ماماس أمرير - انفصام.. قصة قصيرة

هذه الأيام تحصلُ معي أشياء مُريبة وغريبة تضعني في مآزق كثيرة؟!
أكتشِفُ مَثلا: أنّ الأمور الفارغةَ هيَ التي تُحقق نجاحا باهرا؟!
وأنّ العالم يفقد عقله؟!
وأنّ رأسي يتحولُ إلى رأس عصفور صغير؟!
وأنَّ أحلامي تصبحُ فطراَ مسموماً ينتشرُ في كلّ مكان والناس تؤنبني؟!
وأنّ قلبي تحوّل لى قنبلة موقوتة؟!
أما يدي فقد أنجبت كل هذه المآسي دون أن أنتبه!
كل هذا يقلقني ويجعل رأسي يضج باللعنات
لقد منحوني مسدسا فارغا، لكنني سئمت من كل هذه الجرائم التي ترتكب ضدي.
الأطفال الصغار يهربون حين أمر من جانبهم، وكثيرا ما يشيعونني بالحجارة!
جاري، كلما رآني تلتصق جثّته بالجدار!
أستغرب دائما، لماذا يخاف مني، رغم أنّني باستمرار كنتُ لطيفا معه!
اليوم مثلا: أفزعني كثيرا فأطلقت عليهِ رصاصة بل رصاصتين من مُسدّسي حتى يتخلص منه رأسي.
رغم أن مسدسي لم يصدر أي صوت! ولم تخرج منه أي رصاصة! لكن جاري مات؟!
لا أعرفُ كيف يحصل معي ذلك؟!
أخشى أن يعثروا على جثّته ويتهمونني بالقَتل!
قررت أن أرتدي ربطة عنق سوداء وقميص أحمر، كي لا يشك بي أحد حين يكتشفون الجثة.
أما إن طلبوا شهادتي فسأدلي بها أمام العالم
نعم سأدلي بشهادتي!
الشاهد يجب أن تكون جراحه كثيرة، ودماؤه غزيرة وقميصه مثير للنزوات!
هل سيمهلني هذا العالم قليلا حتى أرتّب جراحي وأتلفظ بالقَسم الكبير ثم يطالبني بالاعتراف.
حين وقفت أمام القاضي، كنت مرعوبا جدا...
يبدأ الكلام أولا عن قميصي الأحمر..!
أتذكر أنّني لم أر كل شيء!
وأعترفتُ: أنّ حضوري هنا، كان بمحض الصدفة.
هم من حاولوا إجباري على الحضور.
وأن الدماء التي لوثت قميصي لم تكن للضحية، وأنني لم أقتل أحداً.
القاضي يصرخ في وَجهي:
من سرق الدواء أيّها المجنون؟
أفكر كيف سأجيبه دون أن ترتبك نظراتي؟
ألْتفت حولي
ليس من أحدٍ هنا سواي وذلكَ الذُبابُ اللّعين الذي يزعجني كلما جلست تحت الشجرة!
أحاول تحرير يدي لكن أحدهم يمسك بي.
حركات مريبة تصدر عني. أنا نفسي شككت في أمري؛ هل فعلا سرقت الدواء الذي في جيبي؟
تذكرت جريمتي
واعترفت:
مات جاري قبل أن أجلُب له جرعة الدواء
لم أكن أقصد قتل جاري أبدا... لكنه أفزعني... فطردته من رأسي
القاضي ينظر إليّ باستغراب؟
لم تعجبه شهادتي!
قلتُ للقاضي:
جرائمي الصّغيرة لم تكن في هذا القَميص فاستعينوا بشاهدٍ آخر!
عني أنا.... تَرَكتُ كُلَّ جَرائمي الصّغيرة تحت الشجرة ولبست قميصاً لجريمة لم أرتكبها!
القاضي لم يُصدقني
يَصمت
ينظرُ إليّ بنظراتٍ مُريبَة، ثم يمد يده إلى جيب مريولهِ الأبيض ويُهديني مسدسا.
أسأله أين الرصاصات؟
يغادرني وهو يردد: لا فائِدَة لافائدة!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى