إبراهيم يوسف - اْنْ كانِتْ هَالْغَزْلِي غَزْلْتِكْ..؟ حَرِير؛ بَدِّكْ تِلْبْسِي..!

رداً على الصديق الدكتور
أحمد شبيب دياب

شَــرُّ البِـلادِ مَكـانٌ... لا صَـديقَ بـهِ
وشَـرُّ مـا يَكْسِـبُ الإِنسـانُ مـا يَصِمُ

نداء؛ نداء؛ نداء.. نداء

بدأ انحراف المتظاهرين
إلى أمكنة
لا تنسجم مع هواجسهم
وتغيّرتْ ساحتُهم إلى ساحات

وراحوا إلى مختلف الاتجاهات
فتحولت المطالب الرشيدة
إلى سياسة الغرق في المستنقعات

والحراك الشعبيّ الصادق النظيف
ركبه أصلُ البلاء
ممن كانوا يحكمون بالإفك والضلال

وأولئك المنفوشون من أمراء الحرب
ممن أغرقوا البلاد والعباد
في الفساد وتقسيم المغانم
والاتهام المتبادل.. وبرك من الدماء

لم يغيبوا طويلا... حتى عادوا
ليطلوا برؤوسهم على البدايات

وبدأنا نشدُّ الخطى في الطريق
إلى الحرب الأهلية.. والخراب

كفى عفوية وطيبة وسذاجة.. وغباء

قبل التّمهيد؛ ومعاينة الحدث الجلل..؟ دعني أولا؛ وأنت أخي وصديقي، ومرجعي في أزماتي وحامل أتعابي وهمِّي، أن أنقل إليك حسرتي على الدنيا المنكودة، التي نالت مني وصفعتني وأمعنت في غدري، ورفسي؛ حينما بلغني هذا الصباح..؟ أن آخر الحمير انقرض من ضيعتنا في "شمس الجبل"، وتحولنا من الحمار إلى التاكسي.

بات يكفي أن تفرك فانوس علاء الدِّين بين يديك، وأنت تتثاءب وتتمطى في شمس الجبل - كما يحلو لك أن تعيدها إلى أصلها السِّرياني؛ بِكْرُ لغات النوع البشري ولسان حال أبي الخلق آدم - حتى تسمع بوق السيارة أمام بيتك ينتظر تشريفك الميمون، بعد الغسيل في نبع "حُشْبَى القبو" ورحلة طويلة على ظهر المبروكة.. الأتان..!

أما التاكسي الوافدة والفانوس السِّحري؟ فقد تسللا إلى ضيعتنا على ظهر سلحفاة مع سفينة نوح النبي، ووصلا إلينا بالواتس أپ على يد الوزير المظفَّر محمد شقير ولسان صاحبه الجرّاح..! خدمة للديموقراطية وحق التعبير وقطع الطرقات. الوزير المحسوب على حصة الرئاسة الثالثة. أمّا نَكَدُ دُنيا - المتنبي ..؟ فلا زالت تلاحقنا وتمعن في قهرنا، وهي تفرض علينا الخلاص باللجوء إلى فتىً قاصر، تحوّل في طرفة عين إلى فارس مغوار في فمه لبن العصفور، يهبُّ لنجدة البلاد والعباد، وهو يعتلي صهوة حصان مطهّم أبيض.. كلما عصفتِ المكارهُ بالبلاد.

وما دام الحديث يستدرجُنا ولم نعد ننتسب لهذا الزمان؟ بعد أن تحقق بعض الخيال العلمي مما تصبو إليه أحلام البشر..؟ فلِمَ لا أعرَّج بك قليلا على مسرحية أهل الكهف، إحدى أهم أعمال توفيق الحكيم من وجهة نظري.؟

كانت لهم صلات تربطهم بالناس والحياة من حولهم. وعندما استيقظوا من غفوتهم بعد طول سبات؟ عصفت بقلوبهم ذكريات الماضي، وأصرَّ كل منهم أن يعيش ما كان..؟ بعيداً من حاضره وواقعه الموغل في الإيلام.

لكن سرعان ما أصيبوا بالخيبة ومرارة الدُّنيا، وأدركوا أن العلاقة مع الماضي انتهت بانقضاء الزمن. ما حملهم في عالم لم يعد يعنيهم في شيء، أن يؤثروا العودة إلى الغار فيسدّوه عليهم.. ويستسلموا مرة أخرى إلى النوم.

انتهيت من التمهيد للرد.. لكن دون أن أتحول وأكتب في السياسة أو الاقتصاد، وباريس واحد واثنين..؟ فهذه من أماني المتنبي.. وخيبة أخيك مع الريح ومع الشراع جنبا إلى جنب؟ ليبقى ما قلتُه ياصديقي؟ لا يتعدى بعض ما اختزَنتْه ذاكرتي وحسب؟ من سنوات عشتها ونفوس عرفتها، وأنا في خطواتي الأخيرة من نهاية المشوار.

لكنني لست آسفاً ولا نادماً على معظم ما فعلت. فأنا؛ والعياذ بالله..! لم أصُمْ يوما أو أصلِّ. احترمتُ وصايا السيِّد المسيح فلم أقتل ولم أسرق ولم أشهد بالزور أو أسبب تعاسة لأحد؛ كما لم أتعامل بالدولار ولا المال الحرام. ولو ارتكبت بعض المعاصي؟ غير أنني لم أتمادَ كثيرا في ضلالي وكان على الله اتكالي. وأشهد بصدق على نفسي أنني لم أطمع بأحد. جعت قليلا وسدّدتُ بعض فواتيري. وكان ينبغي كغيري من البشر، أن أشقى وأجوع أكثر.

أما الثورة "المباركة" كما يطيب لك أن تسمّيها..؟ فقد ساهمتْ وسرَّعت بانهيار مالي بات على الأبواب وكلُّنا من ضحاياه. ألم يكن الفساد أرحم بنا من الخراب والانهيار!؟ نحو هوة بلا قرار فلا نعيش ندامة بعض الديار.

أخشى ما أخشاه حربا أهلية مفتوحة على كل الاحتمالات، بدأت تلوح بوادرها هذه المرة طليقة، تسدُّ وجه الأفق وتتجاوز خطوط التَّماس؛ بفعل تقديرات تشبه الحق وليست من الحق في شيء؛ غَشِيَتْ بعضَ القلوب والأبصار ليختلط الحابل بالنابل، وتتحوّل الحملات المُغرضة، تقودها بعض محطات التلفزة على شخص رئيس البلاد، لغايات مشبوهة تنال من الجميع على السواء؛ وتذكرني بالحملة المسعورة على معمر القذافي قبل "الاغتيال".

وهكذا فأنا بصراحة من المتشائمين "المتعاطفين" بلا مؤاخذة مع الفساد، ولست بجانب الثوار في الرفض والإصرار، لأني قليل الثقة مهزومٌ وشكَّاك ومتشائمٌ بطبعي، ولدت في ظروف قاسية لم تكن سويَّة على الإطلاق.

أمّا أمُّ عيالي؟ كما يقولُ المستبدُّون بالمرأة المُغالون في الخوفِ على النساء، وما ينطوي عليهِ التعبير من الاحترام المزيَّف، والخوف أن تفتحَ عينيها على حاضر لن يعودَ إلى الوراء، عندما نَقَّبَها وسحقَها أبو العيال؟ وأنْكَرَ عليها وجهها، أهمّ ما حباها الله في شكلها وشخصِيَّتِها. أم العيال لا تريحني من صعوبة الجواب والسؤال.

حينما تَنْفَرِجُ أساريري؟ أو يبدو تجهمي وامتعاضي، وأنا أتنقل من شاشة إلى شاشة أواكب العرض العسكري لمناسبة عيد الاستقلال في مكانين..؟ وزارة الدفاع.. وساحة الشهداء، وهي تسألني بإلحاح: هل هي "الثورة المباركة" التي تشغلك؟ أم هو أحمد شبيب دياب من يبسطُ أساريرَك، أو يناقرُك ويدفعُك للتّقطيب بين حاجبيك!؟

وأردُّ عليها مُزْبَطِرّاً مُتَرَنِّماً: كلُّنـا للوطـنْ للعُـلى للعَـلَمْ، مِلءُ عينِ الزّمنْ سـيفُنا والقـلمْ. سهلُنا والجبـلْ مَنْبِتٌ للنساءْ والرِّجـالْ. قَوْلُنا والعمَـلْ في سبيلِ الكَمالْ. شيخُنـا والفتـى عنـدَ صَـوْتِ الوَطنْ، أُسْـدُ غَـابٍ متى سـاورَتْنا الفِــتَنْ. كلُّنـا للوطـنْ. "دَقِّقيْلي" جيدا في الفِتَنْ..!؟ انْ كانِتْ هَالْغَزْلي؛ غَزِلْتِكْ..؟ وْحَرْيييييييرْ؛ بدِّك تِلبْسي..!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى