عبد الحميد باحوص - يخاف من أن يأكله الذئب.. نص مفتوح

...هذا ماكان يدور في داخله، الحقيقة او ما يشبهها:
يخاف من أن يأكله الذئب. الذئب الذي لا يسكن إلا في ما يتخيله، يحلم به، منذ أن صار يمشي في الشارع، ويحدث فجأة ان يميل إلى أحد الجدران، ويستمر في المشي بجانبها الى ان يصل إلى نقطة النهاية،التي تكون غالبا قضاء حاجة إدارية أو منزلية تخص أسرته الصغيرة.
ليس مهما ان يلاحظ الناس هذا السلوك غير العادي.
الناس يلاخظون، يسالون عن مصدره، ولكن للأسف لا يقدمون حلولا او ما ينم انها حلولا.. الناس هكذا هم
الناس .. ماذا تريد أن تفعل؟؟
اصمت، أو استمع الى موسيقى ذاتك، أو إلى الموسيقى المتعارف عليها، كالموسيقى الأندلسية من مثل ماية العشاق..
سأله مرة، أحد الفضوليين الذي لا يفوته اي شيء يحدث بالشارع:
- الا تخاف من أن يسقط عليك أحد الجدران، وانت تمشي بجانبها؟
- ضحك، وتعالى ضحكه وأصبح هستيريا ثم سكت فجأة من بعد اجاب:
- أنا لا اخاف من أن يسقط علي أحد الجدران، انا اخاف من أن ياكلني الذئب.
وظل الفضولي الذي لا يفوته اي شيء يحدث بالشارع في حيرة من امره، مندهشا من الجواب: انا لا اخاف من أن يسقط علي أحد الجدران، انا اخاف من أن ياكلني الذئب.
لقد دون في كتيب ما سمعه من جواب، وظل يراقب الشخص من قريب وبعيد، مشوش من ما يعنيه من قوله المذكور : لا يخاف من يسقط عليه أحد الجدران، هذا مفهوم. ويخاف من أن يأكله الذئب. نحن لسنا في غابة حتى يأكله الذئب.
هذا الشخص ليس عاديا، قال الفضولي. قد يكون مجنونا او به خلل عقلي او حدثت أشياء ليست عادية في حياته الشخصية جعلته يتعامل هكذا، ويقول مثل هاته الاقوال. كل هاته الامور ليست من اختصاصي، انا فقط فضولي، ويجب علي أن أنقل ملاحظاتي الى ملاحظين أرقى مستوى مني. الان، لماذا لا اصمت، واستمع الى موسيقى ذاتي، أو إلى الموسيقى المتعارف عليها، كالموسيقى الأندلسية من مثل ماية العشاق..
المطر يسقط وهو لا يسقط في الحقيقة او ما يشبهها انما أشياء من خياله، من حلمه جعلته يسقط، وهو جد فرح بهذا السقوط لأنه حتما سيعمل عدة أشياء في الواقع المعيش حيث سينوب فعل الماء عن الفعل الانساني. سيصبح الشارع مبللا، ستغتسل الجدران، سيعلق الناس ان الشارع اصبح نظيفا والجدران بيضاء. وستختفي كليا تلك الخربشات التي تكتب عليها من مثل: ممنوع التبول على الحيطان. النظافة من الإيمان...
انقطع المطر عن السقوط مما يعني أنه كف عن التخيل والحلم، وحين رأته المرأة التي كان يمشي بالقرب منها في الشارع وعلى حين غرة تحول إلى أحد الجدران مستكملا مشيته بجانبها،تبعته واستوقفته ثم قالت له:
- امرك غريب جدا.
- وما الغريب فيه؟؟ - ما هذا التحول الفجائي ، من المشي في الشارع الى المشي بالقرب من أحد الجدران؟؟
- اخاف من أن ياكلني الذئب.

عبد الحميد باحوص/كندا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى