- جوي هارجو - خَارِطَةٌ للعَالَمِ القَاِدم.. شعر - ترجمة: أنس مصطفى

إلى ديزيري كيرا تشي


في الأيَّامِ الأَخيرَةِ مِنْ العَالَمِ الرَّابِعِ تمنَّيتُ صُنعَ خَارِطَةٍ لأولئكَ الذينَ يودُّونَ الصُّعودَ
عبرَ كُوَُّةٍ في السَّمَاءْ.

أدواتيْ الوحيدةُ كانتْ رَغَبَاتُ البَشَرِ عندما ظهروا من حُقُولِ القَتلِ، من الحُجُرَاتِ والمطابِخْ،
لأنَّ الرُّوحَ هائِمَةٌ بأيْدٍ وأقدَامٍ عَديدةْ.

لابدَّ أنَّ تكونَ الخَارِطَةُ من رَملٍ ويتعذَّرُ قراءَتَهَا بضَوْءٍ عَادِيْ. يَجبُ
أنْ تحمِلَ نَارَاً لمدينةِ القبيلةِ القَادمةِ كِيْ تُجَدِّدَ الرُّوحْ.

في مُفتَاحِ الخارِطَةِ ثمةَ تعليمَاتٌ بِلُغَةِ اليَابِسَةْ، كيفَ حَدَثَ أنْ نَسِينَا الإقرارَ بالهِبَةِ، وكأنَّنَا لَمْ نَكُنْ فيها أو منها.

خُذْ مُلاحَظَاتٍ عَنْ تَكَاثُرِ البِقَالاتِ ومَرَاكِزِ التَّسوُّقْ، مَذَابِحُِ المَالِ المقدَّسَةْ، أفضلُ ما يَصِفُ الانحِرَافَ عن الفَضيلَةْ.

تَتبَّعْ أخطاءَ نِسيَانِنَا، الضَّبَابُ يسرِقُ أطفالَنَا ونحنُ غَافِينْ.

أزهَارُ الحُنْقِ تتفتُّحُ عندَ الكَسَادِ، وُحُوشٌ تُولَدُ هَا هُناكَ بغضَبٍ نَوَوِيّ.

أشجارُ الرَّمادِ تلوِّحُ بالوداعِ للوَدَاعَْ، والخَارِطَةُ تتبدَّى لكي تَخْتَفِيْ.

لمْ نَعُدْ نعرِفُ أسماءَ الطُّيورِ هُنَا، لمْ نَعُدْ نعرِفُ كيفَ نحادِثُها بأسمائِها الشَّخصيَّةْ.
حَدَثَ أنْ علِمنَا كلَّ شَيءٍ في هذا الوَعدِ الخَصبْ.
ما أخبركم بهِ حقيقيٌّ ومطبوعٌ في تحذيرٍ على الخَارِطَةْ،

نِسْيَانُنَا يُطارِدُنا، يقطعُ الأرضَ خلفَنَا، يتركُ أثراً من حَفَّاظاتٍ ورقيَّةٍ، من إبرٍ ودَمٍ مُهدَرْ.

خَارِطَةٌ غيرُ مثاليةٍ عليها أنْ تفي بالغَرَضْ، واحِدَةٌ صَغيرَةْ.

مكانُ الدُّخولِ بحرٌ من دمِ أمِّكْ، مَوْتِ أبيكَ المتواضعِ وهو يتوقُ إلى معرفةِ نفسهِ في آخَرْ.
ليسَ ثمَّةَ مَخْرَجْ.

يمكِنُ للخَارِطَةِ أن تؤوَّلَ عبر جدارِ الأمعاءِ-لَولَبٌ في طريقِ المعرفةْ.

سوفَ تسافِرُ عبرَ غِشَاءِ الموتِ، تَشُمُّ رائَحَةَ الطَّهيِ من المعسكرِ حيثُ أقارِبُنا يقيمونَ وليمةً من لحمِ غِزالٍ طازجٍ وحَسَاءِ ذُرَةٍ في دربِ التَّبَّانةْ.

لم يغادرونا قَطْ، نحنُ هَجَرْنَاهُمْ من أجلِ عِلمْ.

عندما تلتقطُ نَفَسَكَ التالي ونحنُ ندخلُ العالمَ الخامسَ لنْ يكونَ هناك إكس، لا كتابَ إرشاداتٍ لتحمِلُهْ.
سيكونُ عليكَ الإبحَارُ بصوتِ أُمِّكَ مُجدِّدَاً الأغنيةَ التي تُغنِّيها.

شجاعةٌ طازجةٌ تومضُ من الكواكبِ
وتضيئُ الخَارِطَةَ المطبوعةَ بدمِ التَّاريخْ، الخَارَطَةَ التي عليكَ معرفَتَها بإرادتكْ، بِلُغَةِ الشُّموسْ.

عندما تطلعُ تتبَّعْ آثارَ قتلةِ الوَحشِ مَكَانَ دخلوا مُدُنَ الضَّوءِ المصنُوعِ وقتلوا ما كانَ يَقتُلُنا.

ستبصرُ جُرُوفَاً حمراءَ، إنَّها القلبُ حاوياً السّلَّم.
ستُحيِّيكَ غزالةٌ بيضاءُ عندما يصعدُ البَشَرِيُّ الأخيرُ من الحُطَامْ.
تذَّكر ثُقبَ العَارِ مُعَلِّماً فِعلَ هَجرِنَا أرضَ قبيلتِنَا.

لمْ نَكُنْ أبداً مثاليِّينْ، مع ذلكَ فإنَّ الرِّحلةَ الَّتِي نقطعُهَا مَعَاً مِثَاليَّةً على هَذِهِ الأرضِ الَّتي كانت ذاتَ يومٍ نجماً وارتكَبَتْ نفسَ الأخطاء كالبَشَرْ.
من المحتملِ أن نرتكبها مرَّةً أخرىْ، قَالَتْ.

من المهمِّ لكي تعرفَ الطَّريقَ أنَّهُ دُونَ بِدَايةٍ أو نهايةْ.
عليكَ صنعُ الخَارِطَةَ التي تَخُصُُّّك.
..
..

جوي هارجو، ٦٨ عاماً، شاعرة، مؤلِّفة، موسيقية وعازفة ساكسفون أميركية من السُّكانِ الأصيلين في الولايات المتحدة. درست هارجو في معهد الهنود الأميركيين للفنون وفي جامعة نيومكسيكو. اشتغلت هارجو في التدريس في العديد من الجامعات الأميركية مثل معهد الهنود الأميركيين للفنون، جامعة ولاية أريزونا، جامعة كولورادو، جامعة أريزونا وجامعة نيومكسيكو.

صدرَ لها العديد من الكتب الشعرية والمؤلفات الموسيقية. أول إصدارة شعرية لها كانت في العام ١٩٧٥ "الأُغنية الأخيرة"، من بين إصداراتها الشعرية "حلُّ نزاعاتِ الكَائِناتِ المقدَّسة"، "شجاعةٌ مجنونة"، و "كيف أصبحنا أُنَاسَاً". حصلت هارجو على العديد من الجوائز الشعرية ومن ثم تم اختيارها مؤخراً شاعر الولايات المتحدة الثالث والعشرين من قبل مكتبة الكونغرس. درجت مكتبة الكونغرس على تنصيب شاعرٍ سنويَّاً وذلك منذ العام 1937 بهدف رفع الوعي الوطني إلى أهمية قراءة وكتابة الشعر من خلال القراءات الشعرية والمحاضرات.

قالت هارجو لدى تسلمها الجائزة " "أتشارك هذا الشرف مع الأسلاف والمعلمين الذين ألهموني حب الشعر، الذين علموني أنَّ الكلمات قوية ويمكن أن تُحدثَ التغيير عندما يبدو الفهم مستحيلاً، وكيفَ يمكن للزمنِ والخلود أن يعيشا معاً داخل قصيدة".

يعتمد عمل هارجو على الرمزية والتقاليد المهمة للثقافة الأميركية الأصيلة، كما تستخدم موقعها في المجتمع الأدبي لمناقشة قضايا الاستعمار، العنف ضد المرأة والعلاقة بين الحداثة والتقاليد.

ديزيري كيرا تشي


* من كتاب: كيفَ أصبحنا بشراً




..
..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى