محمد الجالوس - تشيللو.. قصة قصيرة

سرت في جسده قشعريرة هادئة ورعشة ، خالها تيار من الكهرباء ، مر على عجل ، التفت الى وجهها ، وابصر في شفتيها ، قطرة من ندى ، اقترب اكثر ، وهي تمعن في صمتها ، اصابعها الناحله ، تتسلل خلسه الى خصلات شعره الناعم تمسد لحظة هاربة ، وتغوص بحنان في فروة راسه , فيما هو يعيد ترتيب أنفاسه المتلاحقة , ويقبل راحة يدها ، وفي هذه اللحظة بالذات اطبقت بشفاهها على فمه دفعه واحدة , قطرة الندى ، عبرت بين اسنانه ، فيما لسانها يداعب شفته السفلى ، اغمض عينيه ، واعاد لثم العنق ، كانت تتلوى كفرس جامح , ايقظتها الرعشة ، مالا معاً على وقع نشيج التشلو ، واصابع البيانو تسابق الزمن , زمن العناق , بخطى ثابتة وتذهب بعيدا في الرتم .



- الهي ، من اشعل في راسه الشجن وحمل يديه الى بئر الذكرى ، من اضرم النار في اطرافه وسخرها لتلتهم حطب يديه , يديه التي طوقت خصرها , من ايقظ فيه لغة الاه .

- احبك , همس .

- احبك ، قالت ، وهي تضغط بكلتا يديها على راسه المكور في صدرها , وشعره الذي تبعثر في لحظة العناق ، المرايا المعلقة على الجدار ، عكست ظلها ، وغابت في صفحة البلور , درجات الرمادي اختلطت بأسود رأسها , ضوء خافت تسلل الى خصلات شعرها الموزعة بلا ترتيب , لمعت الخيوط المبعثرة امام عينيه وهو يمعن في ضمها الى صدره ، انها ترتجف ، وتمسح عن جبينها ، حبات العرق المتصبب خلسه الى غرتها وحاجبيها ، يمور التشلو في بحر الذبذبات ، وخيط البيانو ، يرسم الايقاع .

يحرك اقدامه بانتظام على وقع البيانو ,يضبط تانغو الجسد وهو يفور رويدا رويدا , بنشيده اللين ، وبحة انغامه ، ثم يأت الجواب ، وفي جواب التشلو تكمن الاسئلة ، اسئلة الروح ، وتمرد الحواس , ثم يتبعه القرار مرة اخرى ، معلنا نهاية المقطوعة .

يهدأ صوت الموسيقى، يرفع العازف اصابعه عن سلم البيانو، فيما يديه، تكمل اللحن.

- اه..... ، تخرج من بين اسنانها ، وهي تشيح براسها فيما يشبه الغناء ، رأسها الذي يتمايل بدلال على كتفه الأيمن ، انه منهمك في اتون اللحن , يحلق على قوس التشللو بقصبة الأصابع , يصغي جيدا لصدى مرمر الجسد بخشوع .

محمد الجالوس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى