مقتطف صلاح عبد العزيز - المشاهد كلها.. فصل من نص روائى - كان لى كلب صغير أبيض

[SIZE=26px] صلاح عبد العزيز - المشاهد كلها.. فصل من نص روائى - كان لى كلب صغير أبيض ٢ [/SIZE]
  • إلى أحمد :
    الحلم الذى كان والحقيقة التى أنكرها ..
    وإلى أحمد :
    لعلك العوض المناسب من الله لى .

    ==

    كان لى كلب صغير أبيض

    " لا تودع قلبك فى مكان غير السماء ،
    إذا أودعته عند مخلوق طالته يد العباد وحرقته "

    التبر / إبراهيم الكونى

    ( انظر لنفسك وكن لنفسك إنما الخلق منشغلون )



    قال الكلب الكبير للكلب الكبير :
    هذا الكلب الصغير يتعالى علينا ، ويهز ذيله كلما رآنا
    إنه يتحدانا.
    فقال الكلب الكبير للكلب الكبير :
    نجعله يندم ويكون عبرة لبنى آدم.

    تجمعت الكلاب الكبيرة مع الكلاب الكبيرة ، الكلاب المنقطة مع الكلاب السوداء ، تجمعوا وانقسموا ، فريق يقضي بقتل الكلب الصغير وفريق يقضى بنفيه إلى أن يموت جوعاً ..
    وكلا الحكمين أشد هولاً على الكلب الصغير.

    أعلى شجرة " الكازورينا " حطت أسراب البلاشون الأبيض الرمادى تعلق بأرجلها بقايا طين حديث حصيلة يوم من العمل الجاد.
    قال طائر لآخر :
    تعال نرى الكلب الصغير الأبيض.
    قال الطائر الآخر للطائر الأول :
    إن عمره صغير وقصير مثل جسمه الصغير.
    أقبل طائر ثالث وقال :
    سمعتم الخبر ؟!
    تنبهت كل الطيور أعلي شجرة الكازورينا .. وغمغم حزن طويل الأسى مع غروب الشمس الدامى.
    غابت الشمس والقرية لا تعرف ماذا حدث .. كان الناس يتخبطون فى الظلام الكثيف ، كانوا يزيحونه بأيديهم وبأرجلهم فلا يزاح ، والفوانيس معلَّقة على الجدران وفى الأيدى وفى منتصف الحارات ، كل مصباح لا يتجاوزه الضوء ولا يجاوز الضوء راحة اليد ، كل مصباح مضئ لذاته وطبقات الظلام تتراكم طبقة فوق طبقة وتزيح بعضها بعضاً.

    وما سمعته كان حكايات وخرافات تم تداولها بعد مصرع الكلب الصغير ، لكن لم تحزن الدنيا مثل حزنى أنا صاحب الكلب الصغير الأبيض ، وهذه حكايته كما أرويها وليس من قبيل الأساطير المتناقلة بين أهل قريتى أو التى يرويها عبد العاطي المداح أو عبد المعبود على قهوة شكور والحاكمى وأبو شرف والعلواية والجامع الكبير أو الغرز التى ينبسط فيها عبد الباسط وعم عطا وحمدى سند

    كل ما تداولته القرية من حكايات لا ترقي لمثل هذه الحكاية الحقيقية .. من شاء فليصدق ، ومن شاء فليستمع ، فهى البحر الذى أخذ منه الرواة جيلاً بعد جيل نقطاً بالزيادة مرة وبالنقصان مرات ، وها أنا أقصها لكم ، أنا الذى اطلعت على الكتاب القديم الذى وجدته بين أنقاض بيتنا القديم فى حارة الخنافسة.

    في قديم الزمان ، عندما كان عمرى ثمانى سنوات وكنت ما أزال رضيعا ، كانت أمى تدلى حلمتها الضخمة من صدرها ، وصدر أمى مثل الجبل العظيم ، كنت من فرط لذتى واستكانتى فى حجرها أعض حلمتها فتنفر منى ، ففكرت فى فطمى عن الثدى العظيم .. لم يكن لأمى اسم بعد .

    جاءت بكل معاجين المر والصبار لكن ذلك لم يثننى عن طلب الرضاع ولم يكن فى يدها حيلة.
    فالناس فى الدنيا وربما فى الآخرة يفطمون الرضع إلي سنتين من ميلادهم ومن يزيد يكون بعد ثلاث على الأكثر حتى يزيد المولود فى الحجم والوزن وسرعة الفهم.
    تكلمت أمى مع أبى .. وكنت أسمعهما .. ألقى عليها اللوم لسبب لم أتبينه فى حينه .. وعرفت القرية بهذا الهم الثقيل الذى ينذر بسوء العاقبة.
    كما قال الحكيم الذى اطلع على الكتاب القديم ، الحكيم الذى سار مع الخضر وعاصر سليمان بن داود الملك ويقال أنه هو الذى أحضر له عرش بلقيس.

    والحقيقة هى ما أرويها ، الحقيقة التى تاهت عن العالم وما عرفها إلا أنا .. أنا من رضع ثمانى سنوات كاملة .. ثلاثون مرة فى اليوم مع رفض تام للمراضع اللاتى كن يعرضن أنفسهن علىّ بكشف أثدائهن فلا أجد ثدياً يشبه ثدى أمى عظمة ورفعة ولا حلمة تشبه حلمة أمي بروزاً وتدويراً .. ليس لتلهفهن على الترضيع بل لسبب آخر عرفته فيما بعد .. وما استطعت طوال عشرات السنين أن أحكى الحكاية الحقيقية للأجيال المخنثة التى ولدت والتى تولد الآن ..
    فالحقيقة هى ما أعنى .. شجعنى ذلك أن من ولدوا فى نفس العام ومن تسمى باسمى ومن كان فى سنى ماتوا جميعاً ، ومن كان فى القرية من دواب ومرضعات وبنى آدمين ماتوا بعد مصرع الكلب الصغير الأبيض الجميل فى ظروف غامضة .

    ما سطر الكتاب القديم هذه الحكاية .. الكتاب القديم ذى المداد الأحمر لم يطلع عليه غير اثنين .. وجدته بين أنقاض البيت القديم وبآخره صفحات بيضاء حيث وجدت اسمى مكتوباً بالمداد الأحمر وأننى المتمم للكتاب وقد كتبت .
    كتبت الحكاية التى ما عرفتها الكتب ولا القرى ولا الناس ، الحكاية التى سرد رموزها الكتاب القديم في الصفحات الأخيرة ، الكتاب الذى أحتفظ به فى المكان الذى فارقت فيه كلبى الصغير الأبيض الجميل .

    ربما فى سرد الحكايات يظن الناس أننا نكذب ، وأننا نكتب الخرافات وأننا لا نستطيع القبض على الحقيقة .. لا نستطيع أن نخرج مما كتبناه وننظر هل نحن سطرناها ، أم نكذب على أنفسنا ليقال هذا الراوى أحسن من هذا الراوى ، وتلك الحكاية أحسن الحكايات كلها ..
    لكن الحقيقة التى أرويها الآن وأكتبها الآن وأسطرها قبل اختفاء القرية من الوجود ، القرية التى استعصت على الفهم .

    أول الكتب التى ذكرت الحكاية بعد الكتاب القديم هي كتابى هذا ، كتبته قبل اجتياح الفيضان ..
    لم ينجو إلا أنا والكتاب القديم وأنا جالس بين أطلال البيت الكبير المقام على هضبة عالية فى ركن ناء من القرية ، المحاط بالماء من جميع الجهات ممسكاً بالأوراق البيضاء .

    فى أول الحكاية قالت الكلاب المنقطة الكبيرة للكلاب السوداء الكبيرة وتناقل القول طيور البلاشون وأصبح فعلاً تم فى ثلاثة أيام إلى أن اختفى الكلب الصغير الأبيض ،
    لكنى سأحكى ما حدث قبل ذلك والذى سطرته آخر الصفحات بعد نزعها من الكتاب القديم.

    ذهبت أمى للشيخ الباز قارئ الكتاب القديم وعارف الأسرار والعلوم التى تتنزل عليه من حيث لا نعلم ولا ندرى.
    طرقت الباب ثلاث مرات وثلاث مرات ، ودخلت حديقته الخضراء و البيضاء واجتازت أسودها الثلاثة وعتباتها الإثنى عشر ، ودقت عليه الباب ثلاث مرات وثلاث مرات واجتازت الممرات السبع وارتقت خمس درجات حتى وجدت باباً منقوشاً من النحاس اللامع .. أخذت من النقوش شمساً وقمراً وكوكباً ففتح الباب ، ألقت الشمس فى أول بئر والقمر فى البئر الثاني ووجدت سوراً ثبتت عليه الكوكب ففتح فى السور ما يشبه الباب الصغير ، دلفت منه فوجدت نفسها وجهاً لوجه مع الشيخ المضئ لم تنبس بكلام ، جلست قبالته وأنصتت فجاءها الصوت المهيب :
    آخر المعمرين وآخر القانعين ، دافن أسرار القرية ومتمم كتابها وآن أن تفطميه يا فاطم ..
    وأذن لها بالكلام ..

    قالت فاطم أمى :
    يا سيدى العظيم وقارئ الكتاب الجليل القديم جربت كل الوصفات ، إنه لا يشبع ولا يقنع ولا أريد له التكدير فيما يحبه ويستلذ به.
    قال الشيخ المضئ :
    آن الأوان وكل شئ بآن ، سيرى من آيات الله عجبا وسنبعث له بما يلهيه ويتم سروره به إن شاء الله.
    قالت فاطم أمى :
    كيف يا سيدى وأنا ما أستطيع أن أحتال عليه لحبى له حتى أننى ما عاشرت أبيه ، فهو برضاعته قد كفانى من هذه الناحية ، أنت تدرى إنه رجل فى جسم طفل ، يكفينى من أعلى فلا أنظر لأسفل ولا يخطر على بالى أحك أسفلى أو أحتك بالساهر - تقصد أبى - والساهر ربما أصابه مثل ما أصابنى.
    قال الشيخ الحكيم قارئ الكتاب القديم وعارف الأسرار والعلوم : سأعطيك شيئاً لا تفكيه ولا تنظرى فيه واستعيذى من خالقه وخالقك0 ازرعيه تحت شجرة الجميز الغربية .. ستذهبين إلى هناك ، انتظرى ثلاث ساعات وتذكرى ما سأقوله لك .. فى الساعة الأولى يتدلى لك سلم من الفرع الكبير .. لا تصعديه ولا تنظرى إليه وتذكرى ما سأقوله لك ..وفى الساعة الثانية سينزل رجل من أعلى السلم لا تنظرى إليه ولا تقربيه سيقول لك نفعل كذا وكذا ،
    لا تردى عليه ولا تفعلى ما يقول وتذكرى ما سأقوله لك ..
    وفى الساعة الثالثة تنزل امرأة ويفعل بها الرجل ما يفعل .. لا تنظرى إليهما حتى لا تأخذك الشهوة فتهلكى ويهلك أهلك بهلاكك وتذكرى ما سأقوله لك ..
    واقترب الحكيم من أذنى أمى وأسر إليها بكلمات .. ـ هذا هو ما حكته أمى قبل موتها بثلاث ساعات حيث فاضت روحها إثر لدغة عقرب سوداء ـ
    أشار الحكيم إلى أمى .. قامت وفتحت الباب ، كان باباً منقوشاً كالباب الأول ، أخذت شمساً وقمراً وكوكباً ومرّت بنفس الطريق الذي جاءت منه .. وجدت الأسود الثلاثة على أول طريق الذهاب وآخر طريق الإياب جائعين .. زمت للأسد الأول الشمس فانتفض ورق قلبه وألقت للأسد الثانى القمر فتمسَّح بقدمها ، وللأسد الثالث ألقت الكوكب فأضاء قلب الأسد ، وسمحوا لها بالمرور 0. تحيرت أمي في الميعاد والوقت المحدد وأخذت تستعيد كلام الشيخ لتعلم على وجه الدقة الوقت المعلوم ..
    فعلت أمي ما أمرها ، دفنت الشئ فى المكان الذى أراده والذى هو سر لم أعرفه إلا عندما قرأت الكتاب القديم .. بعد ثلاثة أيام من دفن الشئ ظهر رجل غريب فى القرية كان يردد فى صوت جهورى : ـ من يشتري عمراً بعمر ، ومن يبيع عمره بأعمار الآخرين .
    تجمع الناس حوله .. باعوا واشتروا ، وكلما باع أدخل يده في غبيط على ظهر إتان كانت معه وأعطى ما يعطيه للشارى ، وكلما اشترى وضع ما اشتراه فى الغبيط ، والغبيط لا ينقص ولا يزيد ..

    كل الناس اشتروا أو باعوا إلا أنا ، نسيتنى أمى كما نسينى أبى .. لم يشتريا لى لكن من المؤكد أنه اختلطت الأعمار ولم يعد أحد يعرف عمره بالتحديد بعد أن كان العمر بالقياس إلى الأشياء العظيمة التى تحدث ، والشئ العظيم الوحيد الذى تذكره الناس فنقشوه مشوهاً على جدران المعابد والقبور هو الكلب الصغير الأبيض الجميل ورددوه فى حكاياتهم الناقصة ..
    بعد أن فرغ الرجل من البيع والشراء اتجه صوب العلواية التى بها البيت القديم ، بعد هذا اليوم لم يظهر الرجل الحكيم قارئ الكتاب القديم ولم يعد أحد يذكره ، وبعد عشرات السنينلم يجرؤ أحد على الطلوع إلى التبة العالية والتطلع إلى البيت القديم ونسجت حوله الخرافات .
    فى هذه الأثناء مات بعض رجال القرية ممن باعوا أعمارهم بطريقة خاطئة ، واختفى البعض ممن اشتروا أعماراً لأعمارهم فى غموض عاشت القرية فى ألم وحزن متصلين ، وأصابتنى حمى شديدة بعد اختفاء الساهر فيمن اختفوا ، وفقدت لذة العض والمص والرضاع
    لم يبق لفاطم إلا أنا ، فالرجال الذين ماتوا ، والرجال الذين اختفوا كانوا من عائلتى ولم يمتد هذا إلى العائلات الأخرى إلا بعد زمن يسير.

    مات الأدغم وعبد المنعم وجابر والوحش وخنفس وعامر وغيرهم ، واختفى الساهر وأحمد وعبد العزيز وغيرهم ، ولم يبق من العائلة رجلاً سواى .
    خافت أمى خوفاً شديداً واجتمعت نساء العائلة ..
    جاءت الدغمة * وزوجة خنفس اللئيمة وبيت عبد العزيز ولفيف من النسوان يصعب حصرهن ، وافترشن ساحة الدار والحارة وامتدت همهماتهن إلى آخر حدود القرية .
    عصبت الدغمة رأسى وبدأت تصب الماء البارد وتهمهم وتجمجم بكلام .. تأمر وتنهى في النساء المتحلقات حولى ، نظرتها تكفى ، وزجرها لا يستهان به .

    كنت أتألم ألماً شديداً وبى تدور الدنيا ، ونهر يحملنى بتياره الشديد البارد إلى أرض بعيدة وأشباح تترصدنى وتحملق فى وتجرنى على رمال خشنة تدخل لحمى وعظامى ، لا تفارقنى وجوه المختفين والراحلين .
    قالت أمى :
    ـ الواد هيموت يا ست .
    لم تلق جواباً يبدد لهفتها ، وأنا أتبدل على رمال ناعمة تسد منافس الهواء ، أغوص فيها ..
    وأياد كثيرة تمتد تدلك قلبى وقدمى وأصابع يدى ، تهتز جدران الدار وتلتصق بسقف الحجرة تضغط من كل اتجاه والنار تسرى بعظامى وفى كل شئ حولى ، والأيدى تتحول إلى جمرات تقلبنى ..
    كل شئ يتهدم على أمواج متتابعة عنيفة لها صوت رنين أجراس صغيرة معلقة بأعناق خيول غلاظ تجرنى وأنا مربوط بأذنابها ، والأرض الخشنة تجرحنى جراحات بالغة القسوة فلا تبقى غير العظام المشربة بالدماء .

    نبت تحت شجرة الجميز نبات غريب ، ظل النبات ينمو ويرتفع ويتضخم احتوى الشجرة داخله واحتل المكان ..
    غابت شجرة الجميز العتيقة الضخمة وأصبحت حديثاً يروى وحكاية تزيد تفاصيلها كل يوم ، وبعد ثلاثة أيام تدلى منه خيط انبثق عنقود من طرفه ، كمثرى الشكل عليه شعيرات كثيفة به شق طولى يشبه فرج امرأة ضاجعت مائة رجل دفعة واحدة ، تدلى على بعد عدة سنتيمترات من الأرض .. مغلق إغلاقاً محكماً وتحت الشعيرات لحاء أخضر جميل .

    أفقت بعد عدة أيام وطلبت الرضاع ، وكانت الدغمة تلقمنى بالفراريج وتدلك صدرى ويدى ورجلى ، وتدق على فخذ أمى فتنظر أمى بشكر وعرفان .

    على إثر حلم غامض قامت أمى مفزوعة من النوم ، رأت طائراً مقبلاً من الغرب باتجاه الشمس الرابضة فوق البيت الكبير ،
    صرخ صرخة عظيمة ، حمل القرية بالجناح الأيمن وحمل القرية بالجناح الأيسر ورفعهما فى الهواء نفضهما لأعلى فى اتجاه الشمس .. تعالت صرخات وبرق ورعد وتركهما يهويان تجاه الأرض والماء..

    استعاذت أمى من الشيطان الرجيم ، قامت لتصلى الفجر لم تنتبه لوضوئها عكست الوضوء ، وصلت صلاة لم تعرف عدد ركعاتها ..
    وفى الليلة الثانية رأت إتاناً تسحب رجلاً بحبل غير مرئى من رقبته وعلى ظهره غبيط وهي تعطى الناس ما يريدون وتأخذ منهم ما لا يريدون وتضعه فى الغبيط ، والغبيط لا يزيد ولا ينقص ،
    سارت فى اتجاه البيت الكبير وكانت حوافرها تضرب الأرض بقسوة فتزلزلها .. تندك بعض البيوت ، تزفر بشدة فتلف القرية برياح حارة لا تبقى أخضراً ولا يابساً ..

    وصلت إلى حافة سور البيت الكبير وأطلقت الرجل فإذا هو كبش ذى قرنين حمل الشمس على قرن والبيت على قرن ، ورفعت الإتان حوافرها الأمامية كفرس فاندكت القرية وصارت هباءً ، وبرق برق عظيم أعقبه ظلمة واختفت الشمس والبيت الكبير ..
    قامت أمى واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم وتوضأت من منتصف الوضوء وصلت من منتصف الصلاة ولا تدرى من أمرها شيئاً ..
    وفى الليلة الثالثة رأت الأرض فضة بيضاء ورجلاً جالساً على عرش وفي يده زمردة بألوان مختلفة يلهو بها فى الهواء ، فإذا أمسكها أضيئت أنوار الدنيا وهدأت مياه النهر .. وإذا أطلقها نام أهل القرية ، وآوى كل رجل إلى امرأته ، ورأت تبدل الأحوال والأسباب وانقلاب الزمردة إلى طفل جميل ويد الساهر تحوطه تحسباً لشئ ما سيحدث .. وكان قلبها يصعد ويهبط ..

    قامت أمى واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم وصلت بغير وضوء وعندما انتهت من صلاتها وجدت آذان العشاء ما يزال يرن فى الأفق .

    سهرت الليل بكامله فى هذه الليلة ، وفى الصباح ذهبت إلى الدغمة لتقص عليها ما رأته ..
    كانت بعض نساء العائلة قد رأين هذه الأحلام بترتيبها وتجمعن على غير موعد .

    سرت فى غروب الشمس ، كان قرص الشمس من الكبر بحيث كانت أشعته تنفذ من الجدران وتغمر بيوت القرية باحمرار شديد وعين الشمس تراقب الفئران فى الجحور .

    صارت الكلاب الكبيرة ، الكلاب المنقطة والكلاب السوداء تخطف الأطفال والدجاجات والخراف وصغار العجول ، وقبل مغيب الشمس يحدث الكثير ، لم يكن أحد يهتم بي وكنت أتسائل لم نسيتني أمى ، ولماذا لا اشتاق إليها ، وصرت غريباً عن القرية لا يعرفنى أحد ولا يطلبنى أحد ..
    ضج الناس وانشغلوا بأمورهم ، منعوا أولادهم من الخروج قبل مغيب الشمس ، أغلقوا بيوتهم من العصر إلى الصباح وكلما سألت عن أمى لا يجيبنى أحد .. قلت فى نفسى لن يحلها إلا البيت الكبير
    خرجت من دارى وأحكمت الباب .. سرت فى غروب الشمس .. مررت بالجميزة الكبيرة .. رأيت النبات وعنقوده المدلى .. شئ من نفسى دفعنى إلى النزول من على الجسر .. كان الصوت يهمس مثل صوت أمى :
    تعال ..
    تعال ..
    فأنصاع إليه ولا إرادة لى ، أمشى تجاه الصوت الذى يملأ المكان .. كان الصوت يزداد كلما اقتربت .. كان الصوت صادراً عن العنقود الذى يشبه فرج امرأة .. كان صوت امرأة فى لحظة الولادة
    حدقت تجاه الشق الطولى وجدت شيئاً أبيضاً مدلي تنبض جوانبه بالحياة .. صوت صرخات مكتومة وشهقات يعمان المكان ..
    غابت الشمس لكن نوراً تدلى من أعلى غمر الأنحاء .. بدأ الشئ كله يظهر وكاد يسقط على الأرض ، مددت يدى لأتلقفه .. كان لزجاً وبه خطوط من دماء .. خلعت ملابسي ولففته وتأملته في الضوء الأبيض فإذا هو كلب جميل أبيض كثيف الشعر ..
    لم تأخذنى رهبة ولا رجفة بل حلم جميل لا أعيه وما أفقت إلا وأمى على رأسى تدلك صدرى ، وبجانبى لفافة بها كلب أبيض جميل .

    جاء أبى بالكلب الأبيض الصغير ، ألقاه فى حجرى ، نظرت إليه وإلي أبي لا أصدق .. أبى الذى لا يحب الكلاب تكلف جهداً عظيماً كى يدخل هذا الكلب إلى دارنا .. صار الكلب الصغير كأحد أفراد الأسرة ..
    كنت أتماثل للشفاء وكانت طيور الدار تتناقص ..
    خطوت إلى خارج الدار ، نظرت إلي الشارع الطويل ، البيوت الضاحكة ، وفى البعيد أسراب الطيور ترسل لغتها للحقول الخضراء والكلب ينصت ويرد بهوهوات حارة رفيعة مرحة ..
    أخذت الكلب إلى الترعة لم يبد تذمراً فى الماء .. كان سعيداً .. لكنى كنت لا أجيد العوم .. كنت أعوم على الشاطئ بين النسوة وهن يغسلن أشيائهن وينظرن إلى أشيائى ويضحكن ..
    ضربتنى أمى على مؤخرتى وأنا أستند إلى قاع الشاطئ والكلب يدور حولى .. ضربتنى على مؤخرتى ضربة خفيفة .. شرقت فاختلت يداى وغصت إلى القاع .

    غصت مع كلبى الصغير .. رأيت باباً نحاسياً ونقوشاً .. أخذت من النقوش شمساً وقمراً وكوكباً وبعض ملابس اتزرت بها لأستر عورتى ، ودلفنا معاً إلى الداخل .. تقدمت مع كلبى الصغير الأبيض نحو حديقة خضراء ..
    قال :
    يا أهل الماء زائر من سكان البر فى حديقتكم الخضراء .. اصطفت الأشجار الخضراء في صفوف متماوجة وانحنت ، وكان صوت :
    ـ أهلاً بك وبمن معك .
    حضرت أسود ثلاثة ، ألقيت للأسد الأول الشمس فإذا هى تعلو فى الهواء وترسل بأشعتها فتنير الدنيا ، وقام الأسد الأول بتقبيل يدى ..
    ثم ألقيت للأسد الثانى القمر فإذا القمر يدور وحيداً فى الفضاء ، وقام الأسد الثانى بتقبيل رجلي ، وألقيت للأسد الثالث بالكوكب فإذا هو يتبع الشمس بفعل الجذب والقمر يدور فى فلكهما ، ووجدت الأسد الثالث معلقاً فى الفضاء ساجداً لى مرسلاً بأشعة فضية تتماوج وتتعانق في نهر ذهبى .. دارت الشمس ، ودار الكوكب ، والقمر إلى أن صاروا فى خط مستقيم .. دارت الأسود الثلاثة إلى أن اتحدوا فأصبحوا أسداً واحداً ..

    فتح طريق فى الماء إلى حديقة بيضاء ، فى آخر الطريق رأيت أبى على عرشه ، جلست عن يمينه وتحت قدمى كلبى الصغير الأبيض .. وتدلى سلم من الفضاء وأمي تنزل اثني عشرة عتبة ، كلما نزلت عتبة أحدثت رجة خفيفة ، وفى نزولها العتبة الأخيرة اختفت الحديقة البيضاء لتحل محلها القرية بكامل تفاصيلها ..
    شوارع هادئة تجوبها كلاب ضخمة ، وقطط فى الحارات الضيقة تتسلق الجدران ، ورجال مع زوجاتهم فى المضاجع ، وشخير أطفال ، وقمر يجلس فى ظله أبى ويشير لى .. أناوله كوب الشاي الذى أتت به أمى منذ قليل .. يربت على رأسى بحنان بالغ ..
    أداعب كلبى الصغير وأقبله .. أعتنى به وأنظف شعره .. لكن توتره كان يزداد كلما زحف الليل .. ويزداد التصاقاً وتحفزاً ..
    وثب على حبل أسود يتلوى على الأرض .. وصوت فحيح يملأ المكان..

    قال لى : تعال معى
    قلت : إلى أين ؟!
    قال لى : إلى البحر الكبير ..
    سرنا أياماً طويلة والشمس لا تقر ولا تستريح ، كان الغمام يظللنا حتى انتهينا إلى قوم متأملين فى النور ..
    ألقينا السلام ، ما ردَّ أحد لفرط تركيزهم .. نظرت إلى كبيرهم صاحب اللحية البيضاء والوجه الأبيض ، نظرت إلى عينيه وجدتها بيضاء كالثلج ، كل شئ كان أبيضاً .. الرجل ذو الملابس البيضاء والعيون البيضاء .. والأشجار كانت بيضاء ، والأرض بجبالها ورمالها تسبح فى النور الأبيض ..
    قلت ما سرهم ؟!
    قال لى : هكذا هم لا يلتفتون لأحد ولا يردون على أحد من يوم خلقهم ليوم بعثهم .
    قلت : ما سرهم ؟!
    قال لي : هنا تتوالد الألوان من البياض وتسبح فى البياض إلى مستقرها وهم أصحاب أرواح ، لا يأكلون ولا يشربون إلا النور ..

    مد يده إلى الشمس وقلبهافإذا نحن فى بحر من الفضة والقمر قارب يدنو إلى الشاطئ ..
    قال لى : اركب ..
    قلت : إلى أين ؟!
    قال لى : إلى البحر الكبير ..
    سرنا أياماً طويلة فى بحر الفضة الهادئ فإذا نحن على قدم شاربين ذاهلين فلا هم ارتووا ولا هم انتهوا من شربهم وكلما غرف الواحد منهم غرفة أصبحت رخاماً أبيض في يديه ..
    قلت : ما سرهم ؟!
    قال لى : هنا خير كثير وهم أصحاب حلم ، جاءهم الخير فأنكروه فلما نأي عنهم أرادوه وهم يغرفون ولا يرتوون.

    وصل القارب إلى شاطئه واختفى فإذا نحن على أرض خضراء تسير بين شمس بيضاء وقمر فضى ..
    قال لى : هنا آخر الطريق ..
    رأيت الشمس ثابتة والكوكب يدور حولها ورأيت دوران القمر حول الكوكب.
    قلت : ما سرهم ؟!
    قال لى : هذه هى الأحوال والمنازل ، إذا وقع القمر بين الشمس والكوكب على خط مستقيم فاعبد الله كثيراً لشرٍ عظيم يأتى ..
    قلت : ما سره ؟!
    أوقف الشمس ثم القمر ثم الكوكب على خط مستقيم وقال : انظر .. رأيت الشمس حلقة سوداء والكوكب يبتلع القمر ويصعد اثنى عشرة عتبة فى الفضاء فى تداخل الألوان وأرتقى خمس درجات .. درجة .. درجة .. وكلما صعد درجة أحدث رجة خفيفة وتغيرت مواضع الألوان .. وجاءت الشمس وابتلعت الكوكب فانبعث نور عظيم أبيض ورأيت الساهر على عرشه والدنيا بيضاء ..
    قلت : ما سره ؟!
    قال لى : سؤالك عن السؤال سر .. فلا تسر به لنفسك ، فهو السؤال الذى ليس له إجابة 0
    ووجدتنى أهوى
    وأهوى
    وأهوى ..
    ما أفقت إلا على صوت أبى بجوار الباب المنقوش ، أدخلنى بين ثيابه فإذا ظلام دافئ ناعم ..

    اقتربت النسوة الحالمات من بيت الدغمة متعصبات بالسواد .. دقت أمى على الباب النحاس المنقوش دقاً متواصلاً إلي أن جاء صوت الدغمة يأمر بالدخول ، دخلت واحدة .. واحدة إلى ظلام كثيف ما إن تعودت عيونهن على الظلمة حتى رأين سبع ممرات والصوت يأتي من الداخل : أقبلن ..
    أقبلن ..
    تعالين ..
    تعالين ..
    تحيرت النسوة ، أى ممر يقودهن إلى الصوت .. أشارت أمى إلى ممر من الممرات كانت تعيه جيداً ، سرن فى الممر ساعات طويلة وبين الحين والحين ينزلن خمس درجات يجدن بعدها حجرة يسترحن فيها ..
    همست أمى : لا تفزعن مما ترون ..
    فتح آخر الممر على حجرة ليس بها مقاعد ولا تفضى لشئ .. أغلق الممر .. سمعن زئير أسد .. تأهبت أمى وزوجة خنفس اللئيمة وبنت عبد العزيز .. تجسد الأسد أمامهن .. التصقت النسوة ببعضهن عندما رأين الأسد ذى الرؤوس الثلاث ..
    أدلى من السقف ثلاث سيوف ، تناولت أمى واحداً .. وزوجة خنفس واحداً .. وبنت عبد العزيز واحداً .. هجم الأسد عليهن وإذا بالثلاث سيوف تطيح بالثلاث رؤوس ويغرق المكان فى دماء تتفجر من رؤوس الأسد ، والدماء تزداد وتزداد .. أيقنت النسوة بالغرق .

    أدلى من السقف كأسا من النحاس اللامع .. تناولت أمي الكأس وملأته أعطته لزوجة خنفس فتناولت جرعة ثم ناولته لبنت عبد العزيز فشربت جرعة ثم أعطته لأمى فاحتست بقية الكأس .. انتفضن نفضة واحدة وانقلبت هيئاتهن إلى ثلاث حيات زاحفات فانخفضت الدماء وجفت وتلاشت ، انفتحت الجدران الأربعة على حديقة خضراء .. كانت النساء اللواتي رأين الحلم ذاهلات .. وفى وسط الحديقة عرش جميل مذهب ، تداخلت الحيات فيما بينهن فإذا العرش يهتز .. استوت الدغمة على العرش وعن يمينها أمى ، وعن شمالها زوجة خنفس وتحت رجليها بنت عبد العزيز .. رمت الدغمة فوق النسوة الحالمات ثلاثة أقراص دائرية .. كان القرص الأول أحمر قانى كدم الأسد ..

    ظل القرص يرف بينهن حتى رمت القرص الثانى كان أخضراً مشرباً بزرقة ، ظلت الزرقة تتراقص فيه حتى طغـت على القرص كله ، تعلق القرص الثاني بالقرص الأول وهما يرفان حول النسوة ، رمت بالقرص الثالث فإذا بالأقراص الثلاثة تدور حول بعضها وإذا النسوة الحالمات يتحولن إلى أقراص بألوان مختلفة .
    دارت كل الأقراص فى مدارات متتابعة مرتبة وغير متقاطعة .. نزلت الدغمة عن عرشها واعتلت القرص الأحمر ، واعتلت أمى القرص الأزرق ، واعتلت زوجة خنفس القرص الثالث الفضى .. وحركة الأقراص مستمرة ودائرية .
    واستوى نور على العرش أضاء كل الأقراص بضوء أبيض باهر ..

    اختفى كلبى الصغير عن عيني فانفصلت نقوش الأبواب ووقعت على الأرض .. اتحدت النقوش المتشابهة فى نقش واحد .. كانت النقوش كثيرة لا تحصى ولا تعد .. انسابت فى أرجاء القرية إثر أمطار غزيرة ، أخذ كل نقش مكاناً محدداً وبيئة معينة .. تجولت بين النقوش باحثاً عن بيتى عن البيت الكبير القديم .. تحيَّرت من اختلاف الألوان والأزياء والصور .. كل نقش استقل بناسه وأنا حائر لا أنتمى لأحد ..
    امتلأت الطرقات بالطين والمياه ، أخوض فيهما ، أجمع النقوش التى تبقت على وجه الماء .. وكلما مررت على باب من الأبواب أعيد ترتيبها وتثبيتها ..
    وجدتنى أمام بيتى .. دخلت الحديقة الخضراء .. سرت من شروق الشمس لمغربها .. سطع نور قوى فى عينى ، تحسست طريقى فى الظلام الأبيض .. تعثرت فى أشياء دافئة ..
    وضعت يدى أتلمس المكان أتلمس الأشياء الدافئة .. أتلمس أجساداً مختلفة الأحجام والأعمار .. تقع يدى على عيون أسبلها وتدخل فى أفواه فاغرة كأنما أرادت أن تذيع السر فعاجلها صاحب السر .. أطبقها على السر العظيم ..
    لم أشغل نفسى بكيفية موتها ولا أجهدت عقلى بالتعرف على أصحابها .. كل ما يشغلنى كلبى الصغير الأبيض ..

    تلاشى النور القوى وبدأت عيناي تعتاد الظلمة ، احتميت بالبيت الكبير القديم .. فتحت كل حجراته باحثاً عن كلبي الصغير ثم أغلقتها .. أغلقت كل الحجرات ثم فتحتها من جديد ..
    لم أعِ تماماً الأصوات الصادرة من الردهات وأنا أقول :
    ـ يا حامل الأمانة .. أين هى الأمانة ؟!
    فتجئ الأصوات :
    ـ هنا .. هنا
    آخذ قلبى بين يدى وأجففه من العرق وأنا أقول :
    ـ يا حامل الأمانة .. أين هى الأمانة ؟!
    فتجيء الأصوات :
    ـ هنا .. هنا
    فى ارتباك البلوغ والسماء التى تطل على إطلاقك للمعنى وفى الشهوة التى بها تتخلق ..

    أخذنى النوم العميق ،
    نأت الأحلام والهواجس فى كهف بعيد .. نمت كما لم أنم من قبل ، لكن الذى أتذكره قبل أن أفقد صحوى .. هذا الصوت الجميل الذى هتف بى :
    أنت يا حبيس غرفك الكثيرة .. لا تثق بحواسك التى تخونك ، إنها هواجس ما يختزنه عقلك .. لقد تكلمت وليس لك شكل بالنهار .. تكلمت للأشجار ، ولك بهاء في الليل .. تكلمت للأحجار في النوم عند فقدان الحواس .. تكلمت للهواء .. فحمل كلامك حتى آخر حدود الدنيا .. تكلمت عن الأحلام ، عما مضى وما هو آت ، عن السر العظيم ..
    تكلمت حتى لم يبق لك شئ من الكلام .. أنت ما اخترت الهذيان فى الصحو .. إنما هى الأحوال والعذابات ومقدر لك الغياب عن أحوالك وعذاباتك .. لا ترقى لفهم ولا تدنو لعلم ..
    كائن للجنون ، ملفت للانتباه وصادق فى كل حال وفى كل فعل .. وأنت مجتاز المهالك .. فانظر لنفسك وكن لنفسك إنما الخلق منشغلون .. كل يمنى نفسه بأمانيه ..
    ستأتى إلىّ ليس لك غير اجتهادك القديم .. فلا تدعى معرفة بالذى كان أو بالذى يكون وأنت بعيد عن هذا وذاك .. أنت فى برزخ الذي يحيا ولا يحيا .. المضيق الذى بين العوالم .. ،
    وستأتى إلىّ
    " لأمر كان ..
    وأمر يكون ..
    وأمر لا يكون ..
    فأمر كان ..
    محبتى لك .
    وأمر يكون ..
    ترانى .
    وأمر لا يكون ..
    لن تعرفنى أبداً . " *

    هل كان مقدراً علىّ أن أنزع الصفحات البيضاء ، وأحدق فى نقوش الأضرحة والبوابات وأصل الرموز ، وأرى المشاهد كلها.
    هل كان مقدر علىّ أن أتكلم .. أتكلم فى الآبار ..
    درت فى باحة البيت الكبير القديم أترنم مع إيقاعات الحروف وأصواتها في النقوش البارزة والغائرة والزخارف المتشابهة والمؤتلفة والكتل الدائرية ، والأصوات تتناغم مع حركة الخط وحركة الزخارف .. انظر النظرة الخاطفة للسكون الأبيض ، أحس براحة الموسيقى وانسيابية الإيقاع .

    صلاح عبد العزيز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى