عبد الحق أيت الحاج - الوحش

( هَلْ تَمْلِكُ الحَقَّ في الغَضَبِ على شَخْصٍ يَنْعَتُكَ بِ"الوَحْشِ؟ الوَحْشُ وحيدٌ أصْلاً. وَالوَحْدَةُ حتى في سوءِ السُّمْعَةِ لا تَخْلو مِنْ بَعْضِ الحَسَناتِ، إِنَّها انْتِخابٌ منْ نَوْعٍ خاصٍّ، لكنها انتخابٌ لا جِدال فيهِ.)

"إميل سيوران".



الوحدة " الصوفية" أو حتى تلك الصافية من النزعة الدينية " الفلسفية التأملية".. أو ما يمكن أن يحاكم فيه المرء نفسه " الضمير" هي الوحدة التي يجب أن نقدسها، بل ومن الجميل أيضا أن نجعل لها مواعيد " عشوائية ونظامية في آن" في حياتنا.
مراجعة الذات ومسارها " السابق" عادة ما تكون في الخلوة؛ وعندما نتحدث عن " الخلوة" كمفهوم " أهوائي" لا نقصد الابتعاد عن الأشخاص والنفور منهم، ووضع المفهوم "الاختلاء" في خانة ضيقة، بقدر ما نعتبر " التفرد" هو طبع داخلي، واحساس عميق ينتابنا في "حالات النتائج عادة".
وجودك بين الكثير من البشر لا يعني عدم وجود " فرصة" للاختلاء بنفسك، اذ أن الاحساس بلذة التموقع فوق " هضبة" خاصة كذئب يعوي يجب أن يفعمك بمورفين الاستمرار..
سيوران، كان وحيدا؛ وعاش حياته منفيا بين الجموع، هو من الفلاسفة والمفكرين والعدميين، الذين توغلوا " مبالغة" في الابتعاد، بل وكان يسائل مرحلة ما قبل الولادة، وقد نقب عن مبررات لوجوده، لكنه لم يصبها. وكذا ذهب بعيدا اذ أنه رأى من واجب الأبناء "الذين لم ينجبهم" أن يشكروه.
كتب سيوران وأفكاره وأطاريحه العدمية، لا تخلو من لذة " عند المتلقي البئيس أو الحزين" وإذا لم يكن " خاطرك ورديا" بشكل لا بأس به؛ فلا تقرأ ﻹيميل سيوران، ﻷنه وبالضرورة سيخطف منك أدنى ذرة تفاؤل لا زلت تملكها.
اميل سيوران وسارة كين، ونيتشه وسيلفيا بلاث وأنا توربينا... هؤلاء يجمعم قاسم مشترك؛ ألا وهو " النفور من حضورهم" اذ يعتبرون أنفسهم قد جاؤوا بالخطأ، ولا يلومون الحظ فقط ولا أباءهم.. بل يلومون شيئا أعلى من كل ذلك، ألا وهو المختصر في السؤال الاعجازي "لم؟"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى