مزمل الباقر - عن ما جرى للشيوعيين في عهد النميري .. قراءة في كتاب حسن الجزولي : عنف البادية (3 – 4 )

تعرضت في الجزء الثاني من مقالي الذي يستعرض كتاب ( عنف البادية ) لدكتور حسن الجزولي ، للصراعات داخل الحزب الشيوعي السوداني وكذلك التململ في قوات الشعب المسلحة . .. أواصل اليوم استعراض كتاب ( عنف البادية ) في الجزء الثالث من مقالي: عن ما جرى للشيوعيين في عهد النميري .. قراءة في كتاب حسن الجزولي : عنف البادية

بالرغم من أن عبد الخالق والشفيع ومعظم قيادات الحزب واعضاء لجنته المركزية عارضوا مشاركة الحزب في الاتحاد الاشتراكي ، إلا ان فريق أحمد سليمان فاز بالتصويت وترتب على ذلك دخول عدد من الشيوعيين في حكومة مايو من بينهم: المحاميان فاروق ابو عيسى، جوزيف قرنق.

غير أن لحسن الجزولي رأي آخر فهو يرى الاسباب الجوهرية التي أدت للقطيعة بين الحزب الشيوعي ونظام مايو جاء اثر النقاش الحاد الذي دار بين هاشم العطا ونميري في إحدى اجتماعات مجلس قيادة الثورة حول موافقة نميري على اتفاقية طرابس دون الرجوع للشعب السوداني. ونظراً لاختلاف وجهة نظر هاشم العطا ونميري وتأييد بابكر النور وفاروق حمد الله لهاشم العطا ترتب على ذلك اقصاء الاعضاء الثلاثة من مجلس قيادة الثورة بل ومطاردة واعتقال كوادر الحزب الشيوعي وعلى رأسهم – قطعاً - السكرتير السياسي للحزب.

ما تبقى من صفحات هذا الفصل تحدثنا عن تدهور صحة عبد الخالق محجوب عقب اعتقاله في السجن الحربي القديم بأمدرمان، مما ادى لنقله إلى لمصنع الذخيرة بمنطقة الشجرة بالخرطوم ليلحق بزميله المعتقل دكتور عز الدين على عامر.

لازالت الاحداث تترى في شهر نوفمبر 1970م حيث حظر على جميع القوات النظامية المتواجدة داخل مصنع الزخيرة عدم التعامل او التحدث إلى المعتقل السياسي عبد الخالق محجوب، غير ان شخصية عبد الخالق وحضوره فرضت على مجموعات الحرس والحكمدارت مخالفة الاموار وشيئاً فشيئاً تحول تبادل التحايا من على البعد بين السجين والحرس إلى حديث مقتضب حتى انتهى الأمر إلى التفاف مجموعات الحرس يومياً حول السجين - الذي لقبوه بالاستاذ – في الامسيات للمؤانسة بحديثه وقفشاته. هذا التطور على الصعيد الانساني سهل فيما بعد على بعض صف الضباط والجنود الشيوعيين بسلاح الذخيرة تهريب عبد الخالق خارج المصنع قبل ايام معدودة من انقلاب هاشم العطا.

بحسه الأدبي يصيغ حسن الجزولي الفصل الأخير في كتابه متحدثاً عن الفصل الأخير في حياة عبد الخالق محجوب بدأ من اختبائه بحي ابوروف الأمدرماني وانتهاءاً بإعدامه في سجن كوبر الشهير بحي كوبر بمدينة الخرطوم بحري وما بين الحدثين يسرد الجزولي كثيراً من الاحداث المحزنة والمؤلمة في نفس الوقت، صاغها بكلمات أسيانة.

انطباعات حول الكتاب:
تعرض حسن الجزولي للصراعات داخل أروقة الحزب الشيوعي السوداني والانقسامات التي تعرض لها بدأ بانقسام جناح معاوية سورج مروراً باشتراك بعض اعضاء اللجنة المركزية في نظام مايو مثل فاروق ابو عيسى المحامي وجوزيف قرنق المحامي ثم يدلف بنا الكاتب لانقلاب الرائد هاشم العطا بكل حيثياته حتى قيام الانقلاب المضاد وعودة نميري للحكم ومطاردته للكوادر الشيوعية واقامة للمحاكمات بل واقدامه لاقامة المشانق لعدد من القيادات من بينهم عبد الخالق محجوب نفسه.

بكل صفحات هذا الكتاب - محور حديثي - ظلت شخصية عبد الخالق تهوم وتجوس بين طياته، كيف لا وهو موضوع الكتاب واستعان حسن الجزولي في سرده بعدد من الافادات لشخصيات عاصرت الاحداث وتارة لجأ لآثارهم من كتب مطبوعة او كتابات أثيرية بعدد من المواقع الإلكترونية او من بعض ما نشر في بعض الصحف المحلية والعالمية.



- أواصل بإذن الله -

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى