عبد الزهرة عمارة - يعبدون الحكومة

عبد الزهرة عمارة


الوقت .... صباح يوم قائظ ......
رياح تموز الملتهبة تلفح الوجوه فتزيدها سمرة على سمرة ....
في هذا الوقت صادفني صاحبي المحامي عبد العظيم جودة وبادرني قائلا
ــ متى نعبد الله ؟
دهشت لقوله وقلت متسائلا
ــ ما الخبر يا استاذ ؟
ــ هل تعلم أن الاسلاميون يعبدون الحكومة ويقدسون السلطة بدل الله.
ــ لا اعتقد
ــ الغريب يا أبو رضا ان الاسلاميون يسيطرون على الحكومة والبرلمان ولم يقدموا شيئا للناس.. انني اتساءل ..الم يخافوا الله ؟ .....
ــ ليس كلهم ...... هناك اسلاميون قولا وفعلا
ــ متى تنقشع هذه الغمامة ؟ متى يطبــق القانون ؟ متى الاسلاميون يعدلوا ؟ متى .. متى ؟
توقف المحامي عبد العظيم قليلا وعندما لم يرى اي رد على تساؤلاته من قبلي تابع القول بحرارة
ــ امريكا تصنع الحكام ........ والحكام والحكومة عملة واحدة تأتي بتوقيع من اسيادهم ....
البرلمان ينتخبون من قبل الشعب يجلسون على الكراسي يطبقون ما يملي عليهم اسيادهم
الحكومة والبرلمان عملة واحدة ايضا ....
الوزراء يوافق عليهم البرلمان والبرلمان منتخب من الشعب والشعب حر ينتخب من يريد ؟
البرلمان يعين الوزراء اذن هم أمريكيو الهوى عراقيون الاصل .... الوزراء يستطلعون اقاربهم ويختارون المدراء العامون اذن المدراء العامون أمريكيو الهوى . والمدراء العامون يختارون الموظفون من الاقارب اذن الموظفين أمريكيو الهوى واخيرا شبكة أخطبوطيه من الساسة تسرق قوت الشعب وتمتص دمائهم والشعب لا حول ولا قوة له ...
وفي هذه الاثناء علا ضجيج وصراخ وأصوات .... حركة سيارات وعربات سريعة ...
انطلقنا سوية انا والمحامي واتجهنا صوب مصدر الاصوات وسألنا بعض المارة المهرولين
ــ ما الخبر ؟
كان الجواب مظاهرات صاخبـــة في ساحــة التحرير ...
كانت الساعة الحادية عشر والنصف صباحا
المظاهرات على اشدها ..... القلوب تغلي .. الحناجر تدوي .... الهتافات نارية مزمجره .. الافواه تصرخ بغضب الموت للأمريكان الغزاة ...
الايادي ترتفع الى السماء تتوعد وتطيح ..
صوت المحامي عبد العظيم ينطلق الى عنان السماء
ــ تسقط الحكومة ...يسقط الدستور.... تسقط الاتفاقية
يقول اخر
ــ اولاد الكلب باعوا الوطن
ويقول اخر
ــ شلة من اللصوص والقتلة جاءوا لنهب خيرات هذا البلد
امتزج الحابل بالنابل ...... غمر الجو خليط من الحماس والاصرار والتحدي .... هبو من كل صوب و حدب تجمعهم لغة واحدة هي اخراج الغزاة من الوطن الجريح ....تحركت المظاهرة الى شارع السعدون وهي تفور....
امواج من البشر تتلاطم في الشارع العريض وجاءت موجات اخرى من المتظاهرين من الشوارع الفرعية تهتف بقوة ... تسقط الحكومة يسقط الدستور تسقط الاتفاقية المشؤومة ...
بين هذه الموجات العارمة وجدت نفسي في وسطها وعندما وصلت الجموع الغاضبة الى ساحة الفردوس اطلق الرصاص علينا من كل جانب ..سقط متظاهر وتبعه اخر ازدادت الحناجر تهتف بقوة لكن الرصاص ازداد بقوة وسقط اخر واخر ...
بدأ المتظاهرون يلوذون بين الأزقة الضيقة تفاديا للرصاص وللقبض .
وجاءت رصاصة قاتلة في رأس المحامي عبد العظيم فسقط مغشيا عليه ..
أمسكته ورفعته وحملته على ظهري وهرولت به بعيدا حيث سيارة الإسعاف بانتظاري لكنه فارق الحياة قبل وصولي لها ...
عندها وقفت متحيرا لا اعرف ماذا اعمل نظرت اليه فرأيت الرصاصة قد حفرت لها حفرة كبيرة في مؤخرة رأسه عندها سقط قلبي ورفعت رأسي الى السماء قائلا اللهم احشره في جنات النعيم لقد مات بطلا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى