أمل دنقل - الطيور.. شعر

(1)
الطيور مشرّدةٌ في السماوات،
ليس لها أن تحطّ على الأرض،
ليس لها غير أن تتقاذَفَها فَلَواتُ الرياح!
ربّما تتنزّلُ..
كي تستريحَ دقائق..
فوق النخيلِ النجيلِ التماثيل
أعمدةِ الكهرباء
حوافِ الشبابيكِ والمشربياتِ
والأسطحِ الخرسانية.
(اهدأْ، ليلتقطَ القلبُ تنهيدة،
والفمُ العذبُ تغريدة
والقط الرزق..)
سرعان ما تتفزّعُ..
من نقلةِ الرّجْل،
من نبلةِ الطفل،
من ميلةِ الظلّ عبرَ الحوائط،
من حصواتِ الصياح!
***
الطيورُ معلّقةٌ في السموات
ما بين أنسجةِ العنكبوتِ الفضائيّ: للريح
مرشوقةٌ في امتداد السهامِ المضيئة
للشمس،
(رفرِفْ..
فليسَ أمامَك
والبشرُ المستبيحونَ والمستباحون: صاحون
ليس أماَمكَ غيرُ الفرارْ ..
الفرارُ الذي يتجدّد، كلَّ صباح!)

(2)
والطيورُ التي أقعدَتها مخالطةُ الناس،
مرّت طُمأنينةُ العيشِ فوقَ مناسرِها..
فانتَخَتْ،
وبأعينِها.. فارتَخَتْ،
وارتَضَتْ أن تقأقئ حولَ الطعامِ المُتاحْ
ما الذي يتبقّى لها غيرُ سكّينةِ الذَبْح،
غيرُ انتظارِ النهاية؟!
إنّ اليدَ الآدميةَ.. واهبةَ القمح
تعرفُ كيفَ تَسِنُّ السلاح!

(3)
الطيورُ .. الطيورْ
تحتوي الأرضُ جثمانها.. في السقوطِ الأخيرْ!
والطيورُ التي لا تطيرْ..
طَوَتِ الريشَ واستَسْلَمَتْ.
هل تُرى عَلِمَتْ
أنّ عمرَ الجنَاحِ قصيرٌ..قصيرْ؟!
الجنَـاحُ حيـاة
والجنـاحُ ردى
والجنـاحُ نَجـاة
والجنـاحُ سـُدى!

أمل دنقل
أعلى