أنت شرنقة بيد شمال واحدة فقط ..
لا ترغب أبدا أن تمتلك جناحي فراشة ..
كي تخرج من عنق زجاجة الخمر ..
فأنت لا ترضى أن تنزل للشراب ..
فتتمتع به ، بلذة لا تنتهي ..
ولا أنت قادر على الخروج من العنق ..
نحو العالم الخارجي ..
بحثا عن مكان أفضل ..
( في غاية الخضوع )
مولاي .. إنني أحاول أن انتشل روحك المسكينة ..
أهبها أشكالا مختلفة من اللذة ..
ومن المرح ..
هذه مهمتي في الحياة ..
الرجل : ولكنها لم تكن امرأة ..!
ساعي البريد : ( بدهشة مفتعلة ) لم تكن امرأة ! ماذا تعني ..؟
الرجل : لقد كانت .. كانت .. يا الهي …
ساعي البريد : ما كانت .. تكلم ؟
الرجل : كانت .. .. كانت .. رجل ..
ساعي البريد : ماذا ؟ رجل ..!
وهل كنت أنت السيد أم هو ؟
الرجل : ( منهارا ) لقد دفعني بالقوة لفعل الرذيلة .. بشكليها ..
ساعي البريد : فعلت خيرا .. مولاي .. ( يصفق )

الرجل يهجم على ساعي البريد
ساعي البريد يهرب ضاحكا
نحو الاتجاه البعيد ..
الرجل : لقد دمرتني أيها الــ …
ساعي البريد : ( ضاحكا ) لقد أردت أن أختصر عليك عدد الدروس ..
فوجدت أنك قد لا تحتاج للدرس الرابع ..
فالنساء قد لا تحتاج إلى وقت لتتعرف عليهن ..
فعبرت بك باتجاه الدرس الخامس ..
الرجل : ( مصعوقا ) وهذا هو الدرس الخامس !
ساعي البريد : درس في غاية الأهمية ..
تمنح لأجله علامات كبيرة ..
فهو درس للتحول في شخصيتك ..
لا أخفي عليك .. لقد عانى جميع من قبلك ..
من هذا الدرس ..
إنني اسميه دائما : درس النخبة ..
فشل الكثير في تحمل الدرس ..
لقد اجتزته أنت بجداره ..
عرفت منذ البداية أنك لن تتوقف عنده طويلا ..
الرجل : ماذا ترغب أن تفعل بي أنت وحوارييك بعد هذا ..
لقد تحولت إلى قذارة ..
ساعي البريد : ليس بعد .. ليس بعد .. يا مولاي ..
الرجل : يا الهي .. كيف سيغفر لي الرب مثل هذه الخطايا ..
إنه شديد العقاب .. شديد العقاب ..
ساعي البريد : أنت على حق ..
هناك خطايا تستعصي على الرب ..
حين يحاول غفرانها ..
الرجل : ( يتضرع ) أيها الرب ..
لا يهم أين تقيم ..
ولا ما هو شكلك ، أو ما هي هيئتك ..
ولا يهم ما مدى مسؤوليتك تجاه مخلوقات الأرض ..
ولكننا نتلو عليك صلواتنا .. وهي واجبنا ..
تجاه فرضية وجودك ..
نتوسل إليك .. ونرجوك ..
بقلب خاشع .. وروح متضرعة ..
أن … أن … لا تحرمني من نادي الضحك ..
ساعي البريد : لن يحرمك الرب منه .. إذا أكملت درسك الأخير ..
إنه درس للوسيلة .. كي تحضي بكل الرضا ..
وبكل النعم .. وكل الهبات في ..
نادي الضحك ..

ثم ..
( ظلام + صمت .. فقط )
يبدأ ذلك الظلام بالتشتت
بشكل تدريجي ..
حيث تبدأ بقعة ضوء صغيرة
تكبر في عمق المسرح
نلحظ في وسطها ..
ساعي البريد يتحرك باتجاه ( دكة الحمام الحجرية )
ويضع عليها حقيبته السوداء ..
يفتحها .. يخرج منها بندقية قناص ..
يبدأ بشد أجزاءها .. واحدة بالأخرى .. وعندما تكتمل ..
يأتي بها إلى الرجل ليسلمها له ..
الرجل : ما هذا الشيء .. سيدي ..
ساعي البريد : بندقية للقنص ..
الرجل : وماذا أفعل بها .. أنا لا أعرف كيف استخدمها ..
ساعي البريد : لن تحتاج للكثير من المهارة ..
فقط عليك أن تعرف متى تستخدمها ..
هذا الشيء سيدخلك نادي الضحك من أوسع الأبواب ..
وسيهبك رضا الرب بعشرة رصاصات منها ..
وهي الآن محشوة بعشرة فقط ..
الرجل : ما لذي تتحدث عنه .. أنت تريد مني أن أستخدم هذا الشيء ؟
ساعي البريد : تستخدمه لعشر رصاصات فقط ..
ستكون بعدها حرا .. ستفتح لك أبواب .. نادي الضحك ..
أبوابه السبع ، وإن شئت السبعين ..
خذ امسكها ..
الرجل : ( مترددا ) هل أفهم أنك تعني ..
أن أقوم .. بالقتل المقدس ..؟
ساعي البريد : لقد بدا كل شيء واضحا تماما لديك ..
أنت تتحرك بسرعة غير متوقعة ..
باتجاه ما أقودك إليه ..
مولاي ..
أنت تثير دهشتي وإعجابي ..
الرجل : هل يمكنني أن أطرح الأسئلة ؟
ساعي البريد : إنه مرتبط بنوع السؤال ..
الرجل : من هم أولئك ، الذين ترغب السماء ..
في الخلاص منهم ..
ويستعين بي ، كل الحواريين المخلصين ..
سدنة نادي الضحك ..
لكي أقوم بالنيابة عنهم وعن كل الكائنات على الأرض ..
للخلاص منهم ؟
ساعي البريد : ليسوا ذا أهمية أبدا ..
إنهم مجرد أناس عاديين ..
الرجل : إذن لماذا قررت السماء التخلص منهم .. ؟
ساعي البريد : هل نسيت المفهوم القائل :
الرجل وساعي البريد : ( معا )
الرب يدخل أصحاب الخطأ والخطيئة جهنم ..
ساعي البريد : الرب يستعجل في استدعائهم للصلي والحميم ..
الرجل : وهل كل من دخلوا نادي الضحك .. قاموا بمثل هذا الفعل ..؟
ساعي البريد : كلهم بلا استثناء ..
هي أضاحي تطلبها السماء .. كقربان ..
كي تهبنا الصفح .. إنها رسالة وفاء وإخلاص ..
وانتماء وولاء للحواريين .. وللرب ..
الرجل : ولكن سيدي ساعي البريد ..
ساعي البريد : لا أنصحك بتاتا .. أن تكثر من الأسئلة ..
إنها تقلل من تركيزك كقناص
وأنت قناص بيد الرب ورضاه ..

يمد ساعي البريد البندقية ..
ينحني الرجل لساعي البريد
وهو يمد يده الشمال ..
فيسلمه ساعي البريد البندقية القناص ..
يحني الرجل رأسه شاكرا ساعي البريد ..
الرجل : صرت بحاجة إلى يدي اليمين ..
أتوسل إليك سيدي الساعي ..
أبايعك بكل مواثيق السماوات والأرض ..
لن أخونك ..
ساعي البريد : حسنا .. لك هذا ..

يتحرك ساعي البريد ليقص الستارة عن يد الرجل اليمين
فيمسي شرنقة بيدين اثنتين ..
يمكن أن نعدهما هبة من الساعي ..
لحسن الطاعة وسير السلوك ..
الرجل : سيدي .. لقد أحسنت إليّ كثيرا ..
ساعي البريد : لقد بدأ كل شيء فيك يروض ..
وتحولت قناعات السنين لديك
الى هباء تذروه الرياح .. أنت متميز جدا
ستكون جنديا للرب ..
الرجل : ها أنا جاهز .. كي أبدأ ..
متى ارسل بعضا منهم ليصلوا في الجحيم ..؟
ساعي البريد يخرج من جيبه قنينة صغيرة
يلقي بها باتجاه الرجل .. يلقفها الرجل ..
ساعي البريد : حذ سيدي ..
الرجل : وهل مسموح للمرء أن يشرب ؟
ساعي البريد : هذا شراب ارسله الحواريون ليفيدك في الانتشاء
لا يشبه نشوة النصر نشوة ..
والقتل المقدس نصر ..
إشرب وأقتل ..
الرجل يبدأ بالشراب بشراهه
ويستمر في شرابه .. حتى اخر قطرة ..
الرجل : هل لديك واحدة اخرى ؟
ساعي البريد : لا تحتاج الى واحدة اخرى ..
سيكون لديك انهارا تشرب منها ..
والى الابد … ( يضحك )
الرجل : أعذرني فانا دائما تخطر في رأسي أسئلة سخيفة ..
فهل اسألها ؟
ساعي البريد : سل ، فبعد كأسك هذا .. لا خوف منك ..
الرجل : أنا الان بنديقة قنص ..
وعندي عشر رصاصات ..
سأوقف عداد الوقت لعشرة من اولاد آدم ..
ماذا لو أدمنت على القتل .. ؟
هل سأجد من أقتلهم ؟
ساعي البريد : هناك دائما من يستحقون القتل ..
وإن لم نجد .. فلا يسعنا سوى أن نفترض ..
الرجل : نفترض أنهم يستحقون القتل ( يضحكان )
ساعي البريد : مولاي ..
يا سيدي القناص ..
أنت فعلا تثير إعجابي ..
تقدم نحو الشباك .. وخذ لك موقعا ..

الرجل يتردد في التقدم نحو الشباك ..
ولكنه في النهاية يأخذ خطوته الأولى ..
ثم الثانية .. والثالثة .. حتى يستقر عند الشباك ..
ساعي البريد يجلس على ( دكة حمام حجرية )
يخرج من حقيبته قلما ومجموعة من شهادات الوفاة..
كلها جاهزة .. تنتظر التوقيع ..
تبدأ الإنارة بالخفوت شيئا فشيئا ..
متناغمة مع كلمات ساعي البريد ..
ساعي البريد : بسم الرب ..
أنت ، يا من تقف عند مشارف الرضا والولاء..
بسم الرب ، سدد نحو الشارع ..
بسم الرب .. أنظر في المنظار لتراهم جميعاً ..
وترى وجوههم ، وتسريحة شعرهم ..
وتحدق في ألوان ملابسهم .. وتحدد منطقة الرأس ..
وبسم الرب .. تنخر جماجمهم ..

يستمر كل شيء في ظلام دامس ..
سوى فحيح ساعي البريد .. وصوت الرجل ..
الرجل : من سيكون الأول ؟
ساعي البريد : اقتل من في الشارع .. اقتل عشرة منهم ..
الرجل : وبمن أبدأ ؟
ساعي البريد : ابدأ بالجالس على المقهى ..
الرجل : أستاذي في آداب الشعر ..

يطلق الرجل رصاصة واحدة
يشتعل مع الرصاصة فلاش ضوئي .. لحظة وينطفأ ..
ساعي البريد : البقال .. والرجل الذي يشتري منه ..
الرجل : لقد ساعدني هذا البقال طوال وحدتي ..
والرجل جاري ، كنا نتطارح هموم الدهر ..

يطلق الرجل رصاصتين واحدة تلو الأخرى ..
يشتعل مع كل رصاصة فلاش ضوئي .. لحظة وينطفأ ..
ساعي البريد : رجل يرتدي أثوابا رثة .. ويدّعي التسول ..
الرجل : سأرحمه بهذه الرصاصة .. فمنذ أن عرفته وهو يتسول ..

يطلق الرجل رصاصة واحدة
يشتعل مع الرصاصة فلاش ضوئي .. لحظة وينطفأ ..
ساعي البريد : صاحبة الحقيبة البنية الصغيرة ..
الرجل : آه .. لقد تعرفت عليها في الباص في يوم ما ..

يطلق الرجل رصاصة واحدة
يشتعل مع الرصاصة فلاش ضوئي .. لحظة وينطفأ ..
ساعي البريد : ثلاثة أولاد يلعبون الكرة في الشارع ..
الرجل : لقد كانوا رفاقا لأبنائي في فريق الكرة ..
عموما .. لقد أصبح عددهم غير مكتمل بلا أولادي ..

يطلق الرجل ثلاثة رصاصات ..
يشتعل مع كل رصاصة فلاش ضوئي .. لحظة وينطفأ ..
ساعي البريد : القديس القادم مهرولا باتجاه القتلى ..
من جهة المدرسة ..
الرجل : ( يتردد ) ولكنه رجل مقدس ..
ساعي البريد : لا تتردد .. أطلق..
الرجل : ( يضطرب ) انه ينظر إلي .. لقد رآني ..
ساعي البريد : لا تتردد .. أطلق ..
الرجل : انه يحرك يديه ..
إنه يصلي ، ويدعو من أجلي .. إنني أرى شفاهه واقرأها
يدعو أن يغفر لي الرب خطيئتي ..
ساعي البريد : لا تتردد .. أطلق ..
الرجل : هل يعني أن الرب قد غضب مني ؟
لقد قلت لي .. أن الرب هو من طلب منك أن أقتل هؤلاء ..
أليس هذا صحيحا ؟
ساعي البريد : لا تتردد .. أطلق ..
الرجل : وهل الحواريون في نادي الضحك ..
يقتلون من يصلون من اجلنا ؟
ساعي البريد : لا تتردد .. أطلق ..

يسدد الرجل بندقيته ..
ويطلق الرصاصة التاسعة ..
يشتعل الرصاصة فلاش ضوئي .. لحظة وينطفأ ..
الرجل : لقد أصابت الرصاصة يده التي تصلي من أجلي ..
لقد ملئت دماً .. انه ينظر إلي ..
مسح وجهه بدمه ..
وعاد يصلي من أجلي …
ساعي البريد : أطلق على رأسه رصاصتك الأخيرة ..

الرجل يسدد بندقيته ..
يده ترتجف .. وعيناه تدمعان ..
يطلق رصاصته العاشرة ..
ستار
الناصرية -3/5/2007

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى